التوبة
تبدأ التوبة بعلم .. تعلم بذنوبك .. تعلم بمقام الله عز و جل .. يدفعك هذا العلم إلى خوف في القلب . فيدفعك هذا الخوف إلى عمل و هو إرادة التوبة .. تائب يعنى واجل .. نادم .. منخلع من كل الذنوب و المعاصى و عائد إليك يا رب بكل كيانى . الذنب يا رب اللى بقالى 10 سنين بعمله أنا سأنخلع لك اليوم عنه . هى دى التوبة تترك المعصية لله عز و جل و تعود لرب العالمين .

بعض الناس فاهمة إن كلمة تائب معناها إن واحد عمل كبيرة . و يقول أتوب ليه لما أعمل كبيرة أبقى أتوب . و بعض الطائعين يعتقد إن قضية التوبة ماتخصهوش دى تخص العصاه اللى لسه ماتابوش . يا جماعة التوبة منزلة المنازل . فالعاصى محتاج للتوبة , صاحب الكبيرة محتاج للتوبة , التائب محتاج يجدد توبته . فهى فرض أن تعود لله مرات و مرات فى اليوم و الليلة .

لماذا نتوب ؟ لابد أولا أن نعلم أين نحن من الله . أن نعلم كم نخطئ فى حق الله عز و جل فلما نقول لازم تتوب يبقى إنت من جواك عايز تتوب .. نتوب يا جماعة عن صلوات بتجمع فقد قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم " : من جمع صلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر " . نتوب عن صلوات بتأخر عن أوقاتها فقد قال تعالى : " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون " .

فقالوا : و ما الويل . فقال ابن عباس : واد فى جهنم ملأ بالعقارب و الحيات أعد لمؤخرى الصلاة .. الشباب اللى بيثب بالأب و الأم . قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم " : إن من أكبر الكبائر أن يثب المرأ أباه و أمه قيل : يا رسول الله أيثب المرأ أباه و أمه ؟ قال :بلى يثب المرأ أبا المرأ فيثب أباه و يثب أمه "

نتوب عن عقوق والدين : هى تشويحة إيد ولا رزعت باب وانت خارج مدايق ولا رفع صوتك هى دى حاجات بسيطة . إياك أن تعتبرها صغائر . قال تعالى : " و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا "

نتوب عن إطلاق البصر فقد قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم " : العين تزنى و زناها النظر" .. نتوب عن ترك حجاب و الاغتياب و الكذب . بتجيب كام سيئة كل يوم . و كام سيجارة كل يوم بتجيب بيهم كام سيئة ... إخوتى :- أليست غفلتنا عن الله تحتاج لتوبة ؟ .. فى حاجة أخيرة مهم جدا نتوب عنها :- نتوب عن ذنوب عملناها و بطلناها و ماتوبناش عنها . يقول تعالى : " أحصاه الله و نسوه "

يقول تعالى : " و وضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و يقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا " .. و يقول تعالى : " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تود لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا و يحذركم الله نفسه " .. توبوا يا جماعة .

يقول سفيان الثوري : جلست يوما أعد ذنوبي (عمرك قعدت تعد ذنوبك) فقلت لنفسي تلقى الله يا سفيان يسألك عن ذنبا ذنب (ده يا جماعة واحد من أئمة التابعين هنعد إحنا كام) ثم قال لنفسه هذا ما تذكرته يا سفيان فكيف بما أحصاه الله و نسيته ثم قال لنفسه تب يا سفيان تب قبل أن تلقى الله . يقول : فجلست أتذكر عمرى سنة سنة و أتوب فلما انتهيت قمت خفيفا.

حسينا يا جماعة إننا عايزين نتوب ولا لأ ؟ .. كبائر / صغائر / أمور كثيرة .. شوفتوا ذنوبنا أد إيه والأمر عظيم أد إيه .. طيب شوفوا رحمة ربنا بينا أد إيه .. يقول تعالى : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " .. حط كل ذنوبك قدام الآية ديه .

يقول تعالى : " و أنيبوا إلى ربكم و أسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون و اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله و إن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين " .. ليه ما نتوبش

يقول تعالى : " و بوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين " .. ربنا بيقولك هغفرلك الذنوب كلها و إنت مش عايز إنت متكبر على الله .. بقول تعالى : " إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين " .. يحبك لو توبت .. يقول تعالى : " و الله يريد أن يتوب عليكم و يريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما "

مش عايز تتوب فيذجرك يقول تعالى : " و من لم يتب فأولئك هم الظالمون " .. و يرجع يقولك كلام ياخد بقلبك يقول تعالى : " ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده " .. هو انتوا ماتعرفوش إن اللي بيقبل التوبة هو ربنا . شوف الخطاب القرآني الرقيق . و يسمي نفسه و يقول : " غافر الذنب و قابل التوب " .. مش عايز تتوب ليه ؟ يقول تعالى : " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم "

توبوا يا جماعة عشان تعيشوا في المغفرة . يقول تعالى : " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم " .. قيل بجهالة أي : إنك كنت جاهل بمقام الله عز و جل . يقول تعالى : " و توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " .. و يقول أيضا : " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا "

قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم " : يا أيها الناس توبوا إلى الله و استغفروه , فإني أتوب فى اليوم مائة مرة " رواه مسلم .. نبينا يتوب فى اليوم 100 مرة و انت بقالك 10 سنين مش عايز تتوب . يقول النبي " صلى الله عليه و سلم " : إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار , و يبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه مسلم .. بقالك 10 سنين مش عايز تتوب و ربنا يبسط يده كل ليلة .

قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم " : يتنزل ربنا تبارك و تعالى إلى السماء الدنيا فى الثلث الأخير من الليل ينادى .. هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له؟ و ذلك كل ليلة " و في رواية : يتنزل ربنا تبارك و تعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني فأستجب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له" أخرجه البخاري . وفي حديث مسلم " فلا يزال كذلك حتى يضئ الفجر "

قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم" : قال تعالى : إني و الإنس و الجن في نبأ عظيم أخلق و يعبد غيري أرزق و يشكر سواي خيري إلى العباد نازل و شرهم إلي صاعد أتودد إليهم برحمتي و أنا الغني عنهم و يتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إلي . أهل ذكري أهل مجالستي فمن أراد أن يجالسني فليذكرني . أهل طاعتي أهل محبتي . أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي . إن تابوا إلي فأنا حبيبهم و إن أبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعائب من أتاني منهم تائبا تلقيته من بعيد و من أعرض عني ناديته من قريب . أقول له أين تذهب ألك رب سواي . الحسنة عندي بعشر أمثالها و أزيد و السيئة عندي بمثلها و أعفو و عزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم .

قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم" : قال الله تعالى : يا ابن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي , يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك , يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا , ثم لقيتني لا تشرك بى شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة " رواه الترمذي وقال : حديث حسن .

ورد في الأثر إن الله أوحى لداود : لو يعلم المدبرون عني شوقي لهم و حبي لهم لذابوا شوقا إليّ . يا داود هذه إرادتي بالمدبرين عني فكيف إرادتي بمن أحببت . و كيف إرادتي بمن أقبل عليّ " .. إمته هتتوب ؟ هتسمع إيه عشان تتوب ؟ لازم تحصلك حاجة عشان ترجع لربنا ما ينفعش ترجع و انت سليم معافى .. " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله "

ورد أن رجل من بني إسرائيل أطاع الله 20 سنة ثم عصى الله 20سنة فنظر يوما في المرآه و قد رأى الشيب يملآ رأسه فقال : يا رب أطعتك 20 ثم عصيتك 20 فهل يا رب إن عدت إليك تقبلني . ثم قال لنفسه هيهات هيهات بعد ما فعلت . فنام يوما فسمع من يقول له أطعتنا فقربناك ثم عصيتنا فأمهلناك وإن عدت إلينا قبلناك .

حدث قحط في عهد نبي الله موسى فجمع موسى قومه و كانوا 70000 وأخذ يدعو و يدعو و هم يأمنون ولا ينزل المطر فقال موسى يا رب ندعوك و ندعوك ولا ينزل المطر فقال الله : يا موسى بينكم عبد يعصاني منذ 40 سنة فبشؤم معصيته منعتم المطر فإن خرج من بينكم نزل المطر . فوقف موسى في قومه و قال بينما رجل يعصى الله منذ 40 سنة فليخرج من بيننا (كان هو واقف جوه و لما ما حدش خرج عرف نفسه) . فقال الرجل : يا رب أنا اليوم إن خرجت فضحت و إن بقيت هلكنا . يا رب أنا اليوم أتوب إليك و أندم . فنزل المطر . فتعجب موسى و قال : يا رب نزل المطر و لم يخرج أحد فقال الله : يا موسى نزل المطر بتوبة عبدي الذي عصاني 40 سنة . فقال موسى : يا رب دلني عليه لأفرح به .فقال الله : يا موسى يعصاني 40 سنة و أستره أيوم يعود إليّ أفضحه .

شروط التوبة : التوبة من الذنوب التي بينك و بين الله .
1- ندم : فقد قال "ص" : التوبة الندم
2- الإقلاع عن الذنب : توقف الذنب .. إوعى تقول تبت و إنت لسه بتعمله فهذا منتهى الجحود
3- العزم على عدم العودة : في ناس بتندم و توقف الذنب و يقول بس هرجع تاني . فهو كالمستهزئ بالله . و في ناس تقول مش هفكر في اللي جاي و يبقى اسمي تبت . ماينفعش فلابد من العزم .

يقول تعالى : " و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا إلا من تاب و آمن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما "

قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم" : يؤتى بالرجل يوم القيامة يقال له إقرأ كتابك فيمر بالسيئات فيسود وجهه (ولكنه كان قد تاب) فيقال له : عد فاقرأ كتابك فيجد السيئات تحولت إلى حسنات . فيقول العبد يا رب إن ليّ سيئات أخرى لم تكتبها الملائكة " ..
طيب الذنوب اللي إحنا مش فاكرينها . تقدر تعمل حاجة . تقول يا رب تبت عن كل الماضي و هبدأ صفحة جديدة يتغفر لك كل اللي فات .. يعني أنا إن عملت ال3 شروط و مت دلوقت يقينا أنا من أهل الجنة؟ ندم / إقلاع عن الذنب / عزم على عدم العودة .. يقينا تاب الله عليك.

جاء رجل إلي النبي " صلى الله عليه و سلم" : فقال : يا رسول الله أرأيـت إن فعلت ذنبا أيكتب عليّ؟ فقال رسول الله " صلى الله عليه و سلم" : نعم يكتب . فقال الرجل : أرأيت تبت ؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه و سلم" : يمحى . فقال الرجل : أرأيت إن عدت؟ قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم" : يكتب . فقال الرجل : أرأيت إن تبت؟ قال رسول الله "صلى الله عليه و سلم " : يمحى . فقال الرجل : أرأيت إن عدت؟ قال رسول الله "صلى الله عليه و سلم" : يكتب .
فقال الرجل : أرأيت إن تبت : قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم " : يمحى ..
فقال الرجل : يا رسول الله إلي متى يمحى؟
فقال النبي " صلى الله عليه و سلم" : إن الله لا يمل من المغفرة حتى تمل من الاستغفار .

خدوا بالكم : المظالم و الحقوق اللي بينا و بين العباد التوبة منها لازم لها شرط رابع و هو رد المظالم . يعني إرجاع الحقوق . بغير هذا لن تقبل توبتك ... أما إذا كانت هذه الحقوق معنوية كإغتيابك لشخص فاستغفر له بأن تقول " اللهم اغفر له " .. إخوتي : استغفروا الله و توبوا إليه .. " و هو الذي يقبل التوبة عن عباده و يعفو عن السيئات و يعلم ما تفعلون " .. سبحانك اللهم و بحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك