انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرالأخير
عرض النتائج 11 الى 20 من 23

الموضوع: السيرة النبوية

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الردود
    23
    الجنس
    أنثى

    مقاطعة قريش لبنى هاشم وبنى المطلب
    كتابة الصحيفة وما تم فيها
    المحرم سنة سبع من البعثة – 617 م


    رأت قريش أن أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد نزلوا بلدا أصابوا به أمناً واستقراراً ، وأن النجاشى قد منع وحمى من ألجأ إليه ، وأن عمر قد أسلم وأعلن على الناس إسلامه ، ولم يرض عن استخفاء المسلمين

    المقاطعه وكتابة الصحيفة

    وإزاء ذلك كله فكرت قريش فى طريقة جديدة تفسد بها على محمد وصحبه غايتهم ، وتقضى بها على المسلمين ومن يناصرهم ويتعصب لهم من بنى هاشم وبنى المطلب فاتفقت على مقاطعتهم مقاطعة تامة ، فلا يتزوجون من نسائهم ولا يبيعون لهم شيئا ولا يشترون منهم ولا يخالطونهم , ولا يقبلون منهم صالحا ، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) للقتل ، وسجلوا هذه القرارات فى صحيفة ختمت بأختام وعلقت فى جوف الكعبة تاكيداً لاحترامها فيكون الخروج عليها أو عدم الوفاء بها بما فيها بمثابة الخروج على العقيدة الموروثة.

    وكانوا يعتقدون أن سياسة التجويع والمقاطعة سيكون لها من الأثر ما يحقق أغراضهم ،وإزاء تلك المقاطعة الغاشمة الجائرة انتقل كل بنى هاشم وبنى المطلب ومعهم الرسول إلى شعب كان يطلق عليه " شعب أبى طالب " بظاهر مكة يعانون الحرمان ألوانا حتى بلغ من سوء حالهم أن أكلوا أوراق الأشجار ولم يتخلف من بنى هاشم إلا أبو لهب الذى أسرف فى تعصبه للأصنام ، وفجر فى بغضه للإسلام ، فلم يرع للقرابة حرمة ، ولا للرحم مودة .

    واستمرت هذه المقاطعة المروعة ثلاث سنوات متتابعة لم يجرؤ أحد منهم خلالها أن يدخل مكة.

    ولقد خفف عن الرسول وصحبه قسوة المقاطعة ، انها لم تنفذ على الأشهر الحرم ثم إنه كانت تصلهم فى بعض الأوقات مساعدات سرية كالتى كان يقوم بها ( حكيم بن حزم ) ابن أخى خديجة إذ كان يحمل إليهم الطعام فى ظلام الليل إلى حيث يقيمون فى شعبهم

    وكذلك أحس بعض القرشيون بفظاعة ما أرتكبوه من ظلم وقسوة واتفقوا على نقض حلف المقاطعة ، ومن هؤلاء ( هشام بن عمرة القرشى ) كان يأتى بالبعير محملا بالطعام فيسير به ليلا حتى يدخله الشعب عليهم ، و ( زهير بن أمية ) الذى ذهب فى الصباح إلى الكعبة ، فطاف بالبيت ، ثم نادى فى الناس " يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم وبنو المطلب هلكى ؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة " وأيده فى هذا الرأى بعض العقلاء من القوم ، وجن جنون أبى جهل فى ذلك الوقت وكاد نزاع يقع لولا أن أبا جهل خاف سوء العاقبة فلم يفعل شيئا








    ما تم فى الصحيفة

    وعلم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أن ( الأرضة ) " وهى النمل الأبيض " أكلت الصحيفة ولم يبق منها إلا " باسمك اللهم " واستبشر أبو طالب حيراً مما حصل للصحيفة وعزم على الاستفادة مما حدث لها ، فحرج فى عدد من بنى هاشم إلى الكعبة بين أمل يدفعه ورجاء يترقبه للخلاص من هذا الحصار والتخلص من هذه المحنة ، وهناك خاطب الحاضرين من رؤساء قريش قائلا : ( قد وصلنى أن وثيقتكم قد اكلتها الحشرات ، فاكشفوا عنها حتى إذاتحقق قولى كان عليكم أن تكفوا مقاطعتكم ، وإن لم يتحقق فإنى أعدكم بتسليم ابن أخى ) ، فوافقه الحاضرون من رؤساء قريش على اقتراحه ، وكشفوا عن الوثيقة فوجدوها كما قال أبى طالب قد انمحت كل الكتابة التى كانت عليها هذا ذكر ( باسمك اللهم ) فتهلل وجه أبى طالب بشرا وعمت وجوه المشركين كآبة ، وأخذ كثير منهم يفكلا فى صمت ، وخيم عليهم حزن عميق

    ثم دخل أبو طالب بمن معه الكعبه ، وتضرع إلى الله ان يرفع اذى قريش وشرها ، وأن يكشف عن محمد وآله السوء ويخلصهم من تآمر قريش وعنادها ، ثم قفل راجعاً إلى الشعب

    وقد تشجع بهذه الحادثة هؤلاء الذين عقدوا النية على نقض الصحيفة ، فذهبوا إلى بنى هاشم وبنى المطلب فى مكان حصارهم وطلبوا منهم أن يرجع كل إلى بيته فى مكة آمناً

    وكان رجوعهم فى السنة العاشرة من البعثة وكان رجوعاً عزيزا
    إذ به تأييد الرسول أيما تأييد
    وشعروا معه ان الله يؤازر محمداً وحزبه ويخذل قريشاً وباطلها


    حالة الدعوة فى هذه الفترة

    كانت قريش ترجو من وراء هذه المقاطعة أن يعتزل محمد قومه ليصبح وحيدا ويزول خطر دعوته ، ولكن الأمر كان على عكس ما فهموا فلقد ازداد المسلمون إيماناً على إيمانهم وكان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى زمن المقاطعة ينتهز فرصة أشهر الحج فيخرج بين العرب وقبائلها ، مما جعل الإسلام ينتشر ذكره فى شبه الجزيرة العربية بعد أن كان حبيساً بين جبال مكة ، فلقد رجعت وفود الجيج إلى بلادهم تحمل خبر ظهور نبى اسمه محمد يدعو إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام



    صلى الله عليه وسلم

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الردود
    23
    الجنس
    أنثى


    وفاة عمه أبى طالب والسيدة خديجة ( رضى الله عنها )

    لم يتمتع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك السلام مدة طويلة من الزمن إذ لم تمض عدة شهور على انحلال حلف المقاطعة حتى فاجأت محمداً فى عام واحد مفاجأتان اهتز لهما قلبه : وهما موت أبى طالب ، ومن بعده زوجته السيدة خديجه (رضى الله عنها ) وذلك فى العام العاشر من البعثة النبوية

    وفاة عمه أبى طالب

    كان أبو طالب بن عبد المطلب من أشد الناس دفاعاً عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فلقد صبر طويلا على مناصرته ووقف حياته على تأييده وحمايته ، وضحى بنفسه وراحته من أجل محمد الداعى إلى دين يخالف دينه ، كما كان درع محمد ( صلى الله عليه وسلم ) عند البأس وحصنا له عندما تهم قريش بإيذائه ، وبردا وسلاماً عليه حين تشتعل نار العداوة والبغضاء

    فلما مرض واشتد به المرض وبلغ قريشاً ذلك أخذ رؤساؤهم يفكرون ويتساءلون ماذا سيكون من أمرهم بعد وفاة أبى طالب ؟ وأخذوا يقولون إن حمزة وعمر المعروفين بشدتهما وبطشهما قد أسلما ، ودعوة محمد قد شاعت فى قبائل قريش كلها ، فذهبوا إلى أبى طالب
    وقالوا له : يا ابا طالب إنك منا حيث قد علمت ، وقد حضرك ما ترى ، وقد علمت الذى بيننا وبين ابن اخيك فادعه فخذ له منا ، وخذ لنا منه ، ليكف عنا ولنكف عنه ، وليدعنا وديننا وندعه ودينه ، وكأنهم بذلك أرادوا أن يوسطوا أبا طالب وهو فى المرحلة الأخيرة من حياته للتوفيق بينهم وبين محمد

    ولقد جاء محمد ( صلى الله عليه وسلم ) إلى عمه أبى طالب والقوم عنده فعرض عليه ابو طالب رغبتهم فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " يا عم ، كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم "
    فقال أبو جهل : نعم نعم وعشر كلمات
    قال : " تقولون لا إله إلا الله وتتركون ما تعبدون من دونه "
    فصفقوا بأيديهم ثم قالوا أتريد يا محمد أن تجعل الآلهه إله واحدا ؟
    إن أمرك لعجيب ، ثم قاموا ، فقال أبو طالب
    ( والله يا ابن اخى ما أريتك سألتهم شططا )
    " الشطط : مجاوزة المقدار فى كل شئ "


    وقد طمع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى إسلام أبى طالبخاصة بعد أن راى منهم ما راى ، وبعد أن سمع منه الكلمة الحق : ( والله يا ابن اخى ما أريتك سألتهم شططا )
    وتمنى النبى إسلامه فهو الذى كفله ودافع عنه إلى أخر لحظة من حياته فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( يا عم قلها ) أى الشهادة ، أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة ، فقال أبو طالب : لولا مخافة المنية وان تظن قريش أنما قلتها جزعا من الموت لولا ذلك لقلتها ، ومات كافراً وقد قارب الثمانين من عمره

    وطلب الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الرحمة من الله – سبحانه وتعالى – والمغفرة لأبى طالب ، فأنزل الله تعالى :

    " ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولى قُربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الحجيم "
    سورة التوبة آيه رقم 113


    وفاة السيدة خديجة – رضى الله عنها

    توفيت السيدة خديجة زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رضى الله عنها ، فحزن عليها النبى حزنا شديدا ، ولا غرابة فى ذلك فهى أول ارأة صدقت النبى فيما جاء به عن ربه ، واذهبت مخاوفه أول ما جاءه الوحى

    وتفاءلت له وبـه خيرا وبددت حيرته حين ذهبت به إلى ( ورقة بن نوفل ) الذى بشره بأنه الذى يأتيه هو ملك الوحى الذى كان ياتى الرسل من قبله فهونت عليه كل شدة وأزالت من نفسه كل خشية ، ودفعت عنه الكثير من الاذى لما لها من الجاه فى عشيرتها بنى أسد
    وأدخلت عليه السكينة والأمان برقة نفسها وطهارة قلبها ، وقوة إيمانها ، وقد استغنى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بما لها ليتفرغ إلى أعظم رساله لهداية البشرية وكفاها فخرا وشرفاً قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى بعض حديثه : ( وقد آمنت بى إذ كفر الناس ! وواستنى بما لها إذ حرمنى الناس ، ورزقنى الله ولدها إذ حرمنى أولاد النساء )


    أثر وفـاة أبى طالب والسيدة خديجة ( رضى الله عنها )

    ولقد كان لوفاة عمه ( أبى طالب ) وهو من عرفنا موقفه من الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) والسيدة خديجة – رضى الله عنها – من الأثر ما جعل قريشاً تطمع فى الرسول ، فتتابع الأذى عليه ، ونالت قريش منه فاشتد به الأمر ورماه بعض سفهائهم بقاذورات ألقاها عليه وهو فى طريقه إلى بيته , ورمى آخر التراب على راسه فرجع إلى بيته وقامت فاطمه وجعلت تغسل التراب وهى تبكى فكان يقول لها : ( لا تبكى يا بنية فإن الله مانع أباك )
    وتعلقت به كفار قريش مرة يتجاذبونه ويقولون له أنت الذى تريد أن تجعل الآلهة إلها واحدا ؟ وكان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( والله ما نالت منى قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب )


    صلى الله عليه وسلم

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الردود
    23
    الجنس
    أنثى



    خروجه ( صلى الله عليه وسلم )
    إلى الطائف


    ولما زاد سفه قريش واشتد به الاذى ، وذهب إلى الطائف " تبعد عن مكه حوالى سبعين ميلا شرقى مكه وهى مشهوره بجودة مناخها وكثرة الفواكه بها " بعد موت عمه بأسبوعين تقريباً ، لعله يجد من ثقيف " قبيله معروفه كانت تقيم بالطائف وهى أ‘ظم قبيله فى العرب بعد قريش " من ينصره ويؤمن بدعوته ، ولكنه لم يلق منها إلا الإعراض والإهانه ، ولم يجبه إلى دعوته أحد ، بل أغروا به عبيدهم وسفهاءهم يسبونه ويصيحون وراءه ، ويقذفونه بالحجاره حتى ابتعد عن الطائف ، فلجأ إلى حديقه " لعتبه بن ربيع ، وشيبه بن ربيع " فاحتمى بها وجلس فى ظل شجرة من ( عنب ) ثم رفع عليه السلام رأسه إلى السماء وقال :

    " اللهم إليك اشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين وأنت ربى ، إلى من تكلنى ، غلى بعيد يتجهمنى ( تجهم له : استقبله بوجه كريه ) أو إلى عدو ملكته أمرى ؟ إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى ، ولكن عافيتك هى اوسع لى أعوذ بنور وجهك من أن تنزل بى غضبك أو يحل على سخطك ، لك العتبى ( الرضا ) حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك "

    موقف عتبه وشيبه ابنى ربيعه من النبى ( صلى الله عليه وسلم )

    فلما رأى ابنا ربيعه محمد وقد أخذ منه التعب ونال منه الجهد تحركت فيهما نخوة الكرم ، فأرسلا إليهما عبدهما المسيحى ( عداسا ) بقطف من عنب فلما مد الرسول يده إليه قال : " بسم الله " ثم أكل ، فنظر عداس ‘لى وجهه ثم قال : ( إن هذا الكلام لا يقوله أهل هذه البلاد ) وأخذا يتحدثان
    ثم سأله الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) عن دينه وبلده فقال : نصرانى نينوى " بلده على شاطئ دجلة بالقرب من مدينة الموصل "
    قال : أمن قرية الرجل الصالح ( يونس بن متى ) ؟
    فقال له عداس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟
    قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ذاك أخى ، أنا نبى وهو نبى
    فأكب عداس على محمد يقبل رأسه ويديه وقدميه ولما رجع عداس إلى ابنى ربيعه
    قالا له : ويلك يا عداس ، مالك تقبل راس هذا الرجل
    قال : يا سيدى ما فى الأرض من هو خير من هذا الرجل


    عودة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) إلى مكة

    ومن حديقة ( عتبة وشيبة ) اتجه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نحو مكة فلما وصلها وجد قومه أشد مما كانوا عليه من الخلاف والعناد ، فلم يستطيع دخولها إلا فى حماية ( المطعم بن عدى ) الذى تسلح هو وبنوه وتوجهوا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الكعبة ، فطاف بالبيت ، ثم انصرف إلى منزله فى حراسة المطعم واولاده


    عرض نفسه على القبائل

    لقى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إرهاقاً شديدا من أهل مكة وثقيف فهم لم يسكتوا لحظة واحدة عن الوقوف فى سبيل الدعوة ، بل لم تهن عزائمهم فى الكيد له ، حتى أنه لم يستطع أن يدخل مكة بعد عودته من الطائف إلا فى حراسة المطعم بن عدى ، لذلك نراه يتجه نحو طريق آخر لعله يصل إلى ما يريد من أداء الرسالة وحمايته من أهل مكة المشركين ، فأخذ يعرض نفسه فى موسم الحج على قبائل العرب ينتظرهم على أبواب الطريق الموصلة إلى مكة ، ويذهب إليهم فى منازلهم
    ويسأل عن القبائل قبيله قبيله فى أسواقهم يدعون إلى الحق وإلى الطريق المستقيم ، ويخيرهم أنه نبى مرسل ويطلب منهم أن يعينوه حتى يبلغ رسالة ربه ، فلا يجد إلا الساخر والمستمع مجرد الاستماع ، والمعجب بشخصيته وبدينه دون رغبة فى اتباعه ، ومن العجب أن عمه أبا لهب لم يتركه ولم يدع القبائل تسمع له بل كان يتبعه أينما ذهب ، ويحرض الناس على الاعراض عنه ، وكانت النتيجة أن قبيلة بنى حنيفة أهل مسيلمة الكذاب ردت على رسول الله رداً قبيحا ، أما بنو عامر فقد طلبوا منه إن هم آمنوا به أن يجعل لهم امر الرياسة من بعده فلما قال لهم : ( إن الأمر لله يضعه حيث يشاء ) انصرفوا عنه وأعرضوا كما أعرض غيرهم

    ثم عرض الاسلام على نفر من قبيلتى الأوس والخزرج سكان ( يثرب ) كانوا يحجون فى ذلك الموسم لكنهم وإن لم يستجيبوا له إلا أنهم تحدثوا عن هذه الدعوة بعد عودتهم إلى يثرب فتهيأت لقبولها بعض النفوس السليمة .

    فلما كان موسم الحج من العام المقبل جاء وفد من الأوس والخزرج وبايعوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عند مكة فى منى يسمى ( العقبة ) ثم جاء وفد اخر فى العام الذى يليه يتكون من ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين والتقوا مع الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فى نفس المكان وبايعوا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) على أن ينصروه ويؤازروه ويمنعوه مما يمنعون منه نسائهم وابناءهم وهذه هى بيعة العقبة الثانية التى كانت من أهم أسباب الهجرة النبوية المباركة


    صلى الله عليه وسلم

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الردود
    23
    الجنس
    أنثى


    الهجرة وأسبابها

    هجرة المسلمين إلى المدينة

    لما رجع الاوس والخزرج من مكة إلى المدينة بعد المدينة بعد البعثة الثانية أشرقت المدينة بنور الحق وانتشرت فيها مبادئ الإسلام وأصبحت مكاناً مناسباً طيباً يأمن فيه المسلمون على انفسهم من أذى المعتدين وطغيان الظالمين ، أما مكة فقد اشتد فيها الأذى بالمسلمين والتضييق عليهم حتى أصبح عيشهم فيها جحيما لا يطاق ، ومن اجل ذلك أمر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أصحابه بالهجرة إلى المدينة ، فصاروا يتسللون ويخرجون من مكة فى ظلام الكتمان والخفاء يحذرون قريشاً ويخشون خطرها ويرجون ألا تحول بينهم وبين الانتقال من هذا الوسط الخبيث وتلك البيئة الفاسدة إلى جو المدينة الطاهر الجميل

    وأول من خرج أبو مسلمة المخزومى زوج أم سلمة رضى الله عنهما ، ثم تتابع المهاجرون بعد أبى سلمة فراراً بدينهم ليتمكنوا من عبادة الله الذى امتزج حبه بنفوسهم ، ولم يبق بمكة منهم إلا أبو بكر وعلى وقليلوم من المستضعفين الذين لم تمكنهم أحوالهم من الهجرة

    وقد كان بقاء أبى بكر وعلىّ بأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ذلك أن أبا بكر أراد الهجرة
    فقال له الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) : على رسلك فإنى أرجو أن يأذن لى
    فقال أبو بكر : وهل ترجو ذلك يا رسول الله بأبى انت ؟
    قال : نعم
    فحبس أبو بكر نفسه انتظاراً لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليكون فى شرف صحبته وجهز راحلتين عنده استعداداً لذلك اليوم الموعود

    ولا شك ان هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة كانت مبعث سعادة نفسية كبرى لهم ، لأنهم تنفسوا الصعداء وشعروا بالحرية التى لم يكونوا يالفونها ، وأخذوا ينشرون دين الله فى جو طليق بعيد عن الضغط والإرهاق والظلم والعدوان

    كما كانت ضربة قاضية على المشركين فى مكة إذ خاب أملهم وأفلت المسلمون من قبضتهم وأصبحوا يتوقعون خطراً لا ريب فيه


    الهجرة النبوية
    تآمر قريش على الرسول فى دار الندوة

    كانت دار قصى بن كلاب " قصى بن كلاب : هو الجد الرابع للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) " هى ندوة قريش يجتمعون فيها للنظر فيما يعنيهم من الأمور وما يصادفهم من المشكلات ، ولا شك أن أمر النبى محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد أصبح شغلهم الشاغل ومشكلتهم الكبرى ، وعلى الأخص بعد ما تم من بيعتى العقية وظهور الإسلام فى المدينة

    ومن أجل ذلك فإن قريشا قد اجتمعوا بدار الندوة ليتشاورا فيما يصنعون بمحمد بن عبد الله بعد أن عظم أمره واشتد خطره

    قال قائل منهم : نخرجه من أرضنا ، وننفيه إلى مكة بعيد كى نستريح منه ،
    فرفض هذا الرأى لأنهم قالوا:
    إذا خرج إلى مكان أخر اجتمعت حوله الجموع لما يرونه من حلاوة منطقه وعذوبة لفظه
    وقال اخر : نوثقه " أى نقيده " ونحبسه حتى يدركه ما أدرك الشعراء قبله من الموت ،
    فرفض هذا الرأى كذلك ، لأنهم قالوا :
    لئن حبستموه كما تقولون ليظهرن أمره وليبلغن أصحابه وليوشك هؤلاء أن يثبوا عليكم " اى ان يهجموا عليكم " ليخلصوا محمد من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم
    وأخيراً قال أبو جهل عمرو بن هشام : والله إن لى فيه رأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد
    قالوا : وما هو يا أبا الحكم ؟
    قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جلداً نسيباً وسيطاً فينا ، ثم نعطى كل واحد منهم سيفاً صارماً ، ثم يعمدوا إليه فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه ، فإنهم إن فعلوا ذلك تفرق ده فى القبائل جميعا فلا تقدر بنو هاشم على أخذ ثأره ويرضون بالدين فنعطيها لهم
    وقد وقع هذا الرأى فى نفوسهم موقع الرضا والقبول فوافقوا عليه وتهيئوا للإسراع فى تنفيذه

    وهذا هو مكرهم ، ولكن الله الذى يكتب ما يبيتون ويعلم ما يفعلون لم يتخل عن رسوله ، فأوحى إليه بما دبره له الأعداء فى ندوتهم ، وأمره بالهجرة من مكة إلى المدينة

    " ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون "
    سورة التوبه أيه 32

    " وإذ يمكرون الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "
    ليثبتوك : يقيدوك او يحبسوك
    سورة الانفال أيه 30


    كيف تمت هجرة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ؟

    عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت : " كان لا يخطئ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يأتى أبى بكر أحد طرفى النهار إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذى أذن الله فيه لرسوله ( صلى الله عليه وسلم ) فى الهجرة والخروج من مكة من بين طهرانى قومه أتانا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالهاجرة " أى وقت شدة الحر بين الظهر والعصر " فى ساعة كان لا يأتى فيها ،
    قالت : فلما رآه ابو بكر
    قال : ما جاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى هذه الساعة إلا لأمر حدث
    قالت : فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وليس عند ابى بكر إلا أنا وأختى أسماء بنت أبى بكر
    فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أخرج عنى من عندك ،
    قال : يا رسول الله إنما هما ابنتاى ، وما ذاك فداك أبى وامى ؟
    قال : إن الله أذن لى فى الخروج والهجرة
    قالت : قال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله
    قال الصحبة
    قالت : فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن احد يبكى من الفرح حتى رايت أبا بكر يومئذ يبكى "


    وقد بكى أبو بكر رضى الله عنه من فرط السرور ، لأنه أدرك مدى النعمة التى مَنَّ الهو بها عليه إذ شرفه بصحبة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فى هذا الوقت العصيب ، وفى تلك الرحلة الخالدة التى ستكون حداً فاصلاً بين الحق والباطل وسيتقرر بها مصير الإسلام والمسلمين


    وكان أبو بكر قد جهز راحلتين له وللرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ثم أستاجر دليلاً خبيراً بطرق الصحراء ، اسمه عبد الله بن أريقط ، وعلى الرغم من ان هذا الرجل كان كافراً إلا أنهما وثقا فى امانته ولإخلاصه فوعداه غار ثور " هو غار من ا‘لى جبل ثور بأسفل مكة " بعد ثلاث ليال


    وكانت اليلة التى خرج فيها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من مكة فى العشر الأواخر من شهر صفر ، وفى السنة الثالثة عشر من البعثة النبوية وكان المشركين قد تربصوا للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فى تلك الليلة واحاطوا بداره لكى ينفذوا مؤامرتهم الغادرة

    وقد أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على بن أبى طالب رضى الله عنه أن يبيت فى مكانه ، وسجَّاه " أى غطاء " ببردته ، فكان المشركون إذا نظروا من ثقب الباب وجدوا شيحا نائما وعليه بردة الرسول فيعتقدون أنه محمد فيطمئنون ثم خرج النبى محمد – صلوات الله عليه وسلامه عليه – على المشركين وهو يقرأ قوله تعالى :
    " وجعلنا من بين ايديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون "
    أيه 9 من سورة يس

    فألقى الله النوم عليهم فلم يره أحد منهم ، ثم تقابل الرسول مع أبى بكر وسارا حتى بلغا غار ثور فاختبأ فيه ثلاث ليال حتى ينقطع الطلب عنهما وتيأس قريش من مطاردتهما

    فى غــــار ثــور

    وصل رسول الله ( صلى اله عليه وسلم ) إلى غار ثور ومعه صاحبه الوفى الأمين أبو بكر الصديق رضى الله عنه وقد سبق ابو بكر رسول الله ( صى الله عليه وسلم ) إلى داخل لغار ليستبرئه " أى ليتبره " لما اطمان إلى سلامته من الهوام الحشرات نادى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الدخول ومكثا فى ذلك الغار الموحش ثلاث ليال

    وكان عبد الله بن ابى بكر قد عرف من أبيه حين الجرة من مكة أنه سيلجأ مع النبى إلى غار ثور
    فكان إذا الليل إلى الغار فيقص على رسول الله وعلى أبيه ما رآه من مشركى قريش وما سمع من بيرهم ثم أتى عامر ن فهيرة مولى أبى بكر باغنامه فينال الرسول وأبو بكر من ألبانها ولحومها ما يشاءان ثم يعود عبد الله بن أبى بكر ويعود عامر بالقطيع وراءه ليعفى " أى ليغط على أثره حتى لا يُعرف " على أثه ويعود اللاجئان إلى عزلتهما يؤنسهما الإيمان وتحيط بهما عناية الرحمن

    مطاردة المشركين للرسول ( صلى الله عليه وسلم )

    وقد فزع مشركو قريش لهجرة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وخروجه من مكة أشد الفزع ، فطاردوه فى كل مكان ، وقعدوا له كل مرصد ، وتتبعوا آثار صاحبه حتى انتهى بهم المطاف إلى مقربة من غار ثور وقد ساورهم الشك فى أن يكون محمد وصاحبه قد لجآ إلى ذلك الغار ، فأخذوا يتشاورون فيما بينهم ويتساءلون ، وكان على مقربة من الغاز راع ، فلما رآه المشركون سألوه :
    هل رأيت محمدا وأبا بكر ؟ وهل تعرف أين ذهبا ؟
    واجاب الراعى : قد يكونا بالغار ، وإن لم أر احداً أمَّه " قصده "
    وسمع الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وأبو بكر هذا الحديث وسمعا وقع أقدام المشركون وهم يتقدمون نحو الغار ، فاستولى الخوف الشديد على أبى بكر الصديق حتى تصبب عرقاً وقال يا رسول الله : لو نظر أحدهم إلى موقع قدمه لرآنا
    ولكن الرسول كان يطمئنه ويقول له :
    ( يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ، يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا )

    ثم تقدم واحد منهم نحو الغار
    ودار حوله وامعن النظر فيه فلم يابث أن عاد ادراجه وساله أصحابه :
    ماذا رأيت بالغار ؟
    فقال : إن عليه العنكبوت من قبل ميلاد محمد ،
    فاعتقد المشركون أن الغار مهجور ورجعوا خائبين

    وهكذا تتجلى عناية الله ورعايته للرسول فى كل خطوة من خطواته وفى ذلك يقول الله عز وجل :

    " إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم "

    أيه 40 من سورة التوبة


    صلى الله عليه وسلم

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الردود
    23
    الجنس
    أنثى


    فى الطريق إلى المدينة


    وخرج الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وصاحبه من الغار بعد ثلاثة أيام وكان الدليل عبد الله ابن أريقظ فى انتظارهم ، فسار بهما من طريق غير مألوف حتى يضلل الأعداء ، ومر على أمكنة يصعب فيها السير ، ولكنه اجتازها لبعدها عن الطريق المعروف فمَّر بعسفان ، وسميت عسفان لتعسف السير فيها ، ومَّر بالعرج وهو مكان ينعرج فيه الطريق ، وهكذا حتى وصل إلى قباء بعد رحلة فى صحراء الجزيرة العربية استمرت اثنى عشر يوما لقيا خلالها من عناء السفر ووحشة الطريق ما ينوء بالأبطال
    " فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل الله وما استكانوا "
    سورة آل عمران أيه 146

    وقد أقام الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أربعة أيام فى قباء وفيها أسس مسجدها المبارك الذى وصفه الله عز وجل بقوله
    " لمسجد أُسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين "
    سورة التوبه أيه 108

    ثم غادر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قبـاء واتجه إلى حيث كان الأوس والخزرج وهم الأنصار يحيطون به عن يمين ويسار ، وقد تقلدوا سيوفهم وامتلأت نفوسهم بالبشر والسرور ، فكانت لحظات خالدة فى تاريخ المدينة
    وكان يوما عظيما فى تاريخ الإسلام ، وخرج النساء والصبيان فى جو من النشوة والفرح يرددون فيه هذا النشيد الجميل:
    طلع البدر علينا .... من ثنيات الوداع
    وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
    أيها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع

    ***************


    ثم سار فى المدينة فى موكب من النور ، وكلما مر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) على دار من دور الأنصار دعاه أهلها للنزول عندهم وأخذوا بزمام ناقته ، فيقول لهم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) " دعوها فإنها مأمورة " ولم تزل سائرة حتى بركت فى محلة " مكان " من محلات أخواله بنى النجار أمام دار ابى أيوب الأنصارى
    فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " ههنا المنزل إن شاء الله "
    " رب أنزلنى منزلا مباركا وأنت خير المنزلين "
    سورة المؤمنين أيه 29

    فاحتمل أبو أيوب رحله فوضعه فى منزله وخرجت ولائد من بنى النجار يقلن :

    نحن جوار من بنى النجار ... يا حبذا محمد من جار

    فقال عليه السلام : " أتحبننى ؟ فقلن نعم ، فقال ك الله يعلم أن قلبى يحبكن "

    واختار عليه السلام النزول فى الدور الأسفل من بيت أبى أيوب ليكون أريح لزائريه ، ولكن أبا أيوب رضى الله عنه كره ذلك وأبى إلا ينزل الرسول فى الطابق الأعلى إكراما وإعزازاً لشأنه
    وكان الأنصار يتسابقون فى إكرام الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فما من ليله إلا وعلى بابه الثلاث أو الأربع من جفان " الجفنه : القصعه الكبيره " الثريد يأكل منها عليه السلام هو وأضيافه من الأنصار والمهاجرين

    صلى الله عليه وسلم


  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الردود
    23
    الجنس
    أنثى


    تأسيس المسجد بالمدينة

    شرع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منذ وصل إلى المدينة فى بناء مسجده فى المكان الذى بركت فيه ناقته ، وكان هذا المكان مربدا " الربد : هو البيدر " للتمر مملوكا لغلامين وطلب إليهما المربد ليتخذه مسجدا وتحدث معهما فى شرائه ،
    فقالا : بل نهبه له يا رسول الله فابى عليه السلام أن يقبله منهما هبة ولكنه ابتاعه " اى أشتراه " منهما وكان فيه قبور المشركين وبعض حفر ونخل ، فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالقبور فنبشت ، وبالحفر فسويت ، وبالنخل فقطع ثم أمر بالبناء وكان بناؤه باللبن " اللبن : وهو الطوب الأخضر " وكن عضادتى " أى جانبى الباب " كانتا من الحجارة ، وكان سقفه من الجريد واعمدته من جذوع النخل ، ولا يزيد ارتفاعه عن القامه إلا قليل وقد اشترك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مع أصحابه فى حمل اللبنات والأحجار على كواهلهم ، وكانوا يروحون على انفسهم عناء الحمل والنقل فيرددون هذا الغناء

    اللهم لا عيش إلا عيش الأخرة ................. فارحم الأنصار والمهاجرة

    وقد ضاعف من حماس الصحابة فى العمل أنهم راوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يعمل بنفسه كواحد منهم ويكره أن يتميز عليهم فارتجز بعضهم هذا البيت :

    لئن قعدنا والرسول يعمل ............... لذاك منا العمل المضلل

    وهكذا تم بناء المسجد فى جو يملؤه الايمان وتشيع فيه الأخوة والمساواة وكان بناء متواضعا بسيطاً لأن الإسلام لا يعبأ بالمظاهر الكاذبة

    الحكمة فى أن بناء المسجد كان اول عمل للرسول فى المدينة

    وكان هذا العمل الجليل وهو بناء المسجد أول اعمال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بالمدينة ، وذلك أن المسجد هو مكان الصله بين العبد وربه ، وصله العبد بربه هى أهم المقاثد وأسمى الغايات ، وهى الأساس السليم الذى تقوم عليه العلاقة بين الأفراد والجماعات ، وكذلك لم يكن المسجد موطناً للعبادة فحسب ولكنه كان محمة للقضاء بما أنزل الله ، ونُزُلاً لإستقبال القبائل ووفود العرب ، والتشاور فى مهام الأمور

    والاحاديث الوارده فى فضل المسجد النبوى كثيرة ، فقد ثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قــال : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدى هذا ، والمسجد الحرام ، ومسجد بيت المقدس ) وجاء فى الصحيحين أيضاً أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قــال : ( صلاة فى مسجدى هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام )

    وثبت كذلك فى الصحيحين أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قـال : ( ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة ومنبرى على حوضى ) ثم بنى بجانب المسجد حجرتين إحداهما لسودة بنت زمعة ، والأخرى لعائشة بنت أبى بكر ولم يكن عليه السلام متزوج غيرهما إذ ذال
    وكانت الحجرتان متجاورتين وملاصقتين للمسجد على شكل بنائه ، ثم صارت الحجرات تنبى كلما تزوج الرسول على عدد زوجاته " ذكر أبو القاسم السهيلى فى كتابه الروض الأنف ، أن بيوت الرسول – صلى الله عليه وسلم – كانت تسعا بعضها من جريد مطلى بالطين وسقفها جريد ، وبعضها من حجارة موضوعة بعضها فوق بعض ومسقفة بالجريد أيضاً وكانت حجرته عليه السلام أكسية من شعر مربوطة فى خشب عرعر ، ولما توفى جميع زوجات الرسول – صلى الله عليه وسلم – خلطت البيوت والحجرات بالمسجد وذلك فى عهد عبد الملك بن مروان ، فلما ورد كتابه بذلك ضج أهل المدينة بالبكاء كيوم وفاته عليه الصلاة والسلام "

    صلى الله عليه وسلم


  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الردود
    23
    الجنس
    أنثى


    المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

    كان موقف الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) واصحابه والمهاجرين بعد أن تركوا وطنهم وخرجوا من ديارهم وأموالهم موقفاً دقيقاً يتطلب الإخلاص والتضامن ويقضى أن يسود بينهم وبين إخوانهم الأنصار

    وكان الأنصار وهو الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر غلأيهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " الخصاصة : الفقر "
    ولا غرو فقد شعروا بحاجة إخوانهم المهاجرين وقدروا ظروفهم العصيبة فآووهم ونصروهم وضربوا فى الإخلاص لهم والتفانى فى خدمتهم أروع الأمثال ، حتى لقد وصفهم الله عز وجل بذلك الوصف الرائع حيث يقول :

    " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة "

    أى يفضلون إخوانهم المهاجرين على انفسهم مهما كان فقرهم ومهما اشتدت حاجتهم


    وكانت سياسة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فى هذه الظروف القاسية سياسة القائد المحنك الرشيد ، فقد عمل على تنظيم صفوف المسلمين وتوكيد وحدتهم فربط بينهم برباط متين ، وذلك أنه عقد تلك الأخوة النادرة المثال بين النصار والمهاجرين ، وجعل لها من الحقوق والواجبات ما لخوة النسب " كان يترتب على هذه الأخوة ان يتورث الخوان كالنسب إلى أن نزلت أية ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ) فاقتصر التوارث على الخوة من النسب " فكان أبو بكر الصديق أخاً لخارجة بن زهير ( الأنصارى ) ، وكان عمر بن الخطاب أخاً لعتبان بن مالك ( الأنصارى ) ، وكان أبو عبيدة بن الجراح أخاً لسعد بن معاذ ( الأنصارى ) ، وكان عبد الرحمن بن عوف اخاً لسعد بن الربيع ( الأنصارى ) ، وكان عثمان بن عفان اخاً لوس بن ثابت ( الأنصارى ) .................
    وهكذا أصبح المهاجرين والنصار بنعمة الله اخوانا

    وقد أظهر الأنصار من الكرم والتسامح مع إخوانهم المهاجرين ما خفف عنهم الآم الغربة وعوضهم عن فراق الأهل والعشيرة ، حتى ليروى أن سعد بن الربيع الأنصارى عرض على ( أخيه ) عبد الرحمن بن عوف وكان لا يملك بيثرب شيئا- أن يشاطره ماله " أى قاسمه مناصفة " - ، فأبى عبد الرحمن وطلب إليه أن يدله على السوق ، وبدأ يبيع الزبد والجبن فى سوق المدينة فنما ماله واتسعت ثروته وأصبح له قوافل تجارية عظيمة ، وصنع غير عبد الرحمن من المهاجرين الذين لهم خبرة بالتجارة كما صنع عبد الرحمن فيسر الله عليهم وبارك لهم

    اما المهاجرين الذين لم تكن لهم دراية بالتجارة فقد عملوا فى أراضى الأنصار ، واشتغلوا بالزراعة بطريق المزارعة مع ملاك الأرض وكانوا يلقون كثيراً من الشدة والتعب فى حياتهم ولكن يابون ان يكونوا كلا وعالة " الكلا : الثقل والعالة بهذا المعنى أيضاً " على إخوانهم الأنصار مهما كلفهم ذلك من جهد وآلام.


    صلى الله عليه وسلم



  8. #18
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الردود
    23
    الجنس
    أنثى


    المعاهدات بين الرسول واليهود

    كانت المؤاخاة التى عقدها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بين المهاجرين والأنصار فى المدينة أساساً لتقوية المسلمين وتوكيد وحدتهم وألفتهم ، وضمانا لحياة كريمة صافية وعيشة راضية

    وكان اليهود يقيمون بجوار المسلمين فى المدينة وهم يهود بنى قينقاع وبنى النضير وبنى قريظة " كان يهود بنى قينقاع يقيمون فى المدينة ، وكان يهود بنى النضير ويهود ينى قريظة على مقربة منهم " وكان هؤلاء اليهود أعداء للأوس والخزرج ( الأنصار ) ، قبل أن يدخلوا الإسلام ، فلما دخلوا فى الإسلام قوى أمرهم بمجئ إخوانهم المهاجرين إليهم وازدادت عداوتهم وحقدهم عليهم قالت تعالى :

    " لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود والذين أشركوا "
    سورة المائدة أية 82

    فكان من سياسة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وحُسن تدبيره أن يبدأ هؤلاء اليهود بالمودة ويبسط لهم يد الأخوة ، ويتفق معهم على التضامن والتعاون حتى تكون المدينة كلها صفا واحدا وقوة واحدة ، وحتى لا يطمع فى المدينة طامع وينال منها عدو

    وقد كتب الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) معاهدة بين فيها حقوق المسلمين وواجباتهم وحقوق اليهود وواجباتهم ، وكان أساس هذه المعاهدة الأخوة فى السلم ، والدفاع عن المدينة وقت الحرب ، والتعاون التام بين الفريقين إذا نزلت شدة بأحدهما أو كليهما ، وقد جاء فى هذه المعاهدة :
    ( أن اليهود أمة مع المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ، ومن ظلم أو اثم منهم فإنه لا يوقع ( يهلك ) إلا نفسه واهل بيته ، وان على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ، وان بينهم النصر على من حارب هذه الصحيفة
    " أهل هذه الصحيفة : أى اصحاب هذه المعاهدة وهم المسلمين واليهود "

    وأن بينهم النصح والنصيحة والبَّر دون الإثم ، وأن ما كان من اهل هذه الصحيفة من حدث او اشتجار يخاف فساده ، فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله وأن بينهم النصر على من دهم يثرب ، وان من خرج آمن ، ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أثم ، وأن الله جار لمن بَّر واتقى

    وقد كتب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعد هذه المعاهدة خاصة مع اليهود تتجه إلى هذه الأهداف وتدور حول تلك الأغراض وقد دلت هذه المعاهدات الجليلة على سمو تفكير الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وحُسن سياسته فهى تقرر :
    حرية العقيدة وحرية الرأى وحرمة المدينة ؛ وتجريم الجرائم وتحارب الظلم والإثم ، وقد وضعها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منذ قرابة أربعة عشر قرناً من الزمان ، ولكنها لا تزال إلى هذا العصر الذى نعيش فيه نبراسا يهتدى به الساسة والقادة إذا اضطربت الأمور واظلمت السبل

    ولا شك أن هذه المعاهدات الخالدة كانت ذات أثر كبير فى تقوية عزائم السملمين وحفظ المدينة من مطامع المشركين المعتدين ، ولولا أن اليهود غدروا وخانوا ، ونقضوا المعاهدات والمواثيق ، وبدأوا العدوزان على المسلمين لما وقف رسول الله والمسلمين منهم موقف العداء ، ولظلت المدينة يغمرها الوئام والصفاء ولكن اليهود غدروا وخانوا وبدأوا بالعدوان فردَّ الرسول والمسلمين على إساءاتهم وظلمتهم بما جعلهم عبرة أمام القرون والجيالا ، وما ظلمهم الله ولكن كانوا لأنفسهم ظالمين.


    صلى الله عليه وسلم



  9. #19
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    الموقع
    الجزائر ^^^^سيق^^^^
    الردود
    2,057
    الجنس
    أنثى
    جزاكِ الله خيرا حبيبتي

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الردود
    23
    الجنس
    أنثى
    شكرا حبيبتى
    جزانا الله واياكى كل خير

مواضيع مشابهه

  1. السيرة النبوية للأطفال
    بواسطة Nicesmell في الأمومة والطفولة
    الردود: 8
    اخر موضوع: 02-11-2010, 10:33 AM
  2. سلسلة السيرة النبوية
    بواسطة look62 في ركن الصوتيات والمرئيات
    الردود: 1
    اخر موضوع: 17-08-2009, 12:52 PM
  3. @السيرة النبوية باللغة الإنجليزية@
    بواسطة سحر سامي في ركن اللغات
    الردود: 9
    اخر موضوع: 30-04-2009, 05:55 PM
  4. كتاب ... السيرة النبوية ...
    بواسطة حقائق إيمانية في روضة السعداء
    الردود: 2
    اخر موضوع: 16-03-2008, 05:00 PM
  5. الرحيق المختوم في السيرة النبوية
    بواسطة سفيرة الثقافة في روضة السعداء
    الردود: 0
    اخر موضوع: 28-12-2004, 11:10 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ