:
:
مدخل :
../ هل أنتِ ~
تعبدين رمضان .. أم رب رمضان .. !!
:
هاهي أيام رمضان قد انقضت ، ولياليه قد تولت .
انقضى رمضان و ذهب ليعود في عام قادم ،
انقضى رمضان شهر الصيام و القيام ، شهر المغفرة و الرحمة .
انقضى رمضان و كأنه ما كان .
آيه رمضان ماذا أودع فيك صالحات ، و ماذا كتبت فيك من رحمات .
كم من صحائف بيضت ، وكم من رقاب عتقت ، وكم حسنات كتبت .
انقضى رمضان و في قلوب الصالحين لوعة ، وفي نفوس الأبرار حرقة .
و كيف لا يكون ذلك ؛ و هاهي أبواب الجنان تغلق ، و أبواب النار تفتح ، و مردة الجن تطلق بعد رمضان .
انقضى رمضان : فا ليت شعري من المقبول فنهنيه و من المطرود فنعزيه .
انقضى رمضان فماذا بعد رمضان ؟
لقد كان سلف هذه الأمة يعيشون بين الخوف و الرجاء .
كانوا يجتهدون في العمل فإذا ما انقضى وقع الهم على أحدهم : أقبل الله منه ذلك أم رده عليه .
هذه حال سلف هذه الأمة فمل هو حالنا ؟
و الله إن حالنا لعجيب غريب .
فو الله لا صلاتنا كصلاتهم، و لا صومنا كصومهم ، ولا صدقتنا كصدقتهم ، و لا ذكرنا كذكرهم ؟
لقد كانوا يجتهدون في العمل غاية الاجتهاد، و يتقنونه و يحسنونه ، ثم إذا انقضى خاف أحدهم أن يرد الله عليه عمله .
و أحدنا يعمل العمل القليل و لا يتقنه ولا يحسنه ، ثم ينصرف وحاله كأنه قد ضمن القبول و الجنة .
فيا أخية عليك أن تعيش بين الخوف و الرجاء ، إذا تذكرت تقصيرك في صيامك وقيامهم ؛
خفت أن يرد الله عليك ذلك ، و إذا نظرت إلى سعة رحمة الله ، وأن الله يقبل القليل ويعطي عليه الكثير ،
رجوت أن يتقبلك الله في المقبولين
:
أن لكل شيء علامة ، وقد ذكر العلماء أن من علامة قبول الحسنة أن يتبعها العبد بحسنة أخري .
فما هو حالك بعد رمضان ؟
هل تخرجت من مدرسة التقوى في رمضان فأصبحت من المتقين .
هل تخرجت من رمضان و عندك عزم الاستمرار على التوبة و الاستقامة ؟
هل أنت أحسن حالا بعد رمضان منك قبل رمضان ؟
أن كنت كذلك فاحمد الله ،
و إن كنتِ غير ذلك فابكِ على نفسكِ يا مسكينة
فربما أن أعمالكِ لم تقبل منكِ ، وربما أنكِ من المحرومين و أنتِ لا تشعري.
:
أقسام الناس بعد رمضان :
لقد انقسم الناس بعد رمضان إلى أقسام ::
الصنف الأول :
قوم كانوا على خير وطاعة ، فلما جاء رمضان شمروا عن سواعدهم ، وضاعفوا من جهدهم ,
و جعلوا رمضان غنيمة ربانية ، و منحة إلاهية ،
استكثروا من الخيرات ، و تعرضوا للرحمات ،
وتداركوا ما فات ، فلعله أن تكون قد أصابتهم نفحة من النفحات .
فما انقضى رمضان إلا و قد حصلوا زادا عظيما، علت رتبتهم عند الله ،
و زادت درجتهم في الجنات، و ابتعدوا عن النيران .
علموا أن لا مستراح لهم إلا تحت شجرة طوبى، فاتعبوا هذه النفوس في الطاعات .
علموا أن الصالحات ليست حكرا على رمضان ، فلا تراهم إلا صوما قوما ،
حافظوا على صيام الست في شوال ، حافظوا على صيام الاثنين و الخميس و الأيام البيض.
دمعتهم على خدودهم في جوف الليل، و عند الأسحار استغفار أشد من استغفار أهل الأوزار .
يعيشون بين الخوف و الرجاء، حالهم كما قال الله ( و الذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم و جلة أنهم إلى ربهم راجعون ).
في السنن من حديث عائشة ( قالت : قرأ رسول الله هذه الآية ، فقلت يا رسول الله : أهم الذي يسرقون و يزنون و يشرب الخمر و يخافون من الله .
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يا ابنة الصديق ، ولكنهم أقوام يصلون و يصومون و يتصدقون و يخافون أن يرد الله عليهم ذلك ) .
فهؤلاء هم المقبولون ،هؤلاء هم السابقون ، هؤلاء هم الذين عتقت رقابهم ، و بيضت صحائفهم .
فطوبى ثم طوبى لهم.
الصنف الثاني :
قوم كانوا قبل رمضان في غفلة و سهو و لعب ، فلما أقبل رمضان أقبلوا على الطاعة و العبادة ،
صاموا و قاموا ، قرأوا القران و تصدقوا ودمعت عيونهم و خشعت قلوبهم ،
و لكن ما أن ولى رمضان حتى عادوا إلى ما كانوا عليه ،عادوا إلى غفلتهم ، عادوا إلى ذنوبهم .
فهؤلاء نقول لهم :
من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد مات ، و من كان يعبد الله فان الله حي لا يموت .
أن الذي أمرك بالعبادة في رمضان هو الذي أمرك بها في غير رمضان .
يا آمة الله
يا من عدتِ إلى ذنبوكِ و معاصيكِ و غفلتكِ : تمهلي قليلا ، تفكري قليلا:
كيف تعودين إلى السيئات ، و ربما قد طهركِ الله منها .
كيف تعودين إلى المعاصي و ربما محاها الله من صحيفتكِ .
يا آمة الله
أيعتقكِ الله من النار فتعودين إليها ؟
أيبيض الله صحيفتكِ من الأوزار و أنتِ تسوديها مرة أخرى ؟
يا آمة الله :
آه لو تدرين أي مصيبة وقعتِ فيها .
آه لو تدرين أي بلاء نزل بك ، لقد استبدلت بالقرب بعدا، و بالحب بغضا .
يا آمة الله
إياكِ أن تكوني كالتي نقضت غزالها من بعد قوة انكاثا
لا تهدمين ما بنيتي ، لا تسودي ما بيضتي ،
لا ترجعي إلى الغفلة و المعصية فو الله أنكِ لا تضري إلا نفسك
يا آمة الله إنك لا تدرين متى تموتِ ، لا تدرين متى تغادري الدنيا .
فاحذري أن تأتيكِ منية و أنتِ قد عدتِ إلى الذنوب و المعاصي .
و تذكر ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
فغيري من حالك ،اتركِ ذنوبك ، أقبلي على ربك حتى يقبل الله عليكِ .
الصنف الثالث :
قوم دخل رمضان و خرج رمضان ، وحالهم كحالهم ، لم يتغير منهم شيء ،
ولم يتبدل من أمر ، بل ربما زادت آثامهم ، وعظمت ذنوبهم ، و اسودت صحائفهم ،
و زادت رقابهم إلى النار غلا . هؤلاء هم الخاسرون حقا . عاشوا عيشة البهائم ،
لم يعرفوا لماذا خلقوا عوضا أن يعرفوا قدر رمضان و حرمة رمضان ،
ولقد سمعت و الله أحدهم يتبجح و يجاهر بالفطر في نهار رمضان .
فهؤلاء ليس أمام حيلة معهم إلا أن ندعوهم إلى التوبة النصوح ، التوبة الصادقة ،و من تاب ، تاب الله عليه.
وإليك يا أخية كلمات من كلمات سلف هذه الأمة ، فو الله أن كلامهم لقليل و لكنه يحي القلوب .
قال أبو الدرداء : ( لو أن أحدكم أراد سفرا ، أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ؟ قالوا: بلى .
قال: سفر يوم القيامة أبعد ، فخذوا ما يصلحكم ؛
حجوا لعظائم الأمور .
صوموا يوما شديد حره لحر يوم النشور .
صلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور .
تصدقوا بالسر ، ليوم قد عسر )
و قال الحسن البصري : ( إن الله جعل رمضان مضمار لخلقه ؛ يتسابقون فيه بطاعته
فسبق قوم ففازوا ، وتخلف آخرون فخابوا .
فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون و يخسر المبطلون )
فأي الفريق أنتِ ؟؟!!
منقول بتصرف ..~
:
:
مخرج :
../ جاهدي ~
على أن يكون بينك وبين الله "حبل متين "
لاينقطع بإنقطاع مواسم معينة
:
..
الروابط المفضلة