كما هو معروف أن الفتنُ مِن أعظم الأمور المؤثرة على الدّين، والتي تُمحِّص القلوب ، وتُظهِر ما فيها من صدق أو ريب، قال عليه الصلاة والسلام:
(.. تُعرضُ الفتنُ على القلوبِ كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَتفيه نُكتةٌ سوداء، وأيُّ قلبٍ أنكرها نُكِتَت فيه نُكتةٌ بيضاء..) رواه مسلم.
وللتجنب من الفتن علينا بالدعاء ؛ لأنه سلاح المؤمِن في السراء والضراء، والنبيأمرَصحابته التعوذ من الفتن، قال زيدُ بنُ ثابت :
أقبلَ علَينا رسولُ الله بوجهِه فقال:
(.. تعوَّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن..)،
قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن..) رواه مسلم.
فالمسلمُ الحق هو الذي يُصلِح الناس يومَ فتنتهم ويُبيِّن خطرَها،ويُوصِيهم بالاعتصامِ بحبلِ الله ، وعليه أن يحفظ لسانه ،وأن يوجهه إلى ما فيه خيرديننا الإسلامي ..
يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر،،
وكذلك يوجه جميع جوارحهمن كل المخاطر والآثام ؛ كي يحفظ دينه، وتسمو نفسه للعلياء، وتبقى منزلته عند ربه مستقيمة ، ما دام باقياً في رعاية وطمأنينة نفس.
(.. يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ..)النور24 .
**
وحديث حفظ اللسان في الفتنة:
للسان عند الفتن أثر خطير في إذكاء نارها، وتمزيق شمل أهلها، فإنه يفري في الناس أشد من فري السيف هامات الرجال، حتى قال ابن عباس - رضي الله عنه - :(.. إنما الفتنة باللسان وليست الفتنة باليد ..) رواه الداني
الصبر على حفظ اللسان وكفّه في الفتن .
يجب على كل مكلف أن يكفّ لسانه ويحفظه عن كل باطل ، وفي جميع
الأوقات والأحوال ، بيد أنه يزداد ذلك الحفظ ويتأكد إبان الفتنة وحلول المحنة ،
ففيها تكثر الأقاويل ، وتزداد شهوة الإشاعات والمبالغات والأباطيل ،
وعندها تكون الآذان مستعدة لاستقبال كل ما يقال ، وفي هذه تكمن الخطورة ،
فرب كلمة أشد من وقع السيف أيام الفتنة ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(..
مَنْ كانَ يُؤمِن بِالله وَاليَومِ الآخِر فَلْيَقُلْ خَيراً أو ليَصْمُتْ ..)أخرجه البخاري.
قال الإمام النووي رحمه الله معلقا على هذا الحديث : قلت : فهذا الحديث المتفق
على صحته نص صريح في أنه لا ينبغي أن يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرا ،
وهو الذي ظهرت له مصلحته ، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم ) .
وهذا الحديث يحذر من آفات اللسان عموما أي في جميع الأوقات والأيام
وعلى مر الشهور والأعوام ، بيد أن هناك بعض الأحاديث وردت في التحذير
من آفات اللسان في أوقات مخصوصة وهي إبان نزول الكوارث
والفتن ، والمصائب والمحن ، فإن وقع اللسان فيها أشد وقعا من السيف .
فمما ورد في ذلك : ما جاء عن عبد الله بن عمرو قال :
, بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكروا الفتنة ،
أو ذكرت عنده قال : إذا رأيتم الناس قد مَرِجَت عهودهم ، وخفت أماناتهم ،
وكانوا هكذا - وشبّك بين أصابعه – قال : فقمت إليه فقلت كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك ؟ قال:
(..الزم بيتك ، واملك عليك لسانك ، وخذ بما تعرف ، ودع ما تنكر ، وعليك
بأمر خاصة نفسك ، ودع عنك أمر العامة ..) أخرجه أبو داود وصححه الألباني
وشاهدنا من الحديث هو قوله : ( واملك عليك لسانك ) ، ومعناه :
احفظه وصنه ولا تجره إلا فيما لك لا عليك ، أو أمسكه عما لا يعنيك" . ذكره الشوكاني رحمه الله
والله أعلم
الروابط المفضلة