ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




لا طائفية ولا حزبية يعقد الولاء والبراء عليها :




أهـــل الإسـلام ليس لهــم سمة سوى الإســــلام




والسلام :






فيا طالب العلم - بـارك الله فيــك وفي علمك - ،




اطلب العلم، واطلب العمل ، وادع إلى الله تعالى




على طريقة السلف .






ولا تكـن خراجا ولاجا في الجماعات ، فتخـــرج




مــن السعة إلى القوالب الضيقة ، فالإسلام كلـه




لك جادة ومنهجا ، والمسلمـون جميعهــم هـــم




الجمـاعة ، وإن يـــد الله مـــع الجـمــاعـــة ،




فلا طائفية ولا حزبية في الإسلام .







وأعيذك بالله أن تتصدع فتكون نهابا بين الفرق




والطوائف والمذاهب الباطلة والأحزاب الغالية،




تعقد سلطان الولاء والبراء عليها .






فكن طالب علم على الجادة ، تقفو الأثر، وتتبع




السنن ، تدعو إلــى الله عــلى بصيـرة ، عارفاً




لأهل الفضل فضلهم وسابقتهم .






وإن الحـزبـيـــة ذات المســــارات والقـــوالـــب




المستحدثة التي لم يعهدها السلف مــن أعظــم




العوائق عن العلم ، والتفريق عــن الجماعة ،




فكم أوهنت حبل الاتحاد الإسلامي ، وغشيت




المسلمين بسببها الغواشي .







فاحذر رحمك الله أحزاباً وطوائف طاف طائفها،




ونجم بالشر ناجمها ، فمـا هـي إلا كالميازيب ؛




تجمع الماء كدراً ، وتفرقه هدراً ؛ إلا من رحمه




ربك ،فصار على مثل ما كان عليه النبي صلى




الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم .






قال ابن القيم رحمه الله تعالى عـند علامة أهــل




العبودية : "العلامة الثانية : قوله" ولم ينسبوا




إلى اسم " أي : لـم يشتهروا باسم يعرفون به




عند الناس مــن الأسماء التي صارت أعلاماً




لأهل الطريق .







وأيضاً فإنهم لم يتقيدوا بعمل واحد يجري عليهم




اسمه، فيعرفون به دون غيره من الأعمال؛ فإن




هذا آفة في العبودية، وهي عبودية مقيدة .






وأما العبودية المطلقة؛ فلا يعرف صاحبها باسم




معين مـن معاني أسمائها ؛ فـإنه مجيب لداعيها




عــلى اختلاف أنواعها ، فله مع كل أهل عبودية




نصيب يضرب معهــم بسهـم ؛ فـلا يتقيد برســم




ولا إشارة، ولا اسم ولا بزي، ولا طريق وضعي




اصطلاحي، بل إن سئل عن شيخه؟ قال:الرسول




وعن طريقه ؟ قال: الاتِّباع. وعن خرقته ؟ قال:




لباس التقوى. وعن مذهبه؟ قال: تحكيم السنة.




وعن مقصده ومطلبه ؟ قال ( يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ).




وعن رباطه وعن خانكاه ؟ قال ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ




اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَــا




بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ




عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ ).




وعن نسبه ؟ قال :




أبي الإسلام لا أب لي سواه



إذا افتخـروا بقيس أو تميم







وعن مأكله ومشربه ؟ قال" مالك ولها ؟ معها




حذاؤها وسقاؤها ، ترد الماء، وترعى الشجر،




حتى تلقى ربها ".






واحسرتاه تقضى العمر وانصـرمــت



ساعــاتـه بيــن ذل العـجـز والكســل



والقوم قــد أخــذوا درب النجاة وقــد



ساروا إلى المطلب الأعلى على مهل






ثم قال:"قوله :" أولئك ذخائر الله حيث كانوا"؛




ذخائر الملك : ما يخبأ عنده ،ويذخره لمهماته،




ولا يبذله لكل أحد ؛ وكــذلك ذخيرة الرجـل :




ما يذخره لحوائجه ومهماته .






وهــؤلاء ، لمــا كانــوا مستورين عــن النـــاس




بأسبابهم، غير مشار إليهم، ولا متميزين برسم




دون النـاس ، ولا منتسبين إلــى اسم طريق أو




مذهب أو شيخ أو زي ؛ كانوا بمنزلة الذخائر




المخبوءة .






وهؤلاء أبعد الخلق عــن الآفات ؛ فـــإن الآفات




كلها تحت الرسوم والتقيد بهـا ، ولزوم الطرق




الاصطلاحية، والأوضاع المتداولة الحادثة .





هـذه هي التي قطعت أكثر الخلق عن الله ، وهم




لا يشعرون .






والعجـب أن أهــلهــا هــم المعروفون بالطــلـب




والإرادة، والسير إلى الله، وهم - إلا الواحد بعد




الواحد - المقطوعون عـــن الله بتلك الرسوم




والقيود .






وقد سئــل بعــض الأئمة عــن السنة ؟ فقال :




ما لا اسم له سوى " السنة ".





يعني : أن أهـل السنة ليـــس لهم اسم ينسبون




إليه سواها .







فمن الناس من يتقيد بلباس غيره ،أو بالجلوس




في مكان لا يجلس في غيره، أو مشية لا يمشي




غيرهــا ، أو بزي وهيئة لا يخــرج عنهـما ، أو




عبادة معينة لا يتعبد بغيرها وإن كــانــت أعـلى




منها ، أو شيخ معين لا يلتفت إلـى غيره وإن




كان أقرب إلى الله ورسوله منه .






فهؤلاء كلهــم محجوبون عــن الظفر بالمطلوب




الأعــلى ، مصدودون عنـــه قــد قيدتهم العوائد




والرسوم والأوضاع والاصطلاحات عــن تجريد




المتابعة فأضحوا عنها بمعزل ومنزلتهم منـهــا




أبعد منزل فترى أحدهم يتعبد بالرياضة والخلوة




وتفريغ القلب ويعـد العلم قاطعاً له عن الطريق




فـإذا ذكر لـــه الموالاة فــي الله والمعاداة فيـــه




والأمـر بالمعروف والنهي عـن المنكر عد ذلك




فضولاً وشـراً وإذا رأوا بينهــم مـن يقوم بذلك




أخرجوه مـــن بينهــم وعدوه غيــراً عليهــم ،




فهؤلاء أبعـد الناس عن الله وإن كانوا أكثر




إشارة . والله أعلم .




كتاب : حلية طالب العلم للشيخ بكر أبو زيد



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ