المصيبة في الدين أعظم المصائب
إن من أعظم المصائب وأعظم الابتلاءات ، أن يبتلي الإنسان في دينه
المصيبة في الدين أعظم المصائب

،فإذا أصيب الإنسان في دينه بانحراف أو شبهة أو شهوة فذلك أعظم المصائب التي تحصلللإنسان في هذه الدنيا ،
إنها خسارة الدنيا ، وخسارةالآخرة.
لأن المصيبة في الدين توجب لصاحبها الهلاك في الآخرةلذلك لذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِىدِينِنَا , وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ,
وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا , وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَيَرْحَمُنَا. ( أَخْرَجَهُ الترمذي )
والمصيبة في الدين هي نهاية الخسران الذي لا ربح فيه، والحرمان للذيلا طمع معه.
كل المصيبات إن جلت وإن عظمت * * * إلا المصيبات في دين الفتى جللُ
ومن المصائب في الدين :
(1) الانغماس في الشركيات والبدع .

قال الله تعالى { حُنَفَاءَلِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّمِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍسَحِيقٍ )سورة الحج (31)

فمن أشرك بالله فقد أهلك نفسهإهلاكا ليس بعده نهاية , ومن ابتدع في دينه بتعليق التمائم , وقراءة الطالعوالنجوموإتيان السحرةوالكهنة والعرافين،
والتعلق بالأولياء والصالحينمن دون رب العالمين، وغير ذلك من أنواع المعاصي فقد أوجب على نفسه الخسران والبواروغضب الجبار ودخول النار .
فمن أصيب في دينه بشرك أو بدعة أو كبيرة فقد ضاع من دينه ودنياه بقدرما أصيب. وأما من أصيب في دنياه بخوف أو جوع أو فقر أو غير ذلك فقد نقص من دنياه ماكتب له،
ثم إن هو صبر ورضي عوّضه الله خيرا منه .

(2) ترك العبادات والإقبال على المعاصي والشهوات .

من مصائب الدين أن يترك المسلم العبادات التي شرعها رب البريات , ويقبل على الملذات والمعاصي والشهوات . فترك الصلاة عموماً من أكبر المصائب ,
وترك صلاة الجماعة خصوصاً من أعظم المصائب . روى مسلم في صحيحهأن رجلاً أعمى قال : يا رسول الله ، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسولالله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له ،
فلماّ ولىّ دعاه فقال : " هلتسمع النداء ؟ قال : نعم ، قال : فأجب " وفي رواية قال : " لا أجد لك رخصة " .
ليس المصاب من فقد الأحباب إنما المصاب من حرم الثواب.

والتابعي الجليل عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة المنورة رحمه اللهتعالى عندما أرادوا أن يقطعوا رجله ... طلبوا منه أن يتعاطى مخدراً حتى لا يشعربالألم ومعلوم أن ذلك
يجوز للضرورة ولكنه أبى ذلكورعاً منه وتقوى وقال لهم: أعوذ بالله أن أستعين بمعصية الله على ما أرجوه منالعافية إنه لا يريد أن يغفل عن الله تعالى قال لهم:
دعوني أصلي ثم افعلوا ما بدا لكم وحقاً فإنه كبر ودخل في الصلاةوبتروا ساقه بمنشار ثم وضعوا رجله في زيت مغلي حتى ينقطع الدم وهو يصلي ثم أغميعليه فلما أفاق قال لهم: قربوا لي ساقي فأخذ يقلبهاويقول:
الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصيته ما مشيت بك إلاإلى المساجد في الظلم وزيارة الإخوان والأرحام ثم قال: الحمد لله على كل حال لئنأخذ الله فكثيراً ما أعطى ولئن ابتلى فكثيراً ما عافى.

فمن مصائب الدين الإقبال على المعاصي وإلفها , بل والتفاخر والمجاهرةبها . قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" كل أمتي معافى إلاالمجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملا، ثم يصبح قد ستره ربه،فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة كذا وكذا،وقد بات يستره ربه فللذنوب والمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدنفي الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله ، ويصبح يكشف ستر الله عنه "متفق عليه
(3) عدم استغلال مواسم الطاعات .

روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : " افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمتهيصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم" (البيهقي

فمن أعظم مصائب الدين أن تدخل على المسلم مواسم الطاعات فلا يستغلهافي طاعة الله , فيدخل عليه شهر رمضان فلا يصوم ولا يقوم ,
ويأتي عليه موسم الحج وهو المستطيع القادر فيتعلل ولا يحج , عن النبيصلى الله عليه وسلم قال :
) ما من أيام العمل الصالحفيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) أخرجهالبخاري
كما هناك من يحين عليهم موعد الزكاة فيسوف ويتهرب , وهكذا دأبه , وذلكدربه .
قال صلى الله عليه و سلم : " ينزل الله تعالى في كلليلة إلى السماء الدنيا، فيقول : أنا الملك أنا الملك ثلاثا. من يسألني فأعطيه؟ منيدعوني فأستجيب له؟
من يستغفرني فاغفر له؟ فلايزال كذلك حتى يطلع الفجر " أخرجه أحمد وقال صلى الله عليه و
سلم : "إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلميسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه" ( رواه أحمد(


(4) الجزع من مصائب الدنيا .

الصبر هو : خلق فاضل من أخلاق النفس يمنع به من فعل مالا يحسن و لايجمل و هو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها و قوام أمرها .
قال سعيد بن جبير : الصبر اعتراف العبد لله بما أصابه منه و احتسابهعند الله و رجاء ثوابه و قد يجزع الرجل و هو متجلد لا يرى منه إلا الصبر.
وأكمل المؤمنين من جمع بين الصبر على المصيبة والرضا عن الله جل وعلاوطمأنينة النفس بذلك، يرجو ما عند الله من الثواب الذي وعد به الصابرين الصادقين،
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10].

قال منصورٌ بن عمار : " من جزع من مصائب الدُّنيا، تحوّلت مصيبتُه فيدينه "طبقات الأولياء
فالجزع من مصائب الدنيا فيه اعتراض وتسخط على قضاء الله وقدره وذلكمن أعظم المصائب في الدين ؛ لأنه يشكو الرحيم إلى من لا يرحم .
أوحى الله تعالى إلى عزير : إذا نزلت بك بليةٌ لا تشكني إلى خلقي كمالم أشكك إلى ملائكتي عند صعود مساوئك إلي ،
وإذا أذنبت ذنباً فلا تنظر إلى صغره ، ولكن انظر من أهديته إليه .
يقول أحد العلماء الكرام : الجاهل يشكو الله إلى الناس وهذا غايةالجهل بالمَشكُو والمَشكُو إليه ، المَشكُو كامل كمالاً مطلقاً ، والمشكو إليه ناقصوضعيف ،
شكوت الذي يرحم إلى الذي لا يرحم ، شكوت الكامل إلىالناقص ، شكوت الغني إلى الفقير ، شكوت القوي إلى الضعيف .
فراجع نفسك – أيها الحبيب – وتأمل قلبك وفكر في أعمالك , وإياك أنتكون مصيبتك من أعظم المصائب , إياك أن تكون مصيبتك في دينك .

للامانة منقول للفائدة