مسألة المسح على الخفين إذا كانا دون الكعبين
وإثبات وقوع الخلاف فيها، وبيان قول من قال بجواز المسح
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في مسألة المسح على الخفين إذا كانا دون الكعبين على قولين:
القول الأول: لا يجوز المسح عليهما.
وهو قول جماهير أهل العلم.
ولسنا نتوسع في ذكر أقوالهم، فمحل البحث إثبات وجود الخلاف في المسألة مع بيان قول من قال بالجواز.
والقول الثاني: يجوز المسح عليهما.
وهو اختيار الأوزاعي وذُكر عن مالك، وقول ابن حزم، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين و الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ حمد بن عبد الله الحمد من المعاصرين.
أقوال من قال بجواز المسح:
- الأوزاعي ومالك:
قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر: (( وقد حكى الوليد بن مسلم عن الأوزاعي ومالك أنهما قالا: يمسح المحرم على الخفين المقطوعين أسفل من الكعبين))
قال أبو بكر: وأصح من ذلك حكاية ابن القاسم عن مالك أنه كان لا يرى أن يمسح عليهما لأنهما أسفل من الكعبين. الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (1/448)
- ابن حزم الأندلسي:
قال ابن حزم رحمه الله تعالى: ( مسألة : فإن كان الخفان مقطوعين تحت الكعبين ، فالمسح جائز عليهما ، وهو قول الأوزاعي ، وروي عنه أنه قال : يمسح المحرم على الخفين المقطوعين تحت الكعبين ... وقال غيره : لا يمسح عليهما إلا أن يكونا فوق الكعبين). المحلى (2/103)
- شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحرّاني:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فلما أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر بالمسح على الخفاف مع علمه بما هي عليه في العادة ولم يشترط أن تكون سليمة من العيوب وجب حمل أمره على الإطلاق ولم يجز أن يقيد كلامه إلا بدليل شرعي . وكان مقتضى لفظه أن كل خف يلبسه الناس ويمشون فيه فلهم أن يمسحوا عليه وإن كان مفتوقاً أو مخروقاً من غير تَحديد لمقدار ذلك فإن التحديد لا بدّ له من دليل) . مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ( 21 / 174 )
- محمد بن صالح العثيمين:
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
هل يصح المسح على الجزمة إذا لم تكن تغطي محل الفرض من الكعبين؟
فأجاب :
نعم يصح المسح عليها إذا كان تحتها جوارب، ويتعلق الحكم بها بمعنى أنه لو خلعها بعد مسحها لم يكن له أن يمسح على الجوارب التي تحتها، وأما إذا لم يكن تحتها جوارب فقد اختلف فيها أهل العلم رحمهم الله فمنهم من يرى الجواز ومنهم من يرى عدم الجواز والأقرب الجواز ما دامت يمكن المشي بها وقد غطت الرجل ولم يبق إلا الكعب وما حوله فالراجح جواز المسح عليها. انظر: إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحيين الجويين
وسُئل رحمه الله:
ما صحة ما اشترطه بعض الفقهاء أن يكونا ساترين لمحل الفرض ؟
فأجاب:
هذا الشرط ليس بصحيح لأنه لا دليل عليه ، فإن اسم الخف أو الجورب مادام باقياً فإنه يجوز المسح عليه ، لأن السنة جاءت بالمسح على الخف على وجه مطلق ، وما أطلقه الشارع فإنه ليس لأحد أن يقيده إلا إذا كان لديه نص من الشارع أو قاعدة شرعية يتبين بها التقييد. انظر: بحوث وفتاوى في المسح على الخفين لابن عثيمين
- الشيخ محمد ناصر الدين الألباني:
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: فإن كان الخفان مقطوعين تحت الكعبين فالمسح جائز عليهما. المسح على الجوربين لجمال الدين القاسمي، ويلهيا تمام النصح في أحكام المسح للألباني صـ 83
- الشيخ حمد بن عبد الله الحمد:
قال الشيخ حمد بن عبد الله الحمد: ما يلبس على الأقدام - في هذا الزمان - من الأحذية التي الغالب فيها أن تكون دون الكعبين فإنها على هذا المذهب وهو الراجح يجوز المسح عليها ، فهي وإن كانت غير ساترة للكعبين ، فما هو الدليل الذي يدل على المنع من ذلك ! فإن إطلاقات النصوص تدل علي دخول ذلك . شرح زاد المستقنع للحمد (2/12)
والله أعلم وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
جمعه/ وليد دويدار
الروابط المفضلة