انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 2 12 الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 20

الموضوع: قـضـيـة تـحـريـر الـمـرأة * مـتــجــدد *

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر

    flower3 قـضـيـة تـحـريـر الـمـرأة * مـتــجــدد *

    قضية تحرير المرأة
    الاستاذ: محمد قطب
    -1-

    المقدمة
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    * السؤال الذي يطرح نفسه ونحن نتحدث عن قضية تحرير المرأة هو:هل للمرأة قضية في مجتمعنا؟ولماذا هذه الإثارة حول المرأة؟هل ضاعت هويتها لدرجة أن تطرح أسئلة عريضة مثل: أيتها المرأة أين هويتك؟أو هل هي مظلومة حتى تعلن المرافعة ضد الرجل؟
    إن وضع المرأة ومهمتها في المجتمع قضية واضحة في دين الله، لذلك جاءت التشريعات الخاصة ببناء البيت المسلم والمجتمع المسلم وبالعلاقات بين الرجل والمرأة محددة وواضحة، بل إن الأصل الذي قام عليه مبدأ الذكر والأنثى في الكون هو الذي أصله الدين، وهو وضوح هوية المرأة ووضوح مهمتها في الحياة.
    لقد تخصص كل من الرجل والمرأة بمهمة لا يستطيع الآخر أن يقوم بها بالصورة المطلوبة:
    فالمرأة مشغولة في البيت، فالأصل بقاؤها فيه لتؤدي رسالتها إلا لحاجة تخرجها عن الأصل. والرجل يتولى أمور ما خارج البيت، وإذا اختلطت المهام بينهما حصل الاضطراب حتى يشمل المجتمع، ثم الحياة كلها.
    ونقول بعد ذلك: إذا كانت لقضايا المرأة المطروحة ما يفسر أسباب إثارتها في مجتمعات معينة، نقول يفسرها ولا يبررها، فإننا لا نجد تبريرا بل ولا تفسيرا لطرح هذه القضايا وإثارتها في مجتمعنا، حيث تسود قيم الإسلام الضابطة لوضع المرأة في المجتمع.
    لذلك يأتي تحذيرنا لكل الغيورين في مجتمعنا من مثل هذه الدعوات التي تريد إخراج المرأة عن بيتها وعن مهمتها ورسالتها وطبيعتها، وإذا حصل ذلك- لا سمح الله- فلا تسأل عن هلكة المجتمع.
    * إن وضع المرأة في مجتمعنا لا يمكن أن تحلم به تلك المرأة الغربية سواء كانت بنتا أو زوجة أو أما.
    وبنظرة موضوعية لوضع المرأة في الغرب: وهي بنت تتقاذفها أيدي الذئاب البشرية.
    أو زوجة كادحة لا تأوي إلى بيتها إلا كالة مرهقة لتشارك الرجل حتى في دفع أقساط السيارة وإلا فلا قيمة لها.
    وأما يقذفها أولادها بالنهاية في إحدى دور الرعاية الاجتماعية.
    نقول بنظرة منصفة إلى حال المرأة المسلمة في مجتمعنا وهي بنت مصونة يحافظ عليها الرجل كجزء من حياته.
    أو وهي زوجة مكفولة بواسطة الرجل حتى ولو ملكت ما ملكت من المال.
    بل يظهر البون الشاسع وهي أم أو جدة تتحول إلى ملكة في كيان أولادها وأحفادها.
    إن المرأة في الغرب مظلومة ومبتذلة حقا، إنها تستحق أن يرفع لها قضية ترافع بها الرجل الذي يبتزها، وذلك من أجل إنصافها.
    فمهلا يا دعاة التغريب!! ويا دعاة البحث عن هوية المرأة!! الإنصاف والموضوعية والقيم.. الزموها!!
    ويا دعاة الإصلاح وأصحاب الغيرة: اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم:((... اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)). وحديث: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) وغير ذلك من التحذيرات من الذي لا ينطق عن الهوى.
    * وكجزء من المشاركة في تحذير مجتمعنا وإنذاره من الخطر الذي أصاب الأم في دعوة ما يسمى ب "تحرير المرأة" من أن يحل بنا، لذا قمنا باستلال أحد فصول الكتاب القيم "واقعنا المعاصر" وهو فصل "تحرير المرأة" بعد إذن المؤلف والناشر.

    وذلك لأن هذا الفصل يتحدث بصورة واعية عن مراحل إخراج المرأة من بيتها وإفسادها في النهاية فيما يسمى عند العلمانيين بـ(( تحرير المرأة)) وذلك في المجتمع المصري.

    ولأننا نعتقد أن تجربة المجتمع المصري عمت بها البلوى في المجتمعات الأخرى، لذا رأينا أن من واجبنا إيضاح الأمر وبيانه حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها فتذوقوا السوء.
    وهي رسالة نرجو أن يتبعها رسائل أخرى في هذا الميدان بل وفي ميادين أخرى وذلك لتوضيح جوانب من محاور هجوم التيار العلماني على دين الأمة وقيمها.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر

    flower3 قضية تحرير المرأة -2-

    قضية تحرير المرأة

    الاستاذ: محمد قطب
    -2-

    قضية تحرير المرأة

    [بطل] هذه القصة هو: قاسم أمين..
    شاب نشأ في أسرة تركية مصرية- أي محافظة- فيه ذكاء غير عادي. حصل على ليسانس الحقوق الفرنسية من القاهرة وهو في سن العشرين. بينما كان هناك في عصره من يحصل على الشهادة الابتدائية في سن الخامسة والعشرين!
    ومن هناك التقطه الذين يبحثون عن الكفاءات النادرة والعبقريات الفذة ليفسدوها، ويفسدوا الأمة من ورائها! التقطوه وابتعثوه إلى فرنسا.. لأمر يراد.
    اطلع قبل ذهابه إلى فرنسا على رسالة لمستشرق يتهم الإسلام باحتقار المرأة وعدم الاعتراف بكيانها الإنساني. وغلى الدم في عروقه- كما يصف في مذكراته- وقرر أن يرد على هذا المستشرق ويفند افتراءاته على ا لإسلام.
    ولكنه عاد بوجه غير الذي ذهب به! لقد أثرت رحلته إلى فرنسا في هذه السن المبكرة تأثيرا بالغا في كيانه كله، فعاد إلى مصر بفكر جديد، وعقل جديد، ووجهة جديدة..عاد يدعو إلى تعليم المرأة وتحريرها على المنهج ذاته الذي وضعه المبشرون وهم يخططون لهدم الإسلام!
    * يقول في مذكراته: إنه التقى هناك بفتاة فرنسية أصبحت صديقة حميمة له! وإنه نشأ بينه وبينها علاقة عاطفية عميقة، ولكنها بريئة،.. وإنها كانت تصحبه إلى بيوت الأسر الفرنسية والنوادي والصالونات الفرنسية، فتفتح في وجهه البيوت والنوادي والصالونات، ويكون فيها موضع الترحيب...
    وسواء كان هو الذي التقى بها أم كانت موضوعة في طريقه عمدا ليلتقي بها، فقد لعبت هذه الفتاة بعقله كما لعبت بقلبه، وغيرت مجرى حياته، وجعلته صالحا للعب الدور المطلوب الذي قررت مؤتمرات التبشير أنه لابد منه لهدم الإسلام!
    * ونحن نميل إلى تصديقه في قوله إن العلاقة بينه وبينها كانت [بريئة].. لا بالمعنى الإسلامي للبراءة بطبيعة الحال، ولكن بمعنى عدم وصول هذه العلاقة إلى درجة الفاحشة. فإنها- على هذه الصورة- تكون أقدر على تغيير أفكاره من العلاقة المبتذلة التي تؤدي إلى الفاحشة؛ لأن الفتاة ستكون حينئذ ساقطة في حسه غير جديرة بالاحترام، وغير جديرة بأن تكون مصدراً [إلهام]! وسواء كانت الفتاة قد [مثلت] الدور بإتقان، لتظل العلاقة بينه وبينها [روحية] و[فكرية] لتستطيع التأثير عليه، أم كانت تربيته المحافظة في الأسرة المنحدرة من أصل تركي هي التي وقفت بهذه العلاقة عند هذا الحد الذي يصفها بالبراءة.. فالنتيجة النهائية كانت انقلابا كاملا في كل كيانه.
    * ولنحاول أن نتصور كيف حدث التغيير؟

    هذا شاب عبقري، نعم، ولكنه قادم من بلاد محتلة، تحتلها إحدى الدول الأوروبية.. وهو قادم إلى أوروبا.. تلك التي يتحدث قومه عنها بانبهار المأخوذ، وتمثل في حسهم العملاق الضخم الذي يتضاءل الشرق أمامه وينزوي. فنستطيع عندئذ أن نتوقع أنه قادم إلى أوروبا وهو منخنس داخل نفسه، يحس بالضآلة والقزامة، ويتوجس أن يزدرى في بلاد العمالقة؛ لأنه قزم قادم من بلاد الأقزام، وأقصى ما يتمناه قلبه أن يجد الطمأنينة النفسية والعقلية في تلك البلاد الغربية التي لا يكاد يستوعبها الخيال!
    * وبينما هو كذلك- منكمش متوجس- إذا هذه الفتاة تبرز له في الطريق فتؤنس وحشته بادئ ذي بدء، فيزول عنه انكماشه وتوجسه، ويذهب عنه توتر أعصابه، ويشعر بالطمأنينة في المهجر.
    * ثم إن هذه الفتاة تبادله عواطفه- كما قص في مذكراته- فيشعر فوق الطمأنينة بالسعادة والغبطة، ويزداد استقرار نفسه فلا يعود يشعر بالغربة النفسية الداخلية، وإن بقيت الغربة بالنسبة للمجتمع الخارجي الذي لم يحتك به بعد.
    غير أن الفتاة تنتقل معه- فتنقله- خطوة أخرى. فهي تصحبه إلى الأسر الفرنسية، فتفتح له تلك الأسر أبوابها وترحب به، وتصحبه إلى النوادي والصالونات فترحب به كذلك. وهنا تزول الغربة نهائيا، سواء بالنسبة لمشاعره الخاصة أو بالنسبة للمجتمع الخارجي، وينطلق في المجتمع الجديد واثقا من نفسه، واثقا من خطواته.
    * كيف تصير الأمور الآن في نفسه؟!
    * كيف ينظر إلى العلاقة بينه وبين هذه الفتاة؟
    * وكيف ينظر إلى التقاليد التي تم عن طريقها كل ما تم في نفسه من تغيير؟! علاقة [بريئة]..أي لم تصل إلى الفاحشة.. نمت من خلالها نفسه نموا هائلا، فخرجت من انكماشها وعزلتها، واكتسبت إيجابية وفاعلية، مع نمو في الثقافة، وسعة في الأفق، ونشاط وحيوية.

    ما عيب هذه التقاليد إذن؟ وما المانع أن تكون تقاليدنا نحن على هذا النحو البريء،؟!
    هناك بلا شك- مهما أحسنا الظن- مجموعة من المغالطات في هذا المنطق،:
    المغالطة الأولى:هي دعواه ! ببراءة، هذه العلاقة على اعتبار خلوها من الفاحشة المبينة. فحتى لو صدقناه- ونحن أميل إلى تصديقه كما قلنا- فهي ليست بريئة في الميزان الإسلامي الذي يقيس به المسلم أمور حياته كلها. فهي تشتمل على خلوة محرمة في ذاتها سواء أدت إلى الفاحشة أم لم تؤد إليها. وهي محرمة في دين الله لحكمة واضحة لأنها تؤدي في النهاية- حتما- إلى الفاحشة، إن لم يكن في أول مرة- ولا حتى في أول جيل- فإنه ما من مرة أباحت البشرية لنفسها هذه الخلوة إلا وصلت إلى الفاحشة في نهاية المطاف. لم تشذ عن ذلك أمة في التاريخ!
    والمغالطة الثانية:هي تجاهله ما هو واقع بالفعل في المجتمع الفرنسي من آثار مثل هذه العلاقة، وقد علم يقينا بلا شك أن ذلك المجتمع يعج بألوان من العلاقات الأخرى [غير البريئة] ويسمح بها بلا رادع. فلم يكن ذلك سرا مخفيا عن أحد ممن يعيش في ذلك المجتمع، سواء من أهله أو من الوافدين عليه. فحتى لو صدقناه في أن علاقته هو الخاصة لم تصل إلى ما يصل إليه مثلها في ذلك المجتمع- لظروف خاصة مانعة في نفسه أو في نفسها- فليس ذلك حجة لإباحة تلك العلاقات، أو الدعوة إلى مثلها، وهو يرى بنفسه نتائجها الواقعية حين يبيحها المجتمع.
    والمغالطة الثالثة:هي زعمه في كتابه الأول ((تحرير المرأة)) أن هذا التحرير لن ينتج عنه إلا الخير، ولن تنشأ عنه العلاقات الدنسة التي رآها بعينه في المجتمع الفرنسي..إنما سينشأ عنه تقوية أواصر المجتمع وربطها برباط متين!.
    وأيا كان الأمر فقد عاد قاسم أمين من فرنسا داعيا لتحرير المرأة. داعيا إلى السفور ونزع الحجاب!
    * نفس الدعوة التي دعا بها رفاعة الطهطاوي من قبل عند عودته من فرنسا.مع فارق رئيسي،لا في الدعوة ذاتها ولكن في المدعوين! فإن أكثر من نصف قرن من الغزو الفكري المستمر كانت قد فعلت فعلها في نفوس الناس، فلم تقابل دعوة قاسم أمين بالاستنكار البات الذي قوبلت به دعوة رفاعة الطهطاوي، ولم توءد في مهدها، كما وئدت الدعوة الأخرى من قبل!
    * ومع ذلك فلم يكن الأمر سهلا. فقد أثار كتاب ((تحرير المرأة)) معارضة عنيفة جعلت قاسم أمين ينزوي في بيته خوفا أو يأسا، ويعزم على نفض يده من الموضوع كله. ولكن سعد زغلول شجعه، وقال له: امض في طريقك وسوف أحميك!
    * عندئذ قرر أن يعود، وأن يسفر عن وجهه تماما! فلئن كان في الكتاب الأول قد تمحك في الإسلام، وقال إنه يريد للمرأة المسلمة ما أعطاها الإسلام من حقوق، وفي مقدمتها التعليم، فقد أسقط الإسلام في كتابه الثاني ((المرأة الجديدة)) ولم يعد يذكره. إنما صار يعلن أن المرأة المصرية ينبغي أن تصنع كما صنعت أختها الفرنسية، لكي تتقدم وتتحرر، ويتقدم المجتمع كله ويتحرر! وهكذا سقط الحاجز المميز للمرأة المسلمة، وصارت هي والمشركة أختين بلا افتراق!
    * بل وصل الأمر إلى الدعوة إلى السير في الطريق ذاته الذي سارت فيه الغربية من قبل، ولو أدى ذلك إلى المرور في جميع الأدوار التي قطعتها وتقطعها النساء الغربيات. وقد كان من بين تلك الأدوار ما يعلمه قاسم أمين- ولا شك- من التبذل وانحلال الأخلاق!
    قال:
    * ((.. ولا نرى مانعا من السير في تلك الطريق التي سبقتنا إليها الأمم الغربية، لأننا نشاهد أن الغربيين يظهر تقدمهم في المدنية يوما فيوما".
    * ((.. وبالجملة فإننا لا نهاب أن نقول بوجوب منح نسائيا حقوقهن في حرية الفكر والعمل بعد تقوية عقولهن بالتربية، حتى لو كان من المحقق أن يمررن في جميع الأدوار التي قطعتها وتقطعها النساء الغربيات )).
    * وكان آخر ما قاله في ليلة وفاته مخاطبا- بالفرنسية- مجموعة من الطلبة والطالبات الذين جاءوا من رومانيا في زيارة لمصر: ((.. أحيي هذه البعثة العلمية وأشكرها على زيارة نادي المدارس العالية. أحيي منها بصفة خاصة هاته الفتيات اللواتي تجشمن مصاعب السفر متنقلات من الغرب إلى الشرق حبا في الاستزادة من العلوم والمعارف. أحييهن وقلبي ملؤه السرور حيث أرى نصيبهن من العناية بتربيتهن لا يقل عن نصيب رفقائهن. أحييهن ولي شوق عظيم أن أشاهد ذلك اليوم الذي أرى فيه حظ فتياتنا المسلمات المصريات كحظ هاته الفتيات السائحات من التربية والتعليم. ذلك اليوم الذي ترى فيه المسلمات جالسات جنبا إلى جنب مع الشبيبة المصرية في اجتماع أدبي كاجتماع اليوم. فيشاركننا في لذة الأدبيات والعلوم التي هن منها محرومات. فعسى أن تحقق الآمال حتى يرتقين فيرتقي بهن الشعب المصري )).
    * والآن وقد صار للمرأة [قضية] فلابد للقضية من تحريك. وتبني القضية فريق من النسوة على رأسهن هدى شعراوي، وفريق من الرجال المدافعين، عن حقوق المرأة. وأصبح الحق الأول الذي تطالب به النسوة هو السفور! وصارت القضية التي يدور حولها الجدل هي السفور والحجاب!!

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر

    قضية تحرير المرأة -3-

    قضية تحرير المرأة
    الاستاذ: محمد قطب
    -3-

    من أين جاءت القضية؟!
    حين قامت الحركة النسوية في أوروبا كان للمرأة بالفعل قضية! قضية المساواة في الأجر مع الرجل الذي يعمل معها في المصنع نفسه وساعات العمل نفسها، بينما تتقاضى هي نصف ما يتقاضاه الرجل من الأجر .
    وحين اتسعت القضية هناك وتعددت مجالاتها- تلقائيا أو بتخطيط الشياطين- فقد كان محورها الأول هو قضية المساواة مع الرجل في الأجر، ترجع إليه كلما طالبت أو طولب لها بحق جديد. حتى أصبحت القضية هناك في النهاية هي قضية المساواة التامة مع الرجل في كل شيء، ومن بين كل شيء [حق الفساد] الذي كان الرجل قد وصل- أو وصل- إليه، فصار حق الفساد داخلا بدوره في قضية المرأة، تحت عنوان [حق المرأة في اختيار شريك حياتها] في مبدأ الأمر، ثم تحت عنوان [حق المرأة في أن تهب نفسها لمن تشاء]!!

    * أما في مصر- أو العالم الإسلامي- فلم تكن للمرأة قضية خاصة! إنما كانت القضية الحقيقية هي انحراف هذا المجتمع عن حقيقة الإسلام، مما سميناه [التخلف العقدي]، وما نتج عن هذا التخلف العقدي من تخلف في جميع مجالات الحياة.
    وما تحقير المرأة وإهانتها وعدم إعطائها وضعها الإنساني الكريم إلا مجال من المجالات التي وقع فيها التخلف عن الصورة الحقيقية للإسلام. وعلاجها- كعلاج غيرها من الحالات جميعا- هو العودة إلى تلك الصورة الحقيقية، والتخلي عن ذلك التخلف المعيب.

    * تلك هي [القضية].. وهي ليست [قضية المرأة] ولا [قضية الرجل].. إنما قضية الأمة الإسلامية كلها، بجميع رجالها ونسائها وأطفالها وحكامها وعلمائها وكل فرد فيها. وتخصيصها بأنها [قضية المرأة] فضلا عن مجانبته للنظرة [العلمية] الفاحصة، فإنه لا يعالج القضية. لأنه يأخذ عرضا من أعراض المرض فيجعله مرضا قائما بذاته، ويحاول علاجه.. فلا يقدر لهذا العلاج أن ينجح، لأنه يتعامى عن الأسباب الحقيقية من ناحية، ويفتقر إلى الشمول من ناحية أخرى.

    * ولكن.. هل كان في ذهن أحد أن يبحث القضية بحثا جادا مخلصا فاحصا دقيقا ليتعرف على الأسباب الحقيقية فيعالجها؟!
    أم هل كان أحد ممن تناول القضية في تمام وعيه ليناقشها مناقشة علمية موضوعية مبصرة؟!
    أم هل كان أحد ممن تناول القضية سيد نفسه لينظر إليها بنظرته الخاصة، ويرى أيها ما يرى بمنظاره الخاص؟!
    أم كانوا كلهم من العبيد سواء عبيد شهواتهم أو عبيد الغرب. الذين يساقون سوقا لتنفيذ مخططات أعدائهم وهم سادرون في الغفلة، غارقون في الضلال البعيد!
    بلى! لقد كانوا كلهم كذلك رجالا ونساء، دعاة وأتباعا، مخططين ومنفذين!
    وإذا كان لابد للقضية من موضوع، فقد جعلت القضية- فجأة وبلا مقدمات حقيقية- قضية الحجاب والسفور!
    لقد كانت القضية في أوروبا [منطقية] في ظاهرها على الأقل. أو في بدايتها على الأقل.

    * فحين تضطر المرأة إلى العمل- لظروف ليس هنا مجال تفصيلها ثم تعطى نصف أجر الرجل الذي يقوم بالعمل نفسه، فطلب المساواة في الأجر قضية حقيقية من جهة، وجيهة كل الوجاهة من ناحية أخرى.

    * أما قضية الحجاب والسفور فما مكانها من المنطق، وما مكانها من الحق؟! لم يكن [الرجل] هو الذي فرض الحجاب على المرأة، فترفع المرأة قضيتها ضده لتتخلص من [الظلم] الذي أوقعه عليها، كما كان وضع القضية في أوروبا بين المرأة والرجل. إنما الذي فرض الحجاب على المرأة هو ربها وخالقها، الذي لا تملك- إن كانت مؤمنة- أن تجادله سبحانه فيما أمر به، أو يكون لها الخيرة في الأمر:{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللهورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}.

    * ثم إن الحجاب في ذاته لا يشكل قضية.
    فقد فرض الحجاب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفذ في عهده، واستمر بعد ذلك ثلاثة عشر قرنا متوالية.. وما من مسلم يؤمن بالله ورسوله يقول: إن المرأة كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مظلومة.
    فإذا وقع عليها الظلم بعد ذلك، حين تخلف المسلمون عن عقيدتهم الصحيحة ومقتضياتها، فلم يكن الحجاب- بداهة- هو منبع الظلم ولا سببه ولا قرينه! لأنه كان قائما في خير القرون على الإطلاق، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم قرني ))، وكان قرين النظافة الخلقية والروحية، وقرين الرفعة الإنسانية التي لا مثيل لها في تاريخ البشرية كله.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الموقع
    في نسماتِ الروح مع كتاب الله ♥
    الردود
    8,790
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    7
    التكريم
    • (القاب)
      • الإصرار على النجاح متألقة صيف 1432هـ
      • متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ
      • نبض وعطاء
    (أوسمة)
    لا أعرف تحررت المرأة بترك الحجاب أم سجنت
    اللهم ارزق بنات المسلمين الستر والعفاف والحجاب ....
    اللهم آميين
    جزاك الله خيرا أخى الكريم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر
    قضية تحرير المرأة
    الاستاذ: محمد قطب
    -4-


    لكن المطلوب هو نزع الحجاب!
    المطلوب هو السفور! المطلوب هو التبرج! المطلوب هو أن تخرج المرأة في النهاية عارية في الطريق! ذلك ما تطلبه مؤتمرات المبشرين، وما يطلبه الصليبيون الذين يخططون.. .
    فلتكن القضية إذن هي قضية السفور والحجاب. وليوصف الحجاب بكل شر يمكن أن يرد على الذهن، وليوصف السفور بكل خير يخطر على البال.
    ولتبدأ القضية من هنا.. ولتنته حيث يريد الشيطان!
    * تلقفت [القضية]- كما قلنا- مجموعة من النسوة فطالبن بالسفور على أنه أحق، للمرأة سلبها إياه المجتمع، أو سلبها إياه الرجل الأناني المتحجر المتزمت الرجعي المتعفن الأفكار!.
    وكانت زعيمة [ النهضة النسوية] هدى [هانم] شعراوي، التي اتخذت من بيتها [صالونا] تقابل فيه الرجال سافرة في غير وجود محرم.
    * كانت هدى شعراوي بنت محمد باشا سلطان أحد باشوات ذلك العصر، ومن هنا فهي [هانم] بالوراثة!سافرت إلى فرنسا لتتعلم وسافرت محجبة. ولكنها حين عادت كانت سافرة. وكان أبوها يستقبلها في ميناء الإسكندرية ومعه مجموعة من أصدقائه، فلما نزلت من الباخرة احمر وجهه خجلا وغضبا، وأشاح بوجهه عنها وانصرف دون أن يحييها. ولكن ذلك لم يردعها عن صنيعها، ولم يردها عن غيها الذي عادت به من فرنسا.
    * وتحلق حولها بعض النسوة. وبعض الرجال! الرجال الذين [يدافعون] عن قضية المرأة في الصحف والمجلات، بالنثر وبالشعر. لقاء جلسة [لطيفة] في صالون الهانم أو ابتسامة تخص بها أحدهم أو مبلغ من المال! تدسه في يد واحد من الصحفيين المرتزقة فيكتب مقالا في رقة الهانم ولطفها وابتسامتها العذبة وحسن استقبالها لضيوفها- الرجال- أو يكتب عن اجتماعاتها وتحركاتها. أو يكتب عن [القضية].
    * وكانت قمة المسرحية هي مظاهرة النسوة في ميدان قصر النيل (ميدان الإسماعيلية) أمام ثكنات الجيش الإنجليزي سنة 1919 م. فقد كانت الثورة المصرية قد قامت وملأت المظاهرات شوارع القاهرة وغيرها من المدن تهتف ضد الإنجليز، وتطالب بالجلاء التام أو الموت الزؤام. ويطلق الإنجليز الرصاص من مدافعهم الرشاشة على المتظاهرين فيسقط منهم كل يوم قتلى بلا حساب.
    * وفي وسط هذه المظاهرات الجادة قامت مظاهرة النسوة، وعلى رأسها صفية هانم زغلول زوجة سعد زغلول، وتجمع النسوة أما ثكنات قصر النيل، وهتفن ضد الاحتلال. ثم. بتدبير سابق، ودون مقدمات ظاهرة، خلعن الحجاب، وألقين به في الأرض، وسكبن عليه البترول، وأشعلن فيه النار. وتحررت المرأة!!!. ويعجب الإنسان الآن للمسرحية وخلوها من المنطق.
    * فما علاقة المظاهرة القائمة للاحتجاج على وجود الاحتلال الإنجليزي، والمطالبة بالجلاء عن مصر. ما علاقة هذا بخلع الحجاب ! وإشعال النار فيه؟!
    * هل الإنجليز هم الذين فرضوا الحجاب على المرأة المصرية المسلمة من باب العسف والظلم، فجاء النسوة يعلن احتجاجهن على وجود الإنجليز في مصر، ويخلعن في الوقت ذاته ما فرضه عليهن الإنجليز من الحجاب؟!
    * هل كان الإنجليز هم الذين سلبوا المرأة [حق] السفور منذ ذلك الزمن السحيق. فجئن اليوم [يتحررن] من ظلمهم، ويلقين الحجاب في وجههم تحديا ونكاية فيهم؟!
    ما المنطق في المسرحية؟!
    لا منطق في الحقيقة!
    ولكن التجارب التالية علمتنا أن هذا المنطق الذي لا منطق. فيه، هو الطريقة المثلى لمحاربة الإسلام.
    * إن الذي يقوم بعمل من أعمال التخريب والتحطيم ضد الإسلام ينبغي أن يكون [بطلا] لتتدارى في ظل [البطولة] أعمال التخريب والتحطيم!
    كمال أتاتورك.. جمال عبد الناصر.. أحمد بن بيلا.. وعشرات غيرهم من [الأبطال] الذين حاربوا الإسلام بوسيلة من الوسائل.. كلهم ينبغي أن يكونوا [ أبطالا] وقت قيامهم بمحاربة الإسلام، وإلا انكشفت اللعبة من ورائهم، وانكشفت عمالتهم لأعداء الإسلام من الصليبيين واليهود.
    * كمال أتاتورك الذي أطاح بالخلافة، وأراد أن يقطع ما بين الأتراك وبين إسلامهم، فمنع الأذان باللغة العربية، وكتب اللغة التركية بالحروف اللاتينية، وأمر بخلع الحجاب، وذبح عددا من علماء المسلمين.. كان [بطلا] صنعت له البطولات المسرحية الزائفة لتخفي يده التي تقطر بدماء المسلمين، وتخفي جريمته الكبرى في حرب الإسلام.
    * جمال عبد الناصر الذي ذبح قادة الدعوة الإسلامية في مصر، وأنشأ للتنكيل بهم في سجون مصر ألوانا من التعذيب الوحشي لا مثيل لها في تاريخ البشرية كله، إلا في محاكم التفتيش التي أقامها الصليبيون في الأندلس للقضاء على الإسلام.. وألغى المحاكم الشرعية، وهم بإلغاء الأزهر.. وأضاف جرعات جديدة [لتحرير المرأة].. كان [بطلا].. أضيفت عليه البطولات المصطنعة لإخفاء الجريمة الهائلة التي ارتكبها ضد الإسلام.
    * أحمد بن بيلا الذي جاء ليسرق الثورة الإسلامية، ويحولها إلى ثورة اشتراكية بعيدة عن الإسلام مناوئة له، والذي دعا المرأة الجزائرية إلى خلع الحجاب بحجة عجيبة حين قال: إن المرأة الجزائرية قد امتنعت عن خلع الحجاب في الماضي لأن فرنسا هي التي كانت تدعوها إلى ذلك ! أما اليوم فإني أطالب المرأة الجزائرية بخلع الحجاب من أجل الجزائر..! أحمد بن بيلا- يوم أن دعا تلك الدعوة- كان بطلا أضيفت عليه البطولة المصطنعة بخطفه من الطائرة وهو متوجه من فرنسا إلى الجزائر.. حتى إذا نضجت اللعبة.. لعبة [البطولة].. أطلق ليقوم بعمله ضد الإسلام...
    * وعلى هذا الضوء نفهم مظاهرة النسوة في ميدان الإسماعيلية بالقاهرة سنة 1919م.
    لابد من بطولة تضفى على كل عمل من أعمال التخريب ضد الإسلام، لتخفي ما وراءه من تدبير...
    وأي بطولة للنسوة يومئذ أكبر من أن يقفن أمام قوى الاحتلال، يهتفن ضدها، ويفتحن صدورهن للرصاص..؟!
    * يقول حافظ إبراهيم في شأن هذه المظاهرة:

    خـرج الغـواني يـحـتـجـجن ورحـت أرقـب جـمعـهنه
    فـإذا بـهن اتـخذن مـن سـود الـثـيـاب شـعـارهـنـه
    فـطـلـعن مـثل كـواكب يسطـعن فـي وسـط الـدجـنة
    وأخـذن يـجـتـزن الـطـريـق ودار سـعـد قـصـدهـنه
    يـمـشيـن فـي كـنـف الـوقـار وقـد أبن شـعـورهـنه
    وإذا بـجـيش مـقبـل والـخـيـل مـطـلـقـة الأعـنـة
    وإذا الـجـنـود سيـوفـهـا قـد صـوبـت لنـحـورهـنه
    وإذا الـمـدافـع والـبـنـادق والـصـوارم والأسـنـــة
    والـخـيـل والفـرسـان قـد ضـربت نـطـاقا حـولـهنه
    والـورد والـريـحـان فـي ذاك النـهـار سـلاحـهـنــه
    فـتـطـاحن الـجـيشـان سـاعات تـشـيب لـها الأجـنة
    فـتـضـعـضـع الـنـسـوان لـيـس لـهـن مـنـــة
    ثـم انـهـزمـن مـشـتـتات الشـمـل نـحو قـصـورهن

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    الموقع
    حيث الأماآآآآني الجميـــــلة ،،،
    الردود
    6,830
    الجنس
    أنثى
    التكريم
    • (القاب)
      • المحققة الحكيمة
      • درة صيفنا إبداع 1432هـ
      • متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ
      • لمسة الإبداع
      • لمسة وفاء
      • بصمة تعاون
      • فنانة و مبدعة
      • مميزة ركن التصميم
    (أوسمة)
    بارك الله فيك رسائل النور...
    مواضيعك دائما مميزة ...
    اللهم أدم علينا سترك واحفظنا من الأفكار الهدامة ..


    "
    كم آحب هذا المنتدى
    "

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر
    شكرا جزيلا على المرور
    بارك الله فيكم
    وجزاكم الله خير

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    الردود
    30
    الجنس
    أنثى
    جزاك الله خيرا ولا حرمك الله الأجر

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر
    شكرا جزبلا على مروركِ
    بارك الله فيكِ
    وجزاكِ الله خير

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر

    قضية تحرير المرأة -5-

    قضية تحرير المرأة

    الاستاذ: محمد قطب
    -5-


    * تدريجيا.. في ظل البطولة المدوية.. سقط الحجاب!
    وأصبح من المناظر المألوفة في العاصمة أولا، ثم في المدن الأخرى بعد ذلك، أن ترى الأمهات متحجبات، والبنات سافرات، وكانت الأداة العظمى في عملية التحويل هذه هي التعليم من جهة، والصحافة من جهة أخرى.
    فأما التعليم فقد اقتضى معركة طويلة حتى تقرر.. على المستوى الابتدائي أولا، ثم المستوى الثانوي، ثم في المرحلة الجامعية.
    * واستفاد أعداء الإسلام فائدة عظمى من الوضع الجاهلي الذي كان يسود المجتمع تجاه المرأة وتعليمها، فأثاروها قضية، ودقوا دقا عنيفا على الأوضاع الظالمة لينفذوا منها إلى ما يريدون.
    ولسنا الآن في مجال تحديد المسئوليات، إنما نحن نتابع خطى التاريخ. وإلا فقد كان المسلمون على خطأ بين، وظلم بين للمرأة حين منعوا تعليمها، كما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلموها، وحين أهانوها وحقروها في الأمر ذاته الذي كرمها الله به ورفعها، وهو الأمومة وتنشئة الأجيال. {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير}.((الجنة تحت أقدام الأمهات )).
    ((من أولى الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك )).
    * ولكن الذين استغلوا هذا الوضع ليطلقوا دعوتهم لم يكن همهم الحقيقي رفع الظلم عن المرأة،إنما كان رائدهم الأول هو تحطيم الإسلام، وإخراج المرأة فتنة متبرجة في الطريق لإفساد المجتمع الإسلامي.. ولم تكن الفوضى الخلقية التي عمت المجتمع فيما بعد مفاجئة لهم، ولاشيء مستنكرا من جانبهم يشعرهم بالندم على ما قدمت أيديهم.. بل كانت شيئا محسوبا ومتوقعا ومرغوبا بالنسبة إليهم، وقد كانوا يرون تجربة الغرب ماثلة أمام أعينهم، ويعرفون ما يؤول إليه الأمر في المجتمع المسلم حين يتجه الوجهة ذاتها، ويسير على الخطوات ذاتها.
    * ولا ينفي هذا بطبيعة الحال وجود مخدوعين مستغفلين يتلقفون الدعوة بإخلاص.. ولكنه إخلاص لا ينفي الغفلة! وهم بغفلتهم- أدوات معينة للشياطين، يستغلون موقفهم لتقوية دعوتهم، لأن الناس ترى إخلاصهم فتظن أنهم على خير فيتبعونهم، فيتم ما أراد الشياطين!
    * وقد كان هناك بديل ثالث للمصلح المخلص، الذي يريد الله ورسوله، ويريد تصحيح الأوضاع في المجتمع المنحرف، ورفع الظلم عن المظلومين، وهو الدعوة- والجهاد- لإعادة المجتمع ا لإسلامي إلى صورته الصحيحة التي ينبغي أن يكون عليها. ولكن أحدا من المصلحين، القائمين يومئذ لم يدع إلى ذلك البديل الثالث.
    وظل الخيار المعروض دائما هو إما الإبقاء على الأوضاع السيئة المتخلفة الجامدة الظالمة، وإما محو الإسلام ونبذه والانسلاخ منه، والاتجاه إلى أوروبا من أجل التقدم والتحضر والرقي.. بل إنه حين جاءت الدعوة إلى البديل الثالث في موعدها المقدور عند الله، وجدت أبشع الاضطهاد والتنكيل من الحكام، ووجدت الإعراض العنيف والمعارضة من المصلحين! مما يكشف عن الاتجاه الحقيقي لحركات [الإصلاح] التي قيمت في المجتمع الإسلامي، وأن هدفها لم يكن الإصلاح حقا، بقدر ما كان لو تحطيم الإسلام أولا.. وليكن بعد ذلك ما يكون!

    * سقط الحجاب تدريجيا عن طريق [بنات المدارس]!
    أو لم تقرر المؤتمرات التبشيرية في مخططاتها ضد الإسلام ضرورة العمل على تعليم المرأة المسلمة وتحريرها؟!
    وفي مبدأ الأمر لم يكن التبرج والتهتك هو طابع بنات المدارس، بل لم يكن مقبولا أصلا في المدارس!
    والحكمة في ذلك واضحة بطبيعة الحال! فلا المجتمع في ذات الوقت كان يسمح، ولا كشف الخطة كاملة منذ اللحظة الأولى كان يمكن من تنفيذها، بل كان قمينا بالقضاء عليها في مهدها!
    * لو خرجت بنات المدارس عن تقاليد المجتمع المسلم دفعة واحدة ومن أول لحظة، هل كان يمكن أن يقبل أحد من أولياء الأمور أن يرسل بنته إلى المدرسة لتتعلم؟
    كلا بالطبع!
    إنما لابد من طمأنة أولياء الأمور تماما، حتى يسمحوا بإرسال بناتهم إلى المدارس. ولتكن الخطة على الأسلوب المتبع في عملية التحويل كلها: [بطيء ولكنه أكيد المفعول] ![منعا لإثارة الشكوك]!
    بالتدريج..
    الشعر في مبدأ الأمر مغطى بقبعة.. وتتدلى من الخلف ضفيرتان تربطهما شريطة من القماش. الضفيرتان مكشوفتان، أما الرأس فتخفيه القبعة! والوجه سافر.. نعم.. ولكن.. صغيرات يا أخي! لا بأس!
    إن لهذا الأمر دلالته ولا شك..
    نعم، كانت هناك جهود شيطانية لإفساد المجتمع المصري بالذات، لتصدير الفساد منه إلى بقية المجتمع الإسلامي، كما مر القول،وشاركت في هذه الجهود كل الوسائل الممكنة من صحافة وإذاعة وسينما ومسرح.. إلخ. وكان التركيز عنيفا والوسائل فعالة.. ولكن هل يكفي ذلك كله لتفسير ما حدث؟!
    * لبيان ذلك نقول: إن كل هذه الوسائل لا تزال مستخدمة حتى هذه اللحظة، وبعنف أشد مما كان قبل خمسين عاما دون شك، وقد أحدثت هذه الوسائل في خلال ما يزيد على نصف قرن تيارا هائلا نافرا من الإسلام منسلخا منه.. ومع ذلك توجد اليوم فتيات محجبات، جامعيات مثقفات، لا يتنازلن عن حجابهن ولو دخلن من أجله السجون والمعتقلات.
    * فما الفرق؟!
    * بعبارة أخرى نسأل: هل كان الحجاب الذي سقط عقيدة أم هو تقاليد؟! والأخلاق التي سقطت.. هل كانت ذات رصيد إيماني حقيقي أم كانت تقاليد؟!
    والرجل الذي ثار يوم كشف [بنات المدارس] عن وجوههن.. هل ثار للعقيدة أم ثار للتقاليد؟!
    والرجل الذي ثار يوم نزلت المرأة إلى الشارع لتعمل.. هل كانت ثورته نابعة من عقيدة حقيقية، دينية أو غير دينية، أم كانت [عنجهية] الرجل هي المحرك، والمحافظة عليها هي الدافع إلى الثورة؟
    * حين يكون الحجاب عقيدة فإنه لا يسقط.. مهما سلط عليه من أدوات التحطيم.
    * وحين تكون الأخلاق ذات رصيد إيماني حقيقي، فليس من السهل أن تسقط- ولو سقطت عليها عوامل الإفساد- إلا بعد مقاومة شديدة وزمن مديد.
    أما التقاليد الخاوية من الروح.. وأما العنجهية الفارغة.. فهي عرضة للسقوط إذا اشتد عليها الضغط، وقد كان الضغط عنيفاً بالفعل، بل كان شيطانيا لكل ما تحمله الكلمة من معان!
    بدأت بنات المدارس يكشفن عن وجوههن ويسرن في الطريق على النحو الذي وصفناه، ولكن في ملابس طويلة تغطي الذراعين جميعا وتصل إلى القدمين، وفي أدب ظاهر و [استقامة] كاملة..
    وهل كن يملكن غير ذلك؟!
    * إن الفتاة التي يحدثها شيطانها أن تلتفت فقط- يمنة أو يسرة- تضيع! تسقط في نظر المجتمع، وتكون عبرة لمن يعتبر! فمن التي في مبدأ الأمر تلتفت يمنة أو يسرة؟! إنما هو الأدب الكامل والانضباط الشديد!
    * وحين افتتحت أول مدرسة ثانوية للبنات في القاهرة..[مدرسة السنية]كانت ناظرتها إنجليزية..وكانت [قمة]في المحافظة إلى حد التزمت! فهكذا ينبغي أن تكون الأمور في مبدأ الأمر!! حتى يكتب لهذه الخطوة الثبات في الأرض والتمكين، ويمكن مدها فيما بعد إلى آفاق جديدة! أما لو كشف المستور من أول لحظة فلن تدخل فتاة واحدة المدرسة الثانوية، ويبوء المخطط كله بالخسران!
    * كانت هيئة التدريس نسوية خالصة، فيما عدا مدرس اللغة العربية لتعذر وجود مدرسات للغة العربية يومئذ. ولكنه كان يختار من الرجال المتقدمين في السن، المتزوجين، المشهود لهم حقا بالصلاح والتقوى، فهو بالفعل أب يرعى بناته، ويشعرن نحوه بما تشعر به الفتاة نحو أبيها الوقور، فتقدم له الاحترام والتوقير. وليس في المدرسة كلها رجل آخر إلا كاتب المدرسة، وهو منعزل عن المدرسة كلها في مكتب خاص لمقابلة أولياء الأمور، والقيام بالأمور الكتابية والحسابية للمدرسة وحارس الباب، وهو كذلك رجل وقور متقدم في العمر تقول له البنات [يا عم!] إذا حدث على الإطلاق أن وجهن له الكلام!
    * وكانت الفتيات يحفرن إلى المدرسة في عربات مغطاة بالستائر، ويعدن إلى بيوتهن بالوسيلة نفسها. فأما إن كان أهل الفتاة لا يريدون أن يتحملوا نفقات العربة، فيأتي معها ولي أمرها يسلمها إلى المدرسة صباحا ويستلمها في نهاية اليوم المدرسي، لكي لا يتركها تسير وحدها في الطريق.
    أي شيء يريد الآباء أكثر من ذلك؟!
    بل إن [حضرة الناظرة] لهي أشد في تأديب البنات من أولياء أمورهن! إنجليزية يا أخي! الإنجليز حازمون في التربية! قل ما تشاء فيهم، ولكن في التربية..!
    * وكانت المناهج في مدارس البنات رجالية في الحقيقة لأمر يراد فيما بعد.. ولكنها بعد مغطاة.. فالفتاة تدرس المناهج نفسها المقررة في المدارس الثانوية للبنين، ولكنها تدرس إلى جانبها مواد [نسوية] كالتدبير المنزلي ورعاية النشء.. وذلك للإيهام بأن المقصود من التعليم في هذه المدارس هو إعداد الفتاة لحياة الأسرة التي تنتظرها. إذ كانت أشد نقط المعارضة في تعليم البنات بعد المرحلة الابتدائية أن الدراسة الثانوية ستعطل الفتاة عن الزواج- وهي في سن الزواج- وتبعدها عن جو البيت الذي خلقت له، والذي ستقضي بقية حياتها فيه.
    * فأما تعطيل الفتاة عن الزواج فقد واجهه أصحاب [القضية] بالمطالبة بإرجاء سن الزواج، وتحريم الزواج قبل سن السادسة عشرة (وصدر تشريع بذلك)، ومحاولة تزيين هذا التأخير بمختلف الحجج، حتى صار أمرا واقعا فيما بعد، لا عند السادسة عشرة؟ بل عند الثلاثين وما بعدها في بعض الأحيان!
    * وأما إبعاد البنت عن جو البيت فقد واجهه أصحاب [القضية] بتلك الدروس المتناثرة في التدبير المنزلي ورعاية النشء، وفي مقابلها تزاد سنوات الدراسة الثانوية للبنات، فتصبح ست سنوات بدلاً من خمس للبنين.
    * حتى إذا هدأت ثورة المعارضين، وصار التعليم الثانوي للبنات أمراً واقعا بعد المعارضة العنيدة التي كانت من قبل، أخذت هذه الدروس النسوية تتضاءل، حتى محيت في نهاية الأمر، وأصبح المنهج رجاليا خالصا في مدارس البنات.. وألغيت السنة السادسة، وأصبحت الفتاة تتخرج بعد خمس سنوات على المناهج ذاتها التي يتخرج عليها الفتى.. لتصبح للفتاه قضية جديدة.. قضية الدخول إلى الجامعة!
    ولكن.. لا نسبق خطى التاريخ!

مواضيع مشابهه

  1. الردود: 6
    اخر موضوع: 29-03-2005, 01:44 PM
  2. الردود: 25
    اخر موضوع: 21-01-2005, 01:36 AM
  3. الردود: 13
    اخر موضوع: 04-01-2005, 02:12 PM
  4. الـمـرأة .. الـمـرأة .. إلــى مــتــى ؟!
    بواسطة ناصح في الملتقى الحواري
    الردود: 2
    اخر موضوع: 30-11-2004, 01:14 AM
  5. الـمـرأة بين تفكيرين
    بواسطة أخوكِ يا أخيه في الملتقى الحواري
    الردود: 0
    اخر موضوع: 27-01-2002, 10:42 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ