ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال : إن هداية الناس ثمرة لانتشار العلم الشرعي
بين الناس ،ولكن من الملاحظ أن الباطل أكثر انتشارا
عبر الصحافة وكافة وسائل الإعلام ومناهج التدريس
فما موقف الدعاة والعلماء من هذا ؟
الجـــواب : هـــذه واقعة منتشرة في الزمان كــلـــه ،
وحكمة أرادها الله سبحانه كمـا قال تعالى ( وَمَا أَكْثَرُ
النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) ويقول سبحانه ( وَإِن
تُطِعْ أَكْثَرَ مَــن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ )
لكن هــذا يختلف ففي بلاد يكثر وفي بلاد يقل ، وفـي
قبيلة يكثر وفي قبيلة يقل . وأما بالنسبة إلـى الدنـيا
فأكثر الخلق على غير الهدى ، ولكــن هــذا يتفاوت
بالنسبة إلى بعض الدول وفي بعض البلاد وبعض
القرى وبعض القبائل .
فالواجب عــلـى أهــل العلم أن ينشطوا وأن لا يكــون
أهل الباطل أنشط منهم . بل يجب أن يكــــونوا أنشط
من أهل الباطل في إظهار الحق والدعوة إليــه أينما
كانـوا : في الطريق وفي السيارة وفي الطائرة وفــي
المركبة الفضائية وفـي بيته وفي أي مكان ، عــليهم
أن ينكروا المنكر بالتـي هي أحسن ، ويعلموا بالتي
هي أحسن ، بالأسلوب الطيب والرفق واللين . يقول
الله عز وجل(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ويقول سبحانه
( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّــنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ
الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) ويقــول النبي صلى الله
عليه وسلم«من دل على خير فله مثل أجر فاعله»
رواه مسلـم ، ويقول صلى الله عليــه وسلــم « إن
الرفق لا يكون فــي شيء إلا زانه ولا ينزع مــن
شيء إلا شانه » رواه مسلم .
فـلا يجــوز لأهـــل العلم السكوت وترك الكلام للفاجر
والمبتدع والجاهل فإن هذا غلط عظيم ، ومن أسباب
انتشار الشــر والبدع واختفاء الخيـــر وقلته وخفاء
السنة . فالواجب عــلـى أهل العلم أن يتكلموا بالحق
ويدعوا إليه وأن ينكروا الباطل ويحذروا منه ،ويجب
أن يكون ذلك عن علم وبصيرة كما قال الله عز وجل
( قُـلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ) وذلك
بعد العناية بأسباب تحصيل العلم من الدراسة عــلى
أهل العلم وسؤالهم عما أشكل وحضور حلقات العلم
والإكثار مـن تلاوة القرآن الكريم وتدبره ، ومراجعة
الأحاديث الصحيحة حتى تستفيد وتنشر العلم كمــــا
أخــذتــه عــن أهلـــه بالدليل مـــع الإخلاص والنية
الصالحة والتواضع ، ويجب أن تحرص عـــلى نشر
العلم بكل نشاط وقوة ، وألا يكون أهل الباطل أنشط
في باطلهم ، وأن تحرص على نفع المسلمين فـي
دينهم ودنياهم .
وهــــذا واجب العلماء شيوخا وشبابا أينما كانوا بأن
ينشروا الحق بالأدلة الشرعية ، ويرغبوا الناس فيه
وينفروهم من الباطل ، ويحذروهم منه ؛ عملا بقوله
عــز وجل ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ) وقــولـــه
سبحانه (وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ
آمَنُـوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ ) هكذا يكون أهل العلم أينما كانوا ، يدعون
إلى الله ويرشدون إلى الخير ،وينصحون لله ولعباده
بالرفق فيمـــا يأمرون به وفيما ينهون عنه وفيــما
يدعون إليـه ، حتى تنجح دعوتهم ، ويفوز الجميع
بالعاقبة الحميدة والسلامة من كيد الأعداء .
والله المستعان .
مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز (ج 6 / ص52)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروابط المفضلة