بسم الله الرحمن الرحيم

(( أســبــاب الــنــجــاة مـــن الــفــتــن )) الجزء الثاني

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم و بعد .

الشيء الثاني : نتيجة هذه الفتن التي جعلها الله اختباراً وابتلاءً :

وهذه النتيجة ظاهرة صريحة من لفظ الحديث و ذلك أن الناس ينقسمون قسمين :

1 ) قسمٌ منّ الله عزوجل عليه بالنجاة والسلامة فاستنكر الفتن ونفر منها .

2 ) وقسمٌ أُشرِبها : انساق ورائها .

فالأول : أثابه الله سبحانه وتعالى بأنه لا تضره فتنة ، نَجَى من الاختبار في علم الله عزوجل وفي علم الله أنه ناجٍ .

و الآخر : أصبح من وَلَعِهِ بالفتن كالكوز مجخيْ ـ المكبوب على وجهه على فوهته مٌنَكَّس ـ لا يعرف معروفاً و لا ينكر منكراً إلا ما أُشرِبَ من هواه و هذا القسم هالك .

و السؤال يا بَنِيّ الذي أرى طرحه هنا و أرى إن شاء الله أن في الجواب عليه العلاج ، فالسؤال هو : كيف يصنع المسلم حيال الفتن حتى لا تضره الفتن بعد ، أو ما سبيل النجاة الذي يسلكه المسلم حتى يسلم من الفتن ؟

و يظهر في الحقيقة لمن أدرك النصوص الشارع أمور أضعها أمامكم يا أخواني وأنتم و لله الحمد طلاب علمٍ تدركون ما ندرك و تعرفون تماماً ما نرمي إليه :

الأمر الأول : التزود من العلم ، علم الشريعة ، و أساس ذلك فقه العقيدة فقه التوحيد ، ثم بعد ذلك فقه سائر الفرائض العملية ، فإنه لا يخفى عليكم ما دَوَّنَه أئمة الإسلام في هذا الباب وجمعوا فيه النصوص و من ذلكم : " السنة " لابن أبي عاصم ، " والسنة " لعبد الله بن أحمد ، " والتوحيد " لابن خزيمة ، " والتوحيد " لابن مندة ، " والإبانة " لابن بطة العكبري ، " والإبانة " لأبي الحسن الأشعري ، " والأيمان " لابن مندة " والتوحيد " له، ثم بعد ذلك كُتب الأحكام فمن الحديث : الأمهات الست ، وسنن الإمام أحمد ، وسنن الدارقطني ، ومستدرك الحاكم ، وغيرها من دواوين الإسلام .

و الخلاصة : إن طالب العلم في حاجة إلى أن يتتلمذ على كتب السلف التي عُنِيَ مُؤَلِفُوها بنقل أصول الدين وفروعه .

الأمر الثاني : ملازمة أهل العلم ، المشهود لهم بالورع والتقوى ، ورسوخِ القدم في العلم ، والصدعِ بالحق ، والدعوةِ إلى السنة فإنّ علماء الشرع هم أسعد الناس وأولى الناس برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ وذلكم لأنهم أهل ميراثه كما في الحديث الصحيح (( وإن العلماءَ ورثةُ الأنبياء فإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورَّثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر )) .

الأمر الثالث : البعد عن الكتب الفكرية ، وعلى رأسها كتب الأخوان المسلمين و السرورية و الأحزبين و غيرهم ، فهذه الكتب وما شابهها مما تسمى : كتب الفكر أو كتب المفكرين :

أولاً : غالبها مبني على الجهل بحقائق الشرع .

وثانياً : ما فيها من حق فهو نزر يسير مغمور بأضعافه من الباطل ، وهذا الحق المغمور بأضعاف مضاعفة من الباطل ، في كتب السلف ما يغني عنه ولله الحمد، فإنه لا يَنْصَحُ أحدٌ بقراءة كتب هؤلاء إلا جاهل لا يعرف حال القوم ، أو هو صاحب هوى يريد أن يجر المسلمين عامة والشباب خاصة إلى الهاوية والبدع والضلالات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التكملة مع الجزء الثالث إن شاء الله

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته