السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
تعالوا أخواتى الفاضلات وإخواني الكرام ، نتوقف قليلاً ونجلس مع انفسنا ونتعمق في قلوبنا لنعرف من أي نوع هي ومدي صلابتها وقوة إيمانها ، فالأيام تمر والسنوات تجري ولا ندري .. إلى متي سنظل متساهلين في هذا الأمر؟
فلا بد من وقفةٍ صادقةٍ مع النفس في محاسبةٍ جادةٍ، ومساءلةٍ دقيقةٍ .. قبل أن تموت قلوبنا ..!!!
وهناك شواهد كثيرة تحيط بنا لابد أن نتعظ من خلالها .. فهذه يد المنون تتخطف الأرواح من أجسادها ، تتخطفها وهي راقدة في منامها ، تعاجلها وهي تمشي في طرقاتها ، تقبضها وهي مكبة على أعمالها ، تتخطفها وتعاجلها من غير إنذار أو إشعار في كل زمان ومكان ..في الصغر وفي ريعان الشباب وفي الكبر .
ها هو القريب والصديق والجار والحبيب ، يصبح سليماُ معافى في صحته وحُلَّته ، ثم يمسي بين أطباق الثرى قد حيل بينه وبين الأحباب والأصحاب .. فسبحان الله ..!
هل من وقفة مع النفس ؟ ونحن نتعمق في ( ويلٌ للأغرار المغترين .. يأمنون الدنيا وهي غرارة .. ويثقون بها وهي مكارة .. ويركنون إليها وهي غدارة .. فارقهم ما ورأوا ما يكرهون. وحيل بينهم وبين ما يشتهون .
ثم جاءهم ما يوعدون .. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون )
أيها الأحبة في الله لابد في هذا من محاسبةٍ تَفُضُّ تغاليق الغفلة ، وتوقظ مشاعر الإقبال على الله في القلب واللسان والجوارح جميعاً .
من لم يظفر بذلك فحياته كلها والله هموم في هموم ، وأفكارٌ وغموم ، وآلامٌ وحسرات .. بل إن الله لم يبعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ، إلا بالمهمتين العظيمتين : علم الكتاب والحكمة وتزكية النفوس .
إن في القلوب فاقةً وحاجةً لا يسدها إلا الإقبال على الله ومحبته والإنابة إليه ، ولا يلم شعثها إلا حفظ الجوارح ، واجتناب المحرمات ، واتقاء الشبهات .. !
معرفة القلب من أعظم مطلوبات الدين، ومن أظهر المعالم في طريق الصالحين .. معرفة تستوجب اليقظة لخلجات القلب وخفقاته ، وحركاته ولفتاته ، والحذر من كل هاجس ، والاحتياط من المزالق والهواجس ، والتعلق الدائم بالله ؛ فهو مقلب القلوب والأبصار سبحانه .. ولا ينفع عند الله إلا القلب السليم .
والقلوب ( أربعـــــة ) : قلب تقي نقي فيه سراج منير فذلك قلب المؤمن ، وقلب أغلف مظلم ؛ فذلك قلب الكافر. وقلب مرتكس منكوس ؛ فذلك قلب المنافق ، عرف ثم أنكر ، وأبصر ثم عمي .. وقلبٌ تمده مادتان ؛ مادة إيمان ، ومادة نفاق فهو لِما غلب عليه منهما ... أسأل الله أن نكون جميعاً من أصحاب الفئة الأولى .
وفي القلب قوتان : قوة العلم في إدراك الحق ومعرفته والتمييز بينه وبين الباطل .. وقوة الإرادة والمحبة في طلب الحق ومحبته وإيثاره على الباطل .. فمن لم يعرف الحق فهو ضال ، ومن عرفه وآثر غيره عليه فهو مغضوب عليه .. ومن عرفه واتبعه فهو المنعم عليه السالك صراط ربه المستقيم ..
يقول ابن القيم رحمه الله : وهذا موضع لا يفهمه إلا الألبّاء من الناس والعقلاء ، ولا يعمل بمقتضاه إلا أهل الهمم العالية والنفوس الأبية الزاكية .
ورجل الدنيا وواحدها هو الذي يخاف موت قلبه لا موت بدنه ، وأكثر الخلق يخافون موت أبدانهم ، ولا يبالون بموت قلوبهم .
إذا كان الأمر كذلك أيها الأحبة الكرام .. فاعلموا أن صاحب القلب الحي يغدو ويروح ، ويمسي ويصبح وفي أعماقه حسٌ ومحاسبة لدقات قلبه ، وبصر عينه ، وسماع أذنه ، وحركة يده ، وسير قدمه ، إحساس بأن الليل يدبر، والصبح يتنفس ، والكون في أفلاكه يسبح بقدرة العليم وتدبير الحكيم عز وجل .
وللحديث والموضوع بقية إن شاء الله ، إذا كان في العمر بقية .. وحتي نلتقي على خير أترككم في أمان الله وحفظه ورعايته .
الروابط المفضلة