بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
له الحمد على ما أعطى و له الحمد على ما منع
فما أعطى إلا فضلا منه و كرماً و ما منع إلا لحكمة
فله الحمد دائما و أبدا
و الصلاة و السلام على من جعله الله سبباً لكل خير نحن فيه
اللهم صلى على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد
و بارك على محمد و على آل محمدكما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

كيف تقيس نفسك ؟

يقول ابن القيم –رحمه الله – فى كتابه "الداء والدواء" :-
إن الكمال الإنساني مداره على أصلين:
1.معرفة الحق من الباطل
2.وإيثاره عليه
وما تفاوتت منازل الخلق عند الله تعالى في الدنيا والآخرة إلا بقدرتفاوت منازلهم في هذين الأمرين,
وهما اللذان أثنى الله سبحانه على أنبيائه بهما في قوله تعالى:
{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ص45
فالأيدي: القوى في تنفيذ الحق,
والأبصار: البصائر في الدين,
فوصفهم بكمال إدراك الحق وكمال تنفيذه.
وانقسم الناس في هذا المقام أربعة أقسام:

القسم الأول: الأنبياء, وهؤلاء أشرف الأقسام من الخلق
وأكرمهم على الله تعالى.

القسم الثاني: عكس هؤلاء, من لا بصيرة له في الدين,
ولا قوة على تنفيذ الحق, وهمأكثر هذا الخلق, وهم الذين رؤيتهم أذى العيون وحمى الأرواح, وسقم القلوب, يضيقون الديار, ويغلون الأسعار, ولا يستفاد بصحبتهم إلا العار والشنار.

القسم الثالث: من له بصيرة بالحق ومعرفة به,
لكنه ضعيف لا قوة له على تنفيذه, ولاالدعوة إليه, وهذا حال المؤمن الضعيف,
والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله منه.

القسم الرابع: من له قوة وهمة وعزيمة,
لكنه ضعيف البصيرة في الدين,
لا يكاد يميزبين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان, بل يحسب كل سوداء تمرة, وكل بيضاء شحمة,
يحسب الورم شحما, والدواء النافع سما.

وليس من هؤلاء من يصلح للإمامة في الدين, ولا هو موضع لها سوى القسم الأول
قال الله تعالى :
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }
[lالسجدة24
فأخبر سبحانه أن بالصبر واليقين نالوا الإمامة في الدين, وهؤلاء هم الذين استثناهم اللهسبحانه من جملة الخاسرين, وأقسم بالعصر –الذي هو زمن سعي الخاسرين والرابحين− على أن من عداهم فهو من الخاسرين, فقال تعالى:
وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3}
العصر
ونلاحظ أن الآيات لم تكتِف بذكر معرفتهم للحق, وصبرهم عليه,
بل ذكرت أيضا أنهم يوصي بعضهم بعضا به,
ويرشدون إليه
, ويحض بعضهم بعضا عليه.
،،،،،،،،،،

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسِيرُ فِى طَرِيقِ مَكَّةَ

فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ « سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ ».
قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ « الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ
صحيح مسلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين

إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين
أستغفر الله الذى لا إله إلا هو و أتوب إليه