بسم الله الرحمن الرحيم
يقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسيره للآية (127) من سورة البقرة
إن مقام إبراهيم عليه السلام لشهادة عبر العصور توضح كيف استقبل ابراهيم عليه السلام تكليف الله تعالى له ببناء البيت(وهو في الحقيقة إعادة بناء لأنه كان مبنياً من قبل بواسطة آدَم أَبُو الْبَشَر بِأَمْرِ اللَّه إيَّاهُ بِذَلِكَ , ثُمَّ دُرِسَ مَكَانه وَتَعَفَّى أَثَره بَعْده حَتَّى بَوَّأَهُ اللَّه إبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ؛فما فعله إبراهيم بمساعدة إسماعيل -عليهما السلام -هو رفع القواعد من البيت المبني من قبل )
فكان استقبال إبراهيم لهذا التكليف استقبال العاشق،
ومن ثم فإن أداءه للتكليف كان بعقل وقلب المحب
...كيف؟!!
قد كان يستطيع عليه السلام ان يرفع القواعد حتى يبلغ البيت طوله فقط
وكان هذا يُسقط عنه التكليف ، ويرفع عنه الحرج أمام الله سبحانه ....
ولكنه اجتهد بكل ما استطاع من إمكانات لأداء التكليف بأفضل صورة ممكنة ،
فلم يكن يملك سُلَّماً حتى يرفعه ويقف فوقه ، ولا أية أداة من أدوات البناء؛ ولكن غياب هذه النِّعَم لم يمنعه من أن يجتهد ؛ فبحث هو وإسماعيل -عليهما السلام- حتى وجدا أطول حجر يستطيعان حمله ، لكي يقف عليه إبراهيم ويُعلي بناء البيت أكثر وأكثر !!
وأما العلامتان الموجودتان في مقام إبراهيم-كما يقول فضيلة الشيخ الشعراوي- لقد اجتهدتُ والله أعلم فاستنتجتُ أن إبراهيم عليه السلام حفر في الحجر الذي كان يقف عليه حفرتين بشكل القدمين تقريبا ليقف داخلهماحتى يثبِّت قدميه وهو يبني ،لأن الحجر أملس والوقوف عليه بثبات يُعد مستحيلا..
لهذا لا نرى في مقام إبراهيم آثاراً لأصابع القدمين ...إذن هي- كما استنتج الشيخ الشعراوي- حفرتين وليستا علامات أقدام إبراهيم عليه السلام ، والله أعلم...
وأيَّاً كان الأمر...فأيٌّ مِنَّا يستقبل تكليف ربه بهذا العشق؟!!!
وأيٌُّ مِنَّا يؤديه باجتهاد المُحب ليُرضي حبيبه؟!!!
ثم تأملوامعي!!!
بعد كل هذا الاجتهاد والتعب والمشقة ماذا قلا عليهما السلام؟
لم يقولا ها نحن قد اجتهدنا وفعلنا ما بوسعنا ، وتعبنا... بل كانا سعداء وكل ما تمنياه فقط هو أن يتقبل الله منهما، فهاهما يتأدبان مع رب العباد ويقولا: " رَبّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم "
أي تفضَّل علينا يا رب بالأجر والثواب عما فعلناه لأجلك وتنفيذاً لأمرك ، فأنت السميع لدعاءنا والعليم بإخلاصنا في النِّية !!
فكم نتعلم من هذا الموقف ؟!!!
وكم من الدروس والعِبر نتذكرها كلما رأينا مقام إبراهيم ؟!!!!!
الروابط المفضلة