طالما تعجَّبتُ من اسم الله "المتكبر"،وتساءلت :"كيف يكون ربي كاملاً من كل نقص،ثم يكون متكبرا؟؟؟؟!!!"
ولكني لما قرأت الكلمات التالية لفضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي.... ارتحت كثيراً وازددت لله حباً ،و به يقيناً.
فلا بد للإنسان من أن يعرف ربه لأنه إذا عرفه أطاعه، وإذا أطاعه سعد بقربه في الدنيا والآخرة !!!
يقول فضيلة الشيخ:
"إن كلمة ((المتكبر)) إذا أطلقت على إنسان تنفِّر النفس منه ، ولكنها إذا أُطلقت على الله جل جلاله،كانت صفة كمال .
ولكي يتضح الأمر نحن مضطرون لضرب بعض الأمثال:
إذا كان هناك إنسان بحاجة ماسة إلى مئة ألف ليرة ليجري بها عملية جراحية خطيرة ، وهناك ضرورة لإجراءها ،وليس معه المبلغ المطلوب ،فتوجَّه إلى رجل من أقربائه فقال : أمعك هذا المبلغ ؟ قال له : "نعم معي هذا المبلغ" وهو كاذب ، وتوجه إلى إنسان آخر من أقربائه وسأله السؤال نفسه فقال : "نعم معي "وهو صادق ، فالذي قال : نعم معي هذا المبلغ ولا يملكه ،فهو نقص فيه، لانه يدَّعي ما ليس له ، والثاني لو أنه قال لقريبه: لا ليس معي شيء ،وهو معه يعد نقصاً أيضاً لأنه يُنكِر ما له ، فقد كان يجب أن يقول معي هذا المبلغ وخُذ هذا المبلغ .
فالتكبر في الله كمال وفي العبد نقص لأن الله خالق الأكوان،وهو يملكها،و بيده ملكوت كل شيء يقول له:" كُن فيكون" وإليه يُرجع الأمر كله، فلا نهاية لعظمته ولا نهاية لكماله ولا نهاية لعلمه ولا نهاية لقوته ، فإذا تكبر الله سبحانه وتعالى أي عَرَف أنه عظيم !!!
مثال آخر: إذا كنت تحمل أعلى شهادة في اللغة العربية(ولله المثل الأعلى) وجلس إلى جانبك إنسان يحمل الإعدادية وقرأ النص أمامك اكتشفتَ في قراءته أغلاط كثيرة ، وأنت ((مهما كنت متواضعا)) ألا تعرف أنك في اختصاصك متفوق وتحمل الدرجة العلمية وأن هذه القراءة كلها أغلاط ؟ نعم .إذن الله تعالى يعرف قدر نفسه لذا كان من صفات كماله أن يكون كبيرا أو متكبرا!!
فإذا قال الجبان : أنا شجاع فهذه صفة نقص في حقه ،وغذا قال الشجاع أنا جبان فهذه صفة نقص في حقه أيضاً.
وإذا قال الجاهل : أنا عالم فهذا نقص في حقه ، أما إذا قال العالم : أنا عالم وسأجيبك عن سؤالك رحمة بك ،فهذا كمال !!! وإذا قال الشجاع : أنا شجاع وسأدافع عنك هذا كمال!! وإذا قال الكريم : أنا كريم وخُذ ،فهذا كمال!!!
فالله متكبر أي أنه كبير ليس لكبريائه نهاية وهو عظيم ليس لعظمته غاية ، هذا هو المعنى الثاني من معاني المتكبر .
والمعنى الثالث : المتكبر هو الذي تكبَّر عن ظلم العباد والمتكبر هو الذي انفرد بالكبرياء والملكوت وتوحَّد بالعظمة والجبروت والمتكبر هو الذي بيده الإحسان ومنه الغفران والمتكبر الذي ليس لمُلكه زوال ولا لعظمته انتقال... فمن معاني المتكبر :العظيم ذو الكبرياء وأصل التكبر الامتناع وعدم الانقياد ، فالله سبحانه وتعالى طليق الإرادة ، والمتكبر هو الذي تكبر عن كل نقص وترفع عن كل نقص وتعظم عن كل ما لا يليق به فهو المتعالي عن صفات خلقه، الكامل في ذاته ، وفي صفاته ،وفي أفعاله
: وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل
" أُحب ثلاثاً وحبي لثلاثٍ أشد ، أحب الطائعين وحبي للشاب الطائع أشد، وأحب المتواضعين وحبي للغني المتواضع أشد ، وأحب الكرماء وحبي للفقير الكريم أشد ...وأبغض ثلاث وبغضي لثلاث أشد ، أبغض العُصاة وبغضي للشيخ العاصي أشد ، وأبغض المتكبرين وبغضي للفقير المتكبر أشد ، وأبغض البخلاء وبغضي للغني البخيل أشد " .
و النبي عليه الصلاة والسلام يقول :-كما جاء في صحيح مسلم:
" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر " صحيح مسلم
لماذا ؟ لأن الكِبر يتناقض مع العبودية لله عز وجل ، أنت عبد وهو رب فإذا نازعتَه رداءه وإزاره قصَمك ولا يبالي كما ورد فيسنن ابن ماجه من الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم: " مَن تواضع لله درجة رفعه الله درجة حتى يجعله في علِّيين ومن تكبر على الله درجة وضعه الله درجة حتى يجعله في أسفل سافلين "
أنظر إلى النبي عليه الصلاة والسلام-وهو أكرم الخَلق على الله - حينما دخل مكة دخلها مُطَئطِئ الرأس حتى كادت عمامته تلامس عنق بعيره تواضعا لله عز وجل !!!!
وذات يوم دخل عليه رجل أخذته رعدة فقال :له صلى الله عليه وسلم: " هوِّن عليك ياأخي إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة " .
فإن تكبر الله عز وجل ورفعته وعلاه ومجده وثناؤه وعلوُّه وبهاؤه كل ذلك إخبار عن إستحقاقه لنعوت الجلال وتنزُّهه عن النقائص والآفات .

ولا يعرف معنى المتكبر إلا مَن تفكر في خَلْق هذا المتكبر، وأضرب مثلاً بسيطاً: مَن منَّا يصدق أن الإنسان إذا ذهب إلى القطب المتجمد الشمالي حيث الحرارة سبعين تحت الصفر بإمكانه أن يرتدي معطفا جيدا وأن يضع الأشياء التي تقيه البرد وليس بإمكانه أن يغطي عينيه؟ فإذا لامس الهواء الخارجي ماء العين تجمد ، من وضع في ماء العين مادة مضادة للتجمد ؟ لأنه هو المتكبر لم ينس هذ ا الأمر ، ولولا هذه المادة فإن الإنسان إذا عاش هناك يفقد بصره فورا!!!!!
مثل آخر: مَن منا يصدق أن في دماغ الإنسان جهاز بالغ التعقيد يحسب تفاضل وصول الصوتين إلى الأذنين ، يصل الصوت إلى الأذن اليمين إذا كان الصوت من اليمين قبل الأذن اليسار بـواحد على ألف وست مئة وخمسة وعشرين جزءا من الثانية !!!وهذا الجهاز في الدماغ يحسب هذا التفاضل فيعرف الإنسان جهة الصوت ولولا هذا الجهاز لما عرف جهة الصوت أبداً!!!! إذن يحِق له سبحانه أن يكون المتكبر .
مثال ثالث:مَن مِنَّا يصدق أن في الكبد وظائف تزيد عن خمسة آلاف وظيفة وأن الإنسان دون كبد يعيش ثلاث ساعات فقط؟؟!!!!!
إذن فالإنسان محتاج لأن يقول:
ومالي سوى فقري إليك وسيلة فبافتقاري إليك فقري أدفَع
ومالي سوى قرعي لبابك حيلة فإذا رُدِدْت فأي باب أقرع؟؟؟!!!!
فأنت في أعلى درجات العبودية مفتقر إلى الله عز وجل ، وأنت في أَوج قوتك وأوج صحتك وأوج علمك يجب أن تكون مفتقرا إلى الله سبحانه وتعالى .
فإذا أقدمت على عمل فقُل :" اللهم إني تبرَّأتُ من حولي وقوتي والتجأت إلى حولك وقوتك ياذا القوة المتين "
والحمد لله رب العالمين
هذه المقتطفات من شرح اسم الله المتكبر متاحة على الرابط التالي:

http://nabulsi.com/asmaa/names-8.html

سبحان الله وتقدست اسمائه وصفاته

جزاك المولى خير الجزاء

جزانا وإيَّاكِ يا حبيبتي شهد ونفعك بهذا الموضوع،ونفع بك الإسلام،آمين

جزاك الله خير واثابك الجنة .

بارك الله فيك يا أخيه