الشيخ فيصل مولوي اسم المفتي
ليس عندنا من الناحية الشرعية سوى عيدين: الفطر والأضحى. أما ما يسمّيه الغربيون عيد ميلاد لكلّ إنسان فهو لا يعدو أن يكون ذكرى مرور سنة على مولد هذا الإنسان. ولا بأس في هذه الذكرى أن يتزاور الناس وأن يتهادوا وأن يحمدوا الله على إطالة عمر هذا الإنسان سنة كاملة وهو يتمتّع بصحة طيبة ويقوم بواجباته الشرعية. فهذه المسائل تعتبر من الأمور المباحة ولا يدخل إليها الحرج الشرعي إلا إذا اعتبرت عيداً، أو إذا حدث فيها أنواع من المعاصي المخالفات الشرعية كأن يُقام في ذكرى ميلاد إنسان حفلات مختلطة ماجنة تُشرب فيها الخمور أو تتبرّج فيها النساء أو غير ذلك من المحرّمات. فإذا اقتصرت ذكرى ميلاد إنسان على الأمور المباحة شرعاً فلا حرج في ذلك إن شاء الله؛ لأنها تكون عند ذلك من أمور العادات التي تُعتبر فيها الإباحة هي الأصل. أمّا إذا اعتبرت ذكرى الميلاد عيداً فقد دخلت في معنى العبادات وهذه لا تكون مشروعة إلاّ بالنصّ. وقد أجبنا عن موضوع يوم الأم في سؤال سابق.
و عيد الأم
الدكتور محمد بكر اسماعيل اسم المفتي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله إن الاحتفال بهذا اليوم الذي تُكرم فيه الأم ويُسميه الناس "عيد الأم" هو مِن بدَع العادات لا مِن بدَع العبادات، وبدَع العادات لا يَأمر بها الإسلام ولا يَنهَى عنها إلا إذا كانت تتصل بالدِّين من قريب أو مِن بعيد، فإذا كانت هذه العادات تُعبِّر عن الوفاء والاعتراف بالجميل وتدعو إلى البرِّ والإحسان إلى مَن يَستحق البرَّ والإحسانَ، كالأمِّ والأبِ ومَن في حُكمهما كالجَدَّة والجَدِّ، فإن الإسلام يُبارك هذه العادات ويُقرُّها. أمَّا إذا كانت هذه العادات تُعبِّر عن الضِّدِّ مِن ذلك، أو يَترتَّب على فعْلها ما يَعيبه الإسلام ويَنهَى عنه، كالإسراف والتبذير والعبَث واللهْو واللعب والتفاخُر، فإن الإسلام يَنهَى عن ذلك ويُحذر منه. وقد كان للعرب عاداتٌ، بعضُها أقرَّها الإسلام على ما هو عليه، وبعضُها نهى عنه وحذَّر منه، وبعضها أقرَّه مع التعديل. ونَخلُص مِن هذا إلى أن عيد الأم ليس عيدًًا إسلاميًًّا؛ لأن الله ـ عز وجل ـ قد جعل للمسلمين عيدَينِ فقط هما عيدُ الفِطْرِ وعيد الأضحى. ومع ذلك لا يُعتبر هذا العيد بدْعةً؛ لأنه من قَبيل العادات كما قلنا. والبدْعة المُحرَّمة هي التي تُؤدي إلى زيادة في الدِّين أو تَغيير في السُّنَنِ، وعندئذٍ تكون هذه البدْعة ضلالةً، وكلُّ ضلالةٍ في النار كما جاء في الحديث الصحيح. وقد عرَّف "الشاطبيُّ" البدْعة في كتاب الاعتصام (1 /36) فقال: "هي طريقة في الدِّين مُخترَعة، تُضاهي الشرعيَّة، يُقصَد بالسلوك عليها التعبُّدُ لله سبحانه وتعالى". فالبدعة طريقةٌ مُخترَعة في الدِّين يَظنُّ مَن رآها أنها طريقةٌ مشروعة؛ لأن السالك لها يَتظاهر بالعبادة والخُضوع والطاعة أو يَعتقد أنه كذلك ويَحسب أنه يُحسن صُنْعًا. أما العادات فليست طريقةً مخترَعة في الدين، بل هي أمرٌ من أمور الدِّين تُرِكَ لنا تَوسعةً علينا، فإنْ أدَّتْ هذه الطريقة المُعتادة إلى إخلال بسُنة من السُّنن المشروعة فهي بدْعة. وعيد الأم لا يُؤدي إلى إخلال بالسنن المشروعة، وبالتالي لا يُعَدُّ مِن البِدَعِ. والله أعلم
أ.د عبد الفتاح عاشور اسم المفتي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: الاحتفال بأيام فيها تكريم للناس، أو إحياء ذكرى طيبة لم يقل أحد بأن هذا احتفال ديني، أو عيد من أعياد المسلمين، ولكنه فرصة لإبداء المشاعر الطيبة نحو من أسدوا لنا معروفًا، ومن ذلك ما يعرف بالاحتفال بيوم الأم، أو بعيد الأم، فإن الأم لها منزلة خاصة في دين الله، بل في كل دين، ولذلك يجب أن تكرم وأن تحترم وأن يحتفل بها، فلو اخترنا يومًا من أيام السنة يظهر الأبناء مشاعرهم الطيبة نحو أمهم وآبائهم لما كان في ذلك مانع شرعي، فلا تتأخري عن المشاركة في الاحتفال بهذا اليوم، ففيه خير عظيم للأسرة وللأبناء، وليس في هذا تقليد للغرب أو للشرق، فنحن نحتفل بهذا اليوم بما لا يخالف شرع الله، بل بالعكس نحن ننفذ ما أمر الله به من بر الوالدين والأم على وجه خاص، فليس في هذا مشابهة ولا تقليد لأحد. والله المستعان.
الشيخ فيصل مولوي اسم المفتي
تكريم الأم مطلوب على مدار السنة كلّها. واحترامها وطلب مرضاتها وخدمتها وسائر أعمال البرّ مطلوب طلباً مؤكداً في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما أصبح مشهوراً على ألسنة جميع الناس. إلا أن الغربيين اعتادوا على تحديد أحد أيام السنة واعتبروه عيداً للأم، يقوم أولادها فيه بتقديم الهدايا لها وتكريمها. والمسلمون ليس عندهم عيد من الناحية الشرعية إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، وما سوى ذلك من مناسبات تحدث فهي لا تتجاوز أن تكون مناسبة أو أن تسمّى مثلاً يوم الأمّ أو ذكرى يوم معيّن. فإذا اعتبرنا ما يسمّيه الغربيون عيداً للأمّ يوماً لتكريمها تكريماً إضافياً فليس هناك مانع شرعي في هذا الأمر. والحرج الشرعي يكون في اعتبار هذا اليوم عيداً بالمعنى الشرعي. ويكون كذلك في حصر تكريم الأم بهذا اليوم. فإذا انتفى هذان الأمران فلا حرج من تكريم الأمّ في يوم الأمّ، إلا عند الذين يعتبرون ذلك من قبيل تقليد غير المسلمين والتشبّه بهم. ونحن نعتقد أن تقليد غير المسلمين والتشبّه بهم لا يجوز فيما يكون من خصوصياتهم ولا أصل له في شرعنا. أمّا تكريم الأمّ فله أصل شرعي معروف؛ وبالتالي فإن هذا الأمر لا يعتبر من التشبّه الذي نُهينا عنه
الروابط المفضلة