الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
احتفل العالم في الثامن من شهر مارس باليوم العالمي للمرأة.. وتأتي احتفالات هذا العام وسط أحداث عالمية ساخنة يمر بها العالم تلقي الضوء حول استمرار المعاناة العارمة التي تعاني منها المرأة على مستوى العالم وتحديداً المرأة المسلمة التي تواجه القهر والظلم، وتتعرض في بقع عديدة من العالم في فلسطين والعراق والشيشان والبوسنة وكشمير لانتهاكات تفوق الوصف والخيال..
بل إن معدل تلك الانتهاكات تصاعدت بعد أحداث 11 سبتمبر التي غيرت خريطة العالم وجعلت من الهجوم على كل ما هو مسلم شعاراً يرفعه الغرب بدعوى مكافحة الإرهاب..
والسؤال الذي يطرح نفسه :ـ
هل استطاعت الفلسفة الغربية أن تعيد للمرأة كرامتها وتحقق أهدافها وأحلامها وتخفف من معاناتها؟.
وإذا كان عنوان احتفال هذه السنة بهذا اليوم هو عن المرأة الأفغانية..
فهل قدم هذا اليوم لهذه المرأة ما تحتاجه وتطلبه لتكون أكثر رقياً وإنسانية؟..
وهل منحت الحرية الكاملة لتحافظ على عقيدتها ومبادئها، أم نزع الحجاب والقضاء على المعتقدات هو الحرية المعنية لديهم؟.
ثم لنتساءل مرة أخرى هل فشلت هذه الاحتفالات في تحقيق ذلك فشلاً ذريعا حيث أن واقع التجربة يشير إلى أن الحقيقة التي لا تقبل الجدال أو التمحيص أن الإسلام أحدث في تاريخ المرأة أعظم ثورة لم تشهد مثلها من قبله ولن تشهد مثلها إلا في ظله.
وأن الإسلام سبق الإعلان عن حقوق الإنسان في الإقرار بإنسانيتها قبل أوروبا وهو ما أعترف به الغرب نفسه ..
بداية الاحتفال:ـ
في البداية نقلب أوراق الماضي لنتعرف على العام الذي تم فيه تحديد صيغة الاحتفال والمكان الذي نبعت منه الفكرة.. لقد بدأ الاحتفال بهذا اليوم عام 1910 من خلال تجمع ضم نحو مائة سيدة يمثلن 17 دولة في فنلندا احتفاء بقبول ثلاث سيدات كعضوات في البرلمان الفنلندي.. ومثلت هذه الخطوة نقلة نوعية في إرساء قاعدة جيدة لسماع صوت المرأة في برلمانات العالم.
والغريب أن حادثة مقتل حوالي 140 فتاة في حريق بأحد مصانع نيويورك في العام نفسه الذي اختيرت فيه سيدات فنلندا مما أثار قضية كيفية توفير مواصفات الأمن والسلامة في مواقع عمل النساء.
وتوالت الأحداث عاصفة عقب ذلك وبالتحديد في عام 1913 عند مطالبة النساء الروسيات بكامل حقوقهن في العمل بما يساعدهن على إعالة أسرهن في ظل غياب الأزواج الذين غيبهم الموت في الحروب..
ووسط بحر من الاحتجاجات والمظاهرات رضخ قيصر روسيا وأصدر موافقته بالسماح للنساء بالعمل والتصويت في الانتخابات..
وقد صادف ذلك يوم 8 مارس فاحتفلت النساء بالقرار واعتبرن ذلك اليوم وهو الثامن من مارس يوم عيدهن بعد انتزاعهن لحقهن في التعبير.
وكان الانتصار الأكبر عام 1945 حيث اعتمدت الأمم المتحدة عدداً من الجمعيات التي تدعم موقف المرأة عبر بحوث ودراسات وإحصائيات حول أوضاع المرأة في كافة أنحاء العالم بتوفير المساعدة لهن في شتى مجالات الحياة.
وعليه فإن المرأة في عالم اليوم أصبح لها الكلمة المسموعة بعد أن كانت كل الأشياء بالنسبة لها ممنوعة..
ولكن هل يعني الاحتفال بيوم المرأة عالمياً أن معاناة النساء انتهت.. وأن مشاكلهن اختفت... ومتاعبهن انتفت وظروفهن تحسنت.
للأسف.. التقارير تجيب بالنفي القاطع..
بعضاً من البنود الكاذبة لحقوق المرأة:ـ
يأتي اليوم العالمي للمرأة في ظل ظروف غاية في الصعوبة تعاني منها المرأة علي مستوى العالم لما تتعرض له من انتهاكات تتناقض مع اتفاقية جنيف الصادرة يوم 8 يونيو عام 1977م والتي تشير إلى أنه:ـ
1ـ يجب أن تكون النساء موضع احترام خاص.
2ـ أن يتمتعن بالحماية، لا سيما ضد الاغتصاب والإكراه على البغاء وضد أية صورة أخرى من صور خدش الحياء خاصة مع تزايد ظاهرة العنف الجنسي ضد النساء في زمن الحرب، واستخدامه كوسيلة للقتال ترمي إلى التعذيب والإيذاء وانتزاع المعلومات والإهانة والإذلال والترهيب والمعاقبة على أفعال حقيقية أو مزعومة تنسب إلى النساء أو أفراد عائلاتهن.
3ـ القانون الدولي يحظر هتك العرض وجميع أشكال العنف الجنسي التي ترتكب في زمن الحرب واتفاقيات جنيف عام 1949 والبتروكولان الإضافيان 1977 تتضمن مبادئ قانون الحرب وتعتبر تلك الانتهاكات جرائم حرب.
4ـ القانون الدولي يكفل حماية النساء الأسيرات والمحتجزات والمعتقلات خلال النزاعات المسلحة ومعاملتهن معاملة إنسانية.( ألا لعنة الله على الكاذبين)
والنساء يتأثرن بفقدان ذويهن من الرجال حيث ( يضطررن )إلى البحث عن لقمة العيش في مواجهة المستقبل المجهول. كما تحتاج النساء إلى غذاء بالقدر والنوعية الكافية للحفاظ على صحتهن وسلامتهن. وفي حالات النزاعات المسلحة قد لا يتمكن من الحصول على ما يسد الرمق بسبب تدمير المزارع ومرافق إنتاج الغذاء.
وماذا عن ضحايا للعنف من النساء؟
يعتبر العنف المنزلي السبب الرئيس في موت وإصابة النساء على نطاق العالم. وذكرت مصادر الأمم المتحدة المعنية بالمرأة ـ في إحصاءات نشرتها مؤخراً ـ أن هناك فقط واحدة من بين كل مائة امرأة في الولايات المتحدة من النساء اللاتي يتعرضن للضرب والاعتداء بشكل مستمر تقوم بإبلاغ السلطات عمّا تعرضت له، (( وفي كل 9 ثوان تتعرض امرأة للضرب والاعتداء من قبل شريكها في المنزل.))
وقالت : إن 59% من النساء اليابانيات هن ضحايا للعنف المنزلي.
وأوضحت مصادر الأمم المتحدة أن نصف ضحايا جرائم القتل في روسيا هن من النساء ويتم قتلهن بيد شريكهن الذكر.
وأكدت أن امرأة من بين خمسة في الولايات المتحدة تكون ضحية للاغتصاب خلال حياتها، علماً بأن امرأة واحدة يتم اغتصابها كل 3 دقائق.
أما في "مانيلا" فيتم التبليغ في كل يوم عن تعرض امرأة للاغتصاب. وذكرت المصادر أن ثلث النساء في الباربادوس وكندا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج يتم استغلالهن جنسياً خلال مرحلة الطفولة.
وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت تقريراً بعنوان "نساء العالم عام 2000م: نزعات وإحصاءات" تضمن كثيرا من البيانات والمعلومات حول أوضاع النساء في العالم.
كما أصدر صندوق الأمم المتحدة للتنمية للنساء، تقريراً بعنوان "تقدم نساء العالم 2000م". كما صدر تقرير "مناهج الأمم المتحدة للتنمية، تقرير التطوير البشري 2000م"؛ وكلاهما تعرض لأوضاع النساء حول العالم.( فأين حماية المرأة أيها الأفاكون؟)
من عجائب الصدف، أن تكون كلمة الافتتاح في احتفال هذا اليوم لسيدة أمريكا الأولى لورا زوجة الرئيس الأمريكي بوش، سوف تتحدث عن مستقبل المرأة، متجاهلة مأساة عالمية تخطط لها بقسوة ووحشية الإدارة الأمريكية، في الجهة الأخرى من الأرض تكمن حاملات الطائرات ويصطف الجنود والمدرعات وأحدث الآلات الحربية، بانتظار ساعة الانطلاق لشن حرب شاملة على أرض العراق وشعب العراق.. الذي عاش طوال السنوات العشر الماضية وزيادة في محنة من التضييق الاقتصادي و الصحي..
ويدور تساؤل هام والعالم يحتفل بيوم المرأة العالمي ..
هل نجحت الفلسفة الغربية في تحقيق طموحات المرأة والتخفيف من معاناتها؟!
الإجابة تتضح من خلال التجربة ففي الغرب تخضع فلسفة الثورة الأنثوية إلى مراجعة خطيرة شاملة على ضوء تجربة التطبيق العملي، ومحور تلك الفلسفة كما عبرت عنها بتي فريدان في كتابها سر الأنوثة الغامض في عام1963, أن حصر عمل المرأة في البيت وما يتطلبه ذلك من طبخ وحياكة ونظافة, وخدمة زوجها وطاعته والعناية بتربية أطفالها, ضرب من العبودية واستغلال للمرأة وتعويق لقدراتها الفكرية والإبداعية يحولها إلى عالة على الغير وإلى مخلوق سلبي تعس.
واستجاب لهذه الدعوة مئات الألوف من النساء خرجن كأطفال الأسطورة وراء مزمارها, ينشدن السعادة والحرية بعيداً عن مسئولية البيت والزوج والولد.
وبعد سنوات طوال من التجربة المريرة وخيبة الأمل وتحقيق المستحيل, وفقدان مشاعر الأمومة, وتفكك الأسرة وتفشي الطلاق والفساد والعنف والانحلال الخلقي والجريمة والانتحار, يعود الغرب إلي مراجعة حساباته ويبدأ موسم العودة إلى البيت والأسرة لا قهراً ولا إذلالاً ولا تسليماً بتدني المرأة عقلياً وخلقياً ولا إنكاراً لإنسانيتها ودورها في الحياة، ولا رفضاً لحقها في الاختيار وفقد خصوصيتها وظروفها بل عن قناعة رسختها التجربة. وخرجت أفلام سينمائية تليفزيونية أبرزها زوجة الأب والشيء الحقيقي الوحيد وكلها تمجد دور المرأة كأم وربة أسرة.
وبرزت كاتبات شهيرات منهن كارولين جراقليا, ودانييل كريتندال يهاجمن الحركة الأنثوية, ويؤكدن أن استرجال المرأة لم يؤد بها إلا إلى التعاسة واليأس, وأنهن لن يحققن طبيعتهن وتطلعاتهن إلا من خلال رعاية أطفالهن وربط أسرهن, والعودة إلي البيت لا تقلل من شأنهن ولا تحرمهن حقاً دستورياً أو قانونياً من دون الرجل.(لها أون لاين)
ويتبع بإذن الله ....
الروابط المفضلة