موانع التكفير:المانع الأول الجهل

التكفير عند أهل السنة والجماعة له موانع يمنع من تنزيل الحكم على الشخص بعينه؛ إلا بعد توفر الشروط، وانتفاء الموانع التي تمنع تكفير المعين، ومن هذه الموانع وأهمها:
أولاً: الجهل
ثانياً: الخطأ
ثالثاً: الإكراه
رابعاً: التأويل
خامساً: التقليد.
ولعلنا نقف مع كل مانع وقفة قصيرة نستلهم منها ما ذكره العلماء الموثوقون الذين شهد لهم القاصي والداني بالثقة والمتانة في العلم.
فالمانع الأول هو الجهل:
وأشهر الأدلة فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً، فلما مات فعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيتك، فغفر له" رواه البخاري ومسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على هذا الحديث: (فهذا الرجل ظن أن الله لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرق، فظن أنه لا يعيده إذا صار كذلك، وكل واحد من إنكار قدرة الله تعالى، وإنكار معاد الأبدان و إن تفرقت كفر، لكنه كان مع إيمانه بالله وإيمانه بأمره وخشيته منه جاهلاً بذلك، ضالاً في هذا الظن مخطئاً، فغفر الله له ذلك، والحديث صريح في أن الرجل طمع أن لا يعيده إذا فعل ذلك، وأدنى هذا أن يكون شاكاً في المعاد، وذلك كفر إذا قامت حجة النبوة على منكره حكم بكفره ... .) مجموع الفتاوى 11/409
وقال الإمام الخطابي رحمه الله: (قد يستشكل هذا فيقال: كيف يغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحياء الموتى؟ والجواب أنه لم ينكر البعث وإنما جهل فظن أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله) فتح الباري 6/523.