المبحث الثامن: التيمم
التيمم في اللغة: القصد، وفي الشرع: التعبد لله تعالى بقصد الصعيد الطيب لمسح الوجه واليدين به بنية رفع الحدث لمن فقد الماء أو عجز عن استعماله
حكمه: مشروع بالكتاب، والسنة، والإجماع، أما الكتاب، فلقوله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَد منكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
وأما السنة؛ فلأحاديث كثيرة منها حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كنا في سفر مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فصلى بالناس فلما [انصرف] من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، قال: ”ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم“؟ قال: يا نبي الله أصابتني جنابة ولا ماء، قال: ”عليك بالصعيد فهو يكفيك“. وأما الإجماع: فأجمع أهل العلم على مشروعية التيمم في الجملة.
والمسلمون لهم طهارتان: طهارة بالماء، وطهارة بالتيمم لمن لم يجد الماء أو عجز عن استعماله، فمن وجد الماء أو قدر على استعماله وجب عليه أن يتطهر به، ومن تعذر عليه استعماله أو لم يجده قام مقامه التيمم وهو رافع إلى وجود الماء على الصحيح، فيجب لما تجب له الطهارة بالماء، ويستحب لما تستحب له الطهارة بالماء,
والصواب أن المسلم إذا عجز عن الماء أو لم يجده تيمم في أي وقت شاء، وأجزأه حتى يجد الماء، أو يأتي بناقض من نواقض الوضوء أو موجب من موجبات الغسل، ويجزئ التيمم الواحد عن جميع الأحداث الكبرى والصغرى إذا نواها.
ج – إذا كان الماء شديد البرودة ويحصل له ضرر باستعماله بشرط أن يعجز عن تسخينه؛ لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فلما قدمنا ذكروا ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ”يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب“؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله عز وجل يقول: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يقل شيئا".
د – إذا كان به جراحة أو مرض إذا استعمل الماء زاد المرض أو تأخر الشفاء؛ لحديث جابر بن عبد الله، وابن عباس رضي الله عنهم، أن رجلاً أصابه جرح في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم احتلم فسأل أصحابه هل له رخصة بالتيمم؟ فقالوا له: لا، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ”قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العِي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم...“.
هـ – إذا حال بينه وبين الماء عدو، أو حريق، أو لصوص، أو خاف على نفسه، أو ماله، أو عرضه، أو كان مريضاً لا يقدر على الحركة ولا يجد من يناوله الماء فهو كالعادم.
و – إذا خاف العطش والهلاك حبس الماء وتيمم، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المسافرإذا كان معه ماء وخشي العطش أنه يبقي ماءه للشرب ويتيمم.
والخلاصة: أن التيمم يشرع إذا تعذر استعمال الماء: إما لعدمه وإما لحصول الضرر باستعماله.
الروابط المفضلة