ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال : بعـض جهــال المتصــوفة يتــبعـــون
مشايخهم في ضلالهم وفسقهم بل الواحد منهم
أمام شيخه كالميت بين يدي مغسله يقلبه كيف
يشاء ،ظنا منهم أن الشيخ ولي تجب متابعته
لقـوله ( وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) لقمان15
والأدهـى وأمر من ذلك يعتقدون أنهم يعلمون
الغيب ، ويستـدلـون عـلى ذلك بقـــوله تعالى
( وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء)
كيف نرد عليهـم ؟ وما التفسيـر الصحيــح
لهاتين الآيتين ؟
الجـواب : الواجــب على المسلم اتباع ما أنزل
الله عـز وجل على نبيه مــن الكتــاب والسنــة
وفيهما الهدى والنور ، والحرص عـلى تفــهم
معانيهما والعمل بذلك وتحمل الأذى في سبيل
الاستمساك بصراط الله المستقيم الــذي كـــان
عليه النبي صلى الله عليـه وسلـم وأصحــابه
رضي الله عنهم ، قال الله جـل وعـــلا ( وَأَنَّ
هَـذَا صِـرَاطِـي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُــوهُ وَلاَ تَتَّبِعُــواْ
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِـهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُــونَ ) الأنعام153، وقــال سبحـانه
وتعالــى ( اتَّبِعُواْ مَا أُنــزِلَ إِلَيْكُــم مِّن رَّبِّكُـــمْ
وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ )
الأعــراف3 ، والآيـات في هذا المعنى كثيــرة
معلومة ، وعـلـــى المسلــم أن لا يلتفــت إلى
المخذليـــــن عـــن اتبـــاع الوحـــي المنـــزل
والمنحــرفين عنـه مـن أهل البدع والخرافات
والفجـور والموبقات ، وهذا هو معنى قــوله
سبحانه ( وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) يعــني
طريق المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله
المستسلميـن لربهم المنيبين إليه ، واتبـــاع
سبيلهــم : أن يسلك مسلــكهم في الإنابة إلى
الله تعـــالى التي هي انجــذاب دواعي القــلب
وإرادته إلى الله ، ثم يتبعها سعي البدن فيما
يرضي الله ويقرب منه سبحانه ، ومن هــذا
يعلم أن تقليد شخص منحرف عـن الوحـــي
المنــزل الذي هـو الصـراط المستقــيم سواء
باعتـقاده أو عــبادته أو سلــوكه أنه ضــلال
مبين ، وتنكب عن الصراط المستقيم نســأل
الله السلامة والعافية لنا ولجميع المسلمين .
ومعنى قول الله تعالى ( يَعْلَــمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِـــــهِ
إِلاَّ بِمَا شَاء ) هــذا خبر عن علم الله الواسع
المحيط وأنه يعلــم ما بين أيدي الخلائق من
الأمــور المستــقبـلة الــتي لا نــهاية لـــها ،
وما خلـفهــم من الأمور الماضــية ، وأنــــه
لا تخـفــى عليه خافية ، وأن الخلق لا يحيط
أحــد بشــيء من علم الله ومعلوماته إلا بما
شـاء منهـا وهو ما أطلعهم عليه من الأمور
الشرعية والقدرية ،وهو جزء يسير جدا في
علـم الله سبحانه ، كمـــا قال أعلم الخلق به
وهـم الرسل والملائكـة ( سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا
إِلاَّ مَا عَلَّمْتَــنَا ) البقرة32 ، فادعـــاء عــلـم
الغيب الذي استأثر الله به كفر بالله العظيم ؛
لأنه منــازعة لله فــي ربوبيــته ، قال تعالى
( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُــــهَا إِلاَّ هُــوَ )
الأنعـام59 ، وقـال سبحانه ( قُل لَّا يَعْلَمُ مَن
فِـي السَّمَـــاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْـــبَ إِلَّا اللَّهُ )
النمـل65 ، وقـــال جـل وعلا ( عَالِمُ الْغَيْبِ
فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَــى
مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِـــــنْ
خَلْفِهِ رَصَداً )سورة الجن ،فدلت هذه الآيات
عـلى أن الله سبحانه منفرد بعلم الغيب دون
خلقه ، ثم استثنى من ارتضاه من الرســـل
فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحــي
إليهم ، وجعله معجزة لهم ودلالة صادقــــة
عـلى نبوتهم ، وأما غيرهم فادعاؤهم علــم
الغيب كذب وافتراء على الله نعوذ بالله من
ذلك . وبالله التـــوفيق وصـلى الله على
نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنـــة الدائمــة للبحـــوث العلمــية والإفتاء
موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروابط المفضلة