باب قولهُ تعالى (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)
(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِوَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) الزمر 67
* من تعظيم الله وتعظيم ذاته وصفاته أنْ يعبد الله وحده دون ماسواه
بذل وخضوع وخشية منه,ولايعبد غيره .
*قولُهُ: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
هنا بين الله شيئاً من صفة ذاته العظيمة
الجليلة ,
فإن الأرض التي يتعاظمها أهلها
والسموات التي يتعاظمها من نظر فيها هي
صغيرة في الصغر إلى أن تكون في كف الرحمن والله أعظم من ذلك وأجل ,
والأرض بالنسبة إلى السماء صغيرة
والسماء الأولى بين السماء الثانية مسيرة خمسمائة عام
والسمواتُ السبع مُتناهية في الصغر أمام الكُرسي
كما قال الرسول عليه الصلاةُ والسلام:
(إن السماوات السبع كدراهم أُلقيت في ترس) يعني تعتبر صغيرة جداً بالنسبة
للكُرسي والكُرسي فوقهما وفوق الكُرسي العرش والكُرسي بالنسبة إلى العرش
كحلقة أُلقيت في فلاة من الأرض
فمن يتأمل ذلك يحتقر العبد نفسه فيذل نفسه لله ويعظمه حق التعظيم
ويجِله حق الإجلال ويعبده وحده ولايعبد غيره,
فالواجب على العبد أن يعبد من يتصف بهذه الصفات العظيمة.
*من يتأمل صفات الربُوبية وصفات الجمال والجلال لله وأن ذات الله عظيمة وأنه
مُستو عرشه بائن من خلقه على هذا العظم
علمَ أنه لاأحد يستحق أن يتوجه إليه بالعبادة وأن لا يُعبد إلا الله .
*أن الله العزيز الحكيم المُتصف بصفات
الجلال وهو فوق عرشه يأمر وينهى في ملكوته الواسع الذي ما الأرض
إلا كشبه لاشيء في داخل ذلك الملكوت,
يفيض رحمته ويفيض نعيمه على من يشاء ويرسل
عذابه على من شاء وينعم من شاء
ويصرف البلاء عمن شاء ونرى عبودية الملآئكة في السموات
كما قال عليه الصلاةُ والسلام:
(أطت السماء وحق لها أن تئط,مافيها
موضع أربع أصابع إلا وملك قائم,
وملك رائع,أو ملك ساجد)
*لو نظر العبد الحقير الوضيع لربه الجليل
العظيم المُتصف بهذا المُلكْ العظيم يتوجه
إلينا فيأمرنا بعبادته,وهو شرف والله لو شعرنا
ويأمرنا بتقواه وهو عز لنا لو عقلنا,
ويأمرنا بطاعته وذاك فخر لنا لو علمنا فإذا علمنا حق الله وعلمنا صفات الله
وماهو عليه من العُلو المُطلق في ذاته وفي
صفاته وجدنا أنْفُسنا أننا لانتمالك إلا أن نخضع له خضوعاً اختيارياً ونتوجه إليه
بطاعته ونتقرب إليه بما يُحِبْ .
*من أسباب رسوخ الإيمانْ في القلب
وتعظيم الرب أن يتأمل العبد ويتفكر في ملكوت السمواتُ والأرض ,
كما أمر الله بذلك حين قال:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لإُوْلِي الألْبَابِ {190}
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ
جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ
فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) آل عمران.
جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله
عليه وسلم قام يصلي، فأتاه بلال يؤذنه
بالصلاة، فرآه يبكي فقال: يا رسول الله،
أتبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر. فقال: يا بلال،
أفلا أكون عبدًا شكورًا، ولقد أنزل الله عليَّ الليلة آية :
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لإُوْلِي الألْبَابِ
}
ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها.
رواه ابن حبان في "صحيحه".
إن أخطأت فمن نفسي والشيطان واستغفرُ الله
وإن أصبت فمن الله فله الحمْدُ والشكر
وفي الختـــــام أسأل الله أن يتقبل منا كل قول وعمل
وأن يجزي كل من ساهم في نشر هذا الكتاب خير الجزاء,
فإنه والله لكتاب عظيم فأوصي نفسي وغيري العناية بهذا الكتاب
عناية عظيمة وقراءته وتأمل مسائله ومعرفة مافيه
فإنه الحق الذي كان عليه الأنبياء والمُرسلون ومن تبعهم من صالحي عباد الله
والشكر لله ثم المُشرفة ثمال على مابذلته من جهود كبيرة
فأسأل الله أن يرزقها من خيري الدُنيــــا والآخــــرة آمين آمين آمين
والدال على الخير كفاعله ^^
الروابط المفضلة