مما اعجبــــــــــني ونقلته اليكم


قال تعالى :

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }



كان هناك رجلٌ شيخٌ طاعنٌ في السن
يبدو عليهـ الألم والإجهاد في نهايةِ كل يوم
سأله صديقهـ :
ولماذا كل هذا الألم والإرهاق الذي يبدو عليكـ ؟
فأجابه الرجل الشيخ الطاعن : يُوجد عندي :


بازان ( الباز نوع من الصقور حاد البصر )

يجب عليَّ كل يوم أن أروضهما , وأبرقعهما كي لا يجولا النظر فيفلتان ,




وكذلك عندي :



أرنبان يلزم علي أن أحرسهما من الجري خارجاً ,

و عندي :



صقران عليَّ أن أُقَوِّدهما وأدربهما لكي يصيدا جيدا ً ,



وعندي :



و ثعبان سام , عليَّ أن أحاصرهـ , كي لا يلدغ أحد أو يلدغني ,

وعندي :




أسدُ عليَّ أن أحفظه دائماً مُقيَّداً في قفصٍ حديدي , كي لا ينقض

علي فيهلكني ,


و عندي مريضٌ عليَّ أن أعتني بهـ وأخدمهـ ,



قال الصديق:
ما هذا كله لابد أنك تمزح !!

لأنه حقاً لا يمكن أن يوجد إنسان يراعي كل هذه الحيوانات

المفترسة والجامحة مرةً واحدة .


قال لهـ الشيخ الطاعن :

إنني لا أمزح ولكن ما أقولهـ لك هو الحقيقة المحزنة و الهامة :

إن البازين هما عيناي وعليَّ أن أغضهما عن النظر إلى الحرام ,

إلى ما لا يحل النظر إليه باجتهادٍ ونشاط ,

والأرنبين هما قدماي وعليَّ أن أحرسهما وأحفظهما

من السير فى طرقِ الخطيئة ,

والصقرين هما يداي وعليَّ أن أدربهما على العمل حتى تمداني

بما أحتاج من رزق حلال وبما يحتاج إليه الآخرون من أخواني ,

والثعبان هو لساني وعليَّ أن أحاصرهـ وألجمهـ باستمرار ,

حتى لا ينطق بكلامٍ معيبٍ مشين ,

والأسد هو قلبي الذي انا معهـ في حربٌ مستمرة

وعليَّ أن أحفظهـ دائماً مقيداً كي لا يميل ويهلكني ,

أما الرجل المريض فهو جسدي كله

الذي يحتاج دائماً إلى يقظتي وعنايتي وانتباهي


إن هذا العمل اليومي يستنفد طاقتي و جهدي ووقتي ,

فعلي أن أكون حارسا ً جيدا ً , لكي لا تتفلت مني هذهـ

الحواس الجامحة فترديني قتيلا ً !! .






إن من أعظم الأعمال أن تضبط نفسك

ولا تدع أي شخصٍ سيء آخر محيطاً بك يدفعكـ ويؤثر عليكـ ,

ولا تدع أيَّاً من نزواتكـ وضعفكـ وشهواتكـ تقهرك و تتسلط عليكـ

أفضل الجهاد جهاد النفس وهو الجهاد الأعظم

ومن عرف نفسه فقد عرف ربه





وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها،أو موبقها )

قال النووي رحمه الله: "وأما قوله صلى الله عليه وسلم:

(كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها) فمعناه :

أن كل إنسان يسعى بنفسه، فمنهم من يبيعها لله بطاعته، فيعتقها من العذاب،

ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى، باتباعها، فيوبقها، أي يهلكها
,





قال إبراهيم بن علقمه لقومٍ جاءوا من الغزو :
قد جئتم من الجهاد الأصغر .. فما فعلتم في الجهاد الأكبر ؟!
قالوا : وما الجهاد الأكبر ؟!
قال :
جهاد القلب !.



وقال ابن رجب :

" وكذلك جهاد العدو الباطن .. وهو جهاد النفس والهوى .. فإن جهادهما من أعظم الجهاد "

وقال ابن القيم رحمه الله : " ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على

جهاد العبد نفسه في ذات الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( المجاهد من جاهد في طاعة الله ، والمهاجر من هجر مانهى الله عنه ) ,

كان جهاد النفس مقدماً على جهاد العدو في الخارج )

وسأل أحدهم عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن الجهاد ,

فقال له : " إبدأ بنفسك فجاهدها .. وابدأ بنفسك فاغزها "




النفس ! ... تقودك إلى الهلاك أو تقودها إلى بر الأمان
النفس ! ... عجيبة فريدة في تقلبها و أحوالها
النفس ! ... بحر الأماني ومستودع الأسرار
النفس ! ... تميل إلى رغائبها الآنيه وهواها
النفس ! ... يعجبها أن تسير طليقة لا حاجز يحجزها عن رغبتها
النفس ! ... كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطمِ
النفس ! ... مالدابة الجموح بأحوج إلى اللجام منها






ومجالات مجاهدة النفس لا تحصى كثرة: ولكنها يمكن أن تجمل في مطلبين:

المطلب الأول: تقوية صلة هذه النفس بخالقها وإلهها.
المطلب الثاني: محاسبتها ومخالفتة هواها ،





جهادنا لأنفسنا لا يتعارض مع حبنا لها ..بل حبنا لها يدفعنا إلى أن نبذل

قصارى جهدنا في سبيل نجاتها من النيران وفوزها بجنة الرضوان ..






هل رأيتم حكمة هذا الرجل الطاعن ؟

وماذا عنكـ أيها الشاب المليء بالقوة والحيوية والنشاط ؟

هل ستكون حارسا ً جيدا ً

أم ستتفلت منكـ هذهـ النفس الجامحة ؟






حــتـمـا

إن كنت حارسا ً جيدا ً

ستكون ملكا ً ...قد فاز بالجنان ,


( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا )






أتمنى لكم الفائدة والحكمة ,

و أسأل الله العظيم

أن يزكي أنفسنا جميعا ويلهمنا رشدها

ونكون من الفائزين