ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( الَّـذِيـــنَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ
مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْـــرٌ
مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ )
أي : الــذيـن ينفقون أموالهم في طاعة الله وسبيله ،
ولا يتبعونها بما ينقصها ويفسدها من المن بها على
المنفق عليه بالقلب أو باللسان ، بأن يعدد عـلـــيــه
إحسانه ويطلب منـــه مقابلته ، ولا أذية له قولية أو
فعلية ، فهؤلاء لهـــم أجرهم اللائق بهــم ولا خوف
عليهم ولا هم يحزنون ، فحصل لهـــم الخير واندفع
عنهم الشر لأنهم عملوا عملا خالصا لله سالما من
المفسدات .
( قَـــــوْلٌ مَّعْـــرُوفٌ ) أي : تعرفه القلوب ولا تنكره ،
ويدخل في ذلك كل قول كريم فيه إدخال السرور على
قلب المسلم ، ويدخل فيه رد السائل بالقول الجميل
والدعاء له
(وَمَغْفِرَةٌ) لمن أساء إليك بترك مؤاخذته والعفو عنه،
ويدخل فيه العفو عما يصدر من السائل مما لا ينبغي
فالقول المعروف والمغفرة خير مـن الصدقة التـــــي
يتبعها أذى ، لأن القــــــول المعروف إحسان قولي ،
والمغفرة إحسان أيضا بترك المؤاخذة ، وكـــلاهمـــا
إحسان ما فيه مفسد ، فهمـــا أفضل مــــن الإحسان
بالصدقة التي يتبعها أذى بمنّ أو غيــــره ، ومفهوم
الآية أن الصدقة التي لا يتبعها أذى أفضل من القول
المعروف والمغفرة، وإنما كان المنّ بالصدقة مفسدا
لهــا محرما ، لأن المنّة لله تعالى وحده ، والإحسان
كلـــه لله ، فالعبد لا يمنّ بنعمة الله وإحسانه وفضله
وهو ليس منه ، وأيضا فإن المانّ مستعبِدٌ لمن يمنّ
عليه ، والذّل والاستعباد لا ينبغي إلا لله ، والله غني
بذاته عن جميع مخلوقاته، وكلها مفتقرة إليه بالذات
في جميع الحالات والأوقات ، فصدقتكم وإنفاقكم
وطاعاتكم يعود مصلحتها إليكم ونفعها إليكم
( وَاللّهُ غَنِيٌّ ) عنهــا ، ومع هذا فهو ( حَلِيمٌ ) عــلى
من عصاه لا يعاجله بعقوبة مع قدرته عليه ، ولكــن
رحمته وإحسانه وحلمه يمنعه من معاجلته للعاصين،
بل يمهلهم ويصرّف لهم الآيات لعلهم يرجعون إليــه
وينيبون إليه ، فـــإذا علم تعالى أنه لا خيــر فيهــــم
ولا تغني عنهـم الآيات ولا تفيد بهم المثلات أنزل
بهم عقابه وحرمهم جزيل ثوابه .
الكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص 113)
للشيـــخ : عبد الرحمن السعـدي رحمه الله تعالى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروابط المفضلة