بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ُ﴾ ( سورة الاحقاف الآية :35)

رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) :
·اتهموه بالجنون والسحر و الكذب, فصبر, فماذا كانت النتيجة؟ لم يرد هو, ولم يرد احد من المسلمين, بل رد الله عليهم من فوق سبع سماوات بقران يتلى إلى يوم القيامة.
·آذاه أهل الطائف, حتى سال الدم من قدمه الشريفة, فصبر, فماذا كانت النتيجة؟ رحلة الإسراء و المعراج, تكريم لم ينله احد من العالمين.
·طردوه من مكة, فصبر, فماذا كانت النتيجة؟ اتجه للمدينة, والتي صارت مركز الانتشار الحقيقي للإسلام.
·اجتمع أهل الجزيرة العربية كلهم للقضاء على الإسلام في غزوة الخندق, وقال الله ليبين مدى شدة الابتلاء ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ُ﴾ ( سورة البقرة الآية :14), فصبر هو و المؤمنون, فماذا كانت النتيجة؟ نصر الله المسلمين بجند من عنده, وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين أجلى الله الأحزاب ‏:‏ ‏" ‏الآن نغزوهم ، ولا يغزونا ", انظر إلى تحول مجرى الأيام لصالح المسلمين بعد هذه الغزوة، وكيف تمخضت الليالي والأيام عن بسط نفوذهم ، وتوطد سلطانهم.
اى أن كل ابتلاء للمسلم الذي يرضى, يتحول إلى نصر.
رسول الله إبراهيم (عليه السلام) :
·حاول الكفار حرقه بنار عظيمة, وقال له جبريل: "ألك حاجة؟", وهو في النار, فكان رده رد الواثق من أن البلاء لابد وان يتحول إلى نصر "أما إليك فلا؟", فصبر, فماذا كانت النتيجة؟ ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ُ﴾ .
·وفى الكبر, بعد أن أمره الله بذبح ابنه إسماعيل, فسلم لأمر الله, وصبر, وقال الله ليبين مدى شدة الابتلاء ﴿ فلَمَّاأَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ﴾, فماذا كانت النتيجة؟
1.﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
2.﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِياًّ مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴾
3.﴿ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ﴾ ( سورة مريم الآية: 49)
فبمجرد أن سلم لله في قضاءه, كان هذا العطاء العظيم, ويمكننا أن نستنتج أيضا هذه القاعدة الذهبية:
لا يرفع قضاء حتى يرضى به
ونقول للذين يعيشون في البلاء طويلا, أنهم هم السبب في طول هذا البلاء, فلو رضوا بقضاء الله لرفع البلاء, ولأجزل لهم العطاء في الدنيا و الآخرة, ونسوق المثال التالي بلا تعطيل و لا تشبيه و لا تمثيل ولله المثل الأعلى:
لو دخلت على ولدك, ووجدته لا يذاكر, فعاقبته, فلو اعتذر و ذاكر, أخذته في حضنك, و إن استمر في غفلته, استمر العقاب.
اخى, انتبه إلى هذا القانون الإلهي.
وهذا ليس خاصا بالأنبياء, بل هو للبشر كافة, اقرأ معي هذه القصة:
يروى أن رجلاً سَبَّ أبا بكر رضي الله عنه, ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس, فسكت أبو بكر, ثم سبه في الثانية فسكت أبو بكر, ثم سبه في الثالثة, فرَدَّعليه أبو بكر, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج, فلحقه أبو بكر رضيالله عنه, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مازال مَلَكٌ يَذُبُّ عنك حتى رددت عليه, فلما رددت عليه حضر الشيطان, وما كان لي أن أجلس وقد حضرالشيطان.
ونستنتج من هذه القصة, أن النبي يحث أبا بكر أن يصبر على الأذى.
الخلاصة:
في الحديث القدسي (من رضي بقدري أعطيته على قدري)


المصدر: حلقات تفسير القران – سورة الاحقاف – للشيخ الشعراوي