عقبات على طريق الدعوة
من كلام فضيلة الشيخ محمد حسان
عقبة حب الدنيا وكراهية الموت
إنه الداء العضال الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم أمته .. ولكن وقع ما حذّر منه رسول الله وأصبحنا نعيش عصراً طغت فية الماديات والشهوات بصورة عارمة صرفت كثيراً من المسلمين عن الآخرة .. وراحوا يعمرون دنياهم وليتهم مع ذلك عمروا آخراهم .. بل امتلأت قلوبهم حرصاً وطمعاً وجبناً وتخلوا عن الدعوة إلى الله عز وجل وجبنوا عن الجهاد في سبيل الله .. بل أصبحوا هم في امسِّ الحاجة إلى الدعوة بدلاً من أن يكونوا هم أصحاب الدعوة ورافعوا لوائها !!
والحق أنه من يوم أن تمكن هذا الداء من الامة _ إلا من رحم ربك _ ذلّت الامة وهانت على جميع الامم بل وتجرأ عليها الذليل قبل العزيز والضعيف قبل القوي والقاصي قبل الداني وقد بين ذلك _ أوضح بيان _ من لاينطبق عن الهوى في حديث ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يوشك أن تداعى عليكم الامم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ) .
فقالوا : أو من قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله ؟
قال : ( بل أنتم يومئذٍ كثير ولكنّكم غُثاء كغثاء السيل ولينزعنّ الله من صدورِ عدوّكم المهابة وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن )
فقالوا : وما الوهن ؟
قال حب الدنيا وكراهة الموت
وهذه العقبة الخطيرة تحتاج من الدعاة جهداً كبيراً وزاداً من الاخلاص والقدوة والصبر لاينفذ ولا ينتهي ..لتذكرة الناس بحقيقة الدنيا وإلا فكيف تدعو أناسا لبذل المال والمهج والأرواح في سبيل الله .. وقد تربع حب الدنيا على عروش قلوبهم وخلدوا إلى الأرض والوحل والطين ؟ فلا بد _ ابتداء _ ان نعرفهم حقيقة دنياهم .. وأنها ليست نهاية المطاف .. كلا بل إنها دار ممر والآخرة هي دار القرار : {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ }غافر39
وأنها مهما طالت فهي قصيرة ومهما عظمت فهي حقيرة , لان الليل مهما طال لابد من طلوع الفجر , ولان العمر مهما طال فلا بد من دخول القبر .
{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت64
وبين النبي صلى الله عليه وسلم حقارتها في الحديث الصحيح يوم أن مرّ بالسوق والناس كَنَفَتَيهُ 1 فمرّ بجدي أسَكّ 2 ميت فتناوله فأخذ بِأُذنهِ ثمّ قال :
أيكم يحب أنّ هذا له بدرهم ؟ فقالوا ما نحب أنّه لنا بشئ وما نصنع به ؟
ثمّ قال : أتحبون أنّه لكم ؟
قالوا : والله لو كان حيا كان عيباً فيه لأنه اسكّ فكيف وهو ميت ؟
فقال : فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم
ورحم الله من قال : إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق ـــــــــــــــــــــــــــــــــ والليالي متجر الانسان والايام سوق
ولتحويل هذه المعاني إلى واقع ___ من جديد يحتاج إلى جِهاد طويل وصبر مرير
1- كنفتيه \ أي حوله
2- أسك \ أي صغير الأذنين
الروابط المفضلة