انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 3 من 3

الموضوع: كيف نحقق الاخلاص لله تعالى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الموقع
    السعودية
    الردود
    46
    الجنس
    أنثى

    كيف نحقق الاخلاص لله تعالى

    إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنَّه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    ثم أمَّا بعد:

    فإنَّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمَّد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

    قال تعالى : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء )) [ البينة /5 ] .

    قال بعض السلف : أعز شيئ في الدنيا الإخلاص ، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي ، وكأنه ينبت فيه على لون آخر.

    وكان من دعائهم : اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه ، واستغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أف لك به ، واستغفرك مما زعمت أنى أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمت .

    ومن أجل تلك العزة والندرة للإخلاص كان هذا اللقاء اليوم حول إخلاص النية في طلب العلم وأسسها وكيفيتها ومعوقاتها و .. و ... ! .

    ولنشرع الآن بالمقصود :

    أولاً ــ حقيقة الإخلاص :

    بعض الناس يسمع بالإخلاص ، فيظن أنَّ الإخلاص أن يقول : نويت أتعلم لله ، أو مثل ذلك ، وما مثله إلا كمثل رجل جائع ، وأمامه طعام ، وهو يقول : نويت أن آكل . فهل بهذا شبع ؟!! أو مثل رجل عطش فقال : نويت أن أرتوي ، فهل بهذا ارتواء ؟!! لا والله ، بل الإخلاص شيء آخر .

    الإخلاص : انبعاث القلب إلى جهة المطلوب التماسًا .

    وقال بعضهم : الإخلاص تغميض عين القلب عن الالتفات إلى سوى الله تعالى .

    وقيل : الإخلاص سر بين الله وبين العبد ، لا يعلمه ملك فيكتبه ، ولا شيطان فيفسده ، ولا هوى فيميله .

    فالإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين ، فمتى أفردت ربك بالطاعة ، ونسيت رؤية الخلق بدوام نظرك إلى الخالق ، فقد تحقق لك الإخلاص .

    روى الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان برقم ( 54 ) فقال : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ .

    ثانياً ــ لماذا نتعلم ؟ لماذا نتفقه ؟ لماذا نطلب العلم ؟

    العلم عبادة من العبادات ، وقربة من القرب ، فإنْ خلصت فيه النية قُبِل وزكا ، ونمت بركته ، وإن قصد به غير وجه الله تعالى حبط وضاع ، وخسرت صفقته .

    روى الإمام الترمذي في جامعه برقم ( 2654 ) فقال : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِسْحَقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ .

    وعند ابن ماجه برقم ( 253 ) قال : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَبُو كَرِبٍ الْأَزْدِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ . [ وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (6158)].

    فهذا الحديث الخطير قاضٍ بأنَّ على طالب العلم أن يصحح نيته في طلبه ، فلا يكون إلا لله وحده ، يبتغى عنده الرضوان ، ويرجو لديه الثواب ، لا ليرتفع به في أعين الناس ، ويعلو به فوق أعناقهم .

    ثالثاً ــ كيفية طلب العلم :

    لطلب العلم وسيلتان :

    1 ــ الكتـــــاب :

    فهو العمود الفقري لكل طالب علم، والوسيلة الأساسية في الطلب.

    وللكتاب آداب يجب على طالب العلم الإحاطة بها ، ولعلنا نتحدث عنها في لقاء آخر .

    2 ــ الشــــيـخ :

    وما أدراك ما الشيخ؟!! فهو كالماء البارد للظمآن، وطوق النجاة للغرقان. ولا يصح طلب علم بدونه، وقديما قيل: (من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه).

    غير أنه يمكن لطالب العلم في المراحل المتقدمة أن يعتمد على نفسه في التلقي من الكتاب ؛ لأنه في نظري امتلك مفاتيح العلوم الأساسية، ومن الأفضل لو كان له أحد المشايخ يوده بصورة مستمرة يستشيره ويستوضحه فيما أشكل عليه، والله أعلم.

    وينبغي لطالب العلم أن يختار من الشيوخ الأعلم والأورع والأتقى، لأنه كما قال ابن سيرين ومالك وغيرهما: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم).
    آخر مرة عدل بواسطة هتون من سحابه* : 24-02-2010 في 08:54 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الموقع
    السعودية
    الردود
    46
    الجنس
    أنثى
    رابعاً: كيف تدخل هذه الأمراض الي القلوب؟
    السبب الحقيقي وراء دخول الأمراض ــ السابقة الذكر ــ على القلوب هو الداء العضال والمرض الخطير ،ألا وهو الجهل ، نعم فلقد أُتِىَ المعجب من جهله ، ونعوذ بالله من الجهل وأهله .

    ويرحم الله علماء السلف فقد كانوا أعلم الناس بأسباب النجاة :
    يقول أبو الحسن الماوردى : " وقلما تجد بالعلم معجباً ، وبما أدرك مفتخراً ، إلا من كان فيه مقلاً مقصراً ؛ لأنه قد يجهل قدره ، ويحسب أنه نال بالدخول فيه أكثره. ، فأما من كان فيه متوجهاً ، ومنه مستكثراً ، فهو يعلم من بعد غايته والعجز عن إدراك نهايته ما يصده عن العجب به . [أدب الدنيا والدين ص(81)]
    وقد قال الشعبي : العلم ثلاثة أشبار: فمن نال شبراً منه شمخ بأنفه ، وظن أنَّه ناله ، ومن نال منه الشبر الثاني صغرت إليه نفسه ، وعلم أن لم ينله ، وأما الشبر الثالث فهيهات لا يناله أحداً أبداً .


    خامساً ــ كيف أخلص ؟
    قيل لسهل التستري ـ رحمه الله ـ : أي شيء أشد على النفس ؟!!
    قال : الإخلاص إذ ليس لها فيه نصيب. .
    فالنفس تحب الظهور والمدح والرياسة ، وتميل إلى البطالة والكسل ، وزينت لها الشهوات ولذلك قيل : تخليص النيات على العمال أشد عليهم من جميع الأعمال .
    وقال بعضهم : إخلاص ساعة نجاة الأبد ، ولكن الإخلاص عزيز .
    وقال بعضهم لنفسه : اخلصي تتخلصي .
    وقال : طوبى لمن صحت له خطوة لم يرد بها إلا وجه الله .
    كان سفيان الثوري يقول : قالت لي والدتي : يا بُني لا تتعلم العلم إلا إذا نويت العمل به ، وإلا فهو وبال عليك يوم القيامة .
    وقد قيل لذي النون المصري ـ رحمه الله تعالى ـ : متى يعلم العبد أنه من المخلصين ؟
    فقال: إذا بذل المجهود في الطاعة ، وأحب سقوط المنزلة عند الناس .
    وقيل ليحيى بن معاذ ـ رحمه الله تعالى ـ : متى يكون العبد مخلصاً ؟
    فقال : إذا صار خلقه كخلق الرضيع ، لا يبالي من مدحه أو ذمه .
    وأمَّا الزهد في الثناء والمدح ، فيسهله عليك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين ، ويضر ذمه ويشين ، إلا الله وحده .
    فازهد في مدح من لا يزينك مدحه ، وفي ذم من لا يشينك ذمه ، وارغب في مدح مَن كل الزين في مدحه، وكل الشين في ذمه ، ولن يُقدَر على ذلك إلا بالصبر واليقين ، فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البر في غير مركب .
    قال تعالى : (( فاصبر إنَّ وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )) [ الروم / 60 ] وقال تعالى : (( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ))[ السجدة/24 ]

    سادساً ــ معوقات الإخلاص وعلاجها :
    الطمع : وعلاجه اليأس مما في أيدي الناس ، وتعلق القلب بالله والرغبة فيما عنده .
    2) حب المدح : وعلاجه علمك أنَّ الممدوح حقًا من رضي الله عنه وأحبه ، وإنْ ذمَّه الناس .
    وقال آخر : لن يكون العبد من المتقين حتى يستوي عنده المادح والذام .
    3) الرياء :
    فعلى طالب الإخلاص أن يعلم أنَّ الخلق لا ينفعونه ولا يضرونه حقيقة ، فلا يتشاغل بمراعاتهم ، فيتعب نفسه ، ويضر دينه ، ويحبط عمله كله ، ويرتكب سخط الله تعالى ، ويفوت رضاه ، واعلم أنَّ قلب من ترائيه بيد من تعصيه .
    4) العجب :
    وطريقة نفي الإعجاب أن يعلم أنَّ العمل فضل من الله تعالى عليه ، وأنه معه عارية ، فإنَّ لله ما أخذ ، ولله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فينبغي ألا يعجب بشيء لم يخترعه ، وليس ملكاً له ، ولا هو على يقين من دوامه .
    5) احتقار الآخرين واستصغارهم وازدرائهم :
    وطريقة نفي الاحتقار التأدب بما أدبنا الله تعالى به . قال تعالى : " فلا تزكوا أنفسكم " [ النجم/ 32 ] . وقال تعالى : " إنَّ أكرمكم عند الله اتقاكم" [الحجرات/13] ، فربما كان هذا الذي يراه دونه أتقى لله تعالى ، وأطهر قلباً ، وأخلص نية ، وأزكى عملاً ، ثم إنه لا يعلم ماذا يختم له به .

    خاتمة ( النصيحة ) :
    وفي الختام لا يفوتنا هنا التنبيه على أنه لا ينبغي لطالب العلم أن ينقطع عن الطلب لعدم خلوص نيته ، فإن حسن النية مرجو له ببركة العلم .

    قال كثير من السلف : طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله .
    وقال غيره : طلبنا العلم وما لنا فيه كبير نية ، ثم رزقنا الله النية بعد .أي فكان عاقبته أن صار لله. .
    قيل للإمام أحمد بن حنبل : إن قوماً يكتبون الحديث ، ولا يُرى أثره عليهم ، وليس لهم وقار .
    فقال : يؤولون في الحديث إلى خير .
    وقال حبيب بن أبى ثابت : طلبنا هذا العلم ، وما لنا فيه نية ، ثم جاءت النيةُ والعملُ بعد .
    فالعبد ينبغي عليه ألا يستسلم ، بل يحاول معالجة نيته ، وإن كانت المعالجة شديدة في أول الأمر.
    يقول سفيان الثورى : ما عالجت شيئاً أشد علىَّ من نيتي
    فعلى طالب العلم أن يحسِّن نيته ، ويحرر الإخلاص ، ويجرد التوحيد .
    فمن أخلص في طلب العلم نيته ، وجدد للصبر عليه عزيمته ، كان جديراً أن ينال منه بُغيتَه .
    هذه بعض النصائح ألقيت بها بينكم لعلها تجد من يصغي إليها، و أنا أشد الناس حاجة إليها، فأسأل الله تعالى أن يعيننا على القيام بها، وأن ينفعنا بما علمنا، ويجعله حجة لنا لا علينا. فهذا جهد المقل ، أحسب أني بذلت طاقتي ، ولا أدعي العصمة ، وإنما كتبتها نصيحة، فإن وجد أحد فيها خيرا فليدعو الله لي بالهداية، ومن وجد غير ذلك فليعذرني فما أردت جاها ولا مالا إن إريد إلا الإصلاح .

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الموقع
    السعودية
    الردود
    46
    الجنس
    أنثى
    الاخلاص لله تعالي في طلب العلم
    قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من خلصت نيته في الحق ، ولو على نفسه ، كفاه الله ما بينه وبين الناس ، ومن تزين بما ليس فيه شانه الله .

    ورحم الله سلفنا الصالح إذ كانوا :
    كان الحسن البصري كثيرًا ما يعاتب نفسه ويوبخها فيقول : تتكلمين بكلام الصالحين القانتين العابدين ، وتفعلين فعل الفاسقين المنافقين المرائين ، والله ما هذه صفات المخلصين .

    كان سفيان الثوري يقول : كل شئ أظهرته من عملي فلا أعده شيئاً ؛ لعجز أمثالنا عن الإخلاص إذا رآه الناس .

    قال بعض السلف : أعز شيئ في الدنيا الإخلاص ، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي ، وكأنه ينبت فيه على لون آخر.

    وكان من دعائهم : اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه ، واستغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أف لك به ، واستغفرك مما زعمت أنى أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمت .

    وكان الفضيل بن عياض يقول : إذا كان الله يسأل الصادقين عن صدقهم ، مثل إسماعيل وعيسى عليهما السلام ، فكيف بالكاذبين أمثالنا ؟!!

    وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى : من أراد أن يأكل الخبز بالعلم فلتبك عليه البواكي .

    وقال الذهبي ـ رحمه الله ـ : ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد ، فإن أعجبه كلامه فليصمت ، وإن أعجبه الصمت فلينطق ، ولا يفتر عن محاسبة نفسه فإنها تحب الظهور والثناء .

    وفي ترجمة هشام الدستوائي في كتاب (سير أعلام النبلاء ) قال عون بن عمارة : سمعت هشاما الدستوائي يقول : والله ما أستطيع أن أقول أنِّي ذهبت يومًا قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل .

    وعلق الإمام الذهبي على كلام الدستوائي فقال : والله ولا أنا ، فقد كان السلف يطلبون العلم لله فنبلوا ، وصاروا أئمة يقتدى بهم ، وطلبه قوم منهم أولا لا لله ، وحصلوه ثم استفاقوا ، وحاسبوا أنفسهم ، فجرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق .

    كما قال مجاهد وغيره : طلبنا هذا العلم ، وما لنا فيه كبير نية ، ثم رزقنا الله النية بعدُ .

    وبعضهم يقول : طلبنا هذا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله .

    فهذا أيضًا حسن ، ثم نشروه بنية صالحة .
    وقوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا ، وليثنى عليهم ، فلهم ما نووا .

    قال صلى الله عليه وسلم : من غزا ينوي عقالاً فله ما نوى .[ أخرجه الإمام أحمد (5/315) والنسائي (6/24) والحاكم في المستدرك (2/109)،وصححه الألباني في صحيح الجامع (6401)] .


    وترى هذا الضرب لم يستضيئوا بنور العلم ، ولا لهم وقع في النفوس ، ولا لعلمهم كبير نتيجة من العمل ، وإنما العالم من يخشى الله تعالى .

    وقوم نالوا العلم ، وولوا به المناصب فظلموا ، وتركوا التقيد بالعلم ، وركبوا الكبائر والفواحش فتبًا لهم ، فما هؤلاء بعلماء !!
    وبعضهم لم يتق الله في علمه ، بل ركب الحيل ، وأفتى بالرخص ، وروى الشاذ من الأخبار.


    وبعضهم اجترأ على الله ، ووضع الأحاديث فهتكه الله ، وذهب علمه ، وصار زاده إلى النار. وهؤلاء الأقسام كلهم رووا من العلم شيئًا كبيرًا ، وتضلعوا منه في الجملة ، فخلف من بعدهم خلف بان نقصهم في العلم والعمل ، وتلاهم قوم انتموا إلى العلم في الظاهر ، ولم يتقنوا منه سوى نزر يسير ، أوهموا به أنهم علماء فضلاء ، ولم يدر في أذهانهم قط أنهم يتقربون به إلى الله ؛ لأنهم ما رأوا شيخًا يقتدى به في العلم ، فصاروا همجًا رعاعًا ، غاية المدرس منهم أنْ يحصل كتبا مثمنة يخزنها ، وينظر فيها يوما ما ، فيصحف ما يورده ، ولا يقرره ، فنسأل الله النجاة والعفو ، كما قال بعضهم : ما أنا عالم ، ولا رأيت عالمًا .[ سير أعلام النبلاء (7/152-153)] .

    قال كثير من السلف : طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله .

    وقال غيره : طلبنا العلم وما لنا فيه كبير نية ، ثم رزقنا الله النية بعد .أي فكان عاقبته أن صار لله. .

    قيل للإمام أحمد بن حنبل : إن قوماً يكتبون الحديث ، ولا يُرى أثره عليهم ، وليس لهم وقار .

    فقال : يؤولون في الحديث إلى خير .

    وقال حبيب بن أبى ثابت : طلبنا هذا العلم ، وما لنا فيه نية ، ثم جاءت النيةُ والعملُ بعد .

    فالعبد ينبغي عليه ألا يستسلم ، بل يحاول معالجة نيته ، وإن كانت المعالجة شديدة في أول الأمر.


    يقول سفيان الثورى : ما عالجت شيئاً أشد علىَّ من نيتي

    وفي ترجمة ابن جريج في كتاب (سير أعلام النبلاء ): قال الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وابن جريج : لمن طلبتم العلم ؟!! كلهم يقول : لنفسي . غير أنَّ ابن جريج فإنَّه قال : طلبته للناس .

    قال الذهبي ـ رحمه الله ـ تعليقًا على هذا الخبر : " قلت : ما أحسن الصدق ، واليوم تسأل الفقيه الغبي لمن طلبت العلم ؟!! " .

    فيبادر ويقول : طلبته لله ، ويكذب إنَّما طلبه للدنيا ، ويا قلة ما عرف منه " أهـ[سير أعلام النبلاء (6 / 328 )] .
    رحمك الله أيها الذهبي ، فماذا كنت تقول لو أدركت بعض ما نحن فيه الآن ؟!! وكأني به قد أبصر عيوبنا في هذا الزمان ، من قلة العلماء ، وعدم وجود المربي الأسوة ، فصار فينا هؤلاء الهمج الرعاع ، دينهم الكذب ، فرحماك ربنا ، وعافيتك أوسع لنا.


    أخرج الإمام البخاري حديثاً برقم ( 100 ) فقال : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ
    حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا قَالَ الْفِرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ .




مواضيع مشابهه

  1. معا نحقق الهدف مع الجــــــــــــــــــــــــــــزء 5 مع احلى جروب
    بواسطة ذكريات الماضى في ركن التغذية والصحة والرجيم
    الردود: 205
    اخر موضوع: 08-10-2009, 06:09 PM
  2. إنظر بتمعن في هذه الصورة ، ودقق النظر
    بواسطة حبيبه اند في ركن المواضيع المكررة
    الردود: 0
    اخر موضوع: 05-10-2009, 11:26 AM
  3. الله يعافيكم وحقق مردكم لا تطنشوني
    بواسطة سحابة جنوبية في ركن الكروشيه والتريكو
    الردود: 10
    اخر موضوع: 24-01-2009, 11:41 AM
  4. اللهم وفق من يساعدني وحقق له ما يريد
    بواسطة سلالة بني تميم في ركن الكمبيوتر والإنترنت والتجارب
    الردود: 2
    اخر موضوع: 11-03-2008, 01:00 AM
  5. كيف نحقق السعادة في حياتنا؟؟؟؟
    بواسطة زوجة ولي الفخر في نافذة إجتماعية
    الردود: 4
    اخر موضوع: 02-11-2007, 12:33 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ