انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 3 من 3

الموضوع: حملة لا للأبناك الربوية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الردود
    269
    الجنس
    رجل

    حملة لا للأبناك الربوية












    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    أخواتي الحبيبات "اخوات ايمان القلوب " هذه الحملة كانت مقررة منذ فترة طويلة في فريق القابضات على الجمر ولظروف لم يكتب للحملة ان تتم في تلك الأوقات لكن الحمد لله اليوم اضعها بين ايديكم عسى الله ان ينفع بها المسلمين ونسأل الله ان يتقبلها منا خالصة لوجهه الكريم
    واقدم شكر خاص لأخواتي الحبيبات روح الأقصى وصاحبة القلادة و iman.k
    على مشاركتهم القيمة في الحملة فجزاهم الله خيرا
    نسألكم الدعاء ونشر الحملة وجزاكم الله خيرا


    بسم الله توكلنا على الله







    لا يشك المسلم في أن الله عز وجل لا يأمر بأمر ولا ينهى عن شيء، إلا وله فيه حكمة عظيمة، فإن علمنا بالحكمة، فهذا زيادة علم ولله الحمد، وإذا لم نعلم بتلك الحكمة فليس علينا جناح في ذلك، إنما الذي يطلب منا هو أن ننفذ ما أمر الله به، وننتهي عما نهى الله عنه ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم, ولا شكّ أنّ للرّبا أضرار جسيمة، وعواقب وخيمة، والدين الإسلامي لم يأمر البشرية بشيء إلا وفيه سعادتها، وعزّها في الدنيا والآخرة، ولم ينهها عن شيء إلا وفيه شقاوتها، وخسارتها في الدنيا والآخرة.
    فالأصل في المعاملات الربوية هو الحاجة للمال، واستغلال حاجة الفرد بزيادة أصل الدين يكون ظلماً، والظلم فضلاً عن تحريم الإسلام له فإن الفطرة السوية تأباه والعقل الرشيد يرفضه، فكرامة الإنسان ملازمة لإنسانيته وملاصقة لأصل نشأته، يقول تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } [سورة الإسراء/70] وبمقتضى ذلك لا يصح أن يكون الصراع على المصالح الخاصة سبباً للنيل من كرامة الإنسان، والاجتراء عليه باستغلاله والمساس بحقه في الحياة الكريمة، وذلك مما جعل من تحريم الإسلام للربا منهجاً فاضلاً وتوجهاً صادقاً لتحقيق الأخوة البشرية، وإعطائها ما تستحق من تقدير ورعاية.




    الربا من الأمور التي حرمهاالله تعالى وفي هذا التحريم إعجاز اجتماعي عظيم لأن الربا لا يضر فقط الفرد أو رجل الأعمال التاجر إنما يضر أسرته ومجتمعه بل الأمة كلها ، قال تعالى: "فاذنوا بحرب من الله " ، وكأن هناك جيش يقوده الله تعالى أمام ذاك المرابي ،فإن نظام الربا نظام يفتت المجتمع و يدمر الأمم ويهلك الفرد والأسرة ولهذا حذرنا النبي عليه السلام من أكل الربا بحديث "من أكل درهما من الربا أشد من ست وثلاثين زنية".
    إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم .
    الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2831
    خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره
    إذن الربا لم يحرم عبثا إنما هنالك حكم وهناك أسباب ولهذا يطلق على
    المرابي وصف مصاص الدماء أي كأنه يمص دماء البشر ويمص أموال البشر والهدف من المال وتنميته في المجتمع أنه يشغل الناس ويدفع المجتمع نحو التنمية والرخاء لا أن تكتنز الأموال لجهة واحدة من خلال القرض والذي يستفيد هو الغني والفقير يزداد فقرا.وهنا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن من علامات الساعة أن يربح المرءالدينار والدرهم دون أن ينظر أهو من حلال أم من الحرام.
    1)تعريف الربا لغة واصطلاحا عند المذاهب الأربعة
    2)كيف بدأ الربا وانتشر؟..
    3)الربا محرم بالكتاب و السنة و الإجماع
    4)عقوبات اكل الربا
    5)شبهات حول تحريم الربا
    6)اضرار الربا الإجتماعية و الإقتصادية
    7)الأبناك الإسلامية خطوة نحو الخلاص من الأبناك الربوية





    الربا في اللغة: هو الزيادة. قال الله تعالى: ﴿
    فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾[الحج:5], وقال تعالى: ﴿أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ [النحل:92]، أي أكثر عدداً يقال: ”أربى فلان على فلان، إذا زاد عليه“وأصل الربا الزيادة، إما في نفس الشيء وإما في مقابله كدرهم بدرهمين، يقال: ربا الشيء إذا زاد, ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ [البقرة: 276] . وأربى الرجل: عامل بالربا أو دخل فيه ويطلق الربا على كل بيع محرم أيضاً



    1)تعريف الربا في الشرع:
    الربا في الشرع: هو الزيادة في أشياء مخصوصة. وهو يطلق على شيئين: يطلق على ربا الفضل وربا النسيئة.

    والربا في اصطلاح الفقهاء له عدة معان منها:

    عرفه الحنفية بأنه: فضل خالٍ عن عوض بمعيار شرعي مشروط لأحد المتعاقدين في المعاوضةوعرفه الشافعية بأنه: عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهماوعرفه الحنابلة بأنه: تفاضل في أشياء, ونسء في أشياء, مختص بأشياء، ورد الشرع بتحريمها– أي تحريم الربا فيها- نصاً في البعض, وقياساً في الباقي منها,وأما المالكية فقد عرفوا كل نوع من أنواع الربا على حدة وسأقتصر على ما تقدم للإيجاز.




    2) كيف بدأ الربا وانتشر؟..

    لننظر أولاً في حكم الربا في الشرائع السابقة كاليهودية والنصرانية قبل الانتقال عن بدايتة وكيف نشأ، قال الماوردي وغيره: إن الربا لم يحِل في شريعة قط لقوله تعالى: ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ [النساء: 161] يعني في الكتب السابقة, لقد حرم الله الربا على اليهود، وهم يعلمون ذلك، وينهون عنه فيما بينهم، لكنهم يبيحونه مع غيرهم، جاء في سفرالتثنية: الإصحاح الثالث والعشرين:

    " للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بالربا". ومنشأ هذا أنهم ينظرون إلى غيرهم نظرة استعلاء واحتقار، والتوراة وإن كانت قد حرفت إلا أن شيئاً منها بقي كما هو لم يحرف، منها تحريم الربا، لكنهم حرفوا النص حينما أباحوه مع غير اليهودي…، قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: ”إن الله قد نهاهم – أي اليهود – عن الربا، فتناولوه، وأخذوه، واحتالواعليه بأنواع الحيل، وصنوف من الشبه، وأكلوا أموال الناس بالباطل“وقد صرف اليهود النص المحرِّم للربا حيث قصروا التحريم فيه على التعامل بين اليهود، أما معاملة اليهودي لغير اليهودي بالربا، فجعلوه جائزاً لا بأسبه. ويقول أحد رهبانييهم: ”عندما يحتاج النصراني إلى درهم فعلى اليهودي أن يستولي عليه من كل جهة، ويضيف الربا الفاحش إلى الربا الفاحش، حتى يرهقه،ويعجز عن إيفائه ما لم يتخلَّ عن أملاكه أو حتى يضاهي المال مع فائدة أملاك النصراني، وعندئذ يقوم اليهودي على مدينه – غريمه – وبمعاونة الحاكم يستولي على أملاكه“ فاتّضح من كلام الله تعالى أن الله قد حرّم الربا في التوراة على اليهود، فخالفوا أمر الله، واحتالوا، وحرَّفوا، وبدَّلوا،واعتبروا أن التحريم إنما يكون بين اليهود فقط، أما مع غيرهم فلا يكون ذلك محرماً في زعمهم الباطل، ولذلك ذمّهم الله في كتابه العزيز.




    والدين النصراني كذلك يحرمه، ففي إنجيل لوقا: " إذا أقرضتم الذين ترجون منهم المكافأة فأي فضل يعرف لكم؟…ولكن افعلوا الخيرات وأقرضوا غير منتظرين عائدتها… وإذاً يكون ثوابكم جزيلا" . وقد أجمع رجال الكنيسة ورؤساؤها كما اتفقت مجامعها على تحريم الربا تحريماً قاطعاً، حتى أن الآباء اليسوعيين وردت عنهم عبارات صارخة في حق المرابين، يقول الأب بوني:" إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة، إنهم ليسوا أهلا للتكفين بعد موتهم .. " ولم يكن تحريم الربا قاصراً على أرباب الديانتين، بل كذلك حرّمه من اشتهر في التاريخ بالعلم والفهم والحكمة كبعض الفلاسفة، منهم أرسطو، وأفلاطون الفيلسوف اليوناني الذي قال في كتابه القانون: " لا يحل لشخص أن يقرض بربا" ..وأما العرب في جاهليتهم على الرغم من تعاملهم به إلا أنهم كانوا ينظرون إليه نظرة ازدراء، وليس أدل على ذلك أنه عندما تهدم سور الكعبة وأرادت قريش إعادة بنائه حرصت على أن تجمع الأموال اللازمة لذلك من البيوت التي لا تتعامل بالربا، حتى لا يدخل في بناء البيت مال حرام، فقد قال أبو وهب بن عابد بن عمران بن مخزوم: " يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيباً، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس".


    ومهما كان فالربا كان منتشراً في عصر الجاهلية انتشاراً كبيراً وقد عدوه من الأرباح العظيمة – في زعمهم – التي تعود عليهم بالأموال الطائلة، فقد روى الإمام الطبري – رحمه الله –أنه قال: ”كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه“وغالب ماكانت تفعله الجاهلية أنه إذا حلّ أجل الدين قال (من هو له) (لمن هو عليه): أتقضي أم تربي؟ فإذا لم يقض زاد مقداراً في المال الذي عليه، وأخّر له الأجل إلى حين، وفي الأثمان يأتيه فإن لم يكن عنده أضعفه في العام القابل،فإن لم يكن عنده في العام القابل أضعفه أيضاً، فإذا كانت مائة جعلها إلى قابل مائتين، فإن لم يكن عنده من قابل جعلها أربعمائة يضعفها له كل سنة أويقضيه، فهذا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاتَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران:130].

    وإذا كان الأمر على هذا النحو، وأصحاب الديانات كلهم يحرمون الربا، كيف إذن بدأ وانتشر في العالم؟لقد كانت الجاهلية تتعامل بالربا قبل الإسلام، فجاء الإسلام وحرمه كما هومعلوم بالنصوص، وسد كل أبوابه ووسائله وذرائعه ومنافذه، حتى ما كان فيه شبهة من ربا منعه وحرمه، كمنعه عليه الصلاة والسلام من بيع صاعين من تمررديء بصاع من تمر جيد .. فامتثل الناس لذلك، وتلاشى الربا، وحل محله البيع والقرض الحسن والصدقة والزكاة..

    وكما قلنا كانت أوربا التي تدين بالنصرانية تحرم الربا وتنهى عن التعامل به، أما اليهود ـ والذين كانوا يمتنعون من التعامل بالربا فيما بينهم ـكانوا ممنوعين من التعامل به مع غيرهم تحت وطأة الكراهية والذل الذي كانوافيه.. ولكن ومنذ أواخر القرن السادس عشر ميلادي بدأت أوربا بالتمرد على هذا الحكم الإلهي..ففي عام 1593م وضع استثناء لهذا الحظر في أموال القاصرين، فصار يباح تثميرها بالربا، بإذن من القاضي، فكان هذا خرقاً للتحريم.. ثم تبع ذلك استغلال الكبار لنفوذهم، فقد كان بعض الملوك والرؤساء يأخذون بالربا علناً، فهذا لويس الرابع عشر اقترض بالربا في 1692م، والبابا التاسع تعامل كذلك بالربا في سنة 1860م.

    كانت تلك محاولات وخروقات فردية.. لكن الربا لم ينتشر ولم يقر كقانون معترف به إلا بعد الثورة الفرنسية، فالثورة كانت ثورة على الدين والحكم الإقطاعي والملكي..وكان من جملة الأحكام الدينية في أوربا كما علمنا تحريم الربا، فنبذ هذا الحكم ضمن ما نبذ من أحكام أخر، وكان لا بد أن يحصل ذلك،إذ إن اليهود كانت لهم اليد الطولى في تحريك الثورة الفرنسية واستغلال نتائجها لتحقيق طموحاتهم، من ذلك إنشاء مصارف ربوية، لتحقيق أحلامهم بالاستحواذ على أموال العالم، وجاءت الفرصة في تلك الثورة، وأحل الربا وأقر. فقد قررت الجمعية العمومية في فرنسا في الأمر الصادر بتاريخ 12أكتوبر سنة 1789م أنه يجوز لكل أحد أن يتعامل بالربا في حدود خاصة يعينها القانون(25).



    أصدرت فرنسا التمرد على الدين وعزله عن الحياة إلى كل أوربا، ومن ذلك التمرد على تحريم الربا، وقد كان اليهود في ذلك الحين من أصحاب المال،وبدأت الثورة الصناعية، واحتاج أصحاب الصناعات إلى المال لتمويل مشاريعهم،فأحجم أصحاب المال من غير اليهود عن تمويل تلك المشاريع الحديثة خشية الخسارة..أما اليهود فبادروا بإقراضهم بالربا، ففي قروض الربا الربح مضمون، ولو خسر المقترض، وقد كانت أوربا في ذلك الحين مستحوذة على بلدان العالم بقوة السلاح، فارضة عليها إرادتها، فلما تملك اليهود أمرها وتحكموافي إرادتها كان معنى ذلك السيطرة والتحكم في العالم أجمع، ومن ثم فرضوا التعامل بالربا على جميع البلاد التي تقع تحت سيطرة الغرب، فانتشر الرباوشاع في كل المبادلات التجارية والبنوك، فاليهود كانوا ولا زالوا إلى اليوم يملكون اقتصاد العالم وبنوكه..إذن.. اليهود هم وراء نشر النظام الربوي في العالم .


    ) الربا محرم بالكتاب و السنة و الإجماع
    لقد جاء تحريم الربا بنص القرآن على لسان النبي الأمي الأمين الذي لا ينطق عن الهوى؛ بل هو من عند الله العظيم، وهذا ما أكدته اليوم نتاجات الحضارة وخبرات البنوك وتجارب المرابحين والتجار؛ أن الربا مرض سرطاني يجب أن يُستأصل من جذوره لكي تعيش الشعوب بأمان ويعم الرخاء وتنتهي البطالة ويحيى الناس على الحب والتآخي والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، حتى ننال السعادة في الدارين ونعيش معيشة لا نضل فيها ولا نشقى امتثالاً لأمر الله القائل: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى^وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 12
    أما الكتاب:
    فقد ورد به كثير من الآيات التي تدل على حرمة الربا، ومن ذلك قوله تعالى: { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } [سورة البقرة/275] .
    وقوله تعالى: {يَا أَيُهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُون} [سورة البقرة / 278- 279].
    وقوله عز وجل: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس ...﴾ [البقرة:275].





    وأما السنة:
    فهي كثيرة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله: وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات"
    الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2766
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
    
    وأخرج مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء”
    الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1598
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمِن الحلال أم مِنَ الحرام» الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2083
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
    وأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم بهذا تحذيراً من فتنة المال، فهو من بعض دلائل نبوته صلّى الله عليه وسلّم بالأمور التي لم تكن في زمنه، ووجه الذّمّ من جهة التّسوية بين الأمرين وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو والله أعلم.

    وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فَرُدَّ حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيته في النهر آكل الربا».
    الراوي: سمرة بن جندب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2085
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]







    وأما الإجماع:
    فقد أجمعت الأمة على تحريم الربا وأنه لم يحل في الشريعة قط.
    وقد حرم الإسلام الربا تحريماً قاطعاً، وجعله من أكبر الكبائر لما فيه من استغلال فاحش لذوي الحاجات الذين يجب إعانتهم وقضاء حوائجهم، فإن للمسلم على أخيه المسلم حقوقاً كثيرة أدناها أن يكون رحيماً به، محسناً إليه، عطوفاًً عليه، والتعامل بالربا خروج على هذه المبادئ السامية وانتهاك لواجب الإنسان نحو أخيه الإنسان، وذلك بخلاف ما تؤدي إليه هذه المعاملات من بث الأحقاد والضغائن في نفوس الناس بعضهم حيال بعض، وإثارة أسباب الفتن والصراع بين أفراد المجتمع، وتوسيع الفرق بين طبقة الموسرين وطبقة الفقراء، وصرف أصحاب رؤوس الأموال عن طريق الكسب الإنتاجي النافع، لأن الفائدة التي يحصل عليها المقرض لا تأتي نتيجة لعملية إنتاجية سليمة أسهم فيها بماله، بل إنها تأتي بدون مقابل اقتصادي، فهي مبلغ استقطع من مال المقترض من غير أن يحدث زيادة في الثروة العامة.
    قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ”أجمع المسلمون على تحريم الربا في الجملة وإن اختلفوا في ضابطه وتعاريفهونص النبي صلّى الله عليه وسلّم على تحريم الربا في ستة أشياء: الذهب، والفضة، والبر، والشعير، والتمر، والملح.

    قال أهل الظاهر: لا ربا في غير هذه الستة، بناء على أصلهم في نفي القياس.

    وقال جميع العلماء سواهم: لا يختص بالستة بل يتعدى إلى ما في معناها وهو ما يشاركها في العلة.

    واختلفوا في العلة التي هي سبب تحريم الربا في الستة:

    فقال الشافعية: العلة في الذهب، والفضة كونهما جنس الأثمان، فلا يتعدى الربا منهما إلى غيرهما من الموزونات، وغيرها لعدم المشاركة، والعلة في الأربعة الباقية: كونها مطعومة فيتعدى الربا منها إلى كل مطعوم.

    ووافق مالك الشافعي في الذهب والفضة.

    أما في الأربعة الباقية فقال: العلة فيها كونها تدخر للقوت وتصلح له.

    وأما مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى: فهو أن العلة في الذهب، والفضة الوزن
    وفي الأربعة الكيل فيتعدى إلى كل موزون... وإلى كل مكيل
    .
    ومذهب أحمد، والشافعي في القديم، وسعيد بن المسيب: أن العلة في الأربعة كونها مطعومة موزونة، أو مكيلة، بشرط الأمرين.قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ”اتفق جمهور الصحابة، والتابعين، والأئمة الأربعة على أنه لا يباع الذهب، والفضة، والحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، بجنسه إلا مثلاً بمثل، إذ الزيادة على المثل أكل للمال بالباطل“.




    4) عقوبات اكل الربا


    وقد ذكر الله تعالى لآكل الربا خمساً من العقوبات:

    إحداها: التخبط . . قال الله تعالى: ﴿ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس﴾الثانية: المحق . . قال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا﴾ والمراد الهلاك والاستئصال , وقيل : ذهاب البركة والاستمتاع حتى لا ينتفع به, ولا ولده بعده.

    الثالثة: الحرب . . قال الله تعالى: ﴿ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِه﴾ [البقرة : 279] .

    الرابعة: الكفر . . قال الله تعالى: ﴿ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة : 278] وقال سبحانه بعد ذكر الربا: ﴿وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ [البقرة : 276] أي: كفار باستحلال الربا, أثيم فاجر بأكل الربا.

    الخامسة: الخلود في النار قال تعالى: ﴿ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة : 275], وكذلك - قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران : 130],

    وقوله سبحانه: ﴿أضعافا مضاعفة﴾ ليس لتقييد النهي به, بل لمراعاة ما كانوا عليه من العادة توبيخاً لهم بذلك, إذ كان الرجل يربي إلى أجل, فإذا حل الأجل قال للمدين: زدني في المال حتى أزيدك في الأجل, فيفعل, وهكذا عند محل كل أجل, فيستغرق بالشيء الطفيف ماله بالكلية, فنهوا عن ذلك ونزلت الآية.




    ) الرد على شبهات تقضي بتحليل الربا


    مفتي عام المملكة العربية السعودية
    ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
    عبد العزيز بن عبد الله بن باز
    في رده على البحث الذي أعده الدكتور: إبراهيم ابن عبد الله الناصر تحت عنوان: (موقف الشريعة الإسلامية من المصارف.


    [لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية]
    أولا: قال إبراهيم في أول بحثه ما نصه: (يمكن القول أنه لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية، ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد).
    والجواب: أن يقال: يمكن تسليم المقدمة الأولى؛ لأن المسلمين في كل مكان يجب عليهم أن يعنوا باقتصادهم الإسلامي بالطرق التي شرعها الله سبحانه؛ حتى يتمكنوا من أداء ما أوجب الله عليهم وترك ما حرم الله عليهم؛ وحتى يتمكنوا بذلك من الإعداد لعدوهم وأخذ الحذر من مكائده. قال الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا، إلى قوله سبحانه: إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌالآية، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ"الآية،
    وقال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة"الآية، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي مشتملة على توجيه الله سبحانه لعباده إلى التعاون على كل ما ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم، وأمرهم بالتعاون على البر والتقوى، وتحذيرهم من التعاون على الإثم والعدوان، كما أمرهم سبحانه بالوفاء بالعقود وإثبات حقوقهم بالطرق الشرعية، وحذرهم من أكل أموالهم بالباطل، وأمرهم سبحانه بالإعداد لعدوهم ما استطاعوا من قوة، وبذلك يستقيم اقتصادهم الإسلامي ويحصل بذلك تنمية الثروات وتبادل المنافع والوصول إلى حاجاتهم ومصالحهم بالوسائل التي شرع الله لهم، كما حذرهم سبحانه في آيات كثيرات من الكذب والخيانة وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق ومن أكل أموالهم بينهم بالباطل والإدلاء بها إلى الحكام ليميلوا عن الحق إلى الحكم بالجور، وعظم سبحانه شأن الأمانة وأمر بأدائها في قوله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، وقوله سبحانه: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا"الآية،
    وحذرهم عز وجل من خيانة الأمانة في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"، ووصف عباده المؤمنين في سورة المؤمنون وفي سورة المعارج بأنهم يرعون الأمانات والعهود وذلك في قوله سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ"، فمتى استقام المسلمون على هذا التعليم والتوجيه وتواصوا به وصدقوا في ذلك؛ فإن الله عز وجل يصلح لهم أحوالهم ويبارك لهم في أعمالهم وثرواتهم ويعينهم على بلوغ الآمال والسلامة من مكائد الأعداء، وقد أكد هذه المعاني سبحانه في قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ"، وفي قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا". وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"، وقال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ"الآية، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ"والآيات في هذا أكثر من أن تحصر.




    وأما المقدمتان الثانية والثالثة وهما قوله: (ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد)، فهما مقدمتان باطلتان، والأدلة الشرعية التي قدمنا بعضها، وما درج عليه المسلمون من عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى أن أنشئت البنوك - كل ذلك يدل على بطلان هاتين المقدمتين، فقد استقام اقتصاد المسلمين طيلة القرون الماضية، وهي أكثر من ثلاثة عشر قرنا، بدون وجود بنوك وبدون فوائد ربوية، وقد نمت ثرواتهم واستقامت معاملاتهم وحصلوا على الأرباح الكثيرة والأموال الجزيلة بواسطة المعاملات الشرعية، وقد نصر الله المسلمين في عصرهم الأول على أعدائهم وسادوا غالب المعمورة وحكموا شرع الله في عباده وليس هناك بنوك ولا فوائد ربوية، بل الصواب - عكس ما ذكره الكاتب: إبراهيم - وهو:
    أن وجود البنوك والفوائد الربوية صار سببا لتفرق المسلمين وانهيار اقتصادهم وظهور الشحناء بينهم وتفرق كلمتهم إلا من رحمه الله؛ وما ذاك إلا لأن المعاملات الربوية تسبب الشحناء والعداوة وتسبب المحق ونزع البركة وحلول العقوبات؛ كما قال الله عز وجل: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ"، ولأن ما يقع بين الناس بسبب الربا من كثرة الديون ومضاعفتها بسبب الزيادة المتلاحقة كل ذلك يسبب الشحناء والعداوة، مع ما ينتج عن ذلك من البطالة وقلة الأعمال والمشاريع النافعة؛ لأن أصحاب الأموال يعتمدون في تنميتها على الربا ويعطلون الكثير من المشاريع المفيدة النافعة من أنواع الصناعات وعمارة الأرض وغير ذلك من أنواع الأعمال المفيدة، وقد شرع الله لعباده أنواعا من المعاملات يحصل بها تبادل المنافع ونمو الثروات، والتعاون على كل ما ينفع المجتمع، ويشغل الأيدي العاطلة، ويعين الفقراء على كسب الرزق الحلال، والاستغناء عن الربا والتسول وأنواع المكاسب الخبيثة، ومن ذلك المضاربات وأنواع الشركات التي تنفع المجتمع، وأنواع المصانع لما يحتاج إليه الناس من السلاح والملابس والأواني والمفارش وغير ذلك، وهكذا أنواع الزراعة التي تشغل بها الأرض ويحصل بها النفع العام للفقراء وغيرهم، وبذلك يعلم كل من له أدنى بصيرة أن البنوك الربوية ضد الاقتصاد السليم، وضد المصالح العامة، ومن أعظم أسباب الانهيار والبطالة ومحق البركات وتسليط الأعداء وحلول العقوبات المتنوعة والعواقب الوخيمة، فنسأل الله أن يعافي المسلمين من ذلك، وأن يمنحهم البصيرة والاستقامة على الحق.



    [وظيفة الجهاز المصرفي في الاقتصاد]
    ثانيا: قال إبراهيم: (إن وظيفة الجهاز المصرفي في اقتصاد ما تشبه إلى حد قريب وظيفة القلب بالنسبة لجسم الإنسان تماما..) إلخ.
    والجواب: ليس الأمر كما قال بل يمكن أن يقوم الجهاز المصرفي بما ذكره الكاتب من غير حاجة إلى الربا ولا ضرورة إليه، كما قام اقتصاد المسلمين في عصورهم الماضية وفي عصرهم الأول الذهبي بأكمل اقتصاد وأطهره من دون وجود بنوك ربوية كما تقدم، وقد نصر الله بهم دينه وأعلى بهم كلمته، وأدر عليهم من الأرزاق والغنى، وأخرج لهم من الأرض ما كفاهم وأغناهم وأعانهم على جهاد عدوهم، وحماهم به من الحاجة إلى ما حرم الله عليهم، ومن درس تاريخ العالم الإسلامي من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما قبل إنشاء المصارف الربوية علم ذلك يقينا، وإنما يؤتى المسلمون وغيرهم في اقتصادهم ونزع البركات مما في أيديهم بأسباب انحرافهم عن شريعة الله، وعدم قيامهم بما أوجب الله عليهم، وعدم سيرهم على المنهج الذي شرعه الله لهم فيما بينهم من المعاملات، وبذلك تنزل بهم العقوبات وتحل بهم الكوارث بأسباب أعمالهم المخالفة لشرع الله كما قال عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير"، وقال عز وجل: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"، وقال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ"الآية.
    وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"، وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"



    نظرة فقهاء المسلمين إلى الظاهرة الاقتصادية للفائدة]
    ثالثا: ذكر إبراهيم في بحثه ما نصه: (والسؤال الذي لم نعثر له على جواب حتى الآن هو: كيف ينظر فقهاء المسلمين إلى الظاهرة الاقتصادية للفائدة؟ ولماذا يعتبر القرض بالفائدة محرما في نظرهم؟ ..) إلخ.
    والجواب: عما ذكره هنا إلى نهاية بحثه المشار إليه أن يقال: إنما نظر الفقهاء من سائر علماء المسلمين في أمر الفائدة وعلقوا بها التحريم؛ لأن الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناطت بها التحريم، وهي أحاديث مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا مغمز فيها، وهي تدل دلالة صريحة قطعية على أن بيع المال الربوي بجنسه مع أي زيادة ولو قلت ربا صريح محرم، ولكن الكاتب إبراهيم المذكور - هداه الله وألهمه رشده - أعرض عنها كلها ولم يلتفت إليها، وإنما تكلم عن الربا المجمل الوارد في القرآن الكريم، وحاول بكل ما استطاع أن يحصر الربا في مسألة واحدة وهي: ما إذا أعسر المدين واتفق مع الدائن على إمهاله بفائدة معينة، هذا ملخص بحثه، وما سوى ذلك فقد حاول في هذا البحث إلحاقه بقسم الحلال لحاجة الناس - بزعمه - إلى ذلك، وأن هذا هو الذي تقوم به المصارف، وزعم أن الحاجة داعية إلى ذلك، وأن مصالح العباد لا تتم إلا بهذه المعاملات الربوية التي تستعملها البنوك، وقد تعلق بأشياء مجملة من كلام: الموفق ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم - رحمهم الله جميعا - فيما ذكروه عن المصلحة، وأن الشرع الشريف لا يمنع تحقيق المصالح التي تنفع المسلمين بدون ضرر على أحد، ولا مخالفة لنص من الشرع المطهر، وهذا كله لا حجة له فيه؛ لأن المصالح التي أراد هؤلاء الأئمة وأمثالهم تحقيقها إنما أرادوا ذلك حيث لا مانع شرعي يمنع من ذلك، وذلك في المسائل الاجتهادية التي لا نص فيها يوضح الحكم الشرعي، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على تحريم ربا الفضل وعلى تحريم ربا النسيئة، وذكر بعض أهل العلم أن تحريم ربا الفضل من باب تحريم الوسائل؛ لأن عاقلا لا يبيع شيئا بأكثر منه من جنسه يدا بيد، وإنما يكون ذلك إذا كان أحد العوضين مؤجلا أو كان أحدهما أنفس من الآخر؛ ولهذا لما باع بعض الصحابة رضي الله عنهم صاعين من التمر الرديء بصاع واحد من التمر الطيب وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أوه عين الربا عين الربا لا تفعل)) الحديث متفق عليه.
    وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز))، وفي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد))والأحاديث في هذا المعنى كثيرة في الصحيحين وغيرهما.

    وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه: ((إنما الربا في النسيئة))، فالمراد به عند أهل العلم معظم الربا، وليس مراده صلى الله عليه وسلم كل أفراد الربا؛ للحديثين السابقين وما جاء في معناهما من الأحاديث الصحيحة، وقد علم أن المعاملات الربوية تجمع بين ربا الفضل وربا النسيئة، فإن المودع بالفائدة قد جمع هو وصاحب البنك بين الأمرين وهما النسيئة والفائدة فباءا بإثم المعاملتين.
    وأما كون المرابي الباذل للفائدة قد يكون محتاجا فهذا ليس هو الموجب للتحريم وحده، بل قد جمع هذا العقد بين الربا وبين ظلم المعسر بتحميله الفائدة، وقد عجز عن الأصل، وبذلك تكون المعاملة معه على هذا الوجه أعظم تحريما وأشد إثما؛ لأن الواجب إنظاره وعدم تحميله ما حرم الله من الربا.



    وأما اشتراك الدائن والمدين في الانتفاع بالمعاملة الربوية وأن كل واحد منهما يحصل منها على فائدة فهذا الاشتراك لا ينقل المعاملة من التحريم إلى الحل، ولا يجعلها معاملة شرعية يباح فيها الربا، لان الشارع الحكيم لم يلتفت إلى ذلك بل حرم الفائدة تحريما مطلقا ونص على ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها ما تقدم، ولو كان انتفاع المدين بالفائدة يحلها لنص عليه المولى سبحانه وبينه في كتابه الكريم، أو على لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، وقد قال الله عز وجل في سورة النحل: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
    إنه لم يكن نبي قبلي ، إلاكان حقاعليه أن يدل أمته على مايعلمه خيرا لهم ، وينذرهم مايعلمه شرا لهم ، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء شديد ، وأمور تنكرونها ، وتجيء فتن ، فيرقق بعضها بعضا ، وتجيء الفتنة ، فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ، ثم تنكشف ، وتجيء الفتنة ، فيقول المؤمن: هذه هذه . فمن أحب منكم أن يزحزح عن النار ، ويدخل الجنة ، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس ، الذي يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده ، وثمرة قلبه ، فليطعه ما استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2403
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    ، ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الرسل وأكملهم بلاغا وأتمهم بيانا، فلو كانت المعاملة بالفائدة المعينة جائزة - إذا كان المدين ينتفع بها - لبينها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأوضح لهم حكمها، فكيف وقد بين صلى الله عليه وسلم في صريح أحاديثه تحريمها والتحذير منها والوعيد على ذلك، وقد علم أن السنة الصحيحة تفسر القرآن وتدل على ما قد يخفى منه كما قال تعالى في سورة النحل: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وقال عز وجل: وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "والآيات في هذا المعنى كثيرة.





    وأما ما نقله عن الشيخ: رشيد رضا في إجازته الربا في صندوق التوفير فهو غلط منه ولا يجوز أن يعول عليه، والحجة قائمة عليه وعلى غيره من كل من يحاول مخالفة النصوص برأيه واجتهاده، وقد تقرر في الأصول أنه لا رأي لأحد ولا اجتهاد لأحد مع وجود النص، وإنما محل الرأي والاجتهاد في المسائل التي لا نص فيها فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر إذا كان أهلا للاجتهاد واستفرغ وسعه في طلب الحق؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر))متفق على صحته من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مثله، أما المسائل التي نص على حكمها القرآن الكريم أو الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته فليس لأحد أن يجتهد في مخالفة ما دل عليه النص، بل الواجب التمسك بالنص وتنفيذ مقتضاه بإجماع أهل العلم، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.


    [الفرق بين المعاملات المصرفية والأعمال الربوية]
    رابعا: ثم قال الكاتب إبراهيم في نهاية البحث ما نصه: (وخلاصة البحث بعد هذه المقارنة الواضحة بين الربا الذي ورد تحريمه في القرآن الكريم وبين المعاملات المصرفية يتضح لنا أن المعاملات المصرفية تختلف تماما عن الأعمال الربوية التي حذر منها القرآن الكريم؛ لأنها معاملات جديدة لا تخضع في حكمها للنصوص القطعية التي وردت في القرآن الكريم بشأن حرمة الربا؛ ولهذا يجب علينا النظر إليها من خلال مصالح العباد وحاجاتهم المشروعة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحته بيع "السلم" رغم ما فيه من بيع غير موجود وبيع ما ليس عند البائع، مما قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصل، وقد أجمع العلماء على أن إباحة السلم كانت لحاجة الناس إليه، وهكذا فقد اعتمد العلماء على السلم وعلى أمثاله من نصوص الشريعة في إباحة الحاجات التي لا تتم مصالح الناس في معايشهم إلا بها).

    والجواب: أن يقال: إن المعاملات المصرفية لا تختلف عن المعاملات الربوية التي جاء النص بتحريمها، والله سبحانه بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين وشرع لهم من الأحكام ما يعم أهل زمانه ومن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة، فيجب أن تعطى المعاملات الجديدة حكم المعاملات القديمة، إذا استوت معها في المعنى، أما اختلاف الصور والألفاظ فلا قيمة له إنما الاعتبار بالمعاني والمقاصد، ومعلوم أن مقاصد المتأخرين في المعاملات الربوية من جنس مقاصد الأولين وإن تنوعت الصور واختلفت الألفاظ فالتفريق بين المعاملات الربوية القديمة والجديدة بسبب اختلاف الألفاظ والصور مع اتحاد المعنى والمقاصد تفريق باطل، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم قول من قال يوم حنين: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) مثل قول بني إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، ولم ينظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختلاف الألفاظ لما اتحد المعنى، وهكذا عاقب الله بني إسرائيل لما نصبوا الشباك يوم الجمعة، ليصيدوا بها الصيد المحرم عليهم يوم السبت ولم يعذرهم بهذه الحيلة مع أنهم لم يأخذوا الصيد من الشباك إلا يوم الأحد؛ وذلك لاتحاد المعنى وإن اختلفت الوسيلة، والأمثلة في هذا كثيرة في النصوص الشرعية، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل)).
    الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: آداب الزفاف - الصفحة أو الرقم: 120
    خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد





    وأما التشبيه بالسلم فهو من باب المغالطة والتعلق بما لا ينفع، فإن إباحة السلم من محاسن الشريعة الكاملة، وقد أباحه الله سبحانه؛ لحاجة العباد إليه، وشرط فيه شروطا تخرجه عن المعاملات المحرمة فهو: عقد على موصوف في الذمة بصفات تميزه وتبعده عن الجهالة والغرر إلى أجل معلوم بثمن معجل في المجلس يشترك فيه البائع والمشتري في المصلحة المترتبة على ذلك، فالبائع ينتفع بالثمن في تأمين حاجاته الحاضرة والمشتري ينتفع بالمسلم فيه عند حلوله؛ لأنه اشتراه بأقل من ثمنه عند الحلول وذلك في الغالب، فحصل للمتعاملين في عقد السلم الفائدة من دون ضرر ولا غرر ولا جهالة ولا ربا، أما المعاملات الربوية فهي مشتملة على زيادة معينة نص الشارع على تحريمها في بيع جنس بجنسه نقدا أو نسيئة، وجعله من أكبر الكبائر لما له سبحانه في ذلك من الحكمة البالغة، ولما للعباد في ذلك من المصالح العظيمة والعواقب الحميدة التي منها: سلامتهم من تراكم الديون عليهم، ومن تعطيلهم المشاريع النافعة والصناعات المفيدة اعتمادا على فوائد الربا.
    وأما زعم الكاتب: إبراهيم (أن المصارف والأعمال المصرفية حاجة من حاجات العباد لا تتم مصالح معاشهم إلا بها ..) إلخ.
    فهو زعم لا أساس له من الصحة، وقد تمت مصالح العباد في القرون الماضية قبل القرن الرابع عشر وقبل وجود المصارف ولم تتعطل حاجاتهم ولا مشاريعهم النافعة وإنما يأتي الخلل وتتعطل المصالح من المعاملات المحرمة، وعدم قيام المجتمع بما يجب عليه في معاملة إخوانه من النصح والأمانة والصدق والبعد عن جميع المعاملات المشتملة على: الربا، أو الغرر، أو الخيانة، أو الغش، والواقع بين الناس في سائر الدنيا يشهد بما ذكرنا، ولا سبيل إلى انتعاش المصالح وتحقيق التعاون المفيد إلا بسلوك المسلك الشرعي المبني على الصدق والأمانة، والابتعاد عن الكذب والخيانة وسائر ما حرم الله على العباد في معاملاتهم، كما قال الله سبحانه في كتابه المبين: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ"الآية، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا"الآية، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما))متفق على صحته، وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء))رواه أحمد والبخاري، وعن جابر رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء))رواه مسلم، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء))متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من غشنا فليس منا))رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور))متفق عليه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.



    ولا يجوز لأحد من الناس أن يحلل ما حرم الله بالنص قياسا على ما حلل الله بالنص، ومن حاول أن يحلل ما حرم الله من الربا قياسا على ما أحل الله من السلم فقد أتى منكرا عظيما وقال على الله بغير علم، وفتح للناس باب شر عظيم وفساد كبير، وإنما يجوز القياس عند أهل العلم القائلين به في المسائل الفرعية التي لا نص فيها إذا استوفى الشروط التي تلحق الفرع بالأصل كما هو معلوم في محله، وقد حرم الله القول عليه بغير علم، وجعله في مرتبة فوق مرتبة الشرك، وبين عز وجل أن الشيطان يدعو إلى ذلك ويأمر به، كما يدعو إلى الفحشاء والمنكر قال الله سبحانه: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ"، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ".
    فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفق علماءهم لبيان ما أوجب الله عليهم من أحكام شرعه والدعوة إلى دينه والتحذير مما يخالفه، وأن يكفيهم شر أنفسهم وشر دعاة الباطل، وأن يوفق الكاتب إبراهيم للرجوع إلى الحق والتوبة مما صدر منه، وإعلان ذلك على الملأ لعل الله يتوب عليه؛ كما قال عز وجل: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ".
    ولا شك أن مقاله يحتاج إلى أكثر مما كتبت ولكن أرجو أن يكون فيما بينته مقنع وكفاية لطالب الحق، والله المستعان وهو حسبنا ونعم والوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.


    إن مضار الربا من الناحية الاقتصادية تتجسد في صور من القروض، كالاستهلاكية والقروض الإنتاجية والقروض الحكومية من الداخل، ومنها:

    أ – القروض الاستهلاكية: وهي قروض يطلبها الفقراء المتوسطون نتيجة لوقوعهم في مصيبة أو شدة لقضاء حاجاتهم الضرورية. ومن المعلوم فداحة السعر الربوي في هذا النوع من القروض، لأن المتصدي لهذا النوع هو المرابي الذي لا رقيب عليه في تقرير الفائدة، فالذي يقع في شرك هذا المرابي مرة لا يتخلص منه طول حياته، بل يكون العبء على أبنائه وأحفاده في سداد دينه.



    وهذه العملية هي التي تمكن الرأسمالي من دخل العمال وتجعله مستبداً بهدونهم. ونتيجة لذلك تفسد أخلاقهم، ويقترفون الجرائم والدنايا، وهو يحط من مستوى المعيشة، ويقلل من كفاءاتهم ونشاطهم الذهني والبدني، وهذا ليس ظلماً فحسب بل إنه ضرر على الاقتصاد الاجتماعي, على أن المرابي يسلب قوة الشراء من الفقير، وإذا فترت قوة الشراء تكدست البضائع في الأسواق ونتيجة لهذا التكدس تتوقف بعض المعامل من الإنتاج أو تقلله على الأقل، وبهذه العملية تنشأ البطالة لمئات من البشر، وهذه البطالة تعرقل نمو التجارة والصناعة.

    ب – القروض الإنتاجية: وهذه القروض يأخذها التجار وأصحاب الصناعة والحرف لاستغلالها في الإنتاج المثمر.

    إن هذه العملية التي يأخذ المرابي الربا من دون أن يتعرض لشيء إذا خسرالمعمل أو التاجر تؤدي إلى تحرك الميزان الاقتصادي من جانب واحد دائماً وهو جانب المرابي فهو رابح دائماً، أما صاحب المعمل أو التاجر فليس كذلك،فيتضرر جميع العمال وصاحب العمل إلا المرابي فإنه لا يتضرر بذلك حيث أن ربحه مضمون, بالإضافة إلى أن معظم رأس المال مدخر عند الرأسماليين، لأنهم يرجون ارتفاع سعر الربا، فلا يعطي ماله للتجارة أو الصناعة لانتظاره ارتفاع سعر الربا على أن السعر المرتفع يجعل المرابي ممسكاً لماله إل اّوفق مصلحته الشخصية لا وفق حاجة الناس أو البلاد، وقد يكون السعر المرتفع مانعاً للأعمال النافعة المفيدة للمصلحة العامة مادام ربحها لا يسدد سعرالربا، في حين أن المال يتدفق نحو الأعمال البعيدة عن المصلحة العامة لأنها تعود بربح كثير.

    وقد يستعمل التجار الذين هم مطالبون بالربا الطرق المشروعة وغير المشروعة المؤدية إلى اضطراب المجتمع الإنساني والحط من الأخلاق الإنسانية ومايترتب عليها من جرائم في سبيل كسب سعر الربا.


    ج – القروض الحكومية من الداخل: وهي القروض التي تأخذها الحكومة من أهالي البلاد، فهناك القروض المأخوذة لأغراض غير مثمرة كالحروب ، وهناك القروض المأخوذة لأغراض إنسانية اجتماعية كالتجارة مثلاً، وهذان النوعان يشابهان القروض الاستهلاكية والقروض الإنتاجية.

    والملاحظ هنا أن الحكومة تلقي ضغطاً على عامة أهل البلاد بفرض الضرائب والمكوس حتى تستطيع أن تؤدي إلى الرأسماليين (أصحاب القروض) الربا،والتجار أيضاً لايؤدون هذه الضرائب والمكوس من عندهم وإنما يرفعون قيمةالسلع فيؤخذ الربا على وجه غير مباشر من كل من يشتري من السوق وهو الفقيروالمتوسط الحال. إذن الذي يتضرر تضرراً كاملاً هو الفقير فحسب، لأن صاحب الغلة وأصحاب المصانع والتجار يرفعون من سعر نتاجهمالربا يمنع من إنشاء المشروعات المفيدة للمجتمع، لأن الربا: يعني أن المال يولد المال من دون أعمال، أما الأعمال إذا ولدت المال، فهذا يعني أن صاحب العمل استفاد وكذلك المجتمع استفاد, وإذا طرحت هذه المواد أو تلك المنتجات أو هذه الخدمات انخفضت الأسعار لإن توافر المواد يخفض سعرها، وإذا انخفض السعر اتسعت شريحة المستفيدين فإذا اتسعت شريحة المستفيدين عم الرخاء، لأن كل شيء يرفع السعر يضيق دائرة الاستفادة، والمشكلة أنّ الدائرة إذا ضاقت يقل الإنتاج والبضائع تتكدس في المستودعات مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج،وهذا بدوره يؤدي إلى الاستغناء عن العمال فتزداد البطالة.

    وانقسم المجتمع إلى طبقتين طبقة تملك ولا تعمل وطبقة تعمل ولا تملك ، طبقة عاطلة عن العمل وهي طبقة المرابين وطبقة تعمل ولا تملك وكل جهدها لايكفيها قوت يومها.


    )أضرار الربا من الناحية الاجتماعية:

    للربا أضرار عديدة من الناحية الاجتماعية، منها:

    1
    ـ الربا له أضرار أخلاقية وروحية، لأننا لا نجد من يتعامل بالربا إلاإنساناً منطبعاً في نفسه البخل، وضيق الصدر، وتحجر القلب، والعبودية للمال، والتكالب على المادة وما إلى ذلك من الصفات الرذيلة.

    2
    ـ المجتمع الذي يتعامل بالربا مجتمع منحل، متفكك، لا يتساعد أفراده فيما بينهم، ولا يساعد أحد غيره إلا إذا كان يرجو من ورائه شيئاً، والطبقات الموسرة تعادي الطبقات المعدمة. ولا يمكن أن تدوم لهذا المجتمع سعادته،ولا استتباب أمنه، بل لا بد أن تبقى أجزاؤه مائلة إلى التفكك، والتشتت فيكل حين من الأحيان حيث بالربا تزرع بوادر الحقد والعداوة وهذا ما نشاهده اليوم بين أطراف الربا سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد الدولي.

    3
    ـ الربا إنما يتعلق في نواحي الحياة الاجتماعية لما يجري فيه التداين بين الناس، على مختلف صوره وأشكاله. وهذه القروض ضررها يعود على المجتمع بالخسارة، والتعاسة مدة حياته، سواء كانت تلك القروض لتجارة، أو لصناعة،أو مما تأخذه الحكومات الفقيرة من الدول الغنية، فإن ذلك كله يعود على الجميع بالخسارة الكبيرة التي لا يكاد يتخلص منها ذلك المجتمع أو تلك الحكومات، وما ذلك إلا لعدم اتباع المنهج الإسلامي، الذي يدعو إلى كل خيرويأمر بالعطف على الفقراء والمساكين، وذوي الحاجات، قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَىالأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[المائدة: 2]. وقال عليه الصلاة والسلام: «مثل المؤمنين فيتوادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرالجسد بالسهر والحمى»
    الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6011
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

    
    , فلا نجاة، ولا خلاص، ولا سعادة، ولا فكاك من المصائب، إلا باتباع المنهج الإسلامي القويم واتباع ما جاء به من أحكام وتعاليم.

    4
    ـ تعطيل الطاقة البشرية، فإن البطالة تحصل للمرابي بسبب الربا وتقاعسه عن العمل الجاد، والإنتاج المؤدي إلى صلاح الفرد والمجتمع؛ بما يوفره من توفير فرص أكبر للأيدي العاملة.

    5
    ـ وضع مال المسلمين بين أيدي خصومهم، وهذا من أخطر ما أصيب به المسلمون،وذلك لأنهم أودعوا الفائض من أموالهم في البنوك الربوية في دول الكفر،وهذا الإيداع يجرّد المسلمين من أدوات النشاط، ويعين هؤلاء الكفرة أوالمرابين على إضعاف المسلمين، والاستفادة من أموالهم.

    6
    ـ آكل الربا يحال بينه وبين أبواب الخير في الغالب، فلا يقرض القرض الحسن، ولا ينظر المعسر، ولا ينفس الكربة عن المكروب، لأنه يصعب عليه إعطاء المال بدون فوائد محسوسة، وقد بيّن الله فضل من أعان عباده المؤمنين ونفّس عنهم الكرب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة،ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
    الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 185
    خلاصة حكم المحدث: صحيح وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».
    الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2333
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    
    وثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله».
    الراوي: أبو اليسر كعب بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6106
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

    7
    ـ الربا يقتل مشاعر الشفقة عند الإنسان، لأن المرابي لا يتردد في تجريد المدين من جميع أمواله عند قدرته على ذلك، ولهذا جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا تنزع الرحمة إلا من شقي», الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1923
    خلاصة حكم المحدث: حسن وقال عليه الصلاةوالسلام: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس» الراوي: جرير بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1922
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    
    وقال عليه الصلاة والسلام: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1924
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    8ـ الربا يسبب العداوة والبغضاء بين الأفراد والجماعات، ويحدث التقاطع والفتنة ويجرّ الناس إلى الدخول في مغامرات ليس باستطاعتهم تحمّل نتائجها.

    وأضرار الربا لا تُحصى، ويكفي أن نعلم أن الله تعالى لا يحرم إلا كلّ ما فيه ضرر ومفسدة خالصة أو ما ضرره ومفسدته أكثر من نفعه.


    ) الأبناك الإسلامية خطوة نحو الخلاص من الأبناك الربوية
    خصائص المصارف الإسلامية

    إن إضافة كلمة " إسلامي" إلي المؤسسة المالية التى تقوم بأعمال البنوك التقليدية ليست مجرد كلمة وحسب , حيث يرتكز العمل المصرفى الإسلامى على أسس ومبادئ وآليات وضوابط مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية تختلف عن تلك الأسس التي يقوم عليها النظام المصرفى التقليدى.
    فالإسلام دين شامل للعقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق فى كل واحد لا يتجزأ , فقد خلق الله الإنسان من أجل عبادته , وسخر له كل ما فى الأرض ، ورسم له طرق العبادة بمعناها الواسع , وحدد له رسالته , وهى الإستخلاف وإعمار الأرض.
    وقد نهانا الشارع عن الربا والغرر والظلم وأكل أموال الناس بالباطل والكذب والخيانة والإحتكار والغش والإكتناز والتبذير والإسراف والإستغلال..الخ , وأمرنا بالعدل والصدق والإحسان وأداء الزكاة ..الخ .
    وإذا كانت النواهي تمثل الحرام والمكروه , فإن الأوامر تمثل الواجب والمندوب وبينهما يأتى المباح , ليحتل المساحة الواسعة التي سكت عنها الشرع , ليفسح المجال للعقل ليبدع ويبتكر فى كل أموره الحياتية , حيث يعطى الشرع اليسر والمرونة اللذين يجعلان المنهج الإسلامي مناسبا لكل زمان ومكان .
    وعلى ذلك ,فيجب أن تتسم المؤسسات المالية التى تتصف بالإسلامية بسمات وخصائص تميزها عن غيرها من المؤسسات المالية التقليدية.



    الخصائص المميزة للمصرفية الاسلامية ومن أهم الخصائص المميزة للمصرفية الاسلامية ما يلى :

    1. الإلتزام الكامل بأحكام الشريعة الاسلامية فى كل تعاملاتها المصرفية.
    2. عـدم التعامل بالفائدة المصرفية أخذا وإعطاء بشكل مباشر أو مستتر باعتبارها من الربا الحرام.
    3. إرساء مبدأ المشاركة فى الربح والخسارة من خلال توسط البنك بين أصحاب الأموال وطالبى التمويل مع عدم قطع المخاطرة وإلقائها على طرف دون آخر.
    4. إحداث تنمية إقتصادية وإجتماعية حقيقية في المجتمع.
    5. إرساء مبدأ التكافل الإجتماعى, ليس فقط بجمع الزكاة وصرفها فى مصارفها الشرعية , وإنما أيضا بالسعي إلى تحقيق عدالة في توزيع عوائد الأموال المستثمرة وتعظيم العائد الإجتماعى للإستثمار .

    فيما يلي عرض لأهم خصائص المصرف الإسلامى :

    1 - الإلتزام بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية:

    يتمثل الأساس العام الذي تقوم عليه المصارف الإسلامية في عدم الفصل بين أمور الدنيا وأمور الدين ، فكما يجب مراعاة ما شرعه الله في العبادات يجب مراعاة ما شرعه في المعاملات , بإحلال ما أحله وتحريم ما حرمه ، وإعتماد الشريعة الإسلامية أساسا لجميع التطبيقات ، وإتخاذها مرجعا في ذلك ،وسندنا في ذلك أن الذى أمرنا بالصلاة فى قوله تعالى (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً [النساء : 103],هوالذي قال (ياَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَايُرِيدُ) [المائدة : 1] , وقال (لاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَاوَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً) [النساء : 5] .

    إن فلسفة العمل المصرفى الاسلامى تعتمد مبدأ " إن ملكية الإنسان لما فى يده من أموال ملكية مقيدة بما حدده المالك المطلق لهذا الكون " ، وتستند إلى الإستخلاف الذي يقوم على أساس أن المال مال الله - عز وجل – وأن الإنسان مستخلف فيه لعمارة الأرض ، وهذا ليس إجتهادا فقهيا ولا فكريا وإنما هو من صميم التشريع السماوي, جاءت به نصوص صريحة في القرآن والسنة ،من ذلك قوله تعالى (وإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْإِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) [هود : 61] , وقوله تعالى (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد : 7].

    وما دام الإنسان مستخلفا على هذا المال فإن ملكيته له مربوطة بهدف ومقيدة بشرط من إستخلفه إياه ، وذلك بأن يحصل عليه بالأساليب التي إرتضاها ، وأن ينميه بالوسائل التي شرعها ، وأن يستخدمه فيما يحل له ، وألا ينسى حق الله فيه ، وهذه القيود تكفل تنظيم الدورة الإقتصادية بكاملها من الإنتاج إلى التوزيع .



    بناء على ما تقدم يجب على المصارف الإسلامية أن تضّمن هياكلها التنظيمية وجود هيئة للرقابة الشرعية , تتصف بالإستقلال التام عن الإدارات التنفيذية وتقوم بدور الإفتاء والرقابة , للتأكد من التزام أجهزة المصرف التنفيذية بالفتاوى والاجراءات وأدلة العمل والنماذج التى إعتمدتها , ولها أن تستعين فى ذلك بإدارة أو وحدة للرقابة والتدقيق الشرعي تكون حلقة الوصل بينها وبين إدارات وفروع المصرف الإسلامى .




    وقد صدر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين المعيارالشرعى رقم (4) لعام 1997م الذى ينظم كيفية تعيين هيئة الرقابة الشرعية وعدد أعضائها وتخصصاتهم ونطاق عملهم والتقارير الصادرة عنهم ,وذلك لضمان إلتزام المؤسسة المالية الإسلامية بأحكام الشريعة الإسلامية فى جميع معاملاتها .

    2- عدم التعامل بالربا:
    أجمع الفقهاء على حرمة التعامل بالربا الذي حرمه الله فى كتابه وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة والتابعون ومن بعدهم.


    وقد تدرج التحريم, حيث بدأ بالمقارنة بين مضار الربا وفوائد الزكاة , كما ورد في سورة الروم , حيث قال تعالى (وَمَاآتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) [الروم : 39 [ ,إلى أن أعلن الله الحرب على آكل الربا كما ورد في سورة البقرة, قـال تعالى(ياَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 0فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْفَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تٌظلمون) [البقرة : 278-279 [.




    الفائدة المصرفية تعد من الربا المحرم
    :
    مارست البنوك التقليدية عملها فى الدول العربية والإسلامية منذ ما يزيد على قرن من الزمان وفقا لذات الآلية التي تعمل بها فى الدول الغربية ( سعرالفائدة ) ومع انتشار الوعى الإسلامى , تساءل بعض الفقهاء والإقتصاديون والممارسون, هل أعمال هذه البنوك بوضعها الحالى وآلياته حلال أم حرام ؟

    وقد تصدى للإجابة على هذا السؤال مجمع البحوث الإسلامية الذى عقد بالقاهرةعام 1385هـ / 1965 م والذى حضره خمسة وثمانون عالما وفقيها ممثلين لـ 35دولة إسلامية فى ذلك الوقت بعد دراسة مستفيضة إستمرت ثلاثة سنوات , حيث قرر المجمع الآتي :
    (الفائدة المصرفية على أنواع القروض كلها ربا محرم , لا فرق فى ذلك بين ما يسمي بالقروض الإستهلاكية أو ما يسمى بالقروض الإنتاجية , لأن نصوص الكتاب والسنة فى مجموعها قاطعة فى تحريم النوعين , وإن كثير الربا وقليله حرام , وإن الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولاضرورة , والإقتراض بالربا محرم كذلك ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت اليه الضرورة ، وكل امرىء متروك لدينه فى تقدير ضرورته ).




    وقد أكدت المؤتمرات الإسلامية المتتالية على حرمة فوائد البنوك, ومن تلك المؤتمرات :
    • المؤتمر العالمي الأول للإقتصاد الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة عام 1396هـ / 1976 م الذي حضره أكثر من ثلاثمائة من علماء و فقهاء و خبراءالإقتصاد والبنوك وأكد على حرمة فوائد البنوك.
    • المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي : المنعقد فى الكويت فى المدة من 6 - 8 جمادى الآخر 1403هـ/ مارس1983م والذى أكد على أن ما يسمى بالفائدة فى إصطلاح الإقتصاديين الغربيين ومن تبعهم هو من الربا المحرم شرعا.
    • مجمع الفقه الإسلامى الدولى المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامى فى دورة مؤتمره الثانى: المنعقد فى جدة فى المدة من 10-16ربيع الآخر 1406هـ / ديسمبر 1985م والذى نص على أن " كل زيادة أو فائدة على الدين الذى حل أجله وعجزالمدين على الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد , هاتان الصورتان ربا محرم شرعا , كما قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف الإسلامية القائمة والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامى لتغطى حاجة المسلمين كيلا يعيش المسلم فى تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته.
    • مجمع الفقه الإسلامى التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة الذى أكد فى دورته التاسعة المنعقده فى الفترة من 12-19رجب عام 1406هـ / 1986م على أن كل ما جاء عن طريق الفوائد الربوية هو مال حرام شرعا , كما دعا المجلس المسئولين فى البلاد الإسلامية والقائمين على المصارف الربوية إلى المبادرة الجادة لتطهيرها من رجس الربا.
    • فتوى فضيلة مفتى مصر - أنذاك- الدكتور محمدسيد طنطاوي , فى 14رجب عام 1409 هـ/فبراير1989م تنص على:أن إيداع الأموال فى البنوك أو إقراضها أو إقتراضها بأى صورة من الصور مقابل فائدة محددة مقدما حرام (فتوى دار الإفتاء المصرية رقم 515/1989م ).
    • يضاف إلي كل ما سبق ذكره فتاوى العديد من الهيئات العلمية: كالمجامع الفقهية في البلدان الإسلامية ولجان الفتوى والندوات و المؤتمرات العلمية وفتاوى أهل العلم والمختصين في شؤون الإقتصاد وأعمال البنوك في العالم الإسلامي كلها أكدت على هذا المعنى بحيث تشكل في مجموعها إجماعــا معاصرا على تحريم فوائد البنوك لا يجوز مخالفته .




    بناء على ما تقدم فإن الإسلام ينظر الى النقود على أنها وسيط للتبادل ومعيار لقيمة الأشياء وأداة للوفاء , وليست سلعة تباع وتشترى , وإن المصارف الإسلامية اعتمدت مبدأ المشاركة فى الربح والخسارة المبنى على عقد المضاربة الشرعية وعلى القاعدة الشرعية الغنم بالغرم فى تشغيل الأموال , إلى جانب صيغ البيوع المعتبرة شرعا.كبديل لسعر الفائد المصرفية الثابتة التى إعتمدتها البنوك التقليدية كأداة لتسعير تكلفة الأموال

    ولكن الذي يطمئننا، هو: وضوح الحق، بنصاعة أدلته، وقوة رجاله، ووهن الباطل، وتهافت منطقه، وتناقض أصحابه، وكما قيل: الحق أبلج، والباطل لجلج، وكما قال تعالى (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) [الإسراء:81]، (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) [الرعد:17].


    الآن حصحص الحق، وتبين الرشد من الغي، فليختر كل امرئ لنفسه الطريق الذي يريد: إما طريق الجماعة، وإما طريق الشذوذ، وفي الحديث الذي رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعاً: "إن الله لا يجمع أمتي – أو قال أمة محمد – على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار".
    لراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2167
    خلاصة حكم المحدث: صحيح دون: "ومن شذ"
    



    اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات واخر دعوانا الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه اجمعين
    نسألكم الدعاء ونشر الحملة ولا تنسوا ان الدال على الخير كفاعله
    جزاكم الله خيرا
    اختكم نور القمر
    احبكم في الله




  2. #2
    ملكة بنقابي~'s صورة
    ملكة بنقابي~ غير متواجد زهرة لا تنسى-ريحانة الروضة
    متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ - إشراقة الروضة
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الموقع
    اللهم أحينا سعداء وأمتنا شهداء....................... بين ثنايا الألم ( يارب لك الحمد)
    الردود
    12,276
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    8

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    الردود
    267
    الجنس
    أنثى
    بوركت رائع ما نسجه قلمك في الحقيقه نحن ضد الربا وبنوكها ولكن كيف يصل الصدى الى من اعتادوا عليها ويظنون ان ارباح اموالهم تكثر وتتبارك
    حسبي الله ونعم الوكيل

    تقبل مروري

مواضيع مشابهه

  1. كيف تسمح الدول الإسلامية بإنشاء البنوك الربوية ؟
    بواسطة إحياء السنة في روضة السعداء
    الردود: 4
    اخر موضوع: 17-08-2010, 03:54 PM
  2. العلاقة بين البنوك الربوية والزنا !
    بواسطة nfreeman في روضة السعداء
    الردود: 0
    اخر موضوع: 07-04-2009, 09:18 PM
  3. العمل في البنوك الربوية
    بواسطة nfreeman في روضة السعداء
    الردود: 3
    اخر موضوع: 01-04-2009, 08:00 PM
  4. نداء إلى أصحاب الأموال الربوية
    بواسطة (( سنا التفاؤل )) في روضة السعداء
    الردود: 0
    اخر موضوع: 09-08-2008, 01:37 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ