[دورة: كيفية الإيمان بالقدر]
الدرس: الثاني
س162: ما مذهب أهل السنة في أفعال العباد ؟ مع الدليل ؟
* * *ج162: مذهب أهل السنة في ذلك هو أنها داخلة في عموم قوله تعالى : } الله خالق كل شيء { ، وأفعال العباد من جملة الأشياء ، فهي داخلة في هذا العموم ، ومن أخرجها منه فعليه الدليل ؛ لأن الأصل هو البقاء على العموم حتى يرد الناقل ، فأفعال العباد كلها من الطاعات والمعاصي داخلة في خلق الله تعالى وقضائه وقدره ، فقد علم الله تعالى ما سيخلقه في عباده وعلم ما هم فاعلون وكتب ذلك في اللوح المحفوظ وخلقهم الله كما شاء ، ومضى فيهم قدره ، فهم يعملون على وفق ما سبق به العلم والقدر والكتابة ، فأفعال العباد خلقًا وإيجادًا وتقديرًا من الله تعالى ، وهي من العباد كسبًا وفعلاً ، فالله تعالى هو الخالق لأفعالهم وهم الفاعلون لها حقيقة ، وعلى ذلك اتفق أهل السنة والجماعة ، وكل ما مضى من الأدلة في المرتبة الرابعة - أعني مرتبة الخلق - دليل على هذا الأمر ، وخصوصًا قوله تعالى : } والله خلقكم وما تعملون { سواءً قلنا إن ( ما ) بمعنى المصدر أي ( والله خلقكم وعملكم ) أو كانت بمعنى ( الذي ) ، فيكون المعنى ( والله خلقكم والذي تعملون ) ، والله أعلم .
س163: من الذي خالف في ذلك ؟ وما الجواب عليهم ؟ج163: خالف في ذلك القدرية الذين يخرجون أفعال العباد عن أن تكون مخلوقة لله تعالى ، ويقولون إن العبد هو الذي يخلق فعله بنفسه ، ويجاب عنهم بعدة وجوه :الأول : أنه مخالف لما أجمع عليه السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل السنة وما خالف إجماع السلف فهو باطل ؛ لأن إجماعهم من سبيلهم وقد قال تعالى : } ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا { .الثاني : أنه مخالف لدلالة الكتاب والسنة ؛ لأن نصوص الوحيين قضت قضاءً جازمًا أن الله تعالى هو خالق الأشياء كلها وأنه لا خالق إلا هو ، وهم يقولون : العبد هو الذي يخلق فعله ، وهذا معارضة ومناقضة للكتاب والسنة ، ومفضٍ إلى تعطيل عموم نصوص خلق الله تعالى لكل شيء وما أفضى إلى تعطيل عموم نصوص خلق الله تعالى لكل شيء وما أفضى إلى ذلك فهو باطل ، فدل ذلك على أنه مذهب باطل كل البطلان .الثالث : إن فيه نوع إشراك في الربوبية ؛ لأن من مقتضيات الإيمان بتوحيد الربوبية الإيمان بعموم خلق الله تعالى لكل شيء ، لا يخرج عن ذلك أي شيء من المخلوقات ، فإذا قالوا : إن العبد هو الذي يخلق فعله فقد أثبتوا مع الله تعالى خالقًا آخر ، وهذا شرك في الربوبية ، وهو تشبه بقول المجوس الذين يقولون : إن للعالم صانعين النور والظلمة ، فالنور خلق الخير ، والظلمة خلقت الشر ، ولذلك فقد ورد في بعض الأحاديث والآثار أن هؤلاء القدرية مجوس هذه الأمة لأنهم يضيفون خلق فعل العبد إليه ويزعمون أنه هو الذي خلقه ، ومذهب يفضي إلى هذه النتيجة الباطلة بالاتفاق فإنه باطل بالاتفاق .* * *الرابع : أن القدرية متناقضون ، فإنهم يزعمون أن القرآن مخلوق استدلالاً بقوله تعالى : } الله خالق كل شيء { ، ويقررون أن هذا العموم لا يمكن أن يخرج عنه شيء ثم هم يخرجون مع عقولهم الجاهلة، وأفهامهم المنكوسة ، فأدخلوا في النص ما لم يدخل فيه بإجماع أهل السنة ، وهذا دليل على أن مبنى قولهم هذا إنما هو التخرص والظنون الكاذبة والشهوات والهوى ، ومذهب بني على هذا فإن حقه الاطراح وعدم الالتفات إليه ، والله أعلم .
الأسئلة التطبيقية:س1: ما الدليل على أن أفعال العباد مخلوقة، وهي من قدر الله تعالى؟س2: كيف الرد على من قال أن أفعال العباد غير مخلوقةوهي من فعل العبد لا قدرا؟ -تعداد نقاط فقط-____________أسئلة الدرس السابق:س1: مامعنى القضاء والقدر؟س2: ما كيفية الإيمان بالقدر، مع الدليل؟________________
"إشراقة"
قال تعالى:ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره منالأمور الممكنة وغير الممكنة. فلا تتمنى النساء خصائص الرجال ولا الرجال خصائص النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيا مجردا لأن هذا هو الحسدبعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها. ولأنه يقتضي السخط علىقدر الله والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل ولا كسب.وإنما المحمود أمران: أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينيةوالدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه ولا على غير ربه. ولهذاقال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا} أي: منأعمالهم المنتجة للمطلوب. {وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} فكلمنهم لا يناله غير ما كسبه وتعب فيه. {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْفَضْلِهِ} أي: من جميع مصالحكم في الدين والدنيا. فهذا كمالالعبد وعنوان سعادته لا من يترك العمل، أو يتكل على نفسه غير مفتقر لربه، أو يجمعبين الأمرين فإن هذا مخذول خاسر.وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}فيعطي من يعلمه أهلا لذلك، ويمنع من يعلمه غير مستحق.من كتاب: "تيسير الكريم الرحمن ،في تفسير كلام المنان"لسعدي
__________________________________________________ ________-
الروابط المفضلة