تربية النفوس


يقول تعالي
( ونفس وما سواها , فألهمها , فجورها وتقواها )
ويقول تعالى
( قد أفلح من سواها وقد خاب من دساها )
وكان من دعائه صلي الله عليه وسلم
"اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها
أنت وليها ومولاها "
وفي نهاية ما كتبه عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص وجنده
اسألوا الله العون على أنفسكم
كما تسألونه النصر على عدوكم أسأل الله ذلك لنا ولكم .

ولذلك كانت تربية النفوس هي سلوي المؤمنين ونجواهم
فحافظوا على اللجوء إلى ربهم والذكر والعمل الصالح
والاستئناس بالقرآن الكريم
يقول تعالي
( ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون
فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )
وليس الأمر فيما يعانيه الإنسان
بل في كل أموره , حتى دعاة الخير وهم يعملون
فقد جاء في الأثر الإلهي
( أوحى الله إلى عيسى بن مريم
يا عيسى عظ نفسك بحكمتي فإن انتفعت فعظ الناس وإلا فاستح مني )
وعن علي بن أبي طالب
لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال ثم جئت إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم
أنظر ما صنع فجئت وإذا هو ساجد يقول
يا حي يا قيوم , ثم رجعت إلى القتال ثم جئت
فإذا هو ساجد يقول : يا حي يا قيوم , ففتح الله
وصار لنا فيه أسوة حسنة .

فمن أراد الفتح عليه بنفسه ولا ينسي تربيتها
حتي ولو كان في مواطن الجهاد .

وقد تجنح النفس ببعض الناس إلى الأسى والهم والحزن
لزوال تيسير أو فراق حبيب
وحتى لا نغوص في بحور الوهم فتربيتها هنا هو الارتفاع بها إلى خالقها تستمد منه العون والقوة
في حياة الصحابة قصة عوف بن مالك الأشجعي
حيث جاء إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله إن ابني أسره العدو وحزنت أمه فماذا تأمرني ؟
قال : آمرك وإياها أن تستكثرا من قول
لا حول ولا قوة إلا بالله
فقالت المرأة : نعم ما أمرك …
فجعلا يكثران منها , فتغفل عن ابنهما العدو
فاستاق غنمهم فجاء بها إلى أبيه فنزلت الآية
( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) .

فتربية النفوس هي صلاحها وإصلاحها
وهي طهارتها وتقويتها , وهي تزكيتها وجهادها ,
وهي تهذيبها وتنقيتها
وهي ترقيتها ومجاهدتها
وجماع ذلك كله في قولهم
( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا )
مصداقا لقوله تعالى
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد
واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) الحشر 18 .

وثمار صلاح النفوس تراها في الانتصار على الكربات والمكائد
تراها في الثبات عند المحن والابتلاءات
تراها في تحصيل العلم والرزق , تراها في فتح أبواب الإيمان والتقوى والمعرفة بالله تعالى
فإن انتصر على نفسه كان على غيرها أقدر .

ومن انتصر على نفسه أسس بنيانه على أصل ركين لا يأبه بعواصف
ولا يتأثر بأعاصير
فالفلاح كل الفلاح في تربية النفوس
يقول تعالي
( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) التغابن 16 .