قمع الأدعياء
بسم الله الرحمن الرحيم
كثُرَ التشدق والإدعاء والزعم الفارغ في هذه الأزمان المتأخرة من طرف بعض الأدعياء الدخلاء ...الذين يزعمون أنهم أتباعُ الرعيل الأول من السلف الصالح ، والسلف الصالح بُرآءُ منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، بل هم في واد والسلف الصالح في واد آخر وبين الواديين كما بين السماء والأرض ...
ألم ترَ أن السيفَ ينقــصُ قَدرُهُ إذا قيلَ إن السيفَ أمضى منَ العصا
كل يدعي وصلا بليـــــلى وليلى لا تقر لهم بـــــــذاك
المظاهرُ أول شيء يهتمون به فما إن يخرج الرجلُ من جاهليته الجهلاء حتى يدخلَ في زي وهندام الأولياء والأتقياء من تقصير للثياب وإعفاء للحية ووحف للشوارب وتغطية للرأس وبالنسبة للنساء لبس العباءة والنقاب ....وغير ذلك من السنن الإسلامية الواجبة والمستحبة ...
أغايةُ الدين أن تحفوا شواربَكم يا أمة ضحكتْ من جهلها الأممُ
في حين يهملون أويتجاهلون المضغة التي [إذا صلحت صلح الجسدُ كله ، وإذا فسدت فسد الجسدُ كله ، ألا وهي القلب] كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الشيخان من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما ...
وهم بفعلهم السمج هذا يسيئون للإسلام والمسلمين شعروا أم لم يشعروا ...لأن القلبَ إذا كان فاسدا ومتحليا بأخلاق الجاهلية يسيءُ لذلك اللباس وذلك السمت الذي هو سمت الأنبياء والعلماء والأنقياء ...
وا فجعتاه من أخ ذي لحية يكذب ويغدر... وا مصيبتاه من أخت محتجبة لا تطيع زوجها في المعروف ولا تؤدي الصلوات في وقتها ...وا ثكلا أمي ياه من رجل يدعي اتباع السلف يُخلف الميعاد ويبخلُ على إخوانه الفقراء والمعوزين بما خوله الله من نعمة... وا حُزناه على امرأة منتقبة لا تسمح لزوجها بتعدد الزوجات...وا أسفاه على قصير الثياب لا يتكلم إلا بكلام أهل الفسق والفجور والإنحراف ...وا خيبتاه على الأدعياء الذين لم يأخذوا من الكتاب والسنة إلا ما وافق هواهم والهوى إله يُعبَد من دون الله كما قال عبد الله ابن عباس رضي الله عنه ....
وإن تعجب فاعجب من أولئك الهمج الرعاع الذين لا يفرقون بين الفعل والفاعل ولا بين الفعل والإسم بل لا يحسنون حتى قراءة سورة الفاتحة ، ثم يأتي ليتكلم في كبير من الكبراء أوعظيم من العظماء أو عالم من العلماء من حملة العلم الشريف الذابين عن حياضه ...وقد قيل [ إذا كنت خاملا فتعلق بعظيم ] فيتعلق الأوباشُ والأوغادُ بالشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني -طيب اللهُ تراه-
فتجد الواحد منهم إذا ذُكرَ الشيخ الألباني يتنقصه ويزدريه ويقول مع رفع عقيرته الألباني منحرف الألباني ضال الألباني لا يعرف عقيدة السلف وهلم شرا....
وأنا أقولُ لهم ولأمثالهم ما قالهُ همامُ بن غالب المشهور بالفرزدق :
يا أرغم اللهُ أنفا أنت حامـــلُه يا ذا الخنا ومقال الزور والخطل
ما أنت بالحكم الترضى حكومتُه ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
ونحن إذ ندافع عن الشيخ الألباني -رحمه اللهُ – فلا يعني أننا نقول بعصمته فبحمد الله- عز وجل- نعتقد اعتقادا جازما أن العصمةَ قد دُفنت مع سيد ولد آدم صلوات ربي وسلامه عليه ، والشيخ الألباني كسائر العلماء يصيب ويخطئ ويؤخذ من كلامه ويترك ، والذي يبين أخطاء العلماء هم العلماء وطلبة العلم الشرعي وليس العوام أو الهوام الذين لا يعرفون حتى أصول اللغة التي يتكلم بها الألباني التي هي العربية......
وإنك لتعجب أكثر وأكثر من بعض المنتسبين للإستقامة والتدين من أرباب النعمة والثراء عندما تراه يذهب إلى الحج والعمرة كل عام وكل سنة وفي مدينته وقريته فقراء وبؤساء من إخوانه لا يجد الواحد منهم ما يقمع به شهوته ولا ما يغض به بصره في ظل هذه الفتن المضلة ...فيتجاهلهم ذلك الغني ولا يلقي لهم بالا وباستطاعته أن يساعدَهم على الزواج ولا يضر ذلك بماله الذي خوله الله إياه ولعل أبا العلاء المعري قصد هذا النوع بقوله :
توهمت يا مغرورُ أنك ديـن عـلي يمين الله مالك ديــن
تسير إلى البيت الحرام تنسكا ويشكوك جار بائس وخديـن
وإذا تكلم أحدهم رفع صوته وقال :
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
أو قال ما قاله الإمامُ مالك -رحمه الله-[ لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها]
يا قوم ......
كفانا من التشدق والإدعاء والزعم الفارغ ومن أرادَ أن يعرفَ حقيقةَ نفسه وهلْ هو من أتباع السلف الصالح أم من أتباع الصلف السالح فليعرض نفسه على الكتاب والسنة وليكثر من مطالعة كتاب سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي وكتاب صفة الصفوة للإمام أبي الفرج ابن الجوزي رحمهما الله عز وجل ...وعند ذلك....
سوفَ ترى إذا انجلى الغبارُ أفرسٌ تحتك أم حمارُ
وعند ذلك ستقول في قرارة نفسك وأنت مطئطئ الرأس :
لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم ليس الصحيحُ إذا مشى كالمقعد
كتبه الربيع العاصف