ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قـال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"لا حسد
إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على
هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة، فهو
يقضي بها، ويعلّمها " متفق عليه.
الحـسد نوعان : نوع محرم مذموم عــلى كل
حــال ، وهو أن يتمنى زوال نعمة الله عــــن
العـبد - دينية أو دنيــوية - وسواء أحب ذلك
محبة استقرت في قلبه ، ولم يجاهــد نفســه
عنها أو سعى مع ذلك في إزالتها وإخفائها :
وهذا أقبح ؛ فإنه ظلم متكرر.وهذا النوع هو
الذي يأكـل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
والنوع الثاني : أن لا يتمنى زوال نعمة الله
عن الغيـر، ولكن يتمنى حصول مثلهــا له ،
أو فوقها أو دونها.
وهــذا نوعـان : محمـــود وغــير محمــود.
فالمحمــــــود من ذلك : أن يـــرى نعمة الله
الدينيـــــة على عبده ، فيتمنى أن يكـون له
مثلهـا . فهذا من باب تمني الخير . فـــــإن
قـــارن ذلك سـعى وعمل لتحصيل ذلك فهو
نـورعلى نور. وأعظم مـن يغبـط : من كان
عــــنـده مال قد حصل له من حِلَّه، ثم سُلّط
ووفـــق على إنـفاقه في الحق، في الحقوق
الواجـــــبة والمستحبة ؛ فإن هذا من أعظم
البــــرهان على الإيمان ، ومن أعظم أنواع
الإحــــسان . ومن كــان عنـده علم وحكمة
علمـه الله إياها ، فوفق لبذلها في التعلــيـم
والحكـم بين النـاس . فــهذان النوعان من
الإحســان لا يعادلهما شيء . الأول : ينفع
الخلق بماله ، ويدفع حاجاتهم ، وينفق في
المـشـاريــع الخيــرية ، فتقـــوم ويتسلسل
نفعها، ويعظم وقعها.
والثاني : ينفع الناس بعلمه وينشر بينهم
الديـن والعــلم الذي يهـــتدي به العباد في
جميـع أمورهم : من عبادات ومـعــامـلات
وغيـرها . ثم بعــد هذين الاثنـين : تكــون
الغبطـة على الخير بحسب حـاله ودرجاته
عـنـــد الله . ولهـــذا أمر الله تعالى بالفرح
والاستبـشار بحصـول هذا الخيــر ، وإنـه
لا يوفـق لذلك إلا أهل الحظوظ العظيـــمة
العاليـة. قال تــــعالى ( قُــــــلْ بِفَضْلِ اللّهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْـــــرٌ مِّمَّا
يَجْمَعُونَ ) يونس58. و قال (وَلَا تَسْتَوِي
الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
فَـإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِــــيٌّ
حَمِيــــمٌ ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَـــــرُوا
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصلت ، و
قد يكون من تمنى شيئاً من هذه الخيرات
له مثل أجــر الفـاعل إذا صدقــت نيــته ،
وصـمم على عزيمته أن لو قدر على ذلك
العمل، لَعَمِلَ مثله ،كما ثبت بذلك الحديث
وخصوصاً إذا شرع وسعى بعض السعي
وأما الغبطة التي هي غير محمودة ، فهي
تمني حصول مطالب الدنيا لأجل اللذات و
تناول الشهوات كما قال الله تعالى حكاية
عـن قوم قارون ( يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ
قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) القصص79.
فإن تمــني مثل حالة من يعمــل السيئات
فهو بنيته ووزرهما سواء.فهذا التفصيل
يتضـح الحسد المذمـــوم في كــــل حال.
والحسد الذي هو الغبطة ،الذي يحمد في
حــــال ، ويذم في حال . والله أعلم.
" بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح
جــوامع الأخبار " للشيخ : عبد الرحمن السعدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروابط المفضلة