ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




قال النووي رحمه الله :




باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه .




قـال الله تعــالى ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )



وقــال تعالى ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ



عَتِيدٌ )




- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى



الله عليه وسلم قال" كفى بالمرء كذبا أن يحدث



بكل ما سمع " رواه مسلم .




- وعــن سمـرة رضي الله عنه قال : قال رسول



الله صلى الله عليه وسلم"من حدث عني بحديث



يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " رواه مسلم




- وعـن أسماء رضـي الله عنها أن امرأة قالت :



يا رسـول الله إن لــي ضرة فهــل علي جناح إن



تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني فقال النبي



صلى الله عليه وسلــم " المتشبع بما لم يعط



كلابس ثوبي زور " متفق عليه .





المتشبع : هو الذي يظهر الشبع وليس بشبعان،



ومعناها هنــا أنــه يظهر أنه حصــل لــه فضيلة



وليست حاصلة ولابس ثوبي زور أي : ذي زور



وهــو الذي يزور عــلى النــاس بأن يتزي بـزي



أهل الزهد أو العلم أو الثروة ليغتر به النـــاس



وليس هو بتلك الصفة وقيل غير ذلك والله



أعلم .






الشَّرْحُ :




قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتــابه ( رياض



الصالحين ) باب التثبت فيـما يقول وما يتكلم به



- لمــا ذكر رحمه الله تحريم الكذب - والكذب أن



يخبر الإنسان بمـا لــم يكن على وجهه الصحيح



أعقبه بهذا الباب، أن الإنسان يتثبت فيمـا ينقـل



ويتكلم بـــه ، لاسيما في زمــن الأهواء وكثــرة



القيل والقال والتحدث بما كان أو لم يكن ، ثـــم



استدل لذلك بالآيات والأحاديث قــال الله تعالى :



( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )( لا تقف ) يعني



لاتتبع ما ليس لك به علم ولا تتكلم إلا بما تعلم



وقـد قال النبي صلى الله عليه وسلم : مــن كان



يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت





قــال تعــالــى ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيـــبٌ



عَتِيدٌ ) يعني إلا عنــده رقيــب أي مـراقب يراقب



ما تقــول ، عتيد حــاضر فــلا يغيب عنه ، وهذا



تحذير مـن أن يتكلم الإنسان بشيء لا يعلم عنه،



لأنــه بذلك آثــم ثــم ذكر في ذلك أحاديث " كفــى



بالمرء كذبا أن يحـــدث بكل ما سمـع " يعنــي أن



الإنسان إذا صـار يحدث بكل ما سمـــع مــن غير



تثبت وتأن ، فإنه يكون عرضة للكذب، وهذا هو



الواقع ولهـذا يجيء إليك بعض الناس يقولون :



صار كذا وكذا، ثم إذا بحثت وجدت أنه لم يكن ،



أو يأتـي إليك ويقول : قال فلان كذا وكذا ، فـإذا



بحثت وجدته لم يقل ، وأعظم شيء أن يكـــون



هذا فيما يتعلق بحكــم الله وشريعته بأن يكــذب



علـى الله فيقول في القرآن برأيه ويفسر القرآن



بغيـر ما أراد الله أو يكذب على النبي صلى الله



عليه وسلم يقول : قال النبي صلى الله عليه



وسلم كذا .





وهو كاذب ،أو ينقل حديثا يرى أنه كذب وهو لم



يكذبه ولكن يقول: قال فلان كذا وكذا عن رسول



الله صلى الله عليه وسلم وهــو يــرى أنــه كذب



فإنه يكون أحد الكاذبين كما بين ذلك النبي صلى



الله عليه وسلــم ويزداد إثــم التقــول إذا تشبــع



الإنسان بما لم يعط ، كما في حديث المرأة أنهـا



يكون لها ضرة يعني زوجة أخرى مع زوجهـــا



فتقــول إن زوجــي أعطاني كــذا وأعطاني كــذا



وهي كاذبة، لكن تريد أن تراغم (تغيظ) ضرتها



وتفسدهــا عــلى زوجهــا ، فهذا كما قال النبي



صلى الله عليه وسلـم : المتشبع بما لم يعـط



كلابس ثوبي زور أي كذب .





والحاصل أنه يجب على الإنسان أن يتثبت فيـما



يقول ويتثبت فيمن ينقل إليه الخبر، هل هو ثقة



أو غير ثقة كــمـــا قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ



آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبـــُوا



قَـوْمـاً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )



ولاسـيمـا إذا كثــرت الأهـــواء وصــار النــاس



يتخبطون ويكثـــرون من القيل والقال بلا تثبت



ولا بينة ، فإنه يكون التثبت أشد وجوبا، حتى



لا يقع الإنسان في المهلكة . والله الموفق




الكتاب : شرح رياض الصالحين للشيخ : محمد العثيمين



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ