ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال : من منطلق حبي لصحابة الرسول صلى الله
عليـه وسلم وابتغاء مرضاة ربي أريد أن أخرج أحـدا
مـن الناس ليؤدي فريضة الحج عن أحــد الصحابة ،
فهــل هذا جائز ؟ وإن أمكن هل لكم بالتكرم بتزويدي
بأسماء صحابة لم يتمكنوا من أداء فريضة الحــج .
أخبَرَني أحد الإخوان بأسماء بعض الصحابة رضوان
الله تعالى عليهم أجمعين ،ولكن كلهم ماتوا قبل سنة
6 للهجرة ، قبـل فرض فريضة الحج . وهـــل ممكن
أن أجعـــل جزءا مـــن مالي وقفاً لوجه الله تعــالــى
للرسول صلى الله عليــه وسلـــم وصحابته الكرام ،
وعن الرسل ؟ ليست رغبتي من فعله سوى ابتغاء
رحمة ربي ، وأن يجمعني مع الرسول صـــلى الله
عليه وسلم في الجنة ، ومع الأنبياء والمرسليـن
وتابعيهم إلى يوم الدين ؟ .
الجواب : الحمد لله
أولا : نسأل الله تعالى أن يزيدك حبا للنبي صــلى الله
عليـه وسلم وأصحابه الكرام ، وأن يكتب لك عظيـــم
الأجر والثواب عليه . واحرص أن يكـون حبك هــــذا
دافعا لك للاقتداء بهـــم واتباعهم . وذلك يقـــتـضــي
مراقبة الله تعـالى في السر والعلن ، وإخلاص القلب
مــــن شوائب الشرك والرياء والحسد والـــعــجـــب
والكبر ، وتذليل النفس لحسن العبودية لله تعالى .
ثانيـا : قد ورد من الأدلة الشرعية ما يدل على جواز
إهداء ثواب بعض القربات إلى الأموات . وقــد سبق
تقرير ذلك في جواب السؤال رقم (12652) .
لكن إهداء ثواب الأعمال إلى النبي صـلى الله عليـــه
وسلم أو إلى صحابته الكرام ليـــس مـن المندوبات
المستحبات ، وذلك لوجوه :
الأول : أننا لم نجد من السلف مَن فعل ذلك وكل خير
فـي اتباع من سلف ، وكل شر في ابتداع من خلف ،
بـل لــم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بأحد مـــن
أصحابه ، فقد ماتت زوجته خديجة وعمه حمزة قبل
فريضة الحج ، ولم ينقل أنه كلَّف من يحج عنهما ،
أو يتصدق عنهما ، وخير الهدي هدي محمد صلى
الله عليه وسلم .
الثانــــي : قد ذكر الله تعالى في سورة الحشر فضيلة
المهاجرين والأنصار ، ثـــم أثنى عــلى مــــن جاؤوا
بعدهم بقوله ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا
اغْفـِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ
فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِــيمٌ )
الحشـر /10 . فلم يذكر شيئا غير الدعاء لهم ، مما
يدل علـى أن الدعاء هو أفضل ما يهدى للمسلــم ،
لا الصلاة ، ولا الصدقة ، ولا الحج ، ولا غير ذلك
من الأعمال .
الثـــالــث : أن من يهدي الثواب إلى النبي صــلى الله
عليه وسلم لم يستفد شيئاً إلا أنه حرم نفسه من ذلك
الثواب ولم ينفع النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ،
لأنه صلى الله عليه وسلم له مثل ثواب أمته في كل
عمل صالح ، لأنه هو الذي دلهم عليه .
قــال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة له عن إهداء
الثواب إلى النبي صلى الله عليه وسلم (ص/125-126) :
" لم يكــــن من عمل السلف أنهم يصلُّون ويصومون
ويقرؤون القرآن ويهدون للنبي صلى الله عليه وسلم
كذلك لم يكونوا يتصدقون عنه ، ويعتقون عنه ؛ لأن
كل ما يفعله المسلمون فله مثل أجر فعلهم من غير
أن ينقص من أجورهم شيئاً " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (3/213) :
" بعــض المحبِّين للـــرَّسُول عليه الصَّلاةُ والسَّـــلامُ
يهدون إليــه القُرَب ؛ كالختمة والفاتحة عـــلى روح
محمَّد كما يقولون وما أشبه ذلك ، فنقول : هذا من
البدع ومن الضلال .
أسألك أيُّها المُهْدي للرسول عبادة ، هل أنت أشدُّ حُبًّا
للرسول عليـه الصَّلاةُ والسَّلامُ من أبي بكر وعُمــــر
وعُثمان وعليّ ؟ إن قال : نعم ، قلنـا : كذبت ، ثــم
كذبت ، ثم كذبت ، ثم كذبت .
وإن قال : لا ، قلنا : لمـــاذا لم يُهْدِ أبو بكر والخلفاء
بعده للرسول صلى الله عليه وسلــم ختمة ولا فاتحة
ولا غيرها ؟ فهذا بدعة .
ثـم إن عملك الآن وإن لم تُهْدِ ثوابه سيكون للرَّسول
صلى الله عليــه وسلم مثله ، فـــإذا أهديت الثَّوابَ ،
فمعناه أنــك حرمت نفـســك مـــن الثـــواب فــقــط ،
وإلَّا فللرسول صلى الله عليه وسلـــم مثـــل عملك
أهديت أم لم تُهْدِ " انتهى .
وجاء فــي " فتاوى اللجنة الدائمة " (9/58-59 ) :
" لا يجوز إهداء الثواب للرسول صــلـى الله عـليـــه
وسلم ، لا ختم القرآن ولا غيره ؛لأن السلف الصالح
مــن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم لم يفعلوا
ذلك ، والعبادات توقيفية ، وقــد قــــال عليه الصلاة
والسلام ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
وهـو صلى الله عليه وسلم له مثل أجور أمته فـــي
كـل عمل صالح تعمله ؛ لأنه هو الذي دعاها إلـــى
ذلك ، وأرشدها إليه ، وقـــد صح عنــه صــلى الله
عليه وسلم أنـــه قــال ( من دل على خير فله مثل
أجر فاعله ) " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم (52772) .
موقع الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروابط المفضلة