تفسير السعدى
ومن امتناعهم من قبول أحكام كتابهم وهو التوراة، حتى رفع جبل الطور من فوق رءوسهم وهددوا أنهم إن لم يؤمنوا أسقط عليهم، فقبلوا ذلك على وجه الإغماض والإيمان الشبيه بالإيمان الضروري.
ومن امتناعهم من دخول أبواب القرية التي أمروا بدخولها سجدا مستغفرين، فخالفوا القول والفعل. ومن اعتداء من اعتدى منهم في السبت فعاقبهم الله تلك العقوبة الشنيعة
الطبرى اعتقد انه افضل
القول في تأويل قوله تعالى: {ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم}يعني جل ثناؤه بقوله: {ورفعنا فوقهم الطور} يعني: الجبل، وذلك لما امتنعوا من العمل بما في التوراة، وقبول ما جاءهم به موسى فيها. {بميثاقهم} يعني: بما أعطوا الله الميثاق والعهد: لنعملن بما في التوراة. {وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا} يعني: باب حطة، حين أمروا أن يدخلوا منه سجودا، فدخلوا يزحفون على أستاههم. كما:
8478 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا} قال: كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس.
{وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} يعني بقوله: {لا تعدوا في السبت} لا تتجاوزوا في يوم السبت مأ أبيح لكم إلى ما لم يبح لكم. {وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا لها، وأحل لهم ما وراء ذلك.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أمصار الإسلام: {لا تعدوا في السبت} بتخفيف العين؛ من قول القائل: عدوت في الأمر: إذا تجاوزت الحق فيه، أعدو عدوا وعدوانا وعداء. وقرأ ذلك بعض قراء أهل المدينة: "وقلنا لهم لا تعدوا" بتسكين العين وتشديد الدال والجمع بين ساكنين، بمعنى: "تعتدوا" ثم تدغم التاء في الدال فتصير دالا مشددة مضمومة، كما قرأ من قرأ: {أم من لا يهدي} [يونس: 35] بتسكين الهاء.
وقوله {وأخذنا منهم ميثاقا غليظا} يعني: عهدا مؤكدا شديدا، بأنهم يعملون بما أمرهم الله به وينتهون عما نهاهم الله عنه مما ذكره في هذه الآية ومما في التوراة.
وقد بينا فيما مضى السبب الذي من أجله كانوا أمروا بدخول الباب سجدا، وما كان من أمرهم في ذلك، وخبرهم وقصتهم، وقصة السبت، وما كان اعتداؤهم فيه، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
القرطبى
الآية: 154 {ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا}قوله تعالى: "ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم" أي بسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ منهم، وهو العمل بما في التوراة؛ وقد تقدم رفع الجبل ودخولهم الباب في "البقرة". و"سجدا" نصب على الحال. وقرأ ورش وحده "وقلنا لهم لا تعدوا في السبت" بفتح العين من عدا يعدو عدوا وعدوانا وعدوا وعداء، أي باقتناص الحيتان كما تقدم في "البقرة". والأصل فيه وتعتدوا أدغمت التاء في الدال؛ قال النحاس: ولا يجوز إسكان العين ولا يوصل إلى الجمع بين ساكنين في هذا، والذي يقرأ به إنما يروم الخطأ. "وأخذنا منهم ميثاقا غليظا" يعني العهد الذي أخذ عليهم في التوراة. وقيل: عهد مؤكد باليمين فسمي غليظا لذلك.
نقلتها لك من موقع طريق القران
الروابط المفضلة