بسم الله و الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للهدى ...ونكت في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبدًا ...وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... إلهًا أحدًا ... فردًا صمدًا ... لم يتخذ صاحبة ًولا ولدًا ...وأشهد أن محمدًا عبده و رسوله ... ما أعظمهُ عبدًا و سيدًا ... و أكرمهُ أصلاً و محْــتـِدًا ... وأبهره صدرا وموردا ... وأطهره مضجعًا وموردًا ...صلى الله عليه وعلى آله وأصحابهِ غيوث الندى ... وليوث العدى ...صلاةً وسلامًا دائمين من اليوم إلى أن يبعث الناس غدًا ... ثمَّ أمَّا بعدُ ؛
لايَخفى على كثير من الْمُطَّلعين أن كلَّ خَلَف لَهم سلف ، وكل قوم ٍ لَهم قدوة وإمام هو الْمُطاع وهو الأحقُّ بالاتباع ، ولكن السَلف الذي نعنيه نوع مُختلف يفوق كُلَّ سلف فضلا و عصمة ، ويكفي المسلمون فخراً أَنَّ على رأس هذا السَّلفً النَّبًي صلى الله عليه و سلم القائل لفاطمــــة : ((فَإني نعم السَّلَفُ أَنَا لَكً )) ،و سلفُ فاطمةَ سلفٌ للصحابة أَجْمعين والرسول صلى الله عليه و سلم و آله و أصحابه هُم سلفنا و قدوتنا ، و لاشك فًي أَهَميةً إيضاح و تعريف التالًي:من هم السلف ، وما هي السلفية ، و من هو السلفيُّ ؟أولاً:: السلف ::
هم القرون الفاضلة التي وصفها النَّبًي صلى الله عليه و سلم بالْخَيْرً و هوعلى رأسهم فًيما رواه البخاري (2652) ، و مسلم (2533) فًي صحيحيهما من حديث ابنً مسعود رضي الله عنه،عنً النَّبًيًّ قال ( خَيْرُ النَّاس قَرْني، ثُمَّ الَّذينَ يَلونَهُمْ، ثُم الذين يلونَهم، ثمَّ يَجيءُ أَقْوَام تَسْبقُ شَهَادَةُ أَحَدهمْ يَمينَهُ وَيَمينهُ شَهَادَتَهُ )) ، و روى الإمام البخاري (3650)، و مسلم (2535) فًي صحيحيهما من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما يقول: قــــــال رسول الله ( خَيْرُ أُمتي قرني ، ثُمَّ الذينَ يَلونهُمْ، ثُم الذين يلونهم )) ، (( ... ثُــــم إًن بعدكم قوما يشهدون و لا يستشهدون ، و يَخونون و لا يؤتَمنون ، و ينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن )) ،و العهد الأول متحقق فًي القرون الثلاثةُ : و هم الصحابة ، و التابعون ، وتابعو التابعين ، و من تبعهم بإحسان ، فجمعوا بين الفضل و التقدم والفضل ظاهرُ فًي قولـــه : (( خيْرُ الناس )) ، و(( خَيْرُ أُمتي )) . قال النَّبًيُّ عن نفسه : (( فَإنه نعْم السَّلَفُ أَنا )).
و التقدم ظاهرٌ فًي قوله (( قرني ، ثُمَّ الذين يَلونَهُم ، ثُمَّ الذين يَلونهُم )) ،وقد جــــاء فًي الأثر أن التَّقَدُّمَ بًمَعْنَى السلف كما روى الإمام البخاري (6285)، و مسلم (2450) فًي صحيحيــــــهما من حديثً عائشة رضي الله عنها فًي قصةً فاطمة مع أبيها النَّبًي عندما سَارَّهــا قبل موته (( ولا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله و اصبري فَإني نعْم السَّلَفُ أَنَا لَكً )) .ثانياً :: السلفية::

هًيَ الكتاب والسنَّةً بًفَهمً السلفً الصَّالًحً ، والسلفية هَي النهج والطريق الأمثل لتمسكها وثباتًهــا علَى الأمرً الأول، ولاعتمادها على النص والأثـر، والإحاطة بًمقَاصًدً التَّشريعً والأخذ به ، وطرح أراء الرجال (الرأيً)، وما تستحسنه عقول البشر و ما لا يوجد عليه دليل من الكتاب و السنة ، ودليل الأمر الأول : حديث عبدً اللَّهً بن مسعود و عمران بن حصين فًي الصحيحين.ثالثا ً:: السلفًيُّ ::
مَن جعل مًنْ رسولً اللهً صلَّى الله عليهً وسلم قُدْوَتَهُ ، و َفَهًمَ الإًسلامَ عن طريق صحابَتًًهً الكرام ، وأهل الفضل من قرون الْخَيْر ً،و اكتفَى بًما عليه الأوائلُ عقيدةً وعملا ً. لذلك نَجدُ أَهْل الســـــنَّةً وَأصحاب الْحديث لا عصمة لأحدٍ عندهم ، إلا فًي كتاب الله ، وسنة رسول الله صلَّى الله علَيـــــهً وسلَّم ، و العمل علَى تعظيم كلام الله ، و كلام رسول الله ، و َإًدراكها وًفـْقَ القَوَاعًدَ الصحيحةً ، وَتقدًيْمُ فَهْمً الصحابةً و َالتَّابًعيْنَ ، و الاعتناءُ بشروحً أَئًمَّةً أَهلً السنةً .رابعا :: السلفية متمسكة بالألفاظ والمصطلحات الشرعية ::
إنهم يخافون السلفية لأنها دعوة للتمسك بالألفاظ والمصطلحات الشرعية فتأتًي بالإلغاء والمصادرة على كل المصطلحات الْمُحدثة والطارئة والْمُبهمة والْمُجملة، وهذا يفسر خوفا يعيشه قوم عبروا عنه بالتحذير من السلفية ، ولَمْزًها بالألقابً الْمُخترعة كـ ( الوهابية والْجامـــــية ) ،وإعلان الْحرب علَيها ، وكيف لا تُحارب؟! والْمخالفون قد أكثروا الْحشو فًي الدين، واستعملوا مُفردات وعبارات، وأسسوا عقائدَ ومذاهبَ باسم مصطلحات لادليل لَها ولا برهان، جعلت من الإسلام طلاسم لا تُفَك إلا فًي مجمع ٍ حزبًي أو برعاية شيخ ٍ طُرُقًي، وعلماء السلفية ينقبون عن الأدلة والبراهين، فإذاعرضت الأقوال والأفعال على الأصلين الكتاب والسنة كُشفَتْ العورات، وبانت السوءات، وأصبح البنيانُ فًي طريق الانهيار قال تعالى (( أَفَمَنْ أَسسَ بُنيَانهُ عَلَى تَقوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَان ٍ خيرٌ أَمْ مَنْ أَسس بُنيانهُ عَلَى شفا جُرُفٍ هَار ٍ فانهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهنمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ))[التوبة:109] .خامسا :: السلفية دعوة غايتها توحيد الله ::
يَخافون السلفية لأنَّ من أسرار قُوَّتًها وضوح الغاية و تحديد الْهدف ، والغاية توحيد الله وإفراده بالعبودية، قال تعالَى (( وَمَا خلَقتُ الْجن والإنسَ إلا ليَعْبُدُون)) [الذاريات:56] ،وهذا يفسر الزهد فًي السياسة ، فلا يطلبون مناصب ، و لا يرون اعتلاءَ الكراسًيًّ طريقا للإصلاح ، يعتقدون أن صلاح الأمم بصلاح أهلها ، و يرون مناصحة ولًي الأمر، وأن التوجيه والْمناصحة لًمن وُلًّي هذه الْمناصب هو السبيل إلَى الإصلاح ، لا بضرورة الْمرور بًهم ، وهو مذهب لبعـــض الأحزاب ،والتاريخ كتب سًيْرَةً عطرةً بًماء الذهب للإمام أحمد بن حنبل ولَم يكن صاحب منصب وقد أعرض عن ما يَملكه أهل الدنيا ، وملأها بًما ملك هو من دعوةالحق، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية لَم يتولَّى شيئا من ذلك ولَم يطلبه ليصل إلَى قلوب الناس، وذهبت دعوته فًي كل اتْجاه.سادسا :: السلفية حزب واحد، وبلد واحد، وأمير واحد ::
يَخافون السلفية لأَنَّها لا ترى تأسيس الأحزاب وإيجادها، فالكل حزب واحد،فًي بلد واحد خوفا على الْمجتمعات من التفكك، وتقطيع أوصال الدولة، فنقول: لا لأحزاب ٍ يسمع ويطاع لأمرائها والولاء لرؤسائها يريدون تَمزيق الدولة،فالولاء لولًيّ أمر وأمير وسلطان واحد هو رأس الدولة، فلا تعدد للأمـراء والرؤساء، والواحد من السلفيين جزء من جسد جماعة المسلمين، وعضو صالح وفعَّال تبعيته لًمجتمع الدولة والولاء لًمصلحة الْمسلمين كافة لا لًمصلحةً حزب أو مذهب أو فرد.سابعا :: السلفية تُحارب التكفير والتفجير، وسفك الدماء واستباحة الأموال ::
يَخافون السلفية لأنها تُحارب التكفير، وتُحارب سفك الدماء، وتُحارب استباحة الأموال، وتُحارب الغدر والخيانة ونقض العهود، ويعيش فًي مُجتمعنا الْمسلم كَثًيْر من الفرق والطوائف والديانات كالْهندوسية والبوذية والنصرانية وغيرها، فلَم يَمسُّوا أمن الْمجتمع بسوء ، ولَم يُثيروا فًتناً فًي البلاد، ولَم يؤذوا العباد، كما أننا لَم نؤذ أحدا منهم مواطنين كانوا أو مقيمين ولَم نغدر بًهم، فلا نستبيح لَهم مالا، ولا نسفك لَهم دما، فلم نقتل هندوسيا، أو نفجر بوذيا، أو ننحر نصرانيا على أرض البلاد، وهم أهل عهد وميثاق ونَحن لا نرتضي الغدر شيمة ودينا، لًما روى البخاري (6178)، ومسلم (1735) فًي صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله قال : (( إن الغادرَ يُنصبُ له لــــواء يوم القيامة فيقال : هذه غَدْرَةُ فلان بْن فلان )) .ثامنا :: لا يسمع السلفيون إلا للعلماء ورثة الأنبياء ::
يخافون السلفية لأنها لا ترى أحدا مؤهلا لإرث الأنبياء إلا العلماء لًما رواه أبو داود (3641)، والترمذي (2683) فًي السنن وهو حسن من حديث أَبًي الدَّرْداء رضي الله عنه قال: سَمًعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: (( إنَّ العلماءَ ورثة الأنبياء )) ، فهي دعوة تصرف الأنظار عن كل شعار، وعن الأسْماء والألقاب كـ ( الْمُفكر والْحركي والْمُنظر وغيرها ) التي يتزيَّنُ بًها أصحابُها لًجذب الناس إليهم، وصرفهم عن العلماء الربانيين الذين ورثوا العلم الحقيقي، و إذا أُبعد أهـــــل العلــــم سَهُلَ على العــــــابثين تشــــويه الإســــلام و العبث به.تاسعا :: السلفية وجه واحد لا تعرف النفاق ::
إنهم يخافون السلفية لأنها لا تعرف النفاق، ولا تستبيح المحرمات والكذب من أجل مصلحة الدعوة التي يزعمون، طريقتهم وجه واحد لا نفاق فًي دين الله،وتعمل بوجه واحد فًي كل الأمور، الظاهر يعكس الباطن، والباطن كاشف عن الظاهر، وروى البخاري (7179)، ومسلم (2526) فًي صحيحيهما من حديث أَبًي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال : (( إن من شَر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ))، وصح عنه فًي رواية لأحمد فًي الْمُسند (2/365 ) : (( ما ينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينا )) .عاشرا :: السلفيون يراعون هيبة الدولة ومصالح الأمة ::
يَخافون السلفية لأنها ترى وجوب هيبة الدولة والنظام للحفاظ على مصالح الأنام، فقد روى الترمذي (2224) من حديث أَبًي بكْرةَ رضي الله عنه قال: سَمًعتُ رسول الله يقول: (( من أَهانَ سُلْطَانَ اللّه فًي الأرض أهانهُ الله )) وحسنه الترمذي وهو كما قال فله شاهد رواه البزار في مسنده (266/7) من حديث حذيفة.الحادي عشر :: السلفيون لا يرون الانقلابات والثورات والخروج على الولاة ::
السلفيون لا يرون الخروج على الولاة والحكام، ويقولون بالطاعة في المعروف والصبر عليهم فيقدمون الحقوق العامة على الحقوق الخاصة، لًما روى الْبخاري (3603)، ومسلم (1843) فًي صحيحيهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : (( قال رسول الله : إنها ستكون بعدي أثرة، وأمور تنكرونَها، قالوا: يا رسول الله! كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال : تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم )). فتماسك المجتمع حول أميره حق عام، وما يفقده بعض الناس من حقوق، هي في حكم الحق الخاص، وبحفظ الحقوق العامة تستقيم مصالح الْمُجتمعات، فما علينا إلا الصبر لًما روى البخاري (7053)، ومسلم (1849) فًي صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله قال: (( من كره من أميره شيئا فليصبر )) .الثانًي عشر :: السلفيون يرون المظاهرات مقدمة للخروج على الحكام ::
فالسلفيون لا يرون الْمظاهرات ولا يؤيدون التجمعات والاعتصامات التي هي مظهر من مظاهر الخوارج، ومعلوم أَنَّ جَمعَ الناس وإًثارَتَهم من مقدمات الْخروج على وَلًيًّ الأمر ونزع ٍ لًهيبة النظام فتصبح الدولة عرضة وشهوة للطامعين،ولذا المعارضة مرفوضة، ولا خير فًي قسمةً المجتمع إلَى قسمين أو جناحين جناح الْمؤيدين وجناح الْمُعارضين، فلا نؤمن بالْمخالفة، ولا يُعرف فًي السياسة الشرعية اصطلاح الْمُعارضة، وما نرى هذا السلوك إلا بدعة ونزعة خارجية، وظاهرة غربية تقصم ظهر الْمجتمع، والحق أن الكل مع الأمير مطيع له بالمعروف، وصابر علَى ما يصيبه من أذى أو غيره حتى يأتًي فرج الله.الثالث عشر :: السلفية ليست دعوة عاطفية ::
يخافون السلفية لأنَّها ليست دعوة عاطفية، فلا يُسْتَدْرَج أتباعها بالعواطف، بل يَمتثلون لكل من يعرض الحق بالأدلة والبراهين الواضحة، وسكب الدموع على الْخدين وشق الجيوب ليس برهانا على الْحق فقد بكت أم سعد بن أَبًي وقاص وقاطعت الطعام فلم يره سعد حجة ودليلا يثنيه عن عقيدته وطريقته، ويرده إلَى دين أُمًّهً، ولَم يجعل من مَحبةً الْمُحبين دليلا علَى صحة الدعوى،لًما رواه مسلم (1748) فًي صحيحه من حديث مصعب بن سعد، عن أبيه، أنه نزلت فيه آيات من القرآن قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حَتّى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زَعَمْتَ أَنَّ اللهَ وَصَّاكَ بًوالديك! وأنا أمك، وأنا آمرك بًهذا، قال: مَكَثَتْ ثلاثا حتَى غُشي عليها من الْجهدً، فقام ابْن لَها يقال له: عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد فأنزل الله عز وجل فًي القرآن هذه الآية( وَوَصينا الإنسانَ بوالديْه حُسنا )) وقال تعالى : (( وَإًنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تشركَ بي )) و قوله سبحانه : (( وَصاحبهُما فًي الدنيا معروفا )) فًيه دليل عام علَى الإحسان والبر والمصاحبة بالْمعروف للوالدين مع اختلاف العقيدة، وهذا أمر لا يكون إلا للوالدين، ولا ينبغي لغيرهم فــــــلا يُهجران بًحال.الرابع عشر :: السلفية ليست ملكا لأحد ::
يَخافون السلفية لأنَّها ليست ملكا لفرد أو طريقة أو حزب، فمن فهم الكتاب والسنة فهما صحيحا وعمل بًهما فهو سلفي ولو كان فًي أقصى الدنيا، لا ينتظر موافقة بشري أو رضى أحد منتظر مبتغاه رضى الله على نَهج رسول الله ، والسلفيون يَتَبَنَّونَ إنكار الذات والإخلاص لله فالدعوة عرض وبيان لعقيدة ومنهج وشريعة، وليس الْهدف ربط الناس بالأسْماءً والشخصيات أو تعريف بأحد من الدعاة، ولذا كان الْهدف و السعي هو نشر ونقل مفهوم الإسلام الصحيح فًي المجتمعات، يريدون الخير لكافة الخلق ، وروى البخاري في الصحيح (4557) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : (( خير الناس للناس تأتون بهم فًي السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام )) ، وكما يريد السلفيون النجاة للخلق فهم أَحوج لَها لأن الفتنة لا يأمنها مؤمن عاقل. (( كنتم خير أمة أخرجَتْ للناس )) ( آل عمران: 110 ) .الخامس عشر :: السلفيون يرون الجهاد مع الأمراء ( البر و الفاجر ) ::
يَخافون السلفية لأنَّها دعوة تقر كل شرائع الإسلام كُل فًي مكانه الْمطلوب، وفًي زمن الوجوب فالْجهاد من شرائع الدين ماض ٍ إلَى قيام الساعة ، مع من ولَيَ أمر الْمسلمين برا كان أم فاجرا جهاد طلب وجهاد دفع، بالسنان واللسان، بالضوابط الشرعية، والشروط المرعية يعرف من يقاتل؟ ولَم قاتله؟ ولًمن يقاتل؟ ومتى يقاتل؟ وتحت أي راية قاتل؟ فالْجهاد لَم يشرع لإيًجاد الفوضى فًي سفك دماء ، كالعمليات الانتحارية وغيرها والتي تسفك فيها دماء معصومة ،ومُباشرة قتل النفس ، وما يطلق عليه بالعمليات الاستشهادية هو محض انتحار وعمل انتحاري لا يدخل فًي باب الْجهاد ، وقد روى مسلم فًي صحيحه (1848) من حديث أبًي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبًي أنه قال: (( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تَحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلَى عصبة أو ينصر عصبة، فقتل فَقتلة جاهلية، ومن خرج على أُمتي يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه )) .
وفًي هذا دلالة بينة على:
الفرق بين رايتين راية عًمًّيَّة وراية غير عًمًّيَّة،والفرق بين ميتة جاهلية وَقًتْلَة جاهلية، وميتة غير جاهلية وَقًتْلَة غير جاهلية، وكذلك يعتقدون أن الجهاد وسيلة وليس غاية، وسيلة لإعلاء الغاية ( كلمة لا إله إلا الله ) .
وفًي الختام: طموح السلفيين وغايتهم توحيد الله، وعبادة مبناها على السنة والاتباع لا علـى الْهوى والابتداع، ويبتغون صلاح الراعًي والرعية، فًي مُجتمع ينعم بأمن وأمــان يَحفظ الدين والأموال والأعراض والعقول ويعصم الدماء (النفس) ، لا مطمع لَهم فًي منصب أو رئاســــة، والْحمد لله علَى توفيقه ومنًّه وإحسانه .