بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمد رسول الله القائل
: { إنما بعثت لأتمّم صالح الأخلاق } السلسلة الصحيحة ... وبعد
فإن للأخلاق الفاضلة شأناً عظيماً
فقد رفع الإسلام من مكانتها , وحثّ عليها , وحضّ أتباعه على التحلي بها .
1. منزلة عالية في حياة الأمم والشعوب , وفي سعادة أفراد المجتمع ورقيّه ؛ لذا كانت من أهم المبادئ التي دعت إليها الرسالات السماوية عامة , ورسالة الإسلام خاصة . 2.إن حسن خلق المؤمن دليل كمال إيمانه , كما أن ضعف خلقه دليل على ضعف إيمانه, يقول : { أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً } رواه الترمذي . 3. والتحلي بالخلق الحسن طريق موصل إلى الجنة , يقول :{ وأكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق } السلسلة الصحيحة . 4. كما أن حسن الخلق يثقل موازين العبد يوم القيامة , فعن أبي الدرداء عن النبي :{ ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق } رواه أبو داود.
وقد كان نبيّنا صلوات الله وسلامه عليه قمة في أخلاقه , وتعامله مع الناس على اختلاف فئاتهم , صغاراً وكباراً , رجالاًً و نساءا مسلمين أو غير مسلمين, لذا امتدحه ربّنا – جل في علاه – في محكم التنزيل بقوله : وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) سورة القلم.
كان قرآناً يمشي على الأرض , مترجِماً لما دعا إليه القرآن من أخلاق وأحكام , وأوامر ونواهي , سئلت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن خلق رسول الله , فقالت للسائل : ألست تقرأ القران ؟ قال : بلى, فقالت : فإن خلق نبي الله كان القرآن } رواه مسلم .
والمؤمن الحق لابدّ أن يتأسى برسول الله ولابدّ أن يوطّن نفسه على التمسك بالخلق الحميد , ويربّيها على ذلك في أفعاله وأقواله طمعاً في محبته وقربه , فإنه يقول:{ إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً} السلسلة الصحيحة وإن من أعظم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام , وحثّ على التمسك بها , الأخلاق التي تُوثّق عرى المجتمع , وتدعو إلى تآلفه وتآزره وتماسكه وترابطه .
فلا سبيل إلى التفكك والتمزق .
ولا مجال للتخاصم والتناحر .
إذا تمسّك بها أبناء الإسلام , والتزموا بها في تعاملهم .
ومن هذه الأخلاق خلق العفو والصفح والتسامح ومغفرة الزلات.
العفو والصفح :-
أخي الحبيب ....
إنّ العفو والصفح من أخلاق الإسلام العظيمة التي دعا وحثّ عليها , يقول تعالى مخاطباً نبيه: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) سورة الأعراف .
فالخير كل الخير في ألاّ نقابل إساءة الناس لنا بإساءتنا لهم , وألاّ نعامل بالمثل من هجرنا وقطع رحمه ومودّته عنّا بل الأولى أن نصلهم , ونرفق بهم , ونراعي أحوالهم ونعفو ونصفح عن زلاّتهم وأخطائهم, فإنّ أفضل الأخلاق أن تصل من قطعك , وتعفو عمّن ظلمك , وتعطي من حرمك .
فالعفو : ترك معاقبة من يستحق العقوبة مع القدرة عليها , وفي الدعاء : (( اللهم إنّا نسألك العفـو والعافية )) أي ترك العقوبة والسلامة (اخرجه ابو داود).
أما الصفح : فهو الإعراض عن ذنب المذنب وعدم مؤاخذته به , وهو أعظم من العفو؛ لأن الصفح فيه تجاوز عن خطأ المخطئ , واعتباره كأن لم يكن .
و(( العَفُوُّ )) من أسماء الله تعالى , يقول عزّ وجل : وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا(99) سورة النساء .أي الذي يتجاوزعن الذنب ويترك العقاب عليه , وهو الذي يمحو السيئات, ويتجاوز عن المعاصي .
قال ابن القيم رحمه الله :- " ومن حكمة الله عز وجل تعريفُه عبدَه أنه لا سبيل له إلى النجاة إلاّ بعفوه ومغفرته – جل وعلا – وأنه رهينٌ بحقه , فإن لم يتغمده بعفوه ومغفرته , وإلاّ فهو من الهالكين لا محالة , فليس أحدٌ من خلقه إلاّ وهو محتاج إلى عفوه ومغفرته كما هو محتاج إلى فضله ورحمته "
الروابط المفضلة