أيها { الموت }


كم أسهرت من العباد ونغصت عيش الزهاد يهابك الملوك وأهل القوة والجبروت
أنت قضاء ملك الملوك تأتي خلسة فتكتم الأنفاس وتفرق الناس ..


كم من أب كريم ؟! وكم من أم حنون ؟! كم من أرملة وكم من يتيم ؟! كم أخ ,
وكم من صديق حميم إستوى أمامك الجميع الرفيع والوضيع الكبير والرضيع القوي والصريع


عندما تنزل بساحة فلا مجال ولا مساحة
شديد المحال ترغم المتغطرس المتعال رغم السلطة والمال ..


حكم بك ربك أنك لكل من عليها فان حتى يبقى وجهه ذو الجلال والإكرام
كم شغلت بال الصالحين وأسهرت العالمين وغدرت بالغافلين وحكمت على
المتهاونين كم غفل عنك المتعافين ونسيك المتوهمين حتى رئاك عين اليقين


لا تعرف طرق الأبواب ولا الأعداء من الأحباب لا تميز الأهل من الأصحاب
ولو شفع فيهم أولي الألباب ..


تنزع الأرواح نزعا فتذوب الأكباد وتصفر الأجساد وتشخص الأعين والأهداب
ويبرد العظم واللعاب ..


تذكرتك الآن فكتبت ويداي ترتعشان خوفا من طول النزع وألم الصدع ويوم الفزع والرجع ..


متى تحل ضيفا ؟!
هل سأتوب قبل حلولك ؟!
هل سأنطق بها عند غريرك ؟!
أين ستأتيني أفى مسجدي ..؟!
أم في بيتي.. ؟!
أفي لحظة سكوني لنومي .؟!
أم سيكون حظي الموت على معصيتي .؟!



اللهم إجعل موتي على القرآن و طاعة الرحمن وبعده مع الخلان
في روضات وجنان على سرر إخوان ننظر لوجه ربي الرحمن
لا خوفا علينا ولا أحزان بفضل الرحيم الرحمن ..





مات ملبيا لربه مات بلبيك اللهم لبيك رافعا يداه بالدعاء خاضعا خاشعا لملك الملوك ..





أطبق عليه حديد الموت وحاصره من كل مكان فرفع أصبع التوحيد
بلا إله إلا الله محمد رسول الله ..





كان أخر ما يستطيع فعله هي الإشارة ونعم بها من إشارة إعلانا
للتوحيد ليلاقي بها الواحد الأحد..






نعم المصرع ساجد لفاطر السماوات والأرض وفي مسجد صفوة الخلق
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ..

لما رأت فاطمة رضي الله عنها ما برسول الله عليه الصلاة والسلام من الكرب الشديد
الذي يتغشاه عند الموت قالت:
واكرب أبتاه فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم





وهذا عبد الله بن جحش عندما خرج لمعركة أحد دعا الله عز وجل قائلا:
يا رب إذا لقيت العدو فلقني رجلا شديدا بأسه شديدا حرده فأقاتله فيك و يقاتلني
ثم يأخذني ويجدع أنفي وأذني فإذا لقيتك غداً قلت يا عبد الله من جدع أنفك وأذنك
فأقول:
فيك وفي رسولك..
فتقول : صدقت وبعد المعركة رآه بعض الصحابة مجدوع الأنف والأذن كما دعا.





وطعن جبار بن سلمي الكلبي عامر بن فهيرة يوم بئر معونة فنفذت الطعنة فيه
فصاح عامر قائلا: فزت ورب الكعبة.





وكان بلال بن رباح يردد حين حضرته الوفاة وشعر بسكرات الموت قائلا:
غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه فتبكي امرأته قائلة وابلالاه واحزناه
فيقول : وافرحاه





ولما حضرت آدم بن إياس الوفاة ختم ما تبقى عليه من سور القرآن وهو مسجّى
فلما انتهى قال:
اللهم ارفق بي في هذا المصرعاللهم كنت أؤملك لهذا اليوم وأرجوك
ثم قال: لا إله إلا الله وقضى





و أبو الحسن النساج لما حضره الموت غشي عليه عند صلاة المغرب ثم أفاق ودعا
بماء فتوضأ للصلاة ثم صلى ثم تمدد وغمض عينيه وتشهد ومات.





و ابن أبي مريم الغساني لم يفطر مع أنه كان في النزع الأخير وظل صائما فقال له من حوله:
لو جرعت جرعة ماء
فقال بيده: لا
فلما دخل المغرب قال: أذّن
قالوا: نعم فقطروا في فمه قطرة ماء ثم مات.





وكان أبو حكيم الخبري جالسا ينسخ الكتب كعادته
فوقع القلم من يده وقال:
إن كان هذا موتا فوالله إنه موت طيب فمات.





رحماك ياأرحم الراحمين..
اللهم أكرم نزل موتانا وموتى المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها
من يوم خلقت الدنيا إلى يوم القيامه
ووسع مدخلهم وجازهم بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا
واجعل قبورهم روضة من رياض الجنان ولاتجعلها حفرة من حفر النيران
اللهم إغسلهم من الخطايا والذنوب بالماء والثلج والبرد
ونقهم منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
وباعد بينهم وبين خطاياهم كما باعدت بين المشرق والمغرب
وإغفر لهم وارحمهم وتجاوز عنهم
اللهم إحسن خواتمنا
واجعل بر أعمالنا أواخرها واجعل خير أيامنا يوم ملاقاتك
وارحمنا اذا ما سرنا الى ماساروا اليه
برحمتك ياأرحم الراحمين
منقول