ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ



وَعْــدَ الْحَـقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَــانَ لِــيَ



عَلَيْكُم مِّن سُلْطَـانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي



فَـلاَ تَلُومُونِي وَلُـومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ



وَمَـا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَـا أَشْرَكْتُمُـونِ



مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، وَأُدْخِـــلَ



الَّذِينَ آمَنُــواْ وَعَمِلُـواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي



مِن تَحْتِهَا الأَنْهَـارُ خَالِدِينَ فِيهَـا بِـإِذْنِ رَبِّهِــمْ



تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ) .




أي: ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ ) الذي هو سبب لكل شـر



يقع ووقع في العالم مخاطبا لأهل النار ومتبرئا



منهم(لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ)ودخل أهل الجنة الجنة



وأهل النار النار .




(إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ) على ألسنة رسله



فلم تطيعوه فلو أطعتموه لأدركتم الفوز العظيم



( وَوَعَدتُّكُمْ ) الخير ( فَأَخْلَفْتُكُمْ ) أي لم يحصل



ولــن يحصل لكــم ما منيتكم بــه مــن الأماني



الباطلة ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ ) أي:



من حـجة عـلى تأييد قولي . ( إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُـمْ



فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) أي : هــذا نهاية ما عندي أني



دعوتكم إلى مرادي وزينته لكم فاستجبتم لــي



اتباعا لأهوائكم وشهواتكم ، فإذا كانــت الحال



بهذه الصورة ( فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم )



فأنتم السبب وعليكم المدار في موجب العقاب



( مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ ) أي : بمغيثكم من الشدة



التي أنتم بها ( وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ) كل له



قسط من العذاب.





(إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ) أي تبرأت



من جعلكم لي شريكا مع الله فلست شريكـا لله



ولا تـجــب طاعتي ( إِنَّ الظَّالِمِينَ ) لأنفسهــم



بطــاعة الشيطان ( لَهُــمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) خالدين



فيه أبدا. وهذا من لطف الله بعباده أن حذرهم



من طاعة الشيطان وأخبر بمداخله التي يدخل



منها على الإنسان ومقاصده فيه ،وأنه يقصد



أن يدخله النيران ، وهنا بين لنا أنه إذا دخل



النار وحزبه أنه يتبرأ منهــم هــذه البراءة،



ويكفر بشركهم ( وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ )





و اعلم أن الله ذكر في هذه الآية أنه ليـــس له



سلطان ، وقــال في آية أخــرى ( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ



عَلَى الَّذِينَ يَتَـوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ )



فالسلطان الذي نفــاه عنـه هـو سلطان الحجة



والدليـل ، فليس لـه حجة أصلا على ما يدعو



إليه ، وإنما نهاية ذلك أن يقيم لهم من الشبه



والتزيينات ما به يتجرؤون على المعاصي .




وأما السلطان الذي أثبته فهو التسلط بالإغراء



على المعاصي لأوليائه يؤُزّهم إلــى المعاصــي



أزّا ، وهم الذين سلطوه على أنفسهم بموالاته



والالتحاق بحزبه ولهذا ليس له سلطان على



الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون .





ولما ذكر عقاب الظالمين ذكر ثواب الطائعــيـن



فقال ( وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ )



أي: قامـــــوا بالـدين ، قــولا وعملا واعتـقادا



( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَــارُ ) فيها مــن



اللذات والشهوات ما لا عيـن رأت ، ولا أذن



سمعت ، ولا خطر على قلب بشر




( خَـالِدِيـنَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِــمْ ) أي : لا بحولهم



وقوتهم بل بحول الله وقوته .





(تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ) أي يحيي بعضهم بعضا



بالسـلام والتحية والكلام الطيب .



الكتاب " تيسير الكريم الرحمن في تفسير


كلام المنان" للشيخ عبد الرحمن السعدي




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ