الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: "وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" [الأنعام/151]، وفي الحديث المتفق عليه عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ عَنْهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: « أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ.! فَوَاللَّهِ، لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ... الحديث».
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا، بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ، الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، ..... الحديث" رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
والنصوص من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما يقع على مرتكب الفاحشة من الإثم، والذل في الدنيا والآخرة كثيرة جداً.
كما أن أشد الأمراض فتكا بالمجتمعات والأمم والحضارات هي الأمراض الناتجة عن ارتكاب الفواحش والمحرمات، كما في الحديث السابق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه الأمراض: الإيدز، الزهري، السيلان، التهاب مجرى البول الحاد والمزمن، التهاب البروستاتا الحاد والمزمن، التهاب المهبل والأعضاء التناسلية للأنثى، والهربز، والجرب، وقمل العانة، والفطريات الجلدية.. وغير ذلك من الأمراض والأوبئة أعاذنا الله منها.
وفي الإحصائيات التي تصدر عن منظمة الصحة العالمية: أن معدل الزيادة للأمراض الناتجة عن جرائم الزنا والشذوذ الجنسي في ارتفاع مستمر، بل ذكروا أن في بريطانيا وحدها قد زاد العدد إلى ثلاثة أضعاف في السنوات الأخيرة.
لهذا وغيره مما لم يصل إليه العلم الحديث، فإن الشريعة الإسلامية حرمت الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فما من خير إلا وقد دلت عليه، وما من شر إلا وحذرت منه، والمسلم حقا هو من التزام بشرع الله، امتثالاً للأوامر واجتناباً للنواهي، وحفظاً لحدود الله.
ولنتذكر جيدا قول الله عز وجل: "إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" [النساء/1].
ولنعلم أن في:
((غض البصر، ومنع الخلوة المحرمة، وعدم التبرج، وارتداء الحجاب للنساء، والقرار في البيت، وعدم مصافحة الأجنبيات، وعدم سفر المرأة إلا بمحرم، وعدم السفر إلى بلاد الكفار ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، .........))
وغيرها من أفعال العفاف صيانة ووقاية من الوقوع في مستنقعات الفاحشة والرذيلة، نسأل الله تعالى أن يحفظنا جميعاً من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.