بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما.

أما بعد:

فإن الله تبارك وتعالى أنزل قصصًا في كتابه لكي تكون للناس عبرةً ونبراسًا ومنهاجًا كما قال سبحانه وتعالى : " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى " [يوسف:111].

ولهذا قام العلماء بأخذ الفوائد من القرآن الكريم في شتى أنواع العلوم ، ومن ذلك هذه الآيات التي اشتملت على العديد من الفوائد .

قال الله تعالى " وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين * لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين* فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنأ يقين* إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم * وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون* ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون " [النمل:20-25].

ومن هذه الفوائد:

الأولى : تفقد الرَّعية كما قال الله تعالى : "يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراوقودها الناس والحجارة..." [التحريم:6].
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-: " كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ،وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية فيبيت زوجها ، وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده، وهو مسؤول عن رعيته ،والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته".متفق عليه والحديث بهذا اللفظ هو عند أحمد 2/5، وأبوداود 2928 والترمذي1/318 ، وهذا الحديث يدل على السآل عن الرعية وتفقد أحوالهم وأيضاً قال عليه الصلاة السلام وقد سَأل يوم خيبر عن علي بن أبي طالب فقال : " أين علي فقيل هو يشتكي عينيه..."رواه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة خيبر برقم 4210 ومسلم كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي برقم 2406 من حديثسهل بن سعد- رضي الله عنه-.

الثانية : أن المتخلف يعاقب إلا إذا جاء بعذر ، لأنه بهذا يكون النظام في المجتمعات وحتى في الأسر وإلا عمت الفوضى بين الشعوب ولهذا قال الله سبحانه وتعالى : "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وألي الأمر منكم..." [النساء:59 ] ، وقد قال عليه الصلاة والسلام للمتخلفين عن غزوة تبوك : "ما خلَّفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ الحديث " متفق عليه.
وانظر لو أن كل أحد قد تخلف ماذا سوف يحصل؟ لذا كان من الواجب إعلام الأكابر من الحكام والعلماء واستشارتهم في الأمور الجسام .

الثالثة : أن الأنبياء لا تعلم الغيب ، قال الله تعالى : "قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله " [النمل:65] ، وقال سبحانه : "ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء" [الأعراف:188].
وفي الآيات أن سليمان لم يعرف عن حال بلقيس وقومها ولذلك قال : "أحط بما لم تحط به" [النمل:22].

الرابعة : لا يجوز للمرأة أن تكون رئيسة للبلاد ، ولهذا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه أحمد(5/38)من طريق عن أبي بكرة وهو (صحيح)انظر (صحيح الجامع)برقم(5225).

وهذه المسألة من المسائل السياسة الشرعية التي لا بد لنا أن نعرف علتها فإن النساء فيهن قُصْرً ذاتي ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : " ما رأت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لبٍّ منكن ، أما نقصان العقل فشهادة امرأتين بشهادة رجل ، وأما نقصان الدِّين ، فإن إحداكنَّ تفطر رمضان ، وتقيم أياماً لا تصلي " أخرجه مسلم (1/61)، وأبو داود(4679)وابن ماجه (4003)وأحمد(2/66-67)من طريق عن ابن الهاد به وقال عنه شيخنا الإمام الألباني-رحمه الله-:إسناده جيد،رجاله ثقات رجال الشيخين غير يعقوب وهو ابن كاسب وهو حسن الحديث وقد توبع،انظر (كتاب السنة)برقم(955).

الخامسة : ذكر السجود لأنه فيه مزية الذل والخضوع فلا يجوز صرفه لغير الله ، ولذلك قال الله – عز وجل- " وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا " [الجن:18].
والسجود لله – عز وجل – من أفضل العبادات التي ترضي ربَّ الأرض والسماوات كما قال عليه الصلاة والسلام : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء " رواه أحمد(2/421)ومسلم(2/49-50)وأبو داود(875)وكذا أبو عوانة في صحيحة (2/180)والنسائي(1/171) والبيهقي (2/110) وزاد أبو داود((فأكثروا الدعاء))من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.

السادسة : أن تزيين العمل الفاسد من الشيطان،كما قال الله سبحانه : " وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم..." [فصلت:25]، لأنهم ابتعدوا عن عبادة الله تبارك وتعالى فقال الله– عز وجل–: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين" [الزخرف:36] ولهذا كان أن صدهم عن السبيل ، وأن نهايتهم أنهم لا يهتدون.

السابعة : التثبت من الأقوال قبل الحكم على قائلها ، قال الله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات:6] وهذا التثبت يدل على رجاحة عقل المتثبت حيث أنه أنجي نفسه من الندم في العاقبة ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : " كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع " أخرجه مسلم في مقدمة ((صحيحه))(1/8)،وأبو داود(4992) وغيرهما من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - .

الثامنة : أن الدعوة إلى الله تكليف لا تشريف ، فهذه الدعوة التي ابتعد كثير من الناس عنها مع أنها دعوة حق ، ولقد كلفنا بها كما قال الله سبحانه: "ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة..." [النحل:125].
ويا ليتنا نكون بهمة هذا الهدهد الذي أدخل أمة في الإسلام .

التاسعة : الخبئ في السماوات هو المطر وفي الأرض هو النبات، فإن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض حتى الحبة الصغيرة كما قال سبحانه وتعالى: "يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير}[لقمان:16]، ولذلك قال:{ويعلم ما تخفون وما تعلنون "

[النمل:25].

منقوووول للفائدة

جزاك الله خيراً
موضوعك عظيم الفائدة
جعله الله في ميزان حسناتك يوم تلقاه

جزاكم الله خيرا