عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما – قال: أقبل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-فقال: (يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن -وأعوذ بالله أن تدركوهن-: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم)[8].

ويقول عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-: "إنه لم يظهر المنكر في قوم قط، ثم لم ينههم أهل الصلاح بينهم إلا أصابهم الله بعذاب من عنده أو بأيدي من يشاء من عباده، ولا يزال الناس معصومين من العقوبات والنقمات ما قمع أهل الباطل واستخفي فيهم بالمحارم".

ويقول القرطبي-رحمه الله تعالى-: "قيل كل بلدة يكون فيها أربعة فأهلها معصومون من البلاء: إمام عادل لا يظلم، وعالم على سبيل الهدى، ومشايخ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحرضون على طلب العلم والقرآن، ونساؤهم مستورات لا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى".

يا عبد الله.. لا تأمن سوى ما اقترفت الخطايا والآثام.. يقول عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-: (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنها في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فطار)[9].

وقال الحسن البصري -رحمه الله تعالى-: "المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن".

يا عامر ما يقطن.. يا هالك ما يفطن.. يا ساكن الحجرات مالك غير قبرك مسكن.. أحدث لربك توبة وسبيلها لك ممكن.. فكأن شخصك لم يكن في الناس ساعة تدفن.. وكأن أهلك قد بكوا سرًا عليك وأعلنوا.. فإذا مضت بك ليلة فكأنهم لم يحزنوا.. الناس في غفلاتهم ورحى المنية تطحن.. ما دون دائرة الردى حصن لمن يتحصَّن.. مالي رأيتك تطمئن للحياة وتركن.. وجمعت ما لا ينبغي وبنيت ما لا تسكن.. وسلكت فيما أنت به في الدنيا متيقن.. أظننت أن حوادث الأيام لا تتمكن؟!


قال تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ*أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ*أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 46،45].



للشيخ: صلاح البدير -حفظه الله-
(بتصرف)