باب لا يرد من سأل بالله
:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من سأل بالله فأعطوا ومن استعاذ بالله فأعيذوا ومن دعاكم فأجيبوا
ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ماتكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه)
هذا الباب فيه تعظيم الله وربوبيته ورسوله وأسمائه وصفاته
من سأل بالله فقد سأل بعظيم,
ومن استعاذ بالله فقد استعاذ بعظيم لأن تعظيم ذلك من كمال التوحيد ومن تحقيق التوحيد
فكيف يٌرد من جعل مالك كل شيء وسيلة,
ولهذا من تعظيم الله والتعظيم الواجب ألا يٌرد أحد من سأل بالله تعظيماً لله,
* من أهل العلم من قال:
إن السائل بالله قد تجب إجابته ويحرم رده,
وقد لايجب ذلك
وهذا قول الشيخ ابن تيمية رحمه الله واختيار عدد من المحققين بعده وهو القول 3 في المسألة
ومٌراد الشيخ ابن يتيمية رحمه الله بحالة الوجوب:
أن يتوجه السؤال لمٌعين في أمر مٌعين يعني:
ألايكون السائل سأل عدداً من الناس ليحصل على شيء فلم يدخل فيه السائل الفقير,
وكذلك لم يدخل فيه من يكون كاذباً في سؤاله
أما إذا لم يتوجه لأمر معين في أمر معين فإنه لايجب أن يؤتيه مطلوبه ويجوز له أن يرد سؤاله,
أما القول الأول: أن من سأل بالله حٌرم أن يرد مطلقاً
والقول الثاني:أن من سأل بالله استحب إجابته وكره رده
فالحال في المسألة 3 أحوال:
1)حال يحرم فيها رد السائل
2)يكره فيها رد السائل
3)يباح فيها رد السائل
*قوله: (من سأل بالله فأعطوا)
وجب إعطاؤه تعظيماً لله وإجلاله فمجرد ذكره ينفض قلب المؤمن الموحد المٌعظم لله
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ...} سورة الأنفال
*قوله: (ومن استعاذ بالله فأعيذوا)
من استعاذ بالله فيجب أن تعيذه تعظيماً لله تجيبه إلى ذلك وتتركه
لأن من استعاذ بالله فقد استعاذ بأعظم مٌعاذ .
* قوله: (ومن دعاكم فأجيبوا)
عامة أهل العلم على أن هذا مخصوص بدعوة العرس وأما سائر الدعوات فهي على الإستحباب.
* قوله: (ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه)
ولتكن مٌكافأته من جنس معروفه إذا كان معروفه من جهة المال فيكافئه من جهة المال وهكذا,
وعلاقة هذا بالتوحيد:أن الذي صنع له معروف يكون في قلبه ميل ونوع تذلل وخضوع في قلبه واسترواح لهذا الذي صنع إليه المعروف
ومعروف أن تحقيق التوحيد لايتم إلا بأن يكون القلب خالياً من كل ماسوى الله
وأن يكون ذله وخضوعه وعرفانه بالجميل هو لله
وتخليص القلب من ذلك يكون بالمكافأة على المعروف.
*قوله: (فإن لم تجدوا ماتكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه)
لأجل أن يتخلص القلب من أثر ذلك المعروف فندعوا له بقدر نرجوا معه أننا قد كافأناه
وهذا لتخليص القلب من كل سوى الله
وهذه مقامات لايدركها إلا أرباب الإخلاص ومحققين التوحيد
جعلنا الله وإياكم منهم آمين
وهذا دليل أن تعلق القلب بغير الله ينقص التوحيد ويضعف الإيمان
وقد يؤدي للشرك .
تم بحمدلله
وماتوفيقي إلا بالله
الروابط المفضلة