بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

قصة أسر عبد الله بن حذافة السهمي رضي اللع عنه صحيحة و لكن بعض القصاصين يزيد فيها زيادات لا تثبت و هي غير صحيحة .

و هذا نص القصة كما يذكرها أحد القصاصين بدون نقص أو زيادة :

عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه أسير في بلاط ملك الروم

حشد الخليفة خيرة صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في جيوش الفتح التي وجهها إلى الشام .

و من أؤلئك الصحابة الأبرار عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى .

و في إحدى المعارك التي خاضها جيش الإسلام على مشارف ( قيسارية ) تكاثرت من حول عبد الله بن حذافة صناديد الروم فاقتادوه أسيراً إلى معسكرهم ، و جيء به و قد أثقلته القيود بين يدي ملك الروم .

قال الملك و قد عرف مكانة عبد الله في المسلمين : يا عبد الله هل لك أن تتنصر فأقربك مني وأزوجك ابنتي .

فيجيبه الصحابي المؤمن : فإن لم أفعل .

قال الملك : الآن ترى .

و أمر به فصلب و أمر أحد رماته المهرة فرماه بسهمين أحاطا برأسه عن يمين و عن شمال .

ثم اقترب الملك من عبد الله و قال : أفلا تجيبني إلى ما دعوتك فتنجو بنفسك .

فيجيبه عبد الله : فإن لم أفعل .

فيتمعر وجه الملك غضباً و يقول : الآن ترى .

و يأمر بقدر يغلي فيه الماء حتى يفور ، ثم يؤمر بأسير فيقذف في القدر فإذا عظامه تلوح ، ثم يقترب من عبد الله بن حذافة فيقول :

أفلا تجيبني إلى ما دعوتك فتنجو بنفسك .

فيجيبه عبد الله فإن لم أفعل .

فيشتط الغضب بملك الروم و يأمر بقذفه في الماء المغلي فيقتاده الجند فيبكي عبد الله فتنفرج أسارير الملك عن بسمة شامتة و قد ظن أن عبد الله يبكي جزعاً من الموت ، فيصيح الملك في جنده أن يردوه .

و يسأله شامتاً : أما كنت في غنى عن كل هذا لو أنك أجبتني إلى ما عرضته عليك .

فيجيبه الصحابي المؤمن : كأنك أيها الملك ظننتني بكيت جزعاً من الموت ، لا و الله ما بكيت جزعاً من الموت و لكنني تذكرت أن ليس لي إلا نفس واحدة أموت بها هذه الميتة في سبيل الله و قد كنت أتمنى أن تكون لي ألف نفس تموت هذه الميتة في سبيل الله لا كما ظننت .

و يعجب الملك بشجاعة عبد الله و يميل إلى أن يطلق سراحه فيقول له :

أتقبل رأسي و أطلق سراحك .

فيجيب الصحابي المؤمن : لا أفعل .

فيقول الملك : و أطلق معك ثمانين أسيراً من قومك .

و يطرق الصحابي هنيهة ، فلا يرى بأساً أن يقبل رأس ملك الروم إذا كان في ذلك فك أسار إخوانه من الأسرى ، فيقول للملك :

أما هذه فنعم و يتقدم منه و يقبل رأسه .

و يعود عبد الله بن حذافة السهمي و الأسرى إلى المدينة ، فلما رآه عمر بن الخطاب رضي الله عنه احتضنه و قبل رأسه .

و كان أصحاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يمازحون عبد الله فيقولون له : تقبل رأس علج يا عبد الله .

فيجيبهم :

ما ضرني ما فعلت و قد أطلق الله بتلك القبلة ثمانين أسيراً من المسلمين .

رضي الله عن عبد الله بن حذافة و أرضاه. اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت :

للأحاطة و العلم فإن هذه القصة رغم شهرتها في بعض الأشرطة و الكتب إلا إنها غير صحيحة عند علماء الحديث أنظر ما يلي :

1) ضعفها العلامة الألباني في كتابه ( إرواء الغليل ) 8/156ــ 157 رقم الحديث 2515 .

2) ضعفها أيضاُ الشيخ الفاضل مشهور حسن آل سلمان في كتابه ( قصص لا تثبت ) الجزء الثالث 73 ــ 91 القصة الثالثة و العشرون .

و غيرهما من أهل العلم و من أراد المزيد في معرفة من تكلم على هذه القصة فاليراجع كتاب قصص لا تثبت 3 / 76 .

العبرة بصحة الاسناد لا شهرة القصة فكم من حديث مشتهر على الألسن و هو غير صحيح بل أحيان يكون لا أصل له في كتب الرواية كحديث (( خير الأسماء ما عبد و حمد )) .

فائدة : قال الامام ابن سرين رحمه الله : إن هذا العلم دين فأنظروا عمن تأخذون دينكم .

و قال الامام أمير المؤمنين في الحديث عبد الله بن المبارك : الاسناد من الدين و لو لا الاسناد لقال من شاء ما شاء .

و للمزيد من الفائدة في بيان أهمية الدقة في النقل أنظر مقدمة صحيح مسلم

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته