أحوال المُتطيِّرين
إنَّ المتشائِمَ والمتطيِّر لا يخلو من حالين:
أحدهما:أن يحجِمَ عن حاجته للأمر الذي رآه أو سمِعه أو لزَمَنٍ ما أو مكانٍ ما ظنًّا أن ذلك سببٌ لعدم التوفيق وخوفًا من فسادِ أمرِه وحاجتِه، فهذا من أعظمِ الطّيَرة والتشاؤم، فقد روِي عن النبيِّ أنه قال: (من ردَّته الطيَرةُ عن حاجته فقد أشرك)[1].
الثانية مِن الأحوال:أن يمضيَ في حاجته لكن يكون في قلقٍ وهمٍّ، يخشى من كونِ هذا المتشاءَم به سببًا لفسادِ حاجَته، فهذا محرَّم أيضًا، وهو نَقص في التوحيد والاعتمادِ على الله -جلّ وعلا-.
فمَن وقَع في قلبه شيءٌ مِنَ الطِّيَرة؛ فالواجبُ عليه الحذَرُ من ذلك ودفعُه، والتوكُّل على الله -جلّ وعلا- والاعتماد عليه، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "ومَا مِنَّا إلاّ، ولكنّ الله يُذهِبه بالتوكّل"، ثمّ على من وقَع في قلبه شيءٌ من الطّيَرة أن يلتجئَ إلى الله -جلَّ وعلا-، وأن يدعوَ بما ورَد، ومنه ما رواه أبو داود بسندٍ صحيح عن [عروة] بن عامر -رضي الله عنه- قال: ذكِرَت الطيرةُ عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أحسنُها الفأل، ولا تردُّ مسلمًا، فإذا رأى أحدكم ما يكرَه؛ فليقل: اللّهمّ لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئاتِ إلا أنت، ولا حولَ ولا قوّة إلا بك)[2] ومنه أيضًا قوله: (اللّهمّ لا خيرَ إلا خيرُك، ولا طَيرَ إلاّ طيرك، ولا إلهَ غيرك)[3].
فمن توكَّل على اللهِ ووثِق به بحيث علَّق قلبَه بالله -جل وعلا-؛ خوفًا ورجاء وقطعَه عن الالتفاتِ إلى هذه الأمور، وقال ما أمِرَ من الأدعيَةِ، ومَضى في حاجتِه؛ فإنَّ ذلك لا يضرُّه -بإذنِ الله-.
للشيخ: حسين بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله-
[1]مسند أحمد (2/220) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال الهيثمي في المجمع (5/105): "رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات"، لكن رواه عن ابن لهيعة عبد الله بن وهب كما في جامعه (1/110)، ومن طريقه أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (293)، وحسن الحديث شعيب الأرنؤوط في تحقيقه للمسند (11/623)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1065).
[2]سنن أبي داود: كتاب الطب (3919)، وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة (5/310، 6/70)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/262)، والبيهقي في الشعب (2/63)، وصححه النووي في شرح صحيح مسلم (14/476)، لكن عروة بن عامر مختلف في صحبته، وقد جزم أبو أحمد العسكري والبيهقي في الدعوات بأن روايته مرسلة، وكذا الذهبي في المهذب (6/3234)، وابن حجر في الإصابة (6/415)، وأورده الألباني في ضعيف سنن أبي داود (843).
[3]أخرجه أحمد (2/220) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال الهيثمي في المجمع (5/105): "رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات"، لكن رواه عن ابن لهيعة عبد الله بن وهب كما في جامعه (1/110)، ومن طريقه أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (293)، وحسن الحديث شعيب الأرنؤوط في تحقيقه للمسند (11/623)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1065).
الروابط المفضلة