بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات \ الصفحة 378
وقول الله تعالى : {...... وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }( الرعد -30 )
وفي صحيح البخاري قال علي : " حدثوا الناس بما يعرفون ،أتريدون أن .( يكذب الله ورسوله ؟! "
وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس ،عن أبيه ،عن ابن عباس رضي الله عنهما: " أنه رأى رجلا انتفض لما سمع حديثا عن النبي * صلى الله عليه وسلم * في الصفات استنكارا لذلك ، فقال : ما فرق هؤلاء ، يجدون رقة عند محكمه ، ويهلكون عند متشاﺑﻬه ؟ "
ولما سمعت قريش رسول الله * صلى الله عليه وسلم * يذكر الرحمن أنكروا ذلك ،فأنزل الله فيهم :
{ ...وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ.. }سورة الرعد -23
تلخيص درس الثاني من أسبوع الثامن عشر
(((( الله الموفق والمستعان ))))
# يتبين من هذا الباب بأن جحد شيئ من أسماء والصفات الذي سمى الله تعالى به نفسه أو سماه رسول الله * صلى الله عليه وسلم * وثبت ذلك عنه فانه مناف لأصل التوحيد وأنه من خصال الكفار والمشركين أي أنه يكون كافرا
# أن توحيد الأسماء والصفات من برهان على توحيد الألوهية ومن خصل عنده ضلال في ذلك يحصل عنده ضلال في توحيد الألهية أيضا ولهذا تجد المبتدعة الذين ألحدوا في أسماء الله وفي صفاته من هذه الأمة : من الجهمية ، والمعتزلة ،والرافضة ،والأشاعرة ،والماتريدية ،ونحوهؤلاء ،تجد أﻧﻬم لما انحرفوا في باب توحيد الأسماء والصفات لم يعلموا حقيقة معنى توحيد الإلهية
# واجب على عباد هذه الملة أن يؤمن ويستيقن بأن الله تعالى ليس كمثله شيئ في الأسماء ولا صفاته {... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }الشورى -11 فنفى وأثبت ،نفى أن يماثل الله شيء - جل وعلا - وأثبت له صفتي السمع والبصر.
# قدم النفي على الأثبات لأنه على العبد أن يخلو قلبه من كل براثن التمثيل لما كان المشركون يعملونه وكانوا يشبهون الخلق بالله ويشبهون الله بالخلق , فاذا بريئ القلب من التشبيه والتمثيل أثبت ما يستحقه الله جلاوعلا من الصفات فأثبت صفة السمع والبصر
# وذكر صفتي السمع والبصر لأن صفة مشتركة بين أكثر المخلوقات الحية فكل المخلوقات لهم سمع وبصر يناسبهم ويعرف كل عاقل بأن السمع والبصر لدى الحيوانات ليس كسمع والبصر لدى الإنسان لأنه أبلغ وأعظم وأشتراكهم في السمع والبصر في أصل المعنى ولكل سمع وبصر بما قدر له وما يناسب ذاته وأنه لم يكون أشتراك هذه الصفات بينهم لتشبيه الحيوان بالإنسان , وكذلك صفة السمع والبصر للملك الحي ليس كمثل السمع والبصر لدى الإنسان أو المخلوقات لأنه جلا وعلا له صفات يليق بذاته تعالى فسمع الله كامل مطلق من جميع الوجوه لا يعتريه نقص ,لأن صفتان ( السميع والبصير ) هو الذي أستغرق كل الكمال فيهما لله تعالى
# أن العلم بالله ومعرفة الله تكون بمعرفة أسمائه وصفاته وبمعرفة أثارهما والإيمان بهما يقوي اليقين بالله تعالى وهو سبب المعرف والعلم به
# أن صلة هذا الباب بكتاب التوحيد صلة وطيدة من جهتين :
- أن من براهين توحيد العبادة توحيد الأسماء والصفات.
- أن جحد شيء من الأسماء والصفات شرك وكفر مخرج من الملة ,إذا ثبت عنده أي أسم أوصفة في الكتاب أو السنة لأنه تكذيب بالكتاب والسنة
# وقوله تعالى في سورة( الرعد -30 )عن أسم الله تعالى ( الرحمن )وكان كفار ومشركي قريش يكفرون به وهذا كفر بنفسه وهذا أسم من أسماء الله الحسنى ومشتمل على الرحمة وأبلغ من صفة ( الرحيم ) ولهذا لم يتسم به على الحقيقة إلا الله - جل وعلا - فهو من أسماء الله العظيمة التي لا يشركه فيها أحد أما أسم الرحيم فقد أطلق الله تعالى هذا الأسم على بعض عباده بأنهم رحماء وأن نبيه * صلى الله عليه وسلم * كما ذكره الله في {.....بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }التوبة – 128
# إن كل الأسم والصفة لله تعالى بينهما أرتباط أي إن كل أسم لله تعالى مشتمل على صفة لأن أسماء الله ليست جامدة لهذا نقول : كل اسم من أسماء الله متضمن لصفة من صفات الله ودال بالمطابقة على كل من الذات والصفة , اي الذات المتصفة بالصفة حتى اللفظ الجلالة ( الله ) الذي هو علم على المعبود بالحق مشتق
فهو مأخوذ من (الإلهة) وهي العبادة ، فلفظ الجلالة (الله) ليس اسما جامدا ، بل هو مشتق من ذلك
# جميع الأسماء والصفات لله دالة على كمال الله تعالى وعلى عظمته وعلى المؤمن لأكمال توحيده العناية العظيمة بأسماء الله تعالى وصفاته لأن ذلك يكون سببا لمراقبة العبد لله تعالى
# وفي حديث المذكور ل( علي -رضي الله عنه- ) في صحيح البخاري يبين بان بعض العلم لا يصلح لكل أحد ولو أن هناك أمور خاصة بالتوحيد ونافع في نفسه لاكنه علم خاص ولا يعرفه كثير من الناس مثل بعض أفراد التوحيد الأسماء والصفات لاكن يؤمرون الإيمان به إجمالا والإيمان بالمعروف والمعلوم المشتهر في الكتاب والسنة ، لأن هناك بعض من أسماء والصفات لا يناسب العامة والمبتدئين في طلب العلم لأن منها ما يشكل ومهنا ما يؤول بقائله على أن يكذب الله ورسوله * صلى الله عليه وسلم * كما في الحديث المذكور
# فواجب على المسلم وطالب العلم أن لا يجعل الناس يكذبون شيئا مما قاله الله تعالى أو أخبر به رسول الله * صلى الله عليه وسلم * بأن يخبرهم مما لا يعرفون ولا تبلغه عقولهم وهذا من الأمر المهم الذي ينبغي للمعلم والمتحدث والواعظ والخطيب أن يعيه ،وأن يحدث الناس بما يعرفون وأن يجعل تقوية التوحيد وإكمال توحيدهم والزيادة في إيماﻧﻬم بما يعرفون لا بما ينكرون.
# واجب على كل مسلم إذا سمع صفة من صفات الله جلا وعلا في كتاب الله أو السنة النبوية * صلى الله عليه وسلم * أن يجريها مجري جميع الصفات لأن أثباتها بلا تكيف ولا تمثيل لأنه لا نظير ولا مثيل من الأسماء والصفات فله من كل أسم وصفة أعلى وأعظم ما يشتمل عليه من المعنى ولا يجب الوقوف عند المحكمة والمتشابهة ما دام مذكور في الكتاب والسنة لأن هذا من أسباب الضلال
# والقرآن والعلم والشريعة كلها محكمة ،وكلها متشاﺑﻬة ،ومنها محكم ،ومنها متشابه ،فهذه ثلاثة أقسام :
والقرآن أيضا والشريعة والعلم منه محكم ومنه متشابه باعتبار آخركما في سورة أل عمران -7 { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ...... } فمنه المحكم الذي أتضح علمه والمتشابه الذي أشتبه عليك علمه
وبذلك ليس هناك شيئ عند أهل السنة والجماعة وأتباع السلف الصالح المتشابه المطلق الذي لا يفهمه أحد بل ربما أشتبه على بعضهم وبعض الأخر يعلم المعنى
{... وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ .......... } فإذا اشتبه عليك علم شيء من التوحيد أو من الشريعة فإن الواجب ألا تفرق عنده وألا تخاف وألا تتهم الشرع وإلا وقع في قلبك شيء من الزيغ {....... فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ....} فأهل الزيغ أما أبتغا ً للفتنة أو أبتغأ تأويله يتبعون ما تشابه
الروابط المفضلة