إتحاف أهل الألباب بمعرفة العقيدة في سؤال وجواب
عقيـدة أهـل السنـة في الأسمـاء والصفـات
الشيـخ / وليـد بن راشـد
***
س207 هل أسماء الله- تعالى- محصورة بعدد معين أم لا ؟ وما الدليل على ذلك ؟؟
ج: القاعدة عند أهل السنة ، والجماعة أن أسماء الله- تعالى- لا تحصر بعدد معين.
والدليل على ذلك ما رواه أحمد ، وابن حبان ، والحاكم بسندٍ صحيح من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه- في حديث الكرب وفيه :
( أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك... ) فهذا الحديث دليل على أن لله أسماء قد استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، فقوله ( استأثرت به ) أي: انفردت بعلمه ، وما استأثر الله به في علم الغيب عنده لا يمكن لأحد حصره ، ولا الإحاطة به . فإن قلت : فماذا تقول في قوله - صلى الله عليه وسلم - ( إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة ) أوليس هذا دليلاً على الحصر؟ وبيان ذلك بضرب مثالين وهما :
الأول : لو قلت لك : إن عندي مائة بيتٍ شعري من حفظها أعطيته ألف ريال ، فهل تفهم من هذا التركيب اللغوي أنه ليس عندي إلا مائة بيت فقط ؟ بالطبع لا . ولكني حصرت هذه المكافأة فيمن حفظ من أبياتي هذا المقدار .
الثاني : لو قلت لك : إن عندي مائة درهم أعددتها للصدقة فهل تفهم من هذا التركيب أنه لا يوجد عندي إلا هذه الدراهم فقط ؟ بالطبع لا. وإنما هذه الدراهم هي المعدة للصدقة فقط ؛ وبناءً عليه نقول : إن الله- تعالى- رتب دخول الجنة على من أحصى من أسمائه هذا المقدار ، فكأنه يقول : إن من أحصى من أسمائي تسعة وتسعين اسماً فله الجنة أي: أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة . وهذا واضح ... ويقال أيضاً : سلمنا أنه يفهم منه الحصر فإن الحديث الثاني ( أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) أفادنا أن ما فهمناه من الحصر ليس مقصوداً ، وفهمنا تابع للأدلة ، لا أن الأدلة موقوفة على فهمنا، فما وافقه منها قبلناه ، وما خالفه رددناه فإن هذا مسلك الهالكين من أهل البدع ، وقد انعقدت قلوبنا على أنه لا تعارض بين نصين صحيحين مطلقاً . والله أعلم.
وقبـل ختـم الجـواب أفيـدك فـائـدتيـن:
الفائدة الأولى : اعلم أن ما ورد – مرفوعاً- من تعداد هذه الأسماء لا يصح ، فقد قال أبو العباس : إن تعينها ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم- باتفاق أهل المعرفة بالحديث ، وقد تتبعها بعض أهل العلم ، والمرجع في ذلك القرآن ، وما صح من السنة . والله أعلم .
الفائدة الثانية : قوله ( من أحصاها ) والمراد بذلك: حفظها لفظاً ، والإيمان بها ، وبما تضمنته من الصفات ، وتمامه: أن يتعبد لله بمقتضاها . والله أعلم .
_______________________________________________
س210 ما حكم السؤال عن كيفية شيءً من صفات الله- تعالى- ولماذا ؟ وكيف الجواب لمن سألنا عن شيءً من ذلك ؟
ج: أقول : السؤال عن كيفية صفات الله محرم ، وجريمة، من إقحام العقل والنفس فيما لا مجال لها فيه ، وهو من زلل القول ، وخطل الفهم الذي ينبغي لصاحبه التوبة النصوح ، والاستغفار الكثير منه ؛ وذلك لأنه مسلك الهالكين من أهل البدع ، ومن أبواب الشر التي لو فتحت لأفسدت على الناس عقيدتهم في ربهم - جل وعلا- ولأنه مخالف لمنهج السلف فإن السلف - رحمهم الله تعالى - لا يعرف عنهم كلمة واحدة في ذلك ؛ ولأنه من الأمور الغيبية التي هي خارجة عن حدود العقل ، وطاقاته فمهما أعملت عقلك في إدراك الكيفية لشيء من صفات الله فلن ترجع إلا بالضلال ، والحيرة ، والتيه ، والشكوك ، والأسئلة الكثيرة ، والإشكالات المحيرة التي لا جواب عنها إلا بردع العقل ، والنفس عن الدخول في ذلك ، فما هلك أهل التمثيل ، والتعطيل إلا لأنهم وضعوا لصفات الله كيفية من عند أنفسهم فرضيها أهل التمثيل فمثلوا ، وأباها أهل التعطيل فعطلوا . فأحذر من سلوك سبيلهم الضال ، وقف حيث وقف السلف في صفات الله العظيم الكبير المتعال ؛ ولأن الكيفية لا تعلم إلا بالرؤية ، أو بمشاهدة النظير ، أو بإخبار الصادق-صلى الله عليه وسلم- عنها ، وكلها منتفية في حق صفات الله- تعالى- وأما الجواب لمن سألنا عن شيء من ذلك فهناك عدة أجوبة :
منها- أن نقول : ما سألت عنه من الصفات معناه معلوم ، وكيفه مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعه . وهذا الجواب صحيح ، سديد باتفاق أهل السنة .
_____________________
الاسئلة التطبيقية:
س1: ما معنى "أحصاها" في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: [إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة]، ؟
س2: هل ممكن أن يتعارض حديثين صحيحين؟وضحي ذلك..
س3: ما سبب هلاك طائفتي: الممثلة والمعطلة؟
**************************
الروابط المفضلة