كيف تغطي المرأة وجهها في العمرة والحج؟
ثبت عن النبي صلى اللهعليه وسلم في الصحيح قوله : { لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين } ، وهذا الحديثبيّن في تحريم لبس النقاب للمرأة .
ولكن ثبت كذلك عن أم المؤمنين عائشة الصديقةرضي الله عنها قولها : ( كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليهوسلم محرمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذاجاوزونا كشفناه )
أخرجه أحمد و أبو دواد و ابن الجارود و البيهقي وابن ماجه وقال الألباني سنده حسن في الشواهد و المتابعات ، و بوب له أبو دواد : باب فيالمحرمة تغطي وجهها ، و مثله صنع ابن ماجه .
وعن أسماء رضي الله عنهاقالت : ( كنا نغطي وجوهنا [1] من الرجال في الإحرام )
قال الحاكم : على شرطالشيخين ، و وافقه الذهبي ، و قال الألباني : على شرط مسلم .
و انظر تخريج هذاوما قبله و عزوهما إلى مواضعهما في : جلباب المرأة (106) للإمام الألباني .
و قالت عائشة رضي الله عنها : (المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلاثوب مسه ورس أو زعفران ، ولا تتبرقع ولا تتلثم ، و تسدل الثوب على وجهها إن شاءت )
قال الإمام الألباني في إراواء الغليل ( 4/212) : أخرجه البيهقي بسند صحيح .
فهاك هذا الجمع بين هذه الآثار من كلام العلماء :
قالالإمام الألباني في التعليق على الروضة الندية :
( و أما سدلها على وجهها فجائزو هو غير التنقيب ، و التسوية بينهما خطأ ) بواسطة الموسوعة الميسرة [ 4/327 ]
قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين [173] :
( النبي صلى اللهعليه وسلم قال : ( لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازان ) يعنى في الإحرام ، فسوَّىبين يديها و وجهها في النهي عما صُنع على قدر العضو ، ولم يمنعها من تغطية وجههاولا أمرها بكشفه البتة ، و نساؤه صلى الله عليه وسلم أعلم الأمة بهذه المسألة وقدكن يسدلن على وجوههن إذا حاذاهن الركبان ) .
و قال الحافظ ابن حجر فيالفتح [ 3/517 ] :
( ... عن عائشة قالت : تستدل المرأة جلبابها من فوق رأسها علىوجهها .
ثم قال :
قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف ، و أن لها أن تغطي رأسها و تستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاًخفيفاً تستر به عن نظر الرجال ولا تخمره )
قال الإمام العثيمين رحمهالله في الشرح الممتع [ 3/227 ] :
( .... يحرم عليها القفازان و النقاب .
والنقاب : لباس الوجه ، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم على المحرمةتغطية وجهها ، و إنما حرم عليها النقاب فقط [2] لأنه لباس الوجه ، وفرقٌ بين النقابو تغطية الوجه ، وعلى هذا فلو أن المرأة المحرمة غطت وجهها لقلنا هذا لا بأس به ،ولكن الأفضل أن تكشفه )
وقال في بداية المجتهد و نهاية المقتصد [ 1/586 ] :
( أجمعوا على أن احرام المرأة في وجهها ، و أن لها أن تغطي رأسها ، و تسترشعرها ، و أن لها أن تسدل ثوبها على وجهها من فوق رأسها سدلاً خفيفاً تستتر به عننظر الرجال ) .
و قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى [ 26/112 ] :
( ... ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق ، و إن كان يمسهفالصحيح أنه يجوز أيضاً ... و أزواجه كن يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة .
ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( احرامالمرأة في وجهها ) ، و إنما هذا قول بعض السلف ، لكن النبي صلى الله عليه وسلمنهاها أن تنتقب أو تلبس القفازين ، كما نهى المحرم أن يلبس القميص و الخف ، مع أنهيجوز له أن يستر يديه و رجليه باتفاق الأئمة ) .
وقال الإمام العثيمينرحمه الله في مجموع فتاويه [ 22/188 ]
( ... حديث عائشة رضي الله عنها لا يعارضالنهي عن الانتقاب ، وذلك لأن حديث عائشة رضي الله عنها ليس فيه أن النساء ينتقبن ،و إنما يغطين الوجه بدون نقاب )
وقال [ 22/194 ] :
( النبي صلى اللهعليه وسلم إنما نهى عن الانتقاب ؛ و الانتقاب لباس الوجه ، ولم ينه عن تغطية الوجه؛ بل نهى عن الانتقاب ( عن لباس الوجه ) ، فيجوز للمرأة أن تغطي وجهها وهي محرمة ،و لهذا لو أن الإنسان لف على رجليه خرقة فلا يحرم عليه ، لأنها ليست خفاً ، لأنالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ستر الرِجل بل نهى عن لبس الخف ، وفرقٌ بينالأمرين .
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تنتقب المرأة أي تلبسالنقاب ، فإنه لا يلزم من ذلك أن تُنهى عن ستر الوجه )
وقال الإمامالشافعي في الأم [ 2/280 ] :
( .. و يكون للمرأة إذا كانت بارزة تريد الستر منالناس أن ترخي جلبابها أو بعض خمارها أو غير ذلك من ثيابها من فوق رأسها ، وتجافيهعن وجهها حتى تغطي وجهها متجافياً كالستر على وجهها ، ولا يكون لها أن تنتقب )
و ملخص المذاهب الأربعة في هذه المسألة :
[1] يحرم عليها الانتقابأو التلثم بالاتفاق .
[2] و الحنفية و الشافعية يجيزون سدل المرأة ثوباً علىوجهها مع المجافاة عن الوجه بخشبة أو نحوه ! سواء أكان هناك حاجة لهذا أم لم يكن ،و إن مسّ وجهها فعليها دم ، و إلا فلا !!
[3] و يرى المالكية أن ستر الوجه عندالفتنة مباح للمحرمة ، بلا غرز للساتر كإبرة أو دبوس ، ودون أن تربطه على رأسها . ( الشرح الصغير )
[4] يرى الحنابلة وجوب ستر وجه المحرمة إذا مرّ أجنبي سدلاً دونانتقاب ( المغني )
و الله أعلم
و هو الموفق لا رب سواه
الروابط المفضلة