الصبـــــــــــــــــــر ..
الصبر مجاهدة الإحباط , ومراغمة الفشل , ومنازلة الخطوب , الصبر قبض على الجمر , وستر للجرح , وكتمان للمصيبة , وتنسم للهواء , الصبر زاد لاينفد , ومعين لا ينضب , وصاحب لا يمل ..
من أضجت قلبه الأزمات فدواؤه الصبر , ومن أدمت عينيه النكبات فضمادها الصبر ..تأتي الكربات ظلمات بعضها فوق بعض عاصفة ناسفة قاصفة فيأتي الصبر فيكشحها ..
يوم لا قريب يواسي , ولا صديق يعزي , ولا صاحب يتفجع , ينوب الصبر عن الجميع , ويتكلم بلسان الكل , ويؤدي واجب الصحبة والقرابة ..
والصبر الجميل لا شكوى فيه فلا يخدش وجه محاسنه اعتراض ولا يلثم تاجه تسخط ..
والصبر الجميل سكون للقضاء , واطمئنان للعاقبة , وانتظار للفرج , واحتساب للأجر ..
والصبر الجميل هو حمل المصيبة بصمت , وتلقي الفاجعة بسكون , وتقبل الصدمة برضا ..
ومما يعين على الصبر الجميل : اعتقاد فساد الحيلة في دفع القدر , وصحة العاقبة لمن احتسب وصبر , والنظر فيمن بقي من الخلف في النفس والولد والدين والمال , ومشاهدة خيام أهل البلاء , ومطالعة أدوية المصابين , ففي كل وادٍ بنو سعد وما خلت جيبة من مصيبة , ومع كل فرح ترح , وعند الحبرة عبرة ( ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ) ..
الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد , فمن لا رأس له لا جسد له , ومن لا صبر له لا إيمان له ..
المعصية لا تقاوم إلا بالصبر لئلا تضعف النفس , ويخور القلب , وتقع الواقعة ..
وإذا حصل الصبر حل الأجر , ونبل الذكر , وانشرح الصدر , ويوم يحضر الصبر مع المصيبة , تصبح الخسائر أرباحاً , والمغارم مغانماً , والأتراح أفراحاً ..
أعظم نماذج على الصبر ..
صبر آدم على مفارقة الوطن الأول من الجنة , وصبر نوح على فقد الولد , وصبر إبراهيم مقام ذبح الأبن , وصبر يعقوب على فراق يوسف , وصبر موسى على أذى الطاغية , وصبر عيسى على ألم الفقر , وأما رسولنا صلى الله عليه وسلم فصبر عليها كلها , وعاشها كلها , ففاز بالمقامات كلها , صبر على فراق الوطن , ومراتع الفتوة وملاعب الصبا , وربوع الشباب , فترك الأهل والعشيرة , فسالت أرواح أبنائه لديه , وقعقعت أنفسهم أمام ناظريه .
وصبر على ألم الأذى فأوذي في المنهج والوطن , والسمعة والخلق والرسالة والزوجة ..
وصبر على شماتة العدو , وتنكر الصديق , وعقوق القريب , ونيل الحاسد , وتشفي الحاقد , وتألب الخصوم , وصولة الباطل , وقلة الناصر , وصبر على شظف العيش , وجفاف الفقر , ومضض الحاجة , وقلة ذات اليد , وعوز المعيشة , وحرارة الجوع , ومرارة الفاقة ..
وصبر على غلبة الخصم , وقتل القريب , وأسر الحبيب , والتنكيل بالاتباع , والجراح في البدن , وقعقعة الغارات , وأهوال الغزوات ..
وصبر على خيانات اليهود , ومراوغة المنافقين , ومجابهة المشركين , وبطء استجابة المدعوين ..
ثم صبر على فرح الفتح وسرور الانتصار , وجلبة إقبال الدنيا , وإذعان الملوك , واستسلام الجبابرة , ودخول الناس في دين الله أفواجاً ..
صبر وهو يرى الكنوز تفرغ في أوعية الناس فلم يأخذ منها درهماً واحداً ..
الأب مات ولم يره , والأم توفيت ولم تتم رضاعه , والجد فارق الدنيا ولم يحطه برعاية , والعم ذهب وقت النضال , وخديجة ودعت يوم الحزن , والابن سالت روحه يوم تمام الحب , وعائشة ترمى ساعة كمال الأنس , وحمزة يقتل زمن المصاولة sid
ياحبيبي يارسول الله " هل هناك من تحمل الاذى والظلم والمصائب مثل ماتحمل عليه أفضل الصلاة والسلام ؟؟؟؟!!!!!!! هل هناك من صبر على كل هذا البلاء مثل الرسول عليه الصلاة والسلام ؟؟؟؟ "
ألا يكفينا شرفاً أن نتبع سنة الرسول الكريم ونسير على نهجه لما تحمل من ألم وعذاب من أجل ان ننعم نحن أمته بنعمة الإسلام ..
لقد أنس بالمدينة فنغص عليه المنافقون أنسه , استبشر بالنصر في بدر فأسرعته غصة الألم في أحد , أزهر وجهه كالقمر ليلة البدر فشج بالسهام , وتلألأت أسنانه كالبرد فكسرت ثنيته في المعركة sid sid sid
فصبر صبراً جميلاً في كل مقامات العبودية , صبر في رضاه وغضبه , وسلمه وحربه , وغناه وفقره , فصار إمام الصابرين , وقدوة الشاكرين ..
اللهم ثبتنا على سنته , ووفقنا لسيرته , وانصرنا بدعوته ..
اللهم آآآآآآآآآآآمين ..
الروابط المفضلة