عواقب المعاصي
ينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر عواقب المعاصي , فإنه ليس بين الآدمي وبين الله تعالى قرابة ولا رحم , وإنما هو قائم بالقسط , حاكم عادل .
وإن كان حلمه يسع الذنوب إلا انه إذا شاء عفا فعفا كل كثيف من الذنوب , وإذا شاء أخذ وأخذ باليسير , فالحذر الحذر .
ولقد رأيت أقواما من المترفين كانوا يتقلبون في الظلم والمعاصي باطنة وظاهرة فتعبوا من حيث لم يحتسبوا .
فقلعت اصولهم . ونقص ما بنوا من قواعد أحكموها لذراريهم .
وماكان ذلك إلا لأنهم أهملوا جانب الحق عز وجل , وظنوا أن ما يفعلونهمن خير يقاوم ما يجري من شر , فمالت سفينة ظنونهم , فدخلها من ماء الكيد ما أغرقهم .
ورأيت أقواما من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عز وجل إليهم في الخلوات .
فمحا محاسن ذكرهم في الخلوات . فكانوا موجودين كالمعدومين , لا حلاوة لرؤيتهم ولا قلب يحن إلى لقائهم .
فالله فالله في مراقبة الحق عز وجل , فإن ميزان عدله تبين فيه الذرة , وجزاؤه مراصد للمخطئ ولو بعد حين .
وربما ظن العاصي إمهاله أنه العفو وإنما هو إمهال , وللذنوب عواقب سيئة .
فالله الله الخلوات الخلوات
البواطن البواطن . النيات النيات .
فإن عليكم من الله عينا ناظرة .
وإياكم والاغترار بحلمه وكرمه , فكم قد استدرج .
وكونوا على مراقبة الخطايا , مجتهدين في محوها .
و ما شئ ينفع كالتضرع مع الحمية عن الخطايا .
ولقد قال بعض المراقبين لله تعالى : قدرت على لذة وليست بكبيرة فنازعتني نفسي إليها , اعتمادا على صغرها , وعظم فضل الله تعالى وكرمه .
فقلت لنفسي إن غلبن هذه فأنت انت وإذا أتيت هذه فمن أنت ؟
وذكرتها حال أقوام كانوا يفسحون لأنفسهم في مسامحة كيف انطوت أذكارهم , وتمكن الإعراض عنهم . فارعوت ورجعت عما همت به , والله الموفق
الروابط المفضلة