ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمور ينبغي أن ينـــتبه لها المنكِـــر والآمـــر
والنـاهي قبل أن يأمر وينهى وينكر المنكر :
الأمر الأول ينبغـي للآمر بالمعروف والناهي
عن المنكر أن يلاحظ بباطنه لطف الله تعالى
به حيث حفظه من مثل المعصية ولو شاء
لكان الأمر بالعكس
الأمر الثاني أن يلاحظ بباطنه أنه لا يدري هل
يـدوم له هذا الحفظ أو يفتن والعياذ بالله وأنه
كــم من تائب عابد رجـع إلى المعاصي فقبض
عليها ، وكم من عاصٍ مسـرف تاب الله عليه
فتجب توبته ما سلف قبلها فقبض مغفورًا له
فيسأل الله الثبات والاستقامة ويكثر من قول:
"يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ "رواه
الحاكم في مستـدركه وقـال الألبانـي إســناده
صحيـح على شـرط مسلم ، كما كــان النبي
صلى الله عليه وسلم يكثـر من هذا الدعاء
فيكون متأسيًا بنبيه.
الأمر الثالث أن يكون بعيدًا عن الكبر والرياء
والاحتقار والازدراء فـلا يــرى لنفســه عــزة
وعلوًّا على المأمور والمنهي ، بالعلم والتنزّه
عن مثل هذه المعصية ولا يرى احتقار المنكر
عليه بالجهل والوقوع في المعصـية وإزدراء
لذلك حذرًا من أن يكون قصده الباطن بكلامه
إظهـار رتبته بشرف العــلم والعفــة ، وإذلال
صاحبه بنسبـتـه إلــى خســة الجهــل ورذالة
المعصيـة ، فإن علم من نفـسـه أن هذا هـــو
الباعث له على الإنكار ، فقد وقع فـي منكــر
أقبح في نفسه من المنكر الذي أنكره ،ومثله
فـي هـذا كمثــل مـن يخلـص غيره من النار
بإحراق نفسه ، وهـو كمن يأمر بالمعـروف
ولا يأتيه ،وينهى عن المنكر ويأتيه وهذه
مذلة عظيمة وغرور من الشيطان .
الأمر الرابع ينبغي للمحتسب أن يمتحن نفسه
ليتبين له سلامتها من الرياء والعجب وحــب
الظهور ، حيـنـما يأمر بالمعروف وينهى عن
المنكر ،وهو أن يكون قصده في الباطن زوال
المنكر وحصول المعروف ، سواء حصل ذلك
بسبـبه أو بــسبــب غيـــره ، ويـــرى أن هذا
الواجب ثـقـيـل وشاق ، ولو كفاه غيره وقـام
بواجب الأمـر بالمعروف والنهي عن المنكر،
فإنـه لا يغضب ولا يرى من نفسه كراهية بل
يفـرح بزوال المنكر وحصول المعروف ويود
مـن نفسه أن لو ساعــده وشاركــه ليحصــل
علـى الأجر ويكون في عداد الدعاة إلى الخير
والآمــرين بالمعــروف والناهين عن المنكر،
فهــــذه عـلامـات تدل على أنه مخلص ، وإن
فقـدت هـذه العلامات ورأى مـن نفسه كراهية
لـزوال المنكر على يد غيره ، ويثقل عليه أن
يـرجع هو عن المنكر بنفسه ويرى من نفسه
مسابقــة إلى الإنكار، خشـية أن يسبقه غيره
فيزول على يديه المنكر ، لا يقصد المـبادرة
إلى أداء هــــذا الواجــــب العظيم غيرةً على
محارم الله وإشاعةً للخير في أرض الله فإن
كان كذلك فليتق الله ولينكر على نفسه أولًا
الأمر الخامس : ينبغي للمحتسب أن لا يلتفت
إلى الوسـاوس والأوهام التي يلقيها الشيطان
بل يدفعها ويــقابلها بصريح الإيــمان ، وذلك
مثل مايلقيه الشيطان في نفس الآمر والناهي
من الخوف والجزع وتقدير وقوع المحـــذور،
مــن الضرب أو القتل أو أخـذ المال ،أو العزل
عـن المنصـب ، فإن هذه التقديرات كلــها في
الحقيقة مــن وساوس الشيطان ، ليثبطه عن
القــيام بأداء هذا الواجب، ويجعــله في عـداد
الساكتين المداهنين ،ليضله عن سبيل النجاة
حتى يحشر مع العصاة ، بل الواجب مقــابلة
ذلك بصريح الإيمان بسبـق القضاء والعلــــم
بكـل حـــركة وسكون ، وأن الرزق مقسوم ،
كــما أن الأجـــل محـتوم ، كما قـال صلى الله
عليه وسلم لابن عباس " وَاعْلمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ
اجْتَمَعَــتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَـيْءٍ لَمْ يَنْفَـعُوكَ
إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعَتْ عَلـى
أَنْ يَضُـرُّوكَ بِشَـيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ
كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفتِ الصُّحُفُ"
( رواه الترمذي وصححــه الالبـــاني ) فـإذا
استحضـر الداعية والمحتســب ذلك يكــون
واثقًا بربه غير مبال بما يحصل لـــه في
ذات الله صابرًا محتسبًا أجره عند الله
" القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف
والنهــي عــن المنكــر " للشيــخ عــبد العـــزيز الراجحي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروابط المفضلة