انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 8 من 8

الموضوع: أخطاء النساء المتعلقة بالحب المحرم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الموقع
    العالم الإسلامي في دار الفناء و الفردوس الأعلى بإذن الله في دار البقاء مع أحبائي في الله..
    الردود
    1,933
    الجنس
    امرأة

    أخطاء النساء المتعلقة بالحب المحرم

    M
    إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله..........
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } ( سورة آل عمران : 102)
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}( سورة النساء: 1)
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ( 70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } (سورة الأحزاب: 70)
    أما بعد ....
    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالي وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار..
    مقدمة:
    أنواع الحب
    أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبيrقال:
    " الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف "
    وأساس المحبة والتآلف هو القلب، لذا نجد أن القلوب تتآلف وتحن لمن يوافق شاكلتها.
    يقول ابن القيم – رحمه الله – كما في إغاثة اللهفان(1/132)
    المحبة هي التي تحرك المحب في طلب محبوبه الذي يكمل بحصوله له ، فتحرك محب الرحمن ، ومحب القرآن ومحب العلم والإيمان ، ومحب المتاع والأثمان ، ومحب الأوثان والصلبان ، ومحب النسوان والمردان ، ومحب الأطفال ، ومحب الإخوان. فتثير من كل قلب حركة إلى محبوبه من هذه الأشياء فيتحرك عند ذكر محبوبه دون غيره، ولهذا تجد محب النسوان والصبيان ، ومحب قرآن الشيطان بالأصوات والألحان لا يتحرك عند سماع العلم وشواهد الإيمان ، ولا عند تلاوة القرآن ، حتى إذا ذكر له محبوبه اهتز له وربا ، وتحرك باطنه وظاهره شوقاً إليه وطرباً لذكره ، فكل هذه المحابٌَ باطلة مضمحلة سوي محبة الله وما والاها، من محبة رسوله وكتابه ، ودينه ، وأوليائه ، فهذه المحبة تدوم تدوم ثمرتها ونعيمها بدوام من تعلقت به " أهـ

    وذكر ابن القيم كذلك في كتابه (روضه المحبين ونزهه المشتاقين) :
    إن الحب أصل الفعل ومبدأه ، وأصل حركة كل متحرك" أهـ
    ولما كان الحب محله القلب الذي هو أصل صلاح المرء وفساده كان أمره في غاية الخطورة ويحتاج منا إلى وقفة نبين من خلالها أنواع الحب.

    النوع الأول من المحبة : المحبة في الله
    وهي أسمي وأعلي درجات المحبة التي يسعي الإنسان لتحصيلها ولقد مدح الله (U) المؤمن بهذه المحبة فقال تعالي: { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }( البقرة: 165 )
    ومن ثمرات هذه المحبة
    1-أن هذه المحبة دليل على إيمان العبد:
    فقد أخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي أمامة قال: قال رسول اللهr
    "من أحب لله وأبغض لله وأعطي لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان"
    بل سيجد طعم وحلاوة هذا الإيمان في قلبه
    فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس أن النبي r قال:
    "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"
    وعند الإمام أحمد والبزار بسند حسن حسنه الألباني عن النبي r قال:
    "من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله".
    2- المحبة في الله سبب لمحبة الله للعبد:
    أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة أن النبيr قال:
    "أن رجلاً زار أخا له في قرية أخري فأرصد الله له على مدرجته ملكاً فلما أتي عليه قال أين تريد؟
    قال : أريد أخا لي في هذه القرية ، قال: هل لك من نعمة تربها؟، قال: لا غير أني أحببته في الله ، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه."
    وفي موطأ مالك بسند صحيح أن النبيr قال: قال الله تبارك وتعالي:
    "وجبت محبتي للمتحابين فيٌ، والمتزاورين فيٌ والمتباذلين فيٌ ""
    3- أن الله تعالي يظل المتحابين في ظله يوم لا ظل إلا ظله:
    أ- أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي r قال:
    "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله – فذكر منهم - ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه."
    ب- وعند مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله r :
    "إن الله – تعالي- يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي"
    قال النووي: أين المتحابون بجلالي : أي بعظمتي وطاعتي لا للدنيا
    4- المحبة في الله سبب لتعرض العبد لكرم الله :
    أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان بإسناد جيد عن أبي أمامة مرفوعاً:
    "ما أحب عبد عبداً لله إلا أكرمه الله "
    وإكرام الله للمرء يشمل إكرامه له بالإيمان والعلم النافع والعمل الصالح وسائر صنوف النعم
    5- المتحابين في الله لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء:
    أخرج الترمذي بسند حسن من حديث معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله r يقول: يقول الله (U)
    "المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء"
    6- كل محبة ستنقطع يوم القيامة إلا المحبة في الله فهي باقية:
    قال تعالي { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }(الزخرف : 97 )
    فكل خلة ستنقطع وتنقلب إلى عداوة وكل محبة ستنتهي إلا المحبة في الله
    7- وأخيراً اجعل محبتك في الله لأهل الخير حتى تكون معهم في الجنة وإن لم تعمل بعملهم :
    أ- أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن مسعودt– قال:
    "جاء رجل إلى رسول اللهr فقال: يا رسول الله كيف تقول – تري – في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم؟ قال النبي r المرء مع من أحب."
    ب- وأخرج الطبراني في الصغير من حديث على أن النبي r قال:
    "لا يحب رجل قوماً إلا حشر معهم " قال المنذري: إسناده جيد
    جـ- وأخرج البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك - t- قال:
    "أن رجلاً سال النبيr متى الساعة؟ ، قال: ما أعددت لها ؟، قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت، قال أنس فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبيr أنت مع من أحببت، فأنا أحب النبي وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم ".
    النوع الثاني من المحبة : وهو الحب الجبلي:
    كحب الوالدين والزوجة والأولاد والعشيرة والوطن ونحو ذلك
    ومن ذلك قول النبي r عندما خرج من مكة: "والله لأنت أحب أرض الله إلىٌ".
    وهذا الحب قد يدخل في النوع الأول فأنت تحب والديك لله ، وكذا الزوجة والأولاد والعشيرة والوطن أو أنك تحبهم لأن الله أمرك بحبهم فأنت تحبهم في الله لا مع الله

    النوع الثالث من المحبة : المحبة الغرضية:
    وهى عادة ما تقوم على منفعة قد تكون متبادلة أو من طرف واحد دون الطرف الآخر ، كمن يحب مديره في العمل من أجل مصلحة فإذا انقضت المصلحة انتهي الحب، أو من يحب معلمه من أجل رفع الدرجات وهذه المحبة سرعان ما تتلاشي إذ أنها تدوم بدوام السبب الذي ربط ما بينهما ، فإذا زال السبب انتهي الحب.
    النوع الرابع والأخير وهو بيت القصيد وهو المحبة مع الله :
    وهذا النوع محرم وهو نوع من أنواع الشرك يسمي شرك المحبة
    وهو درجات بحسب ما يقوم بقلب صاحبه من التعلق بالمحبوب ، ومحبته من دون الله
    قال تعالي: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ }(البقرة: 165 )
    وإذا تأملنا هذا الحب نجد أنه مجرد أحلام وأوهام ، ومتعة قصيرة زائلة يعقبها هم وغم وآلام لا تنقطع وذل لا يفارق صاحبه إلا أن يتداركه الله برحمة منه.
    كما قال الشاعر
    مساكين أهل الحب حتي قبورهم
    عليها غبار الذل بين المقابر
    والإنسان مفطور على حب ما ينفعه واجتناب ما يؤذيه ويضره ولكن مع قلة الوازع الديني وغلبة الهوى تنطمس فطرة الإنسان وتعمي بصيرته فيترك ما ينفعه ويلهث في البحث عما يضره ، فينحط بذلك عن مستوي البهيمة وهذا حال المخدوعين بداء العشق، فالعشق داء عضال يصيب جذر القلب وأصله لا حواشيه وأطرافه، وهو بذلك يصرف العبد عن المحبة التي خلق من أجلها وهي محبة الله إلى محبة هي من أضر الأشياء عليه
    - وإليك طرفا من أضرار العشق يذرها لنا ابن القيم رحمة الله عليه حيث يقول:
    أضرار العشق: ( يقول ابن القيم)
    ومن المعلوم أنه ليس في العشق المحرم مصلحة دينية ولا دنيوية ، بل مفسدته الدينية والدنيوية أضعاف أضعاف ما يقدر فيه من المصلحة وذلك من وجوه:
    أحدها: الاشتغال بحب المخلوق وذكره عن حب الرب تعالي وذكره
    فلا يجتمع في القلب هذا وهذا إلا ويقهر أحدهما الآخر، ويكون السلطان والغلبة له.
    الثاني: عذاب قلبه به ، فإن من أحب شيئاً غير الله عُذب به ولابد ، كما قيل
    فما في الأرض اشق من محب
    وإن وجد الهوى حلو المذاق
    تراه باكـياً فـي كـل حـين
    مخـافة فرقة أو الاشـتياق
    فيبكي إن نأوا شـوقاً إليـهـم
    ويبكي إن دنوا حذر الفراق
    فتـسخـن عيـنه عند الفراق
    وتسخن عينه عند التلاقي
    والعشق، وان أستعذبه صاحبه ، فهو من أعظم عذاب القلب.

    الثالث: أن قلبه أسير في قبضة غيره يسومه الهوان, لكن لسكرته لا يشعر بمصابه ، فقلبه كعصفورة في كف طفل يسومها حياض الردي، والطفل يلهو ويلعب كما قال بعض هؤلاء
    ملكت فؤادي بالقطيعة والجفا وأنت خلي البال تلهو وتلعب
    فعيش العاشق عيش الأسير الموثق ، وعيش الخلي عيش المسيب المطلق.
    طلـيق برأي العـين وهو أسـير
    عليل علي قطب الهلاك يدور
    وميت يري في صورة الحي غادياً
    وليس له حتى النشـور نشور
    أخو غمرات ضـاع فيــهن قلبه
    فليس له حتى الممات حضور

    الرابع:أنه يشتغل به عن مصالح دينه ودنياه، فليس شيء أضيع لمصالح الدين والدنيا من العشق المحرم.
    أما مصالح الدين فإنها منوطة بلم شعث القلب وإقباله على الله ، وعشق الصور أعظم شيء تشعيثاً وتشتيتاً له .
    وأما مصالح الدنيا فهي تابعة في الحقيقة لمصالح الدين ، فمن انفرطت عليه مصالح دينه وضاعت عليه ، فمصالح دنياه أضيع وأضيع.

    الخامس: أن آفات الدنيا والآخرة أسرع إلى العشاق من النار في يابس الحطب:
    وسبب ذلك :
    أن القلب كلما قرب من العشق وقوي اتصاله به بعد من الله .
    فأبعد القلوب من الله قلوب العشاق، وإذا بعد القلب من الله طرقته الآفات ، وتولاه الشيطان من كل ناحية واستولى عليه ، لم يدع أذي يمكنه إيصاله إليه إلا أوصله .
    فما الظن بقلب تمكن منه عدوه ، وأحرص الخلق علي غيه وفساده ، وبعد منه وليه، ومن لا سعادة ولا فلاح ولا سرور إلا بقربه وولايته ؟

    السادس:
    أنه إذا تمكن من القلب واستحكم وقوي سلطانه، أفسد الذهن وأحدث الوسواس ، وربما ألحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون بها.
    وأخبار العشاق في ذلك موجودة في مواضعها ، بل بعضها مشاهد بالعيان ، واشرف ما في الإنسان عقله، وبه يتميز عن سائر الحيوانات ، فإذا عدم عقله التحق بالحيوان البهيم ، بل ربما كان حال الحيوان أصلح من حاله.
    وهل أذهب عقل مجنون ليلي وأضّر به إلا ذلك؟ وربما زاد جنونه على جنون غيره كما قيل:
    قالوا جننت بمن تهو فقلت لهم
    العشق أعظم مما بالمجـانـين
    العشق لا يستفيق الدهر صاحبه
    وإنما يصرع المجنون في الحين
    السابع : أنه ربما أفسد الحواس أو بعضها ، إما إفساداً معنوياً أو صورياً.
    أما الفساد المعنوي فهو تابع لفساد القلب، فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان، فيري القبيح حسناً منه ومن معشوقه
    كما في " المسند" مرفوعاً:
    " حبك الشيء يعمي ويصم" ([1] )
    كما قيل:
    عين الرضا عن كل عين كليلةُُ ُ
    ولكن عين السخط تُبدي المساويا
    فهو يعمي عين القلب عن رؤية مساوئ المحبوب وعيوبه فلا تري العين ذلك ، ويصم أذنه عن الإصغاء إلى العدل فيه، فلا تسمع الأذن ذلك.
    والرغبات تستر العيوب ، فالرغبة في الشيء تجعله لا يري عيوبه ، حتى إذا زالت رغبته فيه أبصر عيوبه، فشدة الرغبة غشاوة على العين ، تمنعه من رؤية لاشيء على ما هو به كما قيل :
    هويتك إذ عيني عليها غشاوة
    فلما انجلت قطعت نفسي ألومها
    والداخل في الشيء لا يري عيوبه ، والخارج منه الذي لم يدخل فيه لا يري عيوبه، ولا يري عيوبه إلا من دخل فيه ثم خرج منه.
    ولهذا كان الصحابة الذين دخلوا في الإسلام بعد الكفر خيراً من الذين ولدوا في الإسلام.
    قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – :
    " إنما تنتقض عري الإسلام عروة عروة إذا ولد في الإسلام من لم يعرف الجاهلية. "
    وأما فساد الحواس ظاهراً فإنه يمرض البدن وينهكه، وربما أدي إلى تلفه كما هو المعروف من أخبار من قتلهم العشق.
    وقد رفع إلى ابن عباس وهو بعرفة شاب قد انتحل حتى عاد جلداً على عظم، فقال: ما شأن هذا ؟ قالوا: به العشق، فجعل ابن عباس يستعيذ بالله من العشق عامة يومه.

    الثامن :إن العشق كما تقدم هو الإفراط في المحبة، بحيث يستولي المعشوق على قلب العاشق، حتى لا يخلو من تخيله وذكره والفكر فيه، بحيث لا يغيب عن خاطره وذهنه، فعند ذلك تشتغل النفس عن استخدام القوة الحيوانية والنفسانية، فتتعطل تلك القوة ، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يعز دواؤه ويتعذر، فتتغير أفعاله وصفاته ومقاصده، ويختل جميع ذلك فتعجز البشر عن صلاحه، كما قيل:
    الحب أول ما يـكون لجـاجـة
    يأتي بها وتسوقه الأقدار
    حتى إذا خاض الفتي لجج الهوى
    جاءت أمور لا تطاق كبار

    والعشق مبادئه سهلة حلوة ، وأوسطه هم وشغل قلب وسقم ، وآخره عطب وقتل، إن لم تتداركه عناية من الله تعالي، كما قيل:
    وعش خالياً فالحب أوله عنى
    وأوسطه سقم، وآخره قتل

    وقال الآخر:
    تولع بالعشق حتى عشق
    فلما استقل به لم يطق
    رأي لجة ظنها موجة
    فلما تمكن منها غرق

    والذنب له، فهو الجاني على نفسه، وقد قعد تحت المثل السائر:
    " يداك أوكتا، وفوك نفخ"

    وأضرار هذا الحب الزائف كثيرة ومتنوعة ( [2] )
    منها أضرار دينية ، وأضرار نفسية ، وأضرار صحية ، وأضرار اجتماعية ، وأضرار أدبية ، وأضرار مادية.
    أولاً: الأضرار الدينية
    وهي أضرار كثيرة أعظمها خطراً:
    1- الوقوع في شرك المحبة التي حرمها الله
    قال تعالى:
    { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ }( البقرة: 165 )
    ومن ذلك قول الشاعر
    لا تدعني إلا بـ( يا عبدها)
    فإنه أشرف أسمائي
    فهذا تصريح منه بالشرك ، وعبادة غير الله ! وهذا هو لسان حال كثير ممن ابتلوا بهذا الوهم ،وإن لم يصرحوا به بلسان المقال، بل قد صرح به بعضهم ، فهذا أحدهم يقول في مجلة مشهورة :
    " ما تعشقت غير حبك ديناً وسوي الله ما عبدت سواك" ([3])
    وأقبح منه قول أحدهم في أغنية مشهورة: " الحب ديني ومذهبي" نعوذ بالله من الخذلان ...
    ويقول أحدهم:
    يا حبيبتي ... يا أحلي اسم نطقه لساني منذ ولاتي ...... يا أجمل ما رأت عيناي منذ أن أبصرت النور.. ويا أحلي رمز كتبته مع رمز اسمي وسيكون كذلك للأبد، شاءت الظروف([4]) أم لم تشأ.. أقول لكٍ: إني أحبك حتى الموت، ولن ينسني إياك إلا الموت وحده مهما حصل! .. فإذا كان لي حياة سأحياها ، فإن هواءها أنت ، وبلسمها وعطرها أنت....! وإذا كان لي قلب، فنبضه هو أنت .... ! وإن كان لي بصر ، فعيناي أنت ِ .. وإذا كان لي سعادة فسعادتي ابتسامة محياك البريئة !
    حبيبتي .. لم ولن أتخيل نفسي وحيداً بدونك كما هي حالك أنت بالتأكيد .. فالحياة من غيرك أصبحت بلا طعم ولا هواء ... تلاشت فائدتها... وانعدمت أهميتها ... وتساوت مع الممات... ! ولكن ما عساي أن أفعل وقد كتب لنا قدرنا أن نفترق..." ([5])
    فهو يحبها حتى الموت – كما يقول- ولن ينساها أبداً مهما حصل! وهى هواؤه وبلسمه ، بل هي نبض قلبه ، ودمه ، وهي بصر عينيه .. إلى آخر ما ذكر ، وهذا يذكرني بالحديث القدسي الذي يقول الله تعالي فيه" وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به.." الحديث ([6]) وهذا قد جعل حبيبه بصره الذي يبصر به ، وسمعه الذي يسمع به كما يقول، وصدق الله حين قال: { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ } ،ونعوذ بالله من الخذلان
    وتقول إحداهن في مجلة مشهورة أيضاً:
    " حين أناجيك بليلي في شبة صلاة.. حين لا يكون لي بدونك أمل في نجاة ، حين يجمعنا هوى أصدق من الصلوات!...." ([7]) إلخ
    فنعوذ بالله من هوي هو أصدق من الصلوات ، وما أحلم رب الأرض والسموات.
    وتقول أخري:
    " نداء لك أيها الغائب ....." ألا يكفي هذا الغياب ، فو الله أراك معي دائماً ....
    ففي النهار شمسي أنت ... وفي الليل قمري... والله أنت الدنيا وما بعدها....
    فخبرني يا زمان بحقٌ دنياك ... بحق السماء والنجوم... عن الغائب الذي لم يعد....." ([8])
    بل أنظر إلى عاقبة هذا الحب الذي كان بين رجل من طرفة وبين رجل آخر
    حيث يقول ابن القيم – كما في الداء والدواء:
    أن رجلاً تعلق بشخص وأحبه – حتى أنه وقع عليه – فتمنع عنه واشتد نفارة منه فأشتد المرض بهذا البائس المحب حتى لزم الفراش – فراش الموت – فلم تزل الوسائط تمشي بينهما حتى وعد بأن يعوده – أي زوره – فأخبر بذلك هذا البائس بهذا الخبر ففرح ، واشتد فرحه وسروره وانجلي عنه بعض ما كان يجده ، وبينما كان الرجل في الطريق لزيارته رجع، وقال والله لا أدخل مداخل الريب ولا أعرض نفسي لمواقع التهم، فأخبر بذلك البائس المسكين فسقط في يده ورجع إلى أسوأ ما كان، وبدت علامات الموت عليه حتى قال في آخر رمق له
    وكان آخر ما قال:
    سلام يا راحة العـليل
    ويرد ذل الدنف النحيل
    رضاك أشهي إلى فؤادي
    من رحمة الخالق الجليل
    فقال الراوي: يا فلان اتق الله فقال: قد كان ما كان ، فقال الراوي: فقمت عنه فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت ،فنعوذ بالله من سوء العاقبة وشؤم الخاتمة

    2- ومن الأضرار الدينية – التشبه بالكفار وتقليدهم ومحاكاتهم:
    فقد أخرج أبو داود عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النبي r أنه قال: " من تشبه بقوم فهو منهم"
    وقد عُني الكفار بهذا النوع عناية فائقة كما في المجتمع الغربي المعاصر، حتى اخترعوا له عيداً سموه عيد الحب أو عيد العشاق يحتفلون به كل عام، ويلبسون لباساً خاصاً، ويقدمون فيه الورود الحمراء.. إلخ ، وقد سري ذلك – وللأسف الشديد – إلى بلاد المسلمين لاسيما مع ظهور الفضائيات. وسمعنا أخباراً يندي له الجبين من تشبه بعض المسلمين – وبخاصة النساء- بأولئك الكفار0 ومشاركتهم في الاحتفال بأي عيد من الأعياد المبتدعة سواء سمي عيداً أم لم يسم مادام أنه يتكرر كل عام. فكيف إذا كان عيداً سخيفاً لا يحتفل به إلا أراذل الناس من البطالين الفارغين. فلنفتخر بديننا، ولنعتز بعقيدتنا، ولا نكن له أذناباً تابعين لغيرنا، ولنكن كما قال الشاعر:
    قوم هم الأنف والأذناب غيرهم
    فمن يساوي بأنف الناقة الذنبا
    3- ومن الأضرار الدينية – الوقوع في الفاحشة:
    الفاحشة التي حرمها الله (U) والتي هي من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، فكم من فتاه عفيفة شريفة كشف سوأتها، وانتهك عرضها، وفتي عفيف شريف غرق في أوحال الفاحشة وقذارتها ، باسم الصداقة والحب، والأخبار في ذلك مبكية ومحزنة ، تتفطر منها القلوب ، وتقشعر من هولها الأبدان، وإن كانت قليلة – ولله الحمد- إذ أن أي فتاة مسلمة عاقلة تدرك هذا الأمر جيداً ، وتحسب له ألف حساب ولكن حين تستحكم الغفلة ، وتثور العاطفة، يحضر الشيطان وتنسي الفتاة نفسها في غمرة الهوى ، فلا تفيق إلا وهي غارقة في مستنقع الرذيلة
    تقول أحدهن كما في جريدة عكاظ ملحق الأمة الإسلامية العدد 51 صـ 3:
    " لا أريد أن تكتبوا مأساتي هذه تحت عنوان ( دمعة ندم ) بل اكتبوها بعنوان ( دموع الندم والحسرة ) تلك الدموع التي ذرفتها سنين طوال .. إنها دموع كثيرة تجرعت خلالها آلاماً عديدة، وإهانات ونظرات كلها تحتقرني بسبب ما اقترفته في حق نفسي وأهلي .. وقبل هذا وذاك: حق ربي.
    إنني فتاة لا تستحق الرحمة أو الشفقة ...لقد أسأت إلى والدتي وأخواتي، وجعلت أعينهم دوماً إلى الأرض، لا يستطيعون رفعها خجلاً من نظرات الآخرين....كل ذلك كان بسببي .. لقد خنت الثقة التي أعطوني إياها... بسبب الهاتف اللعين .
    بسبب ذلك الإنسان المجرد من الضمير ، الذي أغراني بكلامه المعسول، فلعب بعواطفي وأحاسيسي حتى أسير معه في الطريق السيئ....
    وبالتدريج جعلني أتمادي في علاقتي معه إلى أسوأ منحدر... كل ذلك بسبب الحب الوهمي الذي أعمي عيني عن الحقيقة، وأدي بي في النهاية إلى فقدان أعز ما تفخر به الفتاة، ويفخر به أبواها، عندما يزفانها إلى الشاب الذي يأتي إلى منزلها بالطريق الحلال... لقد أضعت هذا الشرف مع إنسان عديم الشرف، إنسان باع ضميره وإنسانيته بعد أن أخذ مني كل شيء ، فتركني أعاني وأقاسى بعد لحظات قصيرة قضيتها معه... لقد تركني في محنة كبيرة بعد أن أصبحت حاملاً!.... وآنذاك لم يكن أحد يعلم بمصيبتي سوي الله سبحانه... وعندما حاولت البحث عنه كان يتهرب مني ، علي عكس ما كان يفعله معي من قبل أن يأخذ ما يريد ..... لقد مكثت في نار وعذاب طوال أربعة أشهر، ولا يعلم إلا الله ما قاسيته من آلام نفسية بسبب عصياني لربي، واقترافي لهذا الذنب ... ولأن الحمل أثقل نفسيتي وأتعبها... كنت أفكر كيف أقابل أهلي بهذه المصيبة التي تتحرك في أحشائي؟ .... فوالدي رجل ضعيف ، يشقي ويكد من أجلنا، ولا يكاد الراتب يكفيه.. ووالدتي امرأة عفيفة ، وفرت كل شيء لي من أجل أن أتم دراستي لأصل إلى أعلى المراتب.
    لقد خيبت ظنها ، وأسأت إليها إساءة كبيرة لا تغتفر ، لازلت أتجرع مرارتها حتى الآن .. إن قلب ذلك الوحش رق لي أخيراً حيث رد على مكالمتي الهاتفية بعد أن طاردته.. وعندما علم بحملي عرض على مساعدتي في الإجهاض وإسقاط الجنين الذي يتحرك داخل أحشائي .. كدت أجن ... لم يفكر أن يتقدم للزواج مني لإصلاح ما أفسده... بل وضعني أمام خيارين : إما أن يتركني في محنتي أو أسقط هذا الحمل للنجاة من الفضيحة والعار...!
    لقد أصبح والدي كالشبح يمشي متهالكاً يكاد يسقط من الإعياء... بينما أصبحت أمي هزيلة ضعيفة ، تهذي باستمرار ، سجنت نفسها بإرادتها داخل المنزل خشية كلام الناس ونظراتهم.."
    ثم تختم رسالتها بقولها:
    " إنني من هذه الغربة الكئيبة أرسل إليكم بحالي المرير.. إنني أبكي ليلاً ونهاراً ولعل الله يغفر لي خطيئتي يوم الدين ، وأطلب منكم الدعاء لي بأن يتوب الله علي ويخفف من آلامي "

    4. ومن الأضرار الدينية :
    ضعف الأمة وتقهقرها وتسلط الأعداء عليها:
    فما فشا هذا الوهم في أمة إلا قضي عليها، وحطم رجولة شبابها وسلط عليها الأعداء وماذا يرجي من أمة قد غرق شبابها ونساؤها في الأوهام؟
    في العصر الجاهلي قبل بزوغ فجر الإسلام ، كان لا يسمع إلا صوت قيس وهو يغني علي ليلاه، فلما بزغ فجر الإسلام ، وأكرم الله هذه الأمة بنبي الرحمة محمد صلي الله عليه وسلم ، انقطع هذا الصوت ولم يسمع إلا صوت الحق وهو يدعو إلي العزة والكرامة، وجنة عرضها السماوات والأرض، حتي إن الشباب – بل حتى الأطفال – كانوا يتسابقون إلي ساحات الجهاد طمعاً في نيل الشهادة.
    ولما ضعف المسلمون وتخلوا عن دينهم ( إلا من رحم الله عز وجل- عاد ذلك الصوت النشاز يجلجل في الآفاق، ولم يعد قيساً واحداً ، بل آلاف (( الأقياس))، ولا ليلي واحدة بل آلاف (( الليالي))، وإذا أردتم البرهان والدليل فاستمعوا إلي ما ينعق به المغنون عبر موجات الأثير: كل يغني علي ليلاه ولذا كان انتشار هذا الوهم بين شباب الأمة وفتياتها دليلاً علي ضعف الأمة ، وانحطاطها وتخلفها.
    ففي زمن من الأزمان أراد أعداء الإسلام غزو بلاد المسلمين ، فأرسلوا عيناً لهم ( أي جاسوساً) يستطلع لهم أحوال المسلمين ، ويتحسس أخبارهم، وبينما هو يسير في حي من أحياء المسلمين، رأي غلامين في أيديهما النبل والسهام، وأحدهما قاعد يبكي ، فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فأجاب الغلام وهو يجهش بالبكاء: " إني قد أخطأت الهدف.."ثم عاد إلي بكائه .. فقال له العين : لا بأس، خذ سهماً آخر ، وأصب الهدف! فقال الغلام بلهجة غاضبة: " ولكن العدو لا ينتظرني حتى آخذ سهماً آخر وأصيب الهدف"
    فعاد الرجل إلي قومه ، وأخبرهما بما رأي ، فعلموا أ، الوقت غير مناسب لغزو المسلمين
    ثم مضت السنون ، وتغير الأحوال ، وأراد الأعداء غزو المسلمين ، فأرسلوا عيناً ، يستطلع لهم الأخبار ، وحين دخل بلاد المسلمين رأي شاباً في العشرين من عمره! في هيئة غريبة ، قاعداً يبكي فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فرفع رأسه ، وقال مجيباً بصوت يتقطع ألماً وحسرة " إن حبيبته التي منحها مهجة قلبه ، وثمرة فؤاده قد هجرته إلي الأبد ،وأحبت غيره " ثم عاد إلي بكائه..!
    وعاد الرجل إلي قومه يفرك يديه سروراً مبشراً لهم بالنصر
    إن قوة الأمة وضعفها يكمن في مدي تمسكها بكتاب ربها وسنة نبيها صلي الله عليه وسلم.

    ثانياً الأضرار النفسية:
    فإن لهذا الحب المزعوم أضراراً نفسية بالغة الأثر، قد تنتهي بصاحبها إلي الجنون ، فمن ذلك:
    1. فقدان الثقة بالنفس:
    تقول إحداهن: " أكتب مشكلتي لعلي أجد الحل الذي يريحني ، ويعيد النوم إلي جفوني، والراحة إلي نفسي .. والتي لم أذقها منذ أن تعرفت عليه عن طريق الهاتف! حينما طلبت احدي صديقاتي ، ورد علي أخوها، وجذبني إليه رقة حديثه، بعدها وجدت نفسي مشدودة للتفكير فيه، والتعلق به وتكرر الاتصال ، وتعمدت اختيار الأوقات التي لا تكون صديقتي موجودة فيها .. وتواعدنا علي الزواج! وفجأة .. لاحظت تهربه من الحديث معي، وانقطعت إتصالته بي .. حاولت بأسلوب غير مباشر التعرف علي أسباب هذا التحول، دون فائدة.. وأخيراً وبطريق الصدفة أخبرتني صديقتي أن أخاها قد وقع اختياره علي إحدي القريبات ، وسيتم زفافهما قريباً.
    أصابتني دهشة أفقدتني توازني وقدرتي علي الرد عليه.. وفقدت بعدها الثقة في نفسي وفي كل من حولي .. تقدم لي الكثيرون ولكنني أرفضهم جميعاً دون أي مبرر..
    العمر يتقدم بي ، ولكني عاجزة عن نسيان هذا الجرح القديم، الذي تمكن مني لدرجة كبيرة بدأت تثير شكوك أهلي تجاهي ، ولا أدري كيف أتخلص مما أنا فيه.." جريدة المدينة العدد( 11263)
    إنها لا تزال متعلقة بالوهم علي الرغم من أن الأمر قد انتهي.
    2. الاكتئاب النفسي:
    يقول أحد الشباب : " أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة، ولظروف عملي فإني أسكن بعيداً عن زوجتي وأطفالي مسافة 200 كم، وأسافر لزوجتي يومين في الأسبوع ، وأحياناً يوماً واحداً، كنت أحب زوجتي كثيراً ، وكانت هي كذلك ، وإلا أن ضعف مرتبي حال بيني وبين إحضارها للإقامة عندي..
    وفي ليلة من الليالي اتصلت فتاة ! تريد التعرف بي، فرفضت ذلك وأفهمتها بأني متزوج ولدي أطفال، وقمت بإقفال السماعة في وجهها، وما كان منها إلا أن أصرت علي محادثتي والتعرف علي، ومن تلك اللحظة أصابني صداع لم يفارقني تلك الليلة، وفي التالي اتصلت بي ، فرد عليها أحد زملائي فلم تكلمه، ثم رد عليها الثاني والثالث، فلم ترد إلا أنا ، وفي ساعة متأخرة من الليل اتصلت، ولم يكن غيري فرفعت سماعة الهاتف، وزين لي الشيطان محادثتها، وتعرفت عليها، ويا ليتي لم أفعل، فلقد زلزلت كياني، وزرعت طريقي أشواكاً بل لقد فرقتني عن زوجتي وأولادي، فلم يعد لهم في قلبي من الحب مثل ما كان قبل ذلك ، كان فكري في ذلك الشيطان الذي تمثل لي في صورة تلك الفتاة، فقدت أعصابي مع زوجتي وأولادي، أثور عليهم لأدني سبب، بسبب تلك الفتاة التي زرعت المرض والخوف في أعماقي .. حاولت أن اقاطعها فلم أقدر.. كانت تلعب بأعصابي كثيراً .. نسيت حتي عملي من كثرة السهر، ومع ذلك أصابني الاكتئاب النفسي ، وذهبت إلي عيادة الأمراض النفسية، وأعطوني أقراصا فلم ينفع معي أي علاج..)) جريدة الجزيرة العددي 8789 صــ 31
    3. فقدان الأمن والراحة، والخوف من الفضيحة:
    وذلك أن أدعياء الحب يقومون – في الغالب – بتسجيل المكالمات الهاتفية التي تتم بينهم وبين الفتيات ضحايا الحب ، وقد يطلبون منهن صوراً باسم الحب ، فيحتفظون بها، مع الرسائل الوردية المعطرة التي تبعثها الفتيات إليهم، فإذا ما استعصت الفتاة عليهم، وأبت الخروج معهم ، قاموا يهددونها بتلك الصور والرسائل، وبصوتها في الهاتف، وتعيش الفتاة في وضع مأساوي سيء، وقد تستجيب لمطالبهم خوفاً من الفضيحة ! فتبوء بالإثم في الدنيا ، والفضيحة الكبري في الآخرة وما فيها من العذاب الأليم.
    تقول إحداهن: ( كنت جالسة في المنزل عندما رن جرس الهاتف.. فنهضت ورفعت السماعة ، فإذا برجل يطلب صاحباً له ، قلت له إن الرقم خطأ ، وألنت له صوتي، فإذا به يتصل مرة ثانية، وأكلمه حتي قال لي إنه يحبني ! ولا يستطيع الاستغناء عني، وأن نيته سليمة! فصدقته وذهبت معه، وأخذنا صوراً عديدة!! وبعد أربع سنوات مكثتها معه إذ به يقول: إذا لم تمكنيني من نفسك فأفضحك ، وأقدم الصور لأهلك .ز فرفضت بشدة ، وابتعدت عنه، وأصبحت أرفض محادثته في الهاتف أو مقابلته، ويقدر الله عز وجل أن يخطبني صاحب أبي ، وقبل زواجي بأيام اتصل بي ذلك النذل، وقال لي: إن تزوجت من هذا الرجل فأفضحك عنده! ! فأصبحت في حيرة من أمري، وتوجهت إلي الله عز وجل أدعوه بإخلاص أن يخلصني من هذا الرجل، وبعد زواجي بيومين علمت أنه أراد الذهاب إلي زوجي ومعه الصور، وفي طريقه إلي مقر عمل زوجي ، توفي في حادث سيارة ، واحترقت الصور معه.)
    جريدة اليوم العدد (7081) ضمن مقال بعنوان خطر الهاتف لصابر جلال.
    وهذه قصة أخري يتبين من خلالها أنه قلما تتزوج فتاة ذات صلات فاسدة من رجل وماضي مرير إلا وردت عليها ليلة البناء بها أو صبيحتها كُتبُ الوشاية بها من الأشخاص الذين أحبتهم وأخلصت إليهم فينتهي أمرها في حياتها الجديدة إلي الشقاء والعار.
    وليس هناك فتاة بدأت حياتها بحب وغرام ووقوع في الحرام استطاعت أن تتمتع بالحب في زواج سعيد شريف جزاءً وفاقاً ولا يظلم ربك أحداً.

    وجاء رسول البريد بكتاب إلي زوج في ليلة بنائه علي زوجته فإذا فيه الرسالة التالية: " علمت أنك خطبت " فلانة " وأنك عما قليل ستكون زوجها، ولعمري لقد كذلك نظرك وخدعك، من قال لك : إنك ستكون سعيداً بها، فإنها لن تكون لك بعد أن صارت لغيرك، ولا يخلص حبك إلي قلبها بعد أن امتلآ بحب عاشقها، فاعدل عن رأيك فيها، وانفض يدك منها، وإن أردت أن تعرف من هو ذلك العاشق وتتحق صدق خبري وإخلاصي إليك في نصيحتي، فانظر إلي الصورة المرسلة مع هذا الكتاب".
    التوقيع ....
    4.الفشل الدراسي:
    وهذا هو الغالب على من ابتُلي بهذا البلاء ، لانشغال فكره وقلبه بالتفكير بـ ( المحبوب ) ، ولكثرة السهر ، وضياع الأوقات الطويلة في مكالمات تافهة رخيصة ، لا تترك وقتاً للمذاكرة والمثابرة ..
    تقول إحداهن :" أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري ، متفوقة في دراستي ، أحببت أحد المشاهير بشكل جنوني ، تملأ صوره الكبيرة حجرتي ، وأدس صوره الصغيرة في كل كتبي ، وأحلم دائماً بلقائه ، وأثور إذا تحدثت عنه زميلاتي .. بدأ مستواي الدراسي في الانحدار بسبب هذا الحبّ الجنوني ، لدرجة أني أخشى من الاستمرار في الانحدار ، وفي نفس الوقت لا أستطيع التغلب على مشاعري ، وأشعر بأنني وحدي في مشكلة تهدد مستقبلي ، ولا أستطيع مصارحة أحد بها .. " .
    5. انتظار من لا يأتي :
    وما أطول ساعات الانتظار – بل حتى لحظاته وما أشدها على النفس ، فكيف إذا امتدت إلى شهور وأعوام !
    تقول إحدى الفتيات – وهي من ضحايا هذا الوهم - :
    " من خلال حديث أخي عن صديقه الملتزم ، أحببته .. شعرت بمشاعر الحبّ تسيطر علي تجاهه ، ولأني فتاة مسلمة ملتزمة بأمور ديني ، نجحت في التمسك بالفضيلة ، والامتناع عن أي سلوك يمكن أن يُظهر مشاعري تجاهه ، وظللت على هذه الحال لمدة أربع سنوات .. رفضتُ كلّ من يتقدم لي من أجل هذا الحبّ! ، وانتظاراً لذلك الشاب الذي لا يعلم بمشاعري نحوه ! .. والآن أنتظر .. وأعيش حالة نفسية سيئة من جراء هذا الانتظار ... انتظار من لا يأتي .. !!

    ثالثاًً : الأضرار الصحية
    وهي التي تصيب البدن، بخلاف الأضرار النفسية التي تصيب الروح مع سلامة البدن ، وقد يكون الضرر النفسي سبباً لوقوع الضرر البدني ، كما هو الحال في هم الحبّ .
    تروي إحدى الفتيات ، تقول : (( في يوم من الأيام جاءني اتصال من صديقة لي، تخبرني فيه بأن صديقة لنا في العناية المركزة بالمستشفي ، فهرعتُ إليها وأنا لا أعلم السبب ، وحينما وصلت إليها ، وجدتها ممددة على السرير دون حراك ، وقد أصابتها حالة تشنج عنيفة ، تركتْ بصمات زرقاء وسوداء حول عينيها ، وفي جميع أجزاء وجهها ، وعندما سألت شقيقتها عن السبب ، أخذتني بعيداً عن والدتها المنهارة ، وقالت لي : لقد اكتشفتْ أن خالداً متزوج ، ولديه ولد !!! ..
    أما عن خالد هذا ، فهو شاب قد تعرفتْ عليه عن طريق الهاتف ! وبعد عدة لقاءات وعدها بالزواج ! وها هي تدخل المستشفى من أجله ، ولو علم هذان الأبوان المنهاران أمام غرفة ابنتهما سبب دخولها المستشفى لقتلاها بدلاً من أن يبكيا عليها !" جريدة الجزيرة العدد (8663 ص13) .
    وأغرب من ذلك ، ما نُشر في بعض الصحف من قصّة تلك المرأة المصرية التي فوجئت وهي تفتح دولاب ملابسها بعد أن عادت إلى بيتها ، بشاب يخرج من ذلك الدولاب ، فتعالت صرخاتها مستغيثة بالجيران ، وقد حاول الشاب إقناعها بأنه إنما جاء لخطبة ابنتها التي تربطه بها علاقة حب ! ولكن المرأة أصرت على استدعاء الشرطة ، وكانت المفاجأة ، أن سقط ميتاً بالسكتة القلبية قبل أن ينقل إلى قسم الشرطة في أغرب حادث حبّ غرامي مجنون ... " جريدة الرياض العدد (11113ص35)
    وقد سئل الأستاذ الدكتور مصطفى محمود عن الحبّ قبل الزواج فأجاب : (( الحبّ هو اتحاد شديد العمق ، يؤدي التفريق فيه إلى سلسلة من انفجارات العذاب والألم ، قد تستمر حتى الموت ، وقد تنتهي بتغير الشخصية تماماً ، وتحولها كما يتحول الراديوم بعد تفجر الإشعاع إلى رصاص ، أما الحبّ بعد الزواج ، فهو الحبّ الحقيقي الذي ينمو ويعيش ، ويتحدى النسيان ، ويضفي النبل والإخلاص والجلال على أبطاله " جريدة الرياض العدد ( 10458ص10).

    رابعاً: الأضرار الاجتماعية
    وهي كثيرة جداً ، ومن أخطرها :
    1- انتشار الفساد في المجتمع ، وشيوع الفاحشة فيه:.
    فكم من عفيفة حرّة صارت باسم الحبّ من البغايا ، وعفيف صار به عبداً للصبيان والصبايا .. ! ويحضرني في هذا المقام قصة فتاة جامعية وقعت في وهم الحبّ ، وجرى لها ما جرى لغيرها من ضحايا هذا الوهم : نظرة فابتسامة فكلام فموعد فلقاء ففجور فندم وحسرة ... لكن هذه الفتاة لم يقف أمرها عند هذا الحدّ ، فقد قام الذئب بتصويرها معه وهي تمارس الفجور ، في شريط فيديو ، ثم صار يهددها بهذا الشريط ، حتى انقادت له ، وصارت كالخاتم في يده ، يخرج بها متى شاء بلا قيود، ولم يكتف الذئب بذلك حتى أشرك معه غيره من الذئاب البشرية المسعورة ، فإذا بالفتاة الجامعية المصونة ، تتحول إلى بغي فاجرة، تنتقل من رجل إلى آخر ...!! ثم تنتهي القصة بقيام هذه الفتاة بقتل ذلك الذئب انتقاماً لشرفها وعرضها ، لتودع في سجن خلف القضبان "كتيب صغير بعنوان شريط فيديو دمر حياتي.
    2- فشل الحياة الزوجية ، وكثرة وقوع الطلاق في المجتمع :
    ففي دراسة علمية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية تبين أن معظم الذين تزوجوا بعد قصة حبّ كبيرة لم ينجح زواجهم !جريدة الرياض العدد 63-11 .
    وليس هذا في ديار الغرب فحسب ، بل حتى في بلاد المسلمين ، ففي دراسة أجريت في المستشفى التخصصي بالرياض على الطلاق ، وجد أن أكثر حالات الطلاق إنما تقع في الزيجات التي تمت بعد علاقة حبّ ! مجلة اليمامة العدد (1482).
    وتبيّن د. خديجة علوي أستاذة علم الاجتماع السبب ، فتقول : " إن مفهوم الصداقة بين الشاب والفتاة قبل الزواج أمر مرفوض دينياً واجتماعياً ، فهي ضمن الأفكار الفاسدة التي وردت إلى مجتمعنا بسبب الانفتاح اللا محدود على المجتمعات الغربية .. " .
    ثم تضيف : " إن هذه الصداقة التي تنشأ بين الشاب والفتاة بحجة أنها ضرورية لوضع أخلاق وطباع الشريك المرتقب تحت المجهر أو لغير ذلك ، ما هي إلا وهم كبير ، إذ أنّها تأتي بنتائج عكسية على العلاقة ذاتها فيما بعد إذا ما تم الزواج بينهما .. ففي الغالب تكثر الخلافات ، وعدم التفاهم يزداد حدة لأن كلاً منهما بدأ يرصد بدقة عيوب الآخر وسيئاته بعد أن كانت غائبة عنه تحت ( وهم الحبّ ) الذي ربط بينهما عن طريق الصداقة ، وكثيراً ما تفشل هذه الزيجات ، لأن الأسس التي قامت عليها من البداية أسس واهية " جريدة المسلمون العدد (605).
    وأكبر شاهد على ذلك هو الواقع:
    فقد روت إحدى الأخوات قصتها مع إحدى زميلاتها قالت :
    "رأيتها بعد انقطاع دام أكثر من عام ، فهالني منظرها .. لقد تغيرت تماماً ، فقد تحول احمرار وجنتيها إلى هالات سوداء حول العينيين ، ونحل جسمها الممتلئ إلى وزن الريشة ، وتحول مرحها إلى حزن لا يفارقها ، تعلوها غبرة ، ويكسوها شحوب وكآبة ، وحينما سألتها : ما الذي غيرك ، وأوصلك إلى هذا الحد من التدهور ؟! أجابت بصوت متهدج : أتذكرين ناصر ؟ ( وهو شابّ تعرفت عليه عن طريق الهاتف ) ، لقد تزوجْتُه وليتني لم أفعل !
    فأصابني الذهول مما سمعت ، أهذا هو ناصر الذي أوهمت نفسك بأنه سيجعلك أسعد إنسانة و.. ؟!
    فابتسمتْ ابتسامة ممزوجة بالألم والحسرة ، وقالت : لقد كان سراباً ! لقد تحول بعد زواجنا إلى شيء آخر ! تحول إلى الضدّ وانقلب إلى وحش كاسر ، يسمعني ألذع الكلمات ، ويعيرني بحبي له قبل الزواج ، ويذكرني بأسوأ أفعاله ولقاءاتي معه ، ويهددني بإخبار والدي .. !" .
    وأسقطت من عينيها دمعتين ملتهبتين ، وقالت :
    " صدقيني ، لولا هذا الطفل الذي أخشى على مستقبله ، والذي أرى فيه كل آمالي التي لم تتحقق في والده لتركته عاجلاً غير آجل !! " جريدة الجزيرة العدد( 8663ص 13 .)
    3- خراب البيوت ، والتفريق بين المرء وزوجه وأهله :
    وهذا ما يطمح إليه إبليس اللعين ، فبينما المرء سعيد مع زوجه وأهله وأولاده ، يبعث إليه إبليس واحداً من جنوده من شياطين الإنس ، فيفسد عليه حياته باسم الحبّ أو غيره ، ومن الشواهد على ذلك ، ما ذكرته آنفاً من قصة ذلك الشابّ المتزوج الذي اتصلت به فتاة ، فما زالت به إلى أن تعلق بها ، حتى كره زوجته وأولاده وأهملهم ... الخ " والقصة مرت بنا".
    4- رفض الزواج ، وتفشي العنوسة :
    فالفتاة التي تقع في هذا الوهم ، ترفض الزواج في وقته ، إما انتظاراً للحبيب الموهوم الذي غالباً لا يأتي ، وإما خوفاً من الفضيحة إن كانت قد فرطت في عرضها ، ولا يخفى ما في ذلك من الآثار السيئة على المجتمع ..
    تقول إحداهن : " أنا فتاة جامعية ! أحببت شاباً بكل معنى الكلمة ! واخترته حبيباً لقلبي ، ورفيقاً لدربي ! بموافقة ومباركة الأهل !!! ، وفيما كنا نقوم بالاستعداد للزواج فوجئنا باعتراضات رسمية ، وعقبات وهمية ، حالت دون إتمام فرحتنا ، لكننا لم نستسلم ، فحاولنا التغلب عليها ، وضحينا بالكثير دون جدوى ، ولم نفقد الأمل رغم وصولنا إلى طريق مسدود ! ..
    واستمرت اللقاءات والاتصالات فيما بيننا ! وفي ذات يوم نسينا أنفسنا في غمرة الحب !! فكان الشيطان ثالثنا ..
    ومن هنا بدأت المشكلة أو المأساة الكبرى ، فبدلاً من تصحيح غلطته أو غلطتنا ، فوجئت به يتهمني زوراً وظلماً بأبشع التهم ، ويزعم ويدعي بأني لم أكن عذراء ... واتخذ من ذلك حيلة للتهرب من المسؤولية ، وتصحيح غلطة فظيعة ارتكبناها في لحظة طيش ..
    كيف يمكن أن يحدث لي هذا ، ولم يمسسني أحد – غيره - ، وقد أقسمت له أني لم أعرف رجلاً قبله ولا بعده ، وبكيت أمامه ، وتوسلت إليه ألا يتخلى عني ، فواعدني خيراً ، وعاد يؤكد حبه لي ! .. وكثرت اللقاءات بيننا ، فكنت أحرص خلالها على عدم إغضابه ، وكان هو الآمر الناهي ، والقاضي والجلاد ، ثم بدأ يتهرب مني ، وينتحل الأعذار ، وأخيراً طال غيابه وانقطعت أخباره ، فأدركت أنني كنت الجانية على شرفي والضحية ، وأنني قد حكمت على نفسي بالإعدام ..
    لقد صبرت ، وانتظرت بما فيه الكفاية ، ورفضت عشرات الشبان خوفاً من افتضاح أمري فتكون نهايتي .. " مجلة اليقظة ص 83.

    5- الخيانة الزوجية :
    إن الرجل السوي قد يحتمل من زوجته كل شيء – دون الكفر بالله – إلا الخيانة الزوجية ، وهذا الضرر من أخطر الأضرار التي تزلزل كيان المجتمع ، وتقضي على الثقة بين أفراده .. وإن من أهمّ الأسباب الداعية إلى ذلك – إن لم يكن هو السبب الرئيسي - : وهم الحب المدمر .. وقد كتب لي أحدهم قصته مع فتاة أحبته ! لكنها زُفت لغيره ، فأبت إلا الخيانة معه قبل زفافها بأيام ، ثم لا زالت تلاحقه بعد زواجها ، وتغريه .. حتى خلصه الله من شرها ..
    يقول هذا الشاب معترفاً : " إنها هي التي كانت تحبني ! أمّا أنا فلم يدخل حبّها قلبي في لحظة من اللحظات " وهذا هو حال أكثر الفتيات ، المخدوعات بوهم الحبّ ، ثم يضيف قائلاً : " ولشدة تعلقها بي ! لم تستطع الذهاب مع زوجها إلى منزله ، وبقيت عند أهلها ما يقرب السنتين ، ثم أنجبت ولداً وهي عند أهلها ! ، وفي هذه الأثناء تبت إلى الله ، لكنها لم تتركني وشأني بل كانت تطاردني في كل مكان ، وتتحين الفرص لمقابلتي ، حتى عدت لها مرة ثانية ، ثم تبت إلى الله ، ودعوته أن يبعدها عني ، وبالفعل ... فقد أخذها زوجها إلى منزله البعيد عنا ... " .
    فيالها من خيانة عظيمة تضج منها الملائكة ، وتُظلم منها السماء ، وتهتز لهولها الأرض .. كل ذلك باسم الحبّ الزائف !!
    6- القتل وفشوّ الجريمة في المجتمع :
    وما أعظم حرمة الدماء عند الله ، فقد ورد في الحديث المتفق عليه : (( أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء . والقتل ها هنا أنواع :
    أحدها : قتل النفس ، وهو أن يقتل المحبّ نفسه ، وربما أشرك معه محبوبه ، إما احتجاجاً على القدر، أو انتقاماً لنفسه من محبوبه الذي تخلى عنه !!
    والثاني : قتل الغير ، إما غيرة على العرض ، وذلك من قبل طرف ثالث كأحد أقرباء الفتاة ، أو انتقاماً لخيانة الحبيب ، أو من أجل الظفر به . وذلك بقتل أناس أبرياء لا ذنب لهم .
    أما النوع الأول فقد نشرت إحدى الصحف قصة تلك الفتاة التي أشعلت النار في جسدها لتخلي حبيبها عنها ، وارتباطه بأخرى ! ، وكانت قبل ذلك قد حبست نفسها في غرفتها بمنزلها مدة ثلاثة أيام متتالية..

    تقول إحدى جاراتها :إن هذه الشابة المسكينة لم تتوقف عن البكاء طيلة تلك الفترة ، مشيرة إلى أنها حاولت مواساتها ، لكنها ردت عليها بأنها قد رتبت لقاءً أخيراً مع حبيبها الذي ألحق بها ضرراً بالغاً ! .. وتم اللقاء الأخير الذي تحول إلى مواجهة عنيفة بينهما ، ثم دخلا في مشادة كلامية حادة ، وعندها توجهت الفتاة إلى مكان قريب ، وتناولت وعاء مليئاً بالبنزين ، فصبته على جسدها أمام حشد من الناس ، وأشعلت النار ، وقد حاول ( الحبيب ) منعها ، لكنها انقضت عليه وهي تشتعل ناراً ، واحتضنته بكل ما أوتيت من قوة ليحترقا جميعاً في مشهد مروع لم يُشهد له مثيل " جريدة الرياض العدد (14092) .
    كما نشرت بعض الصحف قصة مشابهة لهذه القصة حصلت في إحدى الدول العربية ، يقول الخبر: "انتحر شاب وفتاة في محافظة جرش ، شمال الأردن بعد أن أطلق الرصاص على نفسيهما في أجواء تراجيدية ، تحاكي قصة ( روميو وجوليت ).
    الشاب 24 عاماً ، والفتاة 22 عاماً ، عاشا في السنوات الأخيرة قصة عاطفية لم تُكتب لها نهاية سعيدة ! بعد أن اصطدمت برفض الأهل لزواجهما ، بحسب رسالة تركها المنتحران بخط يديهما ، قالا فيها : إنهما أقدما على الانتحار بكامل إرادتهما وقواهما العقلية ..!!
    وتشير التحقيقات أنه عُثر على الشاب (ع) والفتاة (ر) ملطخين بالدماء بعد أن عبرا عن احتجاجهما بالرصاص ، وإلى جوار جثتيهما رسالة تشير إلى اتفاق قديم بينهما على الزواج، أدى اليأس من تحقيقه إلى هذه النهاية المفجعة ..
    وأفادت التحقيقات إلى أن الشاب أطلق الرصاص على رأس الفتاة أولاً، ثم أطلق النار على رأسه، وتوفي على الفور ، فيما بقيت الفتاة تحت خطر الموت لمدة ثلاثة أيام ثم فارقت الحياة ! " جريدة الرياض العدد (13060 ص 35) .
    وأعجب من ذلك ، قصة ذلك الطيار المغربي الذي فضل الانتحار ومعه جميع الركاب ، حين علم بوجود رجل على متن الطائرة التي يقودها كان قد انتزع منه فتاة يحبها !!! على الرغم من اعتراضه سلفاً على وجوده في الطائرة ، فما كان منه إلا أن قاد حفلة موت جماعية ذهب ضحيتها جميع الركاب ...جريدة الرياض العدد (11109ص 3) .
    أما القتل غيرة على العرض والشرف ، فقد نشرت إحدى الصحف العربية خبراً يقول :
    أقدم مواطن من إمارة دبي على قتل ابنته وصديقها ! وسلم نفسه للشرطة ..


    وكان المواطن (س.ك) البالغ من العمر 50 عاماً قد اكتشف وجود علاقة بين ابنته البالغة من العمر 20 عاماً ، والشاب (م . م) وعمره 25 عاماً .. وقد شاهد والدُ الفتاة الشاب وهو يقترب من منزله ، وقد صعدت ابنته مع الشاب في سيارته ، وغابا لفترة، ولما عادت مع صديقها! كان الأب في انتظارها حاملاً بندقيته .. وأوقف الأب سيارته في عرض الطريق لإجبار الشاب على التوقف ، لكنه تمكن من الإفلات بسيارته ومعه الفتاة إلى قرية مجاورة ، فتعقبهما الأب بسيارته ، وتمكن من اللحاق بهما عند جدار القرية ، وأمطرهما من بندقيته اثنتي عشرة طلقة ، بعد أن صدم بسيارته سيارة الشاب لإجباره على الوقوف ... ولقي الاثنان (الشاب والفتاة) حتفهما على الفور ، وتوجه الأب إلى مركز الشرطة ليسلم نفسه .
    وقد عثرت الشرطة على السيارة وبداخلهما القتيلان ، وهما يسبحان في الدماء .. "
    جريدة الشرق الأوسط العدد( 54106)..
    أما قتل الأبرياء انتقاماً لغدر الحبيب ، أو فقده فمن أمثلته ما تقدم قريباً من قصة الطيار المغربي ، وقد نشرت الصحف أيضاً قصة تلك الممرضة العربية ، التي حُكم عليها بالإعدام بتهمة القتل العمد والشروع فيه ، وكانت هذه الممرضة – وهي في العشرينات من عمرها – قد حاولت قتل المرضى انتقاماً من الطبيب المعالج الذي رفض حبها.. !!! جريدة الرياض العدد (11090) .
    أرأيتم ماذا يصنع الحب المجنون ؟!
    هذا وإن من أبشع جرائم القتل التي تحدث بسبب هذا الحب الملعون ، أن تحب المرأة رجلاً غير زوجها ، فتتفق معه على قتل زوجها والتخلص منه ، وهي – لعمر الله – جريمة من أعظم الجرائم ، وشواهدها لا تكاد تحصى ، لاسيما في بعض البلاد العربية . ومن ذلك ما نشرته بعض الصحف أن فتاة وضعت السم لزوجها قبل زفافهما بيوم واحد حتى تتمكن من الزواج بشاب آخر تحبه منذ فترة طويلة!. وكان العريس قد توجه إلى منزل عروسه ليعرض عليهم كروت الدعوة لحفل الزفاف ، فقدمت له العروس كوب شاي مسموم ، وفور خروجه من المنزل سقط على الأرض ، واكتشف الأطباء أنه مات مسموماً .. .جريدة الجزيرة العدد( 9700ص30)

    خامساً: الأضرار الأدبية
    ومن أعظمها : سقوط كرامة المرأة من عين الرجل ..
    فالمرأة التي تخون أهلها ومجتمعها ، وتقيم علاقة مع رجل غريب ، تسقط من عينه ، وكلما اقتربت منه ، وقدمت له من تنازلات ، ولبت له من رغبات ، ازداد لها احتقاراً ، وتسقط من عينه تماماً حين تمنحه أغلى ما تملك : عرضها وشرفها ، وغالباً ما يتخلى عنها ، ويبحث عن غيرها ..
    تقول إحداهن :" أحببت شاباً منذ ستة أشهر ، وتطورت علاقتي به تطوراً سريعاً .. وأخجل من القول إنني كنت أذهب معه إلى إحدى الشقق المفروشة التي يمتلكها صديق له ..ذلك أنه استطاع أن يقنعني بأن المكان المغلق سوف يحميني من نظرات الآخرين حين يروننا معاً! وانسقت معه لأنني أحبه ولأنه وعدني بالزواج([9])
    المشكلة أنني طالبت هذا الشاب بالزواج ، ولكنه منذ ذهابي معه إلى الشقة بدأ يتهرب مني([10])
    إنني أعيش في جحيم من الخوف والمهانة، ولا أعرف كيف أتصرف، ولا أستطيع مواجهة أهلي ، فهم يثقون بي تماماً ([11])
    علماً بأني أبلغ السابعة عشرة من عمري .. " مجلة المجالس العدد (1026ص 83).
    وهذه أخرى تقول : (( تعرفت عليه ، وبعد فترة من التعارف أعلن عن استعداده للخطبة ، فرحنا ، وظن الجميع ! أن الزواج قادم ، ولكن للأسف تكررت لقاءاتنا بشكل منفرد خارج إطار الأسرة ! ، وبعدها سولت لنا أنفسنا ارتكاب بعض الآثام الصغيرة التي بدأت تتزايد مع مرور الأيام ، وللأسف تركني بعد ارتكاب جريمته بحجة أني لم أحافظ على نفسي ، وبالتالي لا يمكن أن يستأمنني على نفسي بعد الزواج جريدة المسلمون العدد (605) .
    وهو صادق ، إذ كيف يأمن امرأة خانت أهلها ولم تحافظ على عرضها .

    سادساً: الأضرار المادية
    وهي تتلخص فيما يلي : إمّا في إنفاق الأموال الطائلة على الحبيب الموهوم ، وبذلها له بدون مقابل ، وقد يكون من مدمني المخدرات ، أو في تسديد فواتير الهاتف ذات المبالغ الكبيرة ، أو في تضييع أوقات طويلة كان يمكن أن تستغل في عمل نافع تُجنى منه أرباح وفيرة ..
    فأما الإنفاق على الحبيب الموهوم ، فقد ذكرت إحدى الأخوات قصة فتاة ميسورة الحال ، أحبت شخصاً عن طريق الهاتف ! ، وقد كان مؤهله لا يتجاوز الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية ، وبذلك لم تكن لديه مهنة يتعيش منها ، فتولت هذه الفتاة مهمة الإنفاق عليه !! حتى لم تعد تجد ما تنفقه على نفسها ، وقد وصل ما أنفقت عليه خلال أربعة أشهر فقط : ثمانية عشر ألف ريال باعترافها هي " جريدة الجزيرة العدد( 8663 ص 13)
    فهل سمعتم بحمق أعظم من هذا الحمق ؟ وضياع أكثر من هذا الضياع ؟ ، وبذل للمال في سبيل الباطل من أجل حب موهوم ؟
    وأما فواتير الهاتف ، فقد نشرت بعض الصحف قريباً قصة رجل بلغت فاتورة هاتفه مبالغ خيالية بسبب طول مكالمات ابنه الهاتفية ، وكثرتها على القنوات الفضائية الخارجية ، كل ذلك باسم الصداقة والحبّ ..!! جريدة الجزيرة العدد (9699ص 9).
    أما تضييع الأوقات ، وإشغالها بالمكالمات التافهة ، فقد حدثني أحدهم – وهو شابٌ في المرحلة الثانوية – أنه كان يجلس عند جهاز الهاتف ساعات طويلة حتى أهمل دروسه ، وأغضب والديه ، والنتيجة : لا شيء سوى الضياع ، والضلال ، والتعلق بالوهم .
    هذه بعض الأضرار المادية لوهم الحبّ ، وقد تكون هناك أضرار أخرى كثيرة لمن تأمل بعين البصيرة ..







    أسباب هذا الحب المحرم:
    1. عرض قصص الحب والغرام في وسائل الإعلام:
    فالأفلام والمسلسلات والمسرحيات والأغاني تعرض علي مسمع ومرآي كل شاب وفتاة ، أحاديث العاشقين وسمر المحبين وجنون الهائمين وولع الراغبين بين الرجل وبنت الجيران أو زوجة الصديق أو شقيقة الزوجة أو أمها أو السكرتيرة الخاصة أو زميلة الدراسة أو العمل ، وعلاقات أخري بين المرأة وابن خالتها وابن الجيران وزميل الجامعة وصديق الأخ والمدرس في المدرسة والأستاذ في الجامعة وزميل العمل ، وغير ذلك من ألوان الحب بين الرجل والمرأة وما يبذل في سبيل هذا الحب من تضحيات ودموع وآهات وبعد انتهاء العرض يبدأ هذا القلب الفارغ في البحث عن هذا الحب الزائف ليعيش ما شاهده في وسائل الإعلام، فتسلم الفتاة قلبها لأي شخص تقابله حتى ولو لم يكن يصلح زوجاً لها.
    2. قلة الدين وضعف الإيمان:
    فمع غياب الوازع الديني يتمكن هذا الحب الزائف من القلب كما قال قيس بن الملوح :
    أتاني هواها قبل أن أعرف الهوي فصادف قلباً خالياً فتمكنا.
    لكن هذا الحب الزائف الوهمي لا يتمكن من قلب عمران بمحبة الله (جل وعلا)
    لكن في زمن غاب فيه الأمن والإيمان وكثر فيه الغش والخداع وفقدت الفتاة حشمتها وأضاعت أنوثتها ونسيت حياءها فرخص ثمنها وفقدت كرامتها وعفتها، أصبح ميسوراً لكل من الطرفين أن ينال ما يريده من الآخر تحت مسمي الحب.
    3. الفراغ النفسي والروحي والعاطفي:
    فمثل هذا الفراغ هو الذي يقود في كثير من الأحيان إلي الوقوع في هذا العشق المحرم فإن العاطفة إذا لم تضبط بالعقل فإنها تتحول إلي عاصفة تقتلع كل ما أمامها، فعلي الشباب أن يملؤا وقتهم وفراغهم بكل عمل مفيد ونافع من قراءة كتاب شرعي أو علمي مفيد أو سماع شريط ديني أو الاستماع لإذاعة القرآن أو المشاركة في بعض الأعمال الخيرية النافعة وحفظ القرآن وقراءة ورد يومي ثم القراءة في كتب التفاسير وبهذا لا يجد الشيطان سبيلاً إلي الإغواء.
    وهذا لا يمنع من الترفيه عن النفس بشيء من المباح أحياناً لتقبل النفس علي الطاعة بانشراح ونشاط.

    4. الإعجاب:
    فقد تعجب الفتاة بشخص ما إما لدينه أو لتفوقه أو بملبسه فيستغل الشيطان هذا الإعجاب ليحوله إلي عشق وجنون وهنا تقع الفتاة في الحب الزائف الوهمي ،وقد يتطور الأمر إلي اتصال ثم لقاء ثم تقع الكارثة باسم الحب والإعجاب ليحوله إلي عشق وجنون بل جاء في جريدة الجزيرة (العدد 8558 ص9 ) بعنوان رفقاً بأنفسكن أيتها الفتيات للدكتور: إبراهيم الدعيلج حيث تقول بعض الفتيات :
    إنني أعاني من أغرب مشكلة يمكن أن تسمعوا عنها وأرجو أن تصدقوني ولا تسخروا مني .. إنني أحب شخصاً ميتاً!! هذه هي الحقيقة دون زيادة أو نقصان أحب(..) الراحل ولا أفكر إلا فيه حتى لم يعد في حياتي وقت لشيء أو إنسان غيره أعرف أن هذا الحب سخيف جداً ولا معني له ولا مستقبل له لكنني لا أقدر علي مقاومة عواطفي فأظل أفكر فيه ليلاً ونهاراً. ولا أقدر على فعل أي شيء غير البكاء .. ففي بعض الأحيان أدرك مدى الخطأ الذي أرتكبه بحبي لإنسان لا يوجد في هذه الحياة ، وأظل أتساءل : هل هو الجنون ؟! ما معنى هذا الحبّ الذي يسيطر على حياتي ؟! هل فقدت أعصابي إلى هذا الحدّ ؟!
    أفكاري تعذبني ، وحبّي يقيدني إليه ، فهل تستطيعون مساعدتي ؟ أهـ
    فهذا أكبر دليل على الخواء الروحي ، والفراغ النفسي لدى أولئك الفارغين والفارغات ، الغارقين في أوحال الوهم ، الذين لم يتذوقوا حلاوة الأنس بالله ، ومحبته ، ومناجاته ، فكانت النتيجة هي العذاب والضنك الذي ذكره الله عز وجل في محكم كتابه فقال سبحانه :
    { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً } هذا في الدنيا ، أما في الآخرة : {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} (طـه:124-127)

    5- ومن أسباب الحب الزائف: الاستحسان:
    يقول ابن القيم – رحمه الله - : سواء تولد هذا الاستحسان عن نظر أو سماع
    -فإن لم يقارنه طمع في الوصال وقارنه الإياس من ذلك لم يحدث العشق.
    -فإن اقترن به الطمع فصرفة عن فكره، ولم يشتغل قلبه به لم يحدث له ذلك.
    -فإن أطال مع ذلك الفكر في محاسن المعشوق وقارنه خوف ما هو أكبر عنده من لذة وصاله، إما خوف ديني كدخول النار وغضب الجبار واحتقاب الأوزار وغلب هذا الخوف علي ذلك الطمع والفكر لم يحدث له ذلك العشق ، فإن فاته هذا الخوف فقارنه بخوف دنيوي ، كخوف إتلاف نفسه أو ماله أو ذهاب جاهه وسقوط مرتبته عند الناس، وسقوطه من عين من يعز عليه وغلب هذا الخوف لداعي العشق دفعه.
    -وكذلك إذا خاف من فوات محبوب هو أحب إليه وأنفع من ذلك المعشوق، وقدم محبته علي محبة ذلك المعشوق اندفع عنه العشق.
    فإن انتفي ذلك كله وغلبت محبة المعشوق لذلك: انجذب إليه القلب بكليته، ومالت إليه النفس كل الميل." أهـ
    وهذا الميل والذي كانت بدايته الاستحسان والذي حصل نتيجة غلبة الهوى وطغيان الرغبة وشدتها وهذا يعمي عين البصيرة، فيري الإنسان الأشياء علي غير ما هي عليه في الحقيقة والواقع وإن كان البصر سليماً ، فليس الشأن ببصر الرأس وإنما الشأن ببصر القلب.
    وقد وصف الله – عز وجل – قوم لوط بالعمه وهو عمي البصيرة.
    فقال تعالي: { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}( الحجر: 72)
    6- خروج الفتاة من خدرها وكثرة اختلاطها بالشباب:
    فإن الحب ينشأ بين الرجل والمرأة إذا تعود كل منهما علي الآخر وقد قيل: الحب يولد ويموت بالتعود. فينشأ هذا الحب بين الزميل والزميلة في الدراسة أو في العمل أو في السكن وتبدأ الوعود والعهود وتبدأ التنازلات وتكون العاقبة وخيمة والنهاية مؤسفة حيث تشقي هذه الفتاة وحدها بما قدمته من تنازلات، وكم من قصص للحب سمعناها ورأيناها وقرأناها فكانت كأضغاث أحلام فسرت وتحطمت علي شاطئ الواقع فلم تخلف غير دموع وآهات وسهر.

    7- الخِطبة والحب الزائف:
    يلبس الشيطان علي الفتي أنه ينبغي عليه أن يتعرف علي الفتاة أثناء فترة الخطوبة ويتعرف علي أخلاقها وعلي جميع أحوالها لكثرة ما عم من فساد بين الفتيات وفي الغالب تكون هذه أيضاً رغبة الفتاة لكثرة ما تري من فشل بين الأزواج وخشية المستقبل المجهول والأعجب أن أهل كلاً من المخطوبين يشجع علي ذلك ويسمحا بالاختلاط والخلوة والخروج بحجة أن يتعرف كل منهما علي الآخر وفي هذه الفترة يُظهر الشاب أكرم ما عنده من خصال لينال رضا فتاته وكذلك الفتاة تفعل كل ما يجذب إليها فتاها ويعلقه بها، فيعاشرها وتعاشره ويخالطها وتخالطه ويؤاكلها وتؤاكله لفترة من الزمن قد تطول أو تقصر ويحدث بينهما من همس ولمس واحتكاك وعناق وحب يذوب ويتلاشي عندما تمكنه الفتاة من نفسها فيفقد الثقة فيها ويبحث عن غيرها.
    8- الاستماع إلي الغناء:
    فالغناء من الأسباب التي تجعل العشق يتمكن من القلب وهو يُسكر الروح ، والسكر لذة ينغمر معها العقل فتظهر الكوامن وتهيج المشاعر الحيوانية، فيتمكن الشيطان في هذه الأحوال من الإنسان وينقش في قلبه صوره معشوقة علي غير ما هو عليه، فيعكف القلب عليها عكوف العابد علي معبوده.
    والمتأله علي إلهه ويوحي إليه الشيطان أنه لا حياة لك ولا راحة ولا سعادة إلا بوصل هذا المحبوب، وكيف تعيش بدونه وقد سلب قلبك ولبك فيتغني ويتمني ويهيم في أودية الفن والضلال، غافلاً عن محبوب الحق ذي العزة والجلال والكمال والجمال، راكباً مركب الأماني والخيال يجري به في بحر الجنون والخيال. لا ساحل لهذا البحر يرجي لراكبه وصوله، تغشاه الظلمات وتحيط به الآفات المهولة كما يقال:
    تولع بالعشق حتى عشق
    فلما استقل به لم يطق
    رأي لُجةَ ظنها موجة
    فلما تمكن منها غرق
    يقول ابن القيم – رحمه الله - :
    كم من حرة صارت بالغناء من البغايا، وكم من حر أصبح به عبداً للصبيان أو للصبايا، وكم من معافي تعرض له فأمسي وقد حلت به أنواع البلايا، وكم أهوي للمشغوف به من أشجان وأحزان وكم جرع من غصة وأزال من نعمة، وجلب من نقمة.
    والمرأة سريعة الانفعال للأصوات، وهي تنفعل من جهتين: من جهة الصوت ومن جهة المعني ومن ثم قال النبي r كما عند البخاري ومسلم لأنجشه -وهو العبد الأسود وكان حسن الصوت يحدو بالإبل لأمهات المؤمنين- قال له النبي r : يا أنجشه رويدك رفقاُ بالقوارير- يعني النساء- لرقتهن وضعفهن"
    فالغناء سلم الشيطان ومصائده يصيد به العشاق فيقعون في حبائله ، فتزيد الشهوة وينقص الحياء ويكون الزنا.
    فقد أخرج ابن أبي الدنيا عن يزيد بن الوليد أنه قال:
    " يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل السكر وجنبوه نساءكم فإن الغناء داعية الزنا"
    وأخرج ابن أبي الدنيا أيضاً عن خالد بن عبد الرحمن قال:
    كنا في عسكر سليمان بن عبد الملك فسمع غناء من الليل فأرسل إليهم بكرة فجيء بهم، فقال: إن الفرس ليصهل فتستودق له الرمكة، وإن الفحل ليهدر فتضبع له الناقة، وإن التيس لينب فتستحرم له العنز، وإن الرجل ليتغني فتشتاق إليه المرأة ثم قال: اخصوهم ، فقال عمر بن عبدالعزيز: هذه المثلة ولا تحل، فخل سبيلهم، فخلي سبيلهم.
    9- النظر إلي الصور المحرمة:
    والنظر إلي الصور من أعظم أسباب الفتنة، وسواء كان النظر إلي إنسان أو إلي مجلة أو جريدة أو شاشة، وكم من فتاة عفيفة طاهرة وقعت في أسر الحب والهوى بسبب نظرة، وتساهل الشباب كذلك في اقتناء الصور والنظر إليها والاحتفاظ بها وهذا من أشد الفتن علي القلوب لما يجلبه من هم، ولقد أمر الله المؤمنين والمؤمنات بغض البصر
    فقال تعالي:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}(سورة النور: 30، 31)
    قال ابن القيم:
    فلما كان غض البصر أصلا لحفظ الفروج بدأ بذكره، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته، وإرادته فهناك ربط بين غض البصر وحفظ الفرج لأن الوقوع في الفواحش إنما يكون بمقدمات يأخذه الشيطان خطوة خطوة فتكون:


    نظرة [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/mohamed/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image008.gif[/IMG] خطرة [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/mohamed/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image008.gif[/IMG] فكرة [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/mohamed/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image008.gif[/IMG] إرادة [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/mohamed/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image008.gif[/IMG]عزيمة [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/mohamed/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image008.gif[/IMG] فعل



    قال بعض السلف:
    المعاصي بريد الكفر، والقبلة بريد الجماع ، والغناء بريد الزنا، والنظر بريد العشق، والمرض بريد الموت.
    ولذلك يقول أبو الأعلي المودودى:
    من الذي يكابر في أن كل ماقد حصل في الدنيا إلي هذا اليوم ولا يزال يحدث فيها من الفحشاء والفجور باعثه الأول والأعظم هو فتنة النظر.
    10- البحث عن البديل من المحبة المفقودة:
    فقد تبتلي بعض الفتيات بأب غليظ أو أم مقصرة أو زوجة أب قاسية فتفقد الحب والعطف والحنان، فتبحث عنه من طريق آخر، وستجد من يغمرها بالحنان والعطف من ذئاب البشر، لكنه حنان كاذب وعطف مصطنع لغرض دنيء لا يخفي، ولذا سرعان ما ينقلب ذلك العطف والحنان إلي ضده متى ما حصل الذئب غرضه.
    11- التسلية وإضاعة الوقت:
    فهناك من الفتيان أو الفتيات من يحاول إزجاء الوقت وتضبيعه في الخروج أو المحادثة وغير ذلك من ألوان التسلية التي حرمها الله وهم يجدون لذة ومتعة لكنها متعة زائفة ومتعة عارضة والنتيجة غير محمودة فالبنت تخسر أعز ما تملك والولد كم ضاع من عمره ومن شبابه وراء متاع زائل.



    دواء العشق وعلاج لوعة الحب
    1- التوبة النصوح وصدق اللجوء إلي الله تعالي للتخلص من داء العشق:
    فإن النار المندلعة في صدر العشاق لا تطفأ إلا بصدق اللجوء إلي الله والإخلاص له فإنه لا ملجأ إلي أحد سواه تعالي، فالعاشق يتوجه بجوارحه إلي ربه ويطلب منه أن يخلصه من هذا الداء العضال ويلح عليه، فهو سبحانه الذي يزيل هذا الداء ويعين علي الطاعة وليس هناك دواء لهذا العشق أنفع من الإخلاص لله ، وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه حيث قال:
    { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} ( سورة يوسف: 24)
    فأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصه، فإن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال علي الله، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس به (جل وعلا) وفي القلب حزن لا يذهبه إلا السرور بالقرب منه (سبحانه) وصدق الأوبة إليه رجاء النجاة، وفي القلب قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه ، وفي القلب فاقة وفقر وحاجة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره( سبحانه وتعالي) وصدق الإخلاص له في القلب نار وحسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه وقدره ومعانقة الصبر علي ذلك إلي وقت لقائه وعند اللقاء يكون العوض وأي عوض إنها الجنة.
    2- تعمد البعد عن المحبوب:
    فكما أن الحب ولد بالتعود فإنه سيموت بالتعود كما قيل: الحب يولد ويموت بالتعود
    فإن المحب إذا تاب إلي الله تعالى والتزم بأوامر دينه فإنه يمتنع عن التلاقي والنظر والتخاطب مع الحبيب ويشغل نفسه بطاعة الله فهو العصمة من الانشغال بهذا الحب الوهمي والسقوط في الرذيلة.
    فإن الفرار وقسوة الفراق لعدة أيام خير ألف مرة من السقوط في الرذيلة والانقياد لأوهام الشيطان.
    3- تذكر مساوئ المحبوب وعيوبه:
    يقول ابن مسعود " إذا أعجبت أحدكم امرأة فليتذكر مناتنها"
    4- تقديم محبة الله فوق كل محاب:
    فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس أن النبي r قال:
    " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ...."
    لكن هناك من يخالف ذلك فيقدم محبة الحبيب فوق محبة رب العالمين فيعذبه الله به وهذه سنة ربانية أنه من أحب شيئاً أكثر من الله عذبه الله به، فمن وقعت صريعة الهوى فسرعان ما تجعل حبيبها صنماً تعكف عليه وتراه في منامها ويقظتها وفي خيالها وفي صفحات كتابها بل تفكر فيه وهي في صلاتها فيضيع خشوعها ويأتيها طيفه أثناء محاضرة العلم وفي الطريق العام فيملأعليها نفسها وحياتها فتكون في حالة ذكر دائم له بالقلب وباللسان .
    والسؤال لماذا كل هذا:
    ماذا أعطي هذا الشاب هذه الفتاة حتى أنساها ذكر الله ، فهي تذكره أكثر من ذكرها لله. فهل أعطاها هذا الشاب الشمس ودفئها؟ أم الليل لتسكن فيه أهو الذي وهبها الجمال؟ أم هو الذي منحها نظم دقات القلب؟
    أم هو الذي أسبغ عليها نعمة النظر وجمال العينين؟ ماذا أعطاها وماذا يملك أن يعطيها؟
    فلنعلم جميعاً أن الله يغار عندما يعطي العبد كل هذه النعم التي لا تعد ولا تحصي ثم ينصرف العبد عن شكره وذكره إلي ذكر عبد من عباده وتقديم محابه فوق محاب الله.
    وأخيراً نصيحتي إلي الضحية الأولي في الحب الزائف:
    إلي كل فتاة وقعت في شباك وفخاخ هذا الحب الزائف:
    أعلمي أن هذا الحب الزائف ما هو إلا جوع جنسي، فهل يصدق الجائع إذا حلف بأغلظ الأيمان أنه لا يريد من المائدة الشهية إلا أن ينظر إليها ويشم ريحها فقط فهل هذا يعقل؟
    -أعلمي يا من رضيت بالحديث مع الشاب فإنه لا يكتفي بذلك فقط بل سيطلب المقابلة ولم يكتف بذلك بل يحاول لمس يدك فإذا سلمت لم يكتف بذلك بل سيكون له مطالب أخرى حتى تقعي فريسة سهلة بين يديه فينهش في لحمك ثم يتركك هذا الذئب كالضحية بعدما يتمكن منك، ويذهب هو خفيفاً نظيفاً، وتحملي أنت ثمرة الإثم في أحشائك ثم يتوب هو فينسي المجتمع جريمته وتتوبي أنت فلا يقبل لك المجتمع توبة أبداً
    -وإذا أراد هذا الشاب الزواج أعرض عن تلك الفتاة التي أفسدها مترفعاً عنها ومدعياً أنه لا يتزوج البنات الفاسدات مترفعاً عنها ولسان حاله يقول أميطوا هذا الأذى عن الطريق فإنه من شعب الإيمان.
    ذئب تراه مصلياً
    فإذا مررت به ركع
    يدعو وكل دعائه
    ما للفريسة لا تقع؟
    فإذا الفريسة وقعت
    ذهب التنسك والورع
    فأين ما أخذه علي نفسه من وعود؟ أين ما قطعه من عهود؟
    إن المخادع ذئب يغري الفتاة بحيله
    يقول تعال إلي الحياة الجميلة

    لكل بنت صديق وللخليل خليلة
    يذيقها الكأس حلواً في ذي الحياة المليلة

    ألا ترين فلانة ألا ترين الزميلة
    وإن أردت سبيلاً فالعرس خير وسيلة

    وانقادت الفتاة للذئب علي نفس ذليلة
    فيا لفحش أتته ويا فعال وبيلة

    حتى إذا الذئب أروي من الفتاة غليله
    قال اللئيم وداعاً ففي النبات بديلة

    قالت ألما وقعنا، أين الوعود الطويلة؟
    قال الخبيث وقد كشر عن مكر وحيلة

    كيف الوثوق بفر وكيف أرضي سبيله
    من خانت العرض يوماً عهودها مستحيلة

    بكت عذاباُ وقهراً علي المخازي الوبيلة
    عار ونار وخزي كذا حياة ذليلة

    من طاوع الذئب يوماً أورده الموت غيلة
    كتبت إحداهن وكانت سليلة مجد ومن بيت عز تستعطف الذئب بعد أن سلبها عذريتها فقالت:
    " لو كان بي أن أكتب إليك لأجدد عهداً دارساً أو وداً قديماً ما كتبت سطراً ، ولا خططت حرفاً، لأني لا أعتقد أن عهداً مثل عهدك الغادر، ووداً مثل ودك الكاذب، يستحق أن أحفل به فأذكره، أو آسف عليه فأطلب تجديده، إنك عرفت حين تركتني أن بين جنبي ناراً تضطرم، وجنيناً يضطرب، تلك للأسف علي الماضي، وذاك للخوف من المستقبل، فلم تبل بذلك، وفررت مني حتى لا تحمل نفسك مئونة النظر إلي شقاء أنت صاحبه، ولا تكلف يدك مسح دموع أنت مرسلها فهل أستطيع بعد ذلك أن أتصور أنك رجل شريف!لا بل لا أستطيع أن أتصور أنك إنسان، لأنك ما تركت خلة من الخلال المتفرقة في نفوس العجماوات والوحوش الضارية إلا جمعتها في نفسك، وظهرت بها جميعها في مظهر واحد، وكذبت علي في دعواك أنك تحبني وما كنت تحب إلا نفسك،وكل ما في الأمر أنك رأيتني السبيل إلي إرضاء نفسك، فممرت بي في طريقك إليها، ولولا ذلك ما طرقت لي باباً، ولا رأيت لي وجهاً، خنتني إذ عاهدتني علي الزواج، فأخلفت وعدك ذهاباً بنفسك أن تتزوج امرأة مجرمة ساقطة، وما هذه الجريمة ولا تلك السقطة إلا صورة نفسك ، وصنعة يدك، ولولاك ما كنت مجرمة ولا ساقطة، فقد دفعتك – جهدي- حتى عييت بأمرك، فسقطت بين يديك سقوط الطفل الصغير بين يدي الجبار الكبير، سرقت عفتي، فأصبحت ذليلة النفس حزينة القلب، استثقل الحياة واستبطئ الأجل، وأي لذة في العيش لامرأة لا تستطيع أن تكون زوجة لرجل ولا أماً لولد! بل لا تستطيع أن تعيش في مجتمع من هذه المجتمعات البشرية إلا وهي خافضة رأسها، ترتعد أوصالها، وتذوب أحشاؤها، خوفاً من تهكم المتهكمين، سلبتني راحتي لأني أصبحت مضطرة بعد تلك الحادثة إلي الفرار من ذلك القصر.. وتلك النعمة الواسعة وذلك العيش الراغد إلي منزل لا يعرفني فيه أحد.. قتلت أبي وأمي، فقد علمت أنهما ماتاً، وما أحسب موتهما إلا حزناً لفقدي، ويأساً من لقائي، قتلتني لأن ذلك العيش المر الذي شربته من كأسك، وذلك الهم الذي عالجته بسببك، قد بلغا مبلغهما من جسمي ونفسي فأصبحت في فراش الموت كالزبالة المحترقة. فأنت كاذب خادع ولص قاتل، ولا أحسب أن الله تاركك بدون أن يأخذ لي بحقي منك" ن أتوأن
    ( النظرات للمنفلوطي)
    ذئب آخر.." كان من شباب الخلاعة واللهو، علم أن المنزل الذي يجاور منزله يشتمل علي فتاة حسناء من ذوات الثراء والنعمة والرفاهية والرغد، فرنا إليها النظرة الأولى فتعلقها، فكررها أخرى ، فبلغت منه، فتراسلا، ثم تزاورا، ثم افترقا، وقد ختمت روايتهما بما تختتم به كل رواية غرامية يمثلها أبناء آدم وحواء علي مسرح هذا الوجود، عادت الفتاة تحمل بين جانبيها هما يضطرم في فؤادها، وجنيناً يضطرب في أحشائها، وقد يكون لها إلي كتمان الأول سبيل، أما الثاني فسر مذاع وحديث مشاع ، إن اتسعت له الصدور، فلا تتسع له البطون، وإن ضن به اليوم فلا يضن به الغد.. فلما أسهر الهم ليلها، وأقض مضجعها، لم تر لها بداً من الفرار بنفسها، والنجاة بحياتها، فعمدت إلي ليلة من الليالي الداجية فلبستها وتلفعت بردائها، ثم رمت بنفسها في بحرها الأسود، فمازالت أمواجها تتلقفها وتترامى بها حتى قذفت بها إلي شاطئ الفجر، فإذا هي في غرفة مهجورة في إحدي المنازل البالية، في بعض الأحياء الخاملة وإذا هي وحيدة في غرفتها لا مؤنس لها إ ذلك الهم المضطرم.
    وتدور عجلة الزمان دورتها، تلك العجلة التي لا حيلة لنا في إيقافها فماذا كان؟ يغفر المجتمع لهذا الذئب، ويقبل توبته، وينسي زلته ، ويعين قاضياً، وتضع المسكينة طفلتها في تلكم الغرفة المتهالكة، باعت جميع ما تملك يدها وما يحمل بدنها وما تشتمل عليه غرفتها من حلي وثياب وأثاث، حتى إذا طار غراب الليل عن مجثمه أسدلت برقعها علي وجهها وائتزرت بمئزرها، وأنشأت تطوف شوارع المدينة وتقطع طرقها، لا تبغي مقصداً ولا ترى غاية سوى الفرار بنفسها من همها لا يزال يسايرها ويترسم مواقع أقدامها.. وفي إحدى الليالي سيق ليها رجل، كان ينقم عليها شأناً من شئون شهواته ولذاته، فزعم أنها سرقت كيس دراهمه...ورفع أمرها إلي القضاء . وجاء يوم الفصل ...فسيقت إلي المحكمة، وفي يدها فتاتها، وقد بلغت السابعة من عمرها فأخذ القاضي ينظر في القضايا ويحكم فيها حتى أتي دور الفتاة، فما وقع بصره عليها حتى شدهت عن نفسها وألم بها من الاضطراب والحيرة ما كاد يذهب برشدها، وذلك أنها عرفته وعرفت أنه ذلك الفتي الذي كان سبب شقائها، وعلة بلائها، فنظرت إليه نظرة شزراء، ثم صرخت صرخة دوي بها المكان دوياً وقالت: " رويدك أيها القاضي، ليس لك أن تكون حكماً في قضيتي فكلانا سارق، وكلانا خائن، والخائن لا يقضي علي الخائن ، واللص لا يصلح أن يكون قاضياً بين اللصوص" فعجب القاضي والحاضرون لهذا المنظر الغريب.. وهم أن يدعو الشرطي لإخراجها، فحسرت قناعها عن وجهها، فنظر إليها نظرة ألم فيها بكل شيء .. وعادت الفتاة إلي إتمام حديثها فقالت: أنا سارقة المال، وأنت سارق العرض، والعرض أثمن من المال، فأنت أكبر مني جناية،وأعظم جرماً وإن الرجل الذي سرقت ماله ليستطيع أن يعزي نفسه باسترداده أو الاعتياض عنه، أما الفتاة التي سرقت عرضها فلا عزاء لها، لأن العرض الذاهب لا يعود، لولاك لما سرقت، ولا وصلت إلي ما إليه وصلت، فاترك كرسيك لغيرك، وقف بجانبي ليحاكمنا القضاء العادل علي جريمة واحدة، أنت مدبرها وأنا المسخرة فيها.. رأيتك حين دخلت هذا المكان وسمعت الحاجب يصرخ لمقدمك، ويستنهض الصفوف للقيام لك، ورأيت نفسي حين دخلت والعيون تتخطاني والقلوب تقتحمني، فقلت يا للعجب، كم تكذب العناوين، وكم تخدع الألقاب.. أتيت بي إلي هنا، لتحكم علي بالسجن كأن لم يكفك ما أسلفت إلي من الشقاء حتى أردت أن تجئ بلا حق لذلك السابق.. ألم تك إنساناً، فترثي لشقائي وبلائي؟ إن لم تكن عندي وسيلة أمت بها إليك، فوسيلتي إليك ابنتك هذه فهي الصلة الباقية بيني وبينك.
    وهنا رفع " الذئب" – عفواً- رفع القاضي رأسه، ونظر إلي ابنته الصغيرة وأعلن أن المرأة قد طاف بها طائف من الجنون،وأن لابد من إحالتها علي الطبيب فصدق الناس قوله، ثم قام من مجلسه..
    فيا الله ؟!!!!!!
    عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
    وصـوت إنـسان فكدت أطـير
    فيا أختاه:
    كوني أكبر من أن تقعي فريسة لذئب بشري يأخذ منك أعز ما تملكين ولا تظفري منه بأدني شيء.
    فهيا أختاه أغلق باب كل فتنة وسدي باب كل شبهة وتذكري أن الفتاة الأمينة ثمينة فإذا خانت هانت.
    وتذكري كم من فتاة عضت أصابعها ندماً وأصبح أهلها يتوارون من القوم نظراً لما لُطخ بعرضها ،
    ولكن هيهات هيهات وما حدث ذلك إلا لأنها نسيت عقلها وربها في قصة غرام أو ديوان غزل أو
    بين صفحات مجلة أو عبر الهاتف أو أمام شاشة التلفاز أو عند نظرات ذئب جائع أو بين معسول
    حديثه .
    أختاه :
    أحذري الذين صوروا لك الحياة حباً في حب، وغراماً في غرام وعشقاً في عشق، فلا تسير ولا تصح الحياة بدون هذا لحب الذي يزعمون وبه يتشدقون قالوا: لابد من الحب الشريف بين الشاب والفتاة
    والله يقول:
    { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ( سورة الأحزاب: 32-33)
    فأي حب هذا الذي يزعمون وأي شرف هذا الذي يتشدقون{ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } ( سورة المنافقون: 4)فما الحب الشريف كما يزعمون إلا شهوة لم تفض ورغبة لم تتحقق وما دون ذلك وهم وضلال وكذب وتدليس علي النفس
    إن الحب بين شاب وفتاة خرافة لا تروج سوقه إلا علي المجانين والمراهقين وأهل الديانة والخنسا.
    وختاماً أختاه:
    ضعي عفتك وكرامتك وشرف أهلك بين عينيك، تعرفين جيداً كيف تردين أي شيطان، فإن أفسق الرجال وأجرأهم علي الشر ، يخنس ويبلس ويتواري إن رأى أمامه فتاة متسترة، مرفوعة الهامة، ثابتة النظر، تمشي بجد وقوة وحزم، لا تلتفت تلفت الخائف ولا تضطرب اضطراب الخجل، حينئذ يطرح الذئب عن جلده فروة السباع وينزل من علي الجدار، تائباً مستغفراً ليطرق الباب في الحلال، رجلاً وسط أهله وعشيرته، بل ويستشفع بأهل الخير والصلاح ليشفعوا له عند أبيك، كي يمدحوه بالدين والخلق، فكفي بالدين والخلق مدحاً أنه ينسب إليهما كل أحد، وكفي بالرذيلة والخديعة مذمة أن يتبرأ منهما كل أحد.
    هنالك تزفين وسط قبلات الأهل ، ودموع الأم وحنان الأب، مرفوعة هامتك، عزيز جانبك، إلي بيت الشرف والكرامة وأسأل الله – تعالي- لك أيتها الدرة المصونة والجوهرة المكنونة أن يحسن الله فرجك ويطهر قلبك ويعزك الله– تعالي- بطاعته.
    "سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك "








    ([1] ) وفي سنده مقال ( وهو ضعيف لوجود أبو بكر بن أبي مريم)


    ([2] ) نقلاً من رسالة وهم الحب لمحمد بن عبدالعزيز المسند " ( بتصرف)

    [3]) )مجلة ( طبيبك ) ، عدد أيلول ( سبتمبر) 1992 ، ص 105

    ([4] )الظروف ليس لها مشيئة ، فهذه من العبارات الخاطئة ، وهي شائعة بين كثير من الناس والكتاب ، والصواب أن يقال : شاء الله عز وجل

    ([5] ) جريدة الجزيرة ، العدد 9682، ص10

    ([6] ) أخرجه البخاري ، عن أبي هريرة

    ([7] )مجلة اليقظة العدد ص 49

    ([8] )مجلة الرياضة والشباب ، العدد 600 ، ص 67

    ([9] )هذا هو الوتر الحساس الذي يضرب به الذئاب علي قلوب الفتيات، وهم في الغالب غير صادقين.

    (([10] لقد سقطت من عينه ، وأي شاب يرضي أن تكون زوجته فاجرة؟!

    ([11] ) إنها ليست ثقة، وإنما هي إهمال وتضييع للأمانة التي حملها الله الوالدين، وسيُسألون عن ذلك يوم القيامة ..













































    و إن أردت رابط تحميل الكاتب إليك



    أخطاء النساء المتعلقة بالحب المحرم









    منقول عن مكتبة صيد الفوائد
    آخر مرة عدل بواسطة قائدة الأمة الإسلامية : 07-08-2008 في 02:45 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الموقع
    يـــــارب الجنه *
    الردود
    3,291
    الجنس
    امرأة
    جزاك الله خير
    آلهي مولاي ورازقي اتمم عليّ فرحتي 1434/6/20 هــ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الموقع
    العالم الإسلامي في دار الفناء و الفردوس الأعلى بإذن الله في دار البقاء مع أحبائي في الله..
    الردود
    1,933
    الجنس
    امرأة
    شكرا لمرورك الكريم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    الموقع
    أحزان قلبي لا تزول حتى أبشر بالقبول وألقى كتابي بيميني وبعيني ارى الرسول (صلى الله عليه وسلم )
    الردود
    5,921
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    11
    جزاك الله خيرا ولكن أختي الحبيبه لو قسمت الموضوع الى أجزاء كان أفضل
    فلا أعتقد ان أحدنا لديه كل هذا الوقت للقراءه حتى انا الان قرأت جزءا ....
    بارك الله فيك وفي موازين حسناتك كل حرف نقلتيه او كتبتيه .. شكرا لك ...

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    الموقع
    اليمن - دكتورة صيدلانية
    الردود
    5,129
    الجنس
    امرأة
    اختي الغالية

    جزاك الله خيرا على النقل

    قرأت جزء من الموضوع ولي عودة لإتمامه ان شا ءالله


    اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين
    اللهم الطف بنا ... اللهم الطف بنا ... اللهم الطف بنا
    اللهم نجنا من كيد الكائدين


















  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الموقع
    الإمارات العربية المتحدة
    الردود
    223
    الجنس
    أنثى
    جزاك الله خيرا على الموضوع

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الموقع
    غزة-فلسطين
    الردود
    224
    الجنس
    أنثى
    يسلمووووووووو اختي عالموضوع المميز



    وبالرغم من التنبيه دائما لهيك امور الا انو البنات يقعن للاسف في هيك اشياء




    يمكن لانهم عاطفيات كتيييييييييييييييير لكن فشي اشي ببرر الحرام يسلمو غاليتي





    وبتمنى لكي مزيدا من التقدم والنجاح



    دمتي بود

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2003
    الموقع
    مصر
    الردود
    1,528
    الجنس
    امرأة
    بارك الله فيك على هذا الموضوع المتكامل

    ولقد صدق الشاعر:

    تولع بالعشق حتى عشق
    فلما استقل به لم يطق
    رأي لجة ظنها موجة
    فلما تمكن منها غرق

مواضيع مشابهه

  1. صيفنا إبداع: أخطاء المرأة المتعلقة بزلات اللسان
    بواسطة * نور هدى * في روضة السعداء
    الردود: 20
    اخر موضوع: 16-10-2010, 09:51 AM
  2. صيفنا إبداع: أخطاء المرأة المتعلقة بالعقيدة
    بواسطة * نور هدى * في روضة السعداء
    الردود: 13
    اخر موضوع: 20-09-2010, 12:44 PM
  3. من أخطاء النساء في الصلاة !!!!
    بواسطة امل الحياة في روضة السعداء
    الردود: 4
    اخر موضوع: 23-07-2008, 12:47 AM
  4. النساء والدوائر الحكومية وانشغال المحرم
    بواسطة سيدة في الملتقى الحواري
    الردود: 6
    اخر موضوع: 22-11-2002, 01:06 AM
  5. ( الهيئة تقبض على المجرم هاتك أعراض النساء )
    بواسطة محب العلماء في الملتقى الحواري
    الردود: 6
    اخر موضوع: 14-11-2002, 12:46 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ